الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ هِدايَتُهُ مَشْرُوطَةً بِشَرْطِ صَلاحِ الجِبِلَّةِ؛ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - واصِفًا لَهُ -: ﴿يَهْدِي بِهِ﴾؛ أيْ: الكِتابِ؛ ﴿اللَّهُ﴾؛ أيْ: المَلِكُ الأعْظَمُ القادِرُ عَلى التَّصَرُّفِ في البَواطِنِ؛ والظَّواهِرِ؛ ﴿مَنِ اتَّبَعَ﴾؛ أيْ: كَلَّفَ نَفْسَهُ وأجْهَدَها في الخَلاصِ مِن أسْرِ الهَوى؛ بِأنْ تَبِعَ؛ ﴿رِضْوانَهُ﴾؛ أيْ: غايَةَ ما يُرْضِيهِ مِنَ الإيمانِ؛ والعَمَلِ الصّالِحِ؛ ومَعْلُومٌ أنَّ ذَلِكَ لا يَكُونُ إلّا بِتَوْفِيقِهِ؛ ثُمَّ ذَكَرَ مَفْعُولَ؛ ”يَهْدِي“؛ فَقالَ: ﴿سُبُلَ﴾؛ أيْ: طُرُقَ؛ ﴿السَّلامِ﴾؛ أيْ: اللَّهِ؛ بِاتِّباعِ شَرائِعِ دِينِهِ؛ والعافِيَةِ والسَّلامَةِ مِن كُلِّ مَكْرُوهٍ؛ ﴿ويُخْرِجُهم مِنَ الظُّلُماتِ﴾؛ أيْ: كَدُوراتِ النُّفُوسِ؛ والأهْواءِ؛ والوَساوِسِ الشَّيْطانِيَّةِ؛ ﴿إلى النُّورِ﴾؛ أيْ: الَّذِي دَعا إلَيْهِ العَقْلُ؛ فَيَصِيرُوا عامِلِينَ بِأحْسَنِ الأعْمالِ؛ كَما يَقْتَضِيهِ اخْتِيارُ مَن هو في النُّورِ؛ ﴿بِإذْنِهِ﴾؛ أيْ: بِتَمْكِينِهِ. ولَمّا كانَ مَن في النُّورِ قَدْ يَغِيبُ عَنْهُ غَرَضُهُ الأعْظَمُ؛ فَلا يَنْظُرُهُ لِغَيْبَتِهِ عَنْهُ؛ بِبُعْدِهِ مِنهُ؛ وتَكْثُرُ عَلَيْهِ الأسْبابُ؛ فَلا يَدْرِي أيُّها الوَصْفُ؛ أوْ يَقْرُبُ إيصالُهُ؛ ويَسْهُلُ أمْرُهُ؛ قالَ - كافِلًا لَهم بِالنُّورِ؛ مُرِيحًا مِن تَعَبِ (p-٦٤)السَّيْرِ -: ﴿ويَهْدِيهِمْ﴾؛ أيْ: بِما لَهُ مِن إحاطَةِ العِلْمِ؛ والقُدْرَةِ؛ ﴿إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾؛ أيْ: طَرِيقٍ مُوصِلٍ إلى الغَرَضِ؛ مِن غَيْرِ عِوَجٍ أصْلًا؛ وهو الدِّينُ الحَقُّ؛ وذَلِكَ مُقْتَضٍ لِلتَّقَرُّبِ؛ المُسْتَلْزِمِ لِسُرْعَةِ الوُصُولِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب