الباحث القرآني

﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ﴾ تَوْحِيدُ الضَّمِيرِ لِاتِّحادِ المَرْجِعِ بِالذّاتِ، أوْ لِكَوْنِهِما في حُكْمِ الواحِدِ، أوْ لِكَوْنِ المُرادِ ( يَهْدِي بِما ذُكِرَ ) وتَقْدِيمُ المَجْرُورِ لِلِاهْتِمامِ؛ نَظَرًا إلى المَقامِ، وإظْهارُ الِاسْمِ الجَلِيلِ لِإظْهارِ كَمالِ الِاعْتِناءِ بِأمْرِ الهِدايَةِ، ومَحَلُّ الجُمْلَةِ الرَّفْعُ عَلى أنَّها صِفَةٌ ثانِيَةٍ لِـ( كِتابٌ ) أوِ النُّصْبُ عَلى الحالِيَّةِ مِنهُ لِتَخْصِيصِهِ بِالصِّفَةِ. وجَوَّزَ أبُو البَقاءِ أنْ تَكُونَ حالًا مِن ( رَسُولُنا ) بَدَلًا مِن ( يُبَيِّنُ ) وأنْ تَكُونَ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في ( يُبَيِّنُ ) وأنْ تَكُونَ حالًا مِنَ الضَّمِيرِ في ( مُبِينٌ ) وأنْ تَكُونَ صِفَةً لِـ( نُورٌ ﴿مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ﴾ أيْ: مَن عَلِمَ اللَّهُ تَعالى أنَّهُ يُرِيدُ اتِّباعَ رِضا اللَّهِ تَعالى بِالإيمانِ بِهِ، و( مَن ) مَوْصُولَةٌ أوْ مَوْصُوفَةٌ ﴿سُبُلَ السَّلامِ﴾ أيْ: طُرُقَ السَّلامَةِ مِن كُلِّ مَخافَةٍ، قالَهُ الزَّجّاجُ، فالسَّلامُ مَصْدَرٌ بِمَعْنى السَّلامَةِ. وعَنِ الحَسَنِ والسُّدِّيِّ أنَّهُ اسْمُهُ تَعالى، ووَضْعُ المُظْهَرِ مَوْضِعَ المُضْمَرِ رَدًّا عَلى اليَهُودِ والنَّصارى الواصِفِينَ لَهُ سُبْحانَهُ بِالنَّقائِصِ، تَعالى عَمّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، والمُرادُ حِينَئِذٍ بِسُبُلِهِ تَعالى شَرائِعُهُ سُبْحانَهُ الَّتِي شَرَعَها لِعِبادِهِ - عَزَّ وجَلَّ – ونَصَبَها، قِيلَ: عَلى أنَّها مَفْعُولٌ ثانٍ لِـ( يَهْدِي ) عَلى إسْقاطِ حَرْفِ الجَرِّ، نَحْوُ ﴿واخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ﴾ . وقِيلَ: إنَّها بَدَلٌ مِن ( رِضْوانَ ) بَدَلُ كُلٍّ مِن كُلٍّ، أوْ بَعْضٍ مِن كُلٍّ، أوِ اشْتِمالٍ، والرِّضْوانُ بِكَسْرِ الرّاءِ وضَمِّها لُغَتانِ، وقَدْ قُرِئَ بِهِما، و( السُّبُلُ ) بِضَمِّ الباءِ، والتَّسْكِينُ لُغَةٌ، وقَدْ قُرِئَ بِهِ ﴿ويُخْرِجُهُمْ﴾ الضَّمِيرُ المَنصُوبُ عائِدٌ إلى ( مَن ) والجَمْعُ بِاعْتِبارِ المَعْنى، كَما أنَّ إفْرادَ الضَّمِيرِ المَرْفُوعِ في ( اتَّبَعَ ) بِاعْتِبارِ اللَّفْظِ. ﴿مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّورِ﴾ أيْ: مِن فُنُونِ الكُفْرِ والضَّلالِ إلى الإيمانِ ﴿بِإذْنِهِ﴾ أيْ: بِإرادَتِهِ، أوْ بِتَوْفِيقِهِ. ﴿ويَهْدِيهِمْ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ وهو دِينُ الإسْلامِ، المُوَصِّلُ إلى اللَّهِ تَعالى، كَما قالَهُ الحَسَنُ، وفي إرْشادِ العَقْلِ السَّلِيمِ، وهَذِهِ الهِدايَةُ عَيْنُ الهِدايَةِ إلى ( سُبُلِ السَّلامِ ) وإنَّما عُطِفَتْ عَلَيْها تَنْزِيلًا لِلتَّغايُرِ الوَصْفِيِّ مَنزِلَةَ التَّغايُرِ الذّاتِيِّ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿ولَمّا جاءَ أمْرُنا نَجَّيْنا هُودًا والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنّا ونَجَّيْناهم مِن عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ . وقالَ الجُبّائِيُّ: المُرادُ بِالصِّراطِ المُسْتَقِيمِ طَرِيقُ الجَنَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب