الباحث القرآني
ضرب عنها الجهمية صفحًا، وقالوا: إنه بذاته في الأرض وليس في السماء والعياذ بالله، فقلبوا الحقائق.
فيه طائفة تحزلقت وقالت: نحن نقول بالدليلين، ونقول: إن الله بذاته معنا وهو في السماء على العرش بذاته. وقالوا: نحن أسعد بالدليل منكم يا أهل السنة؛ لأننا عملنا بدليلين، فقلنا: إنه معنا بذاته، وإنه على العرش بذاته، فيكون مكانه فوق وتحت.
هؤلاء وافقوا الجهمية ووافقوا أهل السنة من وجه، وافقوا أهل السنة في قولهم: إن الله على عرشه بذاته. ووافقوا الجهمية بقولهم: إنه بذاته في الأرض. وقالوا: نحن أخذنا بالدليل هذا وبالدليل هذا، والجهمية أخذوا بدليل وتركوا دليلًا، وأهل السنة أخذوا بدليل وتركوا دليلًا. ما هو الجواب عن هذه الشبهة؟ لأن هذه شبهة عظيمة، فما هو الجواب عن هذه الشبهة؟
ما كنت أظن أن هذه تشكل عليكم؟ ما عرفتم المعنى؟ السؤال: هؤلاء جماعة حكى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية عن الأشعري في المقالات مقالات الخلق، يقولون: الله سبحانه وتعالى بذاته في الأرض، وهو بذاته على عرشه، ويقولون: نحن أخذنا بالدليلين: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ [الحديد ٤]، وهو ﴿عَلَى الْعَرْشِ﴾ [طه ٥]. فنحن أخذنا بالآية هذه وبالآية هذه، فنحن أسعد بالدليل من أهل السنة والجماعة ومن الجهمية؛ لأن أهل السنة والجماعة -على زعمهم- أخذوا بدليل واحد، والجهمية أخذوا بدليل واحد، الجهمية أخذوا بأيش؟ بنصوص المعية وتركوا نصوص العلو، ضربوا عنها صفحًا. وأهل السنة والجماعة أخذوا -على زعم هؤلاء- بنصوص العلو وتركوا نصوص المعية، وهم يقولون أو يزعمون أنهم أخذوا بالنصوص جميعًا، فما تقولون؟
* طالب: نرد عليهم، بأن الله سبحانه وتعالى معنا بالعلم.
* الشيخ: هم يقولون: هذا تأويل، يقولون -كما قلت لكم-: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ﴾ أي: علمه معكم، فقد خالفتم ظاهر اللفظ.
* الطالب: عندي دليل عليهم.
* الشيخ: ويش؟
* الطالب: قول الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [المجادلة ٧]. يعني ابتدأه بالعلم وانتهى بالمعية.
* الشيخ: هم في الحقيقة ربما يجيبون عن هذا، يقولون: نعم الذي معك عالم بك، نحن ما قلنا: إنه معكم وليس يعلمكم. نقول: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ﴾ [الحديد ٤] من مقتضى معيته أن يكون عالِمًا. فكأن قوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ﴾ تعليل لقوله: ﴿يَعْلَمُ﴾ [الحديد ٤]. وفي المجادلة: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [المجادلة ٧].
* طالب: نقول لهم: أنتم جمعتم بين النقيضين، وهو أنكم نزهتم الله على أنه فوق في السماء، وجعلتموه في الأرض فيها، (...) فكيف ذلك؟!
* الشيخ: صحيح هذا هو الجواب؛ أن نقول: أنتم الآن جمعتم بين النقيضين، إذا كان عاليًا -كما تزعمون، وكما هو الحق- فكيف يكون في الأرض؟! هل هو إله واحد ولَّا متعدد؟ هم يقولون: إله واحد. فإذا كان فوق لا يمكن أن يكون تحت؛ لأن الفوقية والتحتية من الأمور المتقابلة التي إذا انتفى أحدها ثبت الآخر، ولا يمكن أن تجتمع.
ثم نقول: إذا قلتم: إنه بذاته في الأرض، فإذا كان الإنسان في المسجد كان الله في المسجد، واللي في السوق يكون الله في السوق، واللي في البَرِّ يكون الله في البر، واللي في الجو يكون الله في الجو وهكذا، ومعنى ذلك أننا نقول: آلهة متعددة لا تُحصى، فأنتم الآن خالفتم الدليل.
ثم إننا نقول -إذا قالوا أيضًا: ويش لون قولكم: معنا حقًّا وهو فوق العرش حقًّا؟ هذا ما يصير- قلنا لهم: يصير، هو معنا سبحانه وتعالى حقًّا وهو فوق العرش يعلمنا ويرانا ويسمعنا ويدبرنا وله السلطة علينا والهيمنة، ومَن كان كذلك فهو معك وإن كان فوقك، اللي يعلمك ويسمعك ويراك ويحيط بك ويهيمن عليك تدبيرًا وسلطانًا فهو معك وإن كان فوقك، إذا كان الرجل يقال: إنه مع امرأته وله معها سلطة عليها، لو أنه في المكتب وهي في بيتها ما هو يقال: إنه معها أو لا؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: وهي يعني مصاحبة بسيطة، فكيف بالخالق عز وجل الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض؟! فنحن نقول: هذا أمر ممكن؛ أن يكون الله سبحانه وتعالى معنا وهو فوق عرشه؛ لأننا نقول: معنا أيش؟ محيط بنا علمًا وسمعًا وبصرًا وقدرةً وسلطانًا وتدبيرًا وغير ذلك من معاني ربوبيته، والذي هذا شأنه يصلح أن يقال: معك وهو فوق عرشه ولَّا لا؟ يصلح أن يقال: إنه معك وهو فوق عرشه.
وشيخ الإسلام رحمه الله أشار إلى مَثَلٍ يقرب هذا الشيء، قال: إن العرب يقولون: ما زلنا نسير والقمر معنا، أو والنجم معنا، أو والقطب معنا -مثلًا- وهو في السماء ونحن في الأرض مع أنه مخلوق، فكيف بالخالق؟!
فالمهم أننا نقول لهؤلاء الْمُلَبِّسين -لأن هذا تلبيس في الحقيقة قد يَرِد على بعض الناس الذين يقولون: إننا نحن نؤمن بالدليلين وأنتم يا أهل السنة ما تؤمنون إلا بدليل واحد- نقول: ما آمنتم بالدليلين عندكم، أنتم الآن في الحقيقة أنكرتم الدليلين؛ لأن المعية لا يريد الله بها ذلك أبدًا، ولا يمكن أن يريد بمعيته سبحانه وتعالى أن يكون في الأرض.
ولو قلنا: إن هذا هو حقيقة النصوص أو ظاهر النصوص لكنا نقول: إن ظاهر النصوص الكفر أو لا؟ لو قلنا: إن ظاهر نصوص المعية أن الله في الأرض لكنا قلنا: ظاهر النصوص الكفر؛ لأن الإنسان اللي يعتقد أن الله في الأرض كافر مكذب للأدلة الدالة على علو الله سبحانه وتعالى -كما قلنا- أدلة عقلية، وأدلة أثرية نقلية.
والحاصل: أن هذا الذي مشى عليه المؤلف حق، فإذا قلنا: إنه مع المحسنين بالنصر والعون، صح، هذا النوع من المعية يقول أهل العلم: إنه من المعية الخاصة، والمعية نوعان: عامة، وخاصة. العامة: هي التي تشمل كل أحد، ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [المجادلة ٧]. هذه معية عامة ولَّا لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: لأنها شاملة للمؤمن والكافر، والبَر والفاجر، والمقصود بها: بيان إحاطة الله تعالى بكل شيء؛ ولهذا سئل إسحاق ابن راهويه -وهو من أئمة السلف- عن هذه الآية: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ الآية [المجادلة: ٧]، أيش معنى ها الكلام هذا؟ قال: معناه: حيثما كنت فهو أقرب إليك من حبل الوريد. ففسَّر المعية بالقرب، وهذا لا ينافي ما فسَّرها به غيره من أنه معهم بالعلم.
المعية العامة تقتضي الإحاطة، وقد تكون للتهديد؛ لقوله تعالى: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء ١٠٨]، هذه المعية أيش المقصود بها؟
* طالب: الإحاطة.
* طالب آخر: التهديد.
* الشيخ: التهديد بأن الله محيط بهم ولكنه ليهددهم من هذا العمل القبيح؛ أنهم يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله، وهو سبحانه وتعالى محيط بهم علمًا وسمعًا وبصرًا وقدرةً.
أما المعية الخاصة فإنها أيضًا نوعان: خاصة بشخص، خاصة بوصف.
المخصوصة بالشخص مثل أيش؟
* طلبة: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾.
* الشيخ: قوله لموسى وهارون: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه ٤٦]، وقوله للنبي عليه الصلاة والسلام: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة ٤٠].
والخاصة بالوصف مثل هذه الآية: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت ٦٩]، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال ١٩]، ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال ٤٦]. وأشياء كثيرة من هذه الأمثلة.
واعلم أنه لا يوجد تناقض في الكتاب والسنة ولا بين الكتاب والسنة، صح ولَّا لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: لأن التناقض معناه أن أحد الأمرين باطل والثاني حق، وليس في الكتاب والسنة ما هو كذلك أبدًا، فإذا توهمت تناقضًا فاعلم أن ذلك لا يخلو من ثلاثة أحوال: إما لقصور علمك، أو لنقصان فهمك، أو للتقصير في التدبر. الإنسان إذا توهم شيئًا متناقضًا في القرآن أو بين القرآن والسنة فليعلم أن سبب ذلك واحد من أمور ثلاثة، وهي؟
* طالب: نقصان العلم، أو نقصان الفهم، أو قلة التدبر.
* الشيخ: التقصير في التدبر.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا هذا القسم الرابع ما هو بتوهم، هذا اللي يدَّعي أن فيه تناقضًا هذا سيِّئ القصد، الدليل على هذا قوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء ٨٢]. أما سوء القصد الذي أشار إليه في القرآن ففي قوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد ٢٤].
ولَّا لو تدبرت القرآن طيب افرض واحدًا تدبر آيتين يبغي يجمع بينهما عجز، ويش موقفه؟ لأن هذا دائمًا يَرِد، عجز بأن يجمع بين آيتين، لا فَهِمَ وجه الجمع، ولا عنده علم أن إحداهما ناسخة للأخرى، فماذا يصنع؟
* طالب: يتوقف.
* الشيخ: يقول كما قال الراسخون في العلم: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران ٧] ويقف، ولكن مع ذلك ما يكفي الوقوف على أنه مشتبه عليه أن في القرآن تناقضًا، ما يكفي هذا، لا بد أن يقف ويعلم، أيش يعلم؟ أنه ليس في القرآن تناقض، وأن يدع توهم التعارض، يدعه: يطرحه جانبًا ما يبقى على توهمه؛ لأنه إن بقي على توهمه التعارض فقد ركن إلى هذا التوهم، وهو على خطر.
فالواجب أن يعلم أنه ليس في كتاب الله تناقض، وليس بين القرآن والسنة تناقض أبدًا، وبهذا نعرف أن السنة حجة كالقرآن، خلافًا لمن قال: إنها ليست بحجة. وهؤلاء الذين قالوا: إن السنة ليست بحجة، قد أخبر عنهم النبي عليه الصلاة والسلام فقال: «لَا أَلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي فَيَقُولُ: لَا نَجِدُ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ»[[أخرجه أبو داود (٤٦٠٥) من حديث أبي رافع رضي الله عنه مولى النبي ﷺ.]]. هذا الأمر وقع الآن، وقع أناس -والعياذ بالله- يقولون: ما نقبل اللي في السنة إطلاقًا.
والحقيقة أن الذين لا يقبلون ما في السنة هم في الحقيقة كافرون بالقرآن نصًّا؛ لأن القرآن يقول: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر ٧]، ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ [النساء ٨٠]، ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب ٣٦]، مَن يعص الله ورسوله، فبين أن معصية الرسول ضلال، ولو كان المراد معصية الرسول فيما أمر به الله ما كان لذِكْرِ الرسول فائدة، ثم إننا نقول: يقول الله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل ٨٩]. ﴿الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾، هل القرآن بيَّن كلَّ شيء؟
* طالب: تفصيلًا لا.
* الشيخ: تفصيلًا لا، أكثر التفصيلات موجودة في السنة، إذن تبيان السنة من تبيان القرآن، والأدلة في هذا -ولله الحمد- كثيرة، لكن من الغريب أنه ظهر في أمريكا من الناس الخبثاء -والعياذ بالله- واحد يقال له: رشاد خليفة، كان مدرسًا بإحدى الكليات هناك، وصار يجمع أموالًا، وألَّف طائفة اسمها طائفة الكتاب، وصار يدعو إلى القرآن، وتعظيم القرآن، والعمل بالقرآن، وينكر السنة إنكارًا عظيمًا -والعياذ بالله- ويقول: ما هؤلاء الذين يعملون بالسنة إلا قوم مجانين، وفي بعض المواقف: إلا قوم مغفلون همج ما عندهم معرفة، فالقرآن هو الدستور الأعظم، وأما السنة فلا.
وصار -والعياذ بالله- يدعو إلى هذا المذهب الخبيث؛ لأنه جامع لأموال كثيرة واستخدمها لهذا الغرض، وألَّف كتابًا في تفسير القرآن كله هجوم على السنة وعلى المتمسكين بالسنة وما أشبه ذلك، أعوذ بالله، هذا الرجل في الحقيقة أرسل لي بعض الناس من أمريكا نسخة من تفسيره، لكن المشكل أني -مع الأسف- ما أعرف اللغة الإنجليزية، ولا استفدت منه شيئًا، أعطيته واحدًا قال: يبغي يروج يخلي ناسًا بجدة يترجمونه ناسًا جيدين في الترجمة وكذا، لكن وجدهم في عطلة وما استفدنا من هذا شيئًا.
فأنا قصدي هنا أن الكتاب والسنة كلاهما صنوان، كلاهما من عند الله عز وجل، وهما مصدر التشريع؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [النساء ٥٩].
* طالب: أصله مسلم ولَّا (...).
* الشيخ: لا، يدَّعي أنه أحد العلماء الراسخين في العلم!
* الطالب: لا، أقول: (...).
* الشيخ: أصله مسلم.
* الطالب: كيف؟
* الشيخ: أصله مسلم، لكن هذا والعياذ بالله!
* طالب: اسمه إيه ده؟
* الشيخ: اسمه رشاد خليفة.
وفي ظني أنه كان من الناس اللي كتب مقالًا أظنه في جريدة تصدر في الشرقية، قال: إن القرآن الكريم مُرَكَّب على العدد تسعة عشر، وأن كل شيء فيه يدور على تسعة عشر، السورة المائة وأربعة عشر مضروبة في كم.. يعني مائة وأربعة عشر نتيجة ضرب أيش؟ ضرب كذا في كذا؟ أنا ما أعرف له كلامًا.
* طالب: يمكن ستة، تسعة عشر في ستة.
* الشيخ: ستة في تسعة بأربعة وخمسين، وستة في واحد بستة، وخمسة يصير مائة وأربعة عشر على قوله؛ ستة في تسعة عشر، وكذلك إلى أنه حرَّف قوله تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ [المدثر ٣٠]. وقال: ﴿عَلَيْهَا﴾ أي على صحة ما جاء في القرآن؛ ﴿تِسْعَةَ عَشَرَ﴾، أي: تسعة عشر حرفًا وهي البسملة، مع أن القرآن: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ ويش يعني؟
* طالب: ملائكة.
* الشيخ: على النار ملائكة، لكن قال: لا، على صحة هذا القرآن تسعة عشر حرفًا وهي البسملة.
* طالب: أيش المغزى؟
* الشيخ: المغزى يقول: لأجل نستدل بأن هذا القرآن ما يمكن أن يأتي به محمد؛ لأن هذا العدد وكون القرآن مُرَكَّبًا على هذا العدد، هذا ما عُرف إلا بعد ما جاء الكمبيوتر، فعُرف.
البسملة هل هي تسعة عشر حرفًا؟
* طالب: يُلَبِّس الخبيث.
* الشيخ: إيه مُلَبِّس جدًّا، ملبس حتى إنه قال: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ [ق ١]، ابتدأت بالقاف؛ لأن مجموع ما فيها من القافات تنقسم على تسعة عشر ويطْلَع، والدليل أنه ما قال: (وقوم لوط)؛ لأنه لو قال: (وقوم لوط)، زادت قاف ولا حصلت القسمة، ولكنه قال: ﴿وَإِخْوَانُ لُوطٍ﴾ [ق ١٣]، نعم لأجل أن تتم القسمة، وعلى كل حال مُشَبِّه مُلَبِّس لا شك في هذا، لكن نحن سنهدم إن شاء الله تعالى إحنا كتبنا ردًّا عليه في هذا، أول ما يمكن نهدم عليه مسألة البسملة، البسملة ما هي بأول ما نزلت حتى نقول: إن القرآن مركب عليها، صح ولَّا لا؟
* طالب: نعم صح.
* الشيخ: أول ما نزل أيش؟
* طالب: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العلق ١].
* الشيخ: ﴿اقْرَأْ﴾، وثانيًا: أن البسملة ما هي -على زعمه- تسعة عشر حرفًا: الباء والسين والميم، والهمزة واللام واللام الثانية والهاء، والألف والراء مكررة والحاء والميم والألف والنون، كم دولي؟ أربعة عشر، والهمزة والراء مكررة والحاء والياء والميم، هذه عشرين.
* طالب: (...).
* الشيخ: عشرين، ويقول: إننا بنعتبر الكتابة (الرحمن) ما فيها ألف، إذا استثنى الألف من (الرحمن) صارت تسعة عشر.
* طالب: أثبت اللام.
* الشيخ: نقول: نعم، إذا قلت هكذا فأثْبِتِ اللام، إن أثبتَّ اللام ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة ١] صارت واحدًا وعشرين، كذا؟ ثم نقول له أيضًا: إذا اعتبرت الكتابة فهل نزل القرآن مكتوبًا ولَّا نزل منطوقًا؟
* طالب: منطوقًا.
* الشيخ: منطوقًا، لو كانت القاعدة الكتابية على غير هذا الوجه تزيد الحروف أو تنقص، ولَّا ما تزيد ولا تنقص؟
* طالب: ما تنقص.
* الشيخ: لا، الحروف المنطوق بها ما تزيد، لكن المكتوبة تزيد، نحن نرى أن الآن الكتابة الإنجليزية -بعض الأحيان- يمكن تكون الحركات حروفًا، أليس كذلك؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: وروح للصينيين وأشباههم، كم عندهم من حرف؟
* طالب: آلاف.
* الشيخ: آلاف عندهم في الكتابة، المهم في هذا أن الكتابة صناعة، ما لها دخل بالنطق، والقرآن نزل باللغة بلسان عربي مبين، ولكن بس هم يُلَبِّسون ويُشَبِّهون، هم يزعمون أنهم خدموا القرآن بهذا أمام هؤلاء الأجانب اللي ما يعرفون إلا المادة، لكن لو أنهم بيَّنوا للناس حسن هذا الدين وما جاء به من الأخلاق والمعاملات (...).
﴿الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ [الروم: ١ - ٤].
قوله: (سورة الروم مكية)، ما هو المكي؟
* طالب: هو الذي نزل قبل الهجرة.
* الشيخ: هو الذي نزل قبل الهجرة، والمدني: ما نزل بعدها، سواء نزل في مكة أم لا، تعرف أنه مدني، وعلى هذا فيكون قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة ٣]، نزل بعرفة يوم حجة الوداع.
* طالب: يكون مدنيًّا.
* الشيخ: يكون مدنيًّا وإن كان قد نزل بمكة.
(وهي ستون أو تسع وخمسون آية): إن جعلنا ﴿الم﴾ آية مستقلة صارت ستين آية، وإلا فتسع وخمسون.
وقوله: (بسم الله الرحمن الرحيم): تقدم أن البسملة آية مستقلة يؤتَى بها في ابتداء السور، وليست تابعة لما بعدها لا في الفاتحة ولا في غيرها، خلافًا لبعض العلماء الذين يقولون: هي آية من الفاتحة فيحسبون الفاتحة سبع آيات منها البسملة، البسملة: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)﴾ [الفاتحة ١ - ٧] كم ها دولي؟ سبع بالبسملة.
والصحيح أن البسملة ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها، فأول آيات الفاتحة هي: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وين السابعة؟ لأنها هي سبع آيات بالاتفاق، السابعة هي قوله: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ..﴾ هذه نقسمها آيتين: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ هي السادسة، ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)﴾ هي السابعة. في المصحف تجدون البسملة من الفاتحة آية، ومن غيرها ليست آية، ولكن الصحيح أنه لا فرق.
* طالب: كيف (...) صارت يا شيخ (...) سبع آيات من غيرها؟
* الشيخ: من غير البسملة؟
* الطالب: إيه (...) الثانية.
* الشيخ: يمكن إي، هذا هو الصحيح.
وقوله: ﴿الم﴾ قال المؤلف: (الله أعلم بمراده به): نعم، إذا لم نعلم شيئًا فالواجب أن نقول: الله أعلم بما أراد، وهذا قد قيل: إنه نصف العلم؛ لأن الإنسان إما عالم وإما جاهل، فإذا قال فيما يعلم بما علم، وفيما يجهل: الله أعلم، صار نصف العلم.
ولا شك أن قول الإنسان: (الله أعلم) فيما لم يعلمه أن هذا هو الواجب عليه، لا تقُلْ: والله أنا إذا قلت: (لا أدري) نقص قدري عند الناس؛ لأنه لا ينقص قدرك عند الناس، بل يزداد عند الناس، كما أنه لا ينقص عند الله فإنه لا ينقص عند الناس؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول «مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ»[[أخرجه الطبراني في الأوسط (٤٨٩٤) عن عائشة رضي الله عنها.]].
وهذا من باب التواضع لله؛ أنك تقول فيما لا تعلم: لا أعلم. وهو نظير العفو لا يزيد الإنسان إلا عزًّا، ونظير الصدقة لا ينقص بها المال، فكذلك: (لا أدري) لا ينقص بها قدر الإنسان في العلم بل يزداد؛ لأن الناس إذا رأوا أن هذا الرجل محترزًا، يقول فيما يعلم ويتوقف عما لا يعلم وثقوا به، وعرفوا أنه لا يتكلم إلا بما علم.
فقول المؤلف: (الله أعلم بمراده به)، هذا هو الواجب على كل إنسان لا يدري ما أراد الله، ولكن إذا رجعنا إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [يوسف٢]، علمنا أن هذا القرآن بمقتضى اللغة العربية، وأنه ما فيه كلمة إلا وهي معقولة، وإلا لكان الله ينزل شيئًا لا نعرف معناه، فإذا طبقنا هذه الحروف الهجائية على هذه القاعدة أيش القاعدة؟ هذه الآية: ﴿جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ إذا طبقنا الحروف الهجائية على هذه القاعدة وجدنا أن مثل هذا التركيب في اللغة العربية له معنى ولَّا ما له معنى؟
* طالب: لها معنى.
* الشيخ: ﴿الم﴾ لها معنى؟!
* طالب: لا.
* الشيخ: ما لها معنى في اللغة العربية، إنما هي مجموعة حروف هجائية (ألف، ولام، وميم)؛ ولهذا ما أنت تنطق بها فتقول: (أَلَمْ). بل تقول: (ألف لام ميم)، أليس كذلك؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: إذن فهي بمقتضى اللسان العربي الذي نزل فيه القرآن، أو الذي نزل به القرآن لنعقله، بمقتضى هذا اللسان العربي ما لها معنى، وإنما هي حروف هجائية ليس لها معنى في ذاتها، وحينئذ نكون قد علمناها، لكن ما مراد الله بها؟ ذكر شيخ الإسلام وكثير من أهل العلم: أن الغرض منها بيان أن القرآن معجز مع كونه من هذه الحروف التي يتكلم الناس بها.
الحروف الهجائية التي يتكلم الناس بها القرآن من هذه الحروف، ما أتى بحروف جديدة غريبة حتى نقول: إنه أعجز الناس؛ لأنه أتى بحروف لا يفهمونها ولا ينطقون بها، بل هي حروف يتركب منها كلامهم، فالإعجاز إذن من حيث الحروف أنه أتى بحروف جديدة، ولَّا من حيث التركيب والسياق والمعاني الجليلة النافعة؟ الجواب؟
* طالب: الثانية.
* الشيخ: من الثانية، من الوجه الثاني، وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام لا شك أنه قوي، وأن هذه الحروف الهجائية في حد ذاتها ليس لها معنى، لكن لها مغزى ومرادًا، وهو أنها في القرآن الذي أعجز كل الخلق لم يأت بجديد في الحروف، وإنما هو من الحروف التي يتكلمون بها.
وذهب بعض المعاصرين إلى أن هذه الحروف كالمفتاح للسورة التي هي فيها، بمعنى أنك إذا وجدت (لام وميم) مُصَدَّرًا بها سورة من القرآن، فما ذاك إلا لكثرة اللام والميم فيها، فتكون كالمفتاح لها، وكذلك إذا وجدت نون فهو لكثرة النون فيها، وإذا وجدت فيها لام وراء فهي لكثرة اللام والراء، لكن هذا منتقِد هذا منتقِد، وإلا لو اضطرد هذا لكان أيضًا له وجه.
على كل حال نحن نعلم بمقتضى كون القرآن باللسان العربي لنعقله أن هذه الحروف الهجائية في حد ذاتها؟
* طالب: ليس لها معنى.
* الشيخ: ليس لها معنى.
وقوله: (﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ وهم أهل الكتاب، غلبَتْها فارس وليسوا أهل كتاب بل يعبدون الأوثان، ففرح كفار مكة بذلك وقالوا للمسلمين: نحن نغلبكم كما غلبت فارسُ الرومَ).
﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾: هذا فعل مبني للمجهول، و﴿الرُّومُ﴾: نائب فاعل، وأنَّثَها ﴿غُلِبَتِ﴾، ما قال: (غُلِبَ الرومُ) مع أن الذين يحاربون هم الرجال، ولكنه أنَّثَها باعتبار القبيلة، والذي غلبها الفرس، والحكمة -والله أعلم- في حذف الفاعل ليكون ذلك أعظم إهانة لهم للفرس، وليكون هذا أخفى بالنسبة لذُلِّ الروم وخذلانها.
أقول: أخفى الفاعل لسببين:
السبب الأول: إهانة للفرس وأنهم ليسوا أهلًا للذِّكْر.
وثانيًا: تهوينًا للأمر على الروم؛ لأنه إذا قيل للإنسان: أنت غُلِبْتَ، أهون مما إذا قال: غلبك فلان؛ لأنه إذا قال: غلبك فلان، صار معناه أنه ذليل لهذا الرجل المذكور.
وقوله: (الروم: أهل الكتاب)، لو قال المؤلف: (أهل كتابٍ) لكان أحسن؛ لأن الروم نصارى، وأهل الكتاب يشمل اليهود والنصارى، فلو قال: (أهل كتاب) لكان أحسن.
(غلبتها فارس وليسوا أهل كتاب، بل يعبدون الأوثان)؛ لأنهم مجوس يعبدون النار.
(ففرح كفار مكة بذلك وقالوا للمسلمين: نحن نغلبكم كما غلبت فارس الروم): يعني أن كفار مكة تفاءلوا بهذا الشيء وقالوا: إذا كان الروم أهل كتاب وغلبتهم الفرس وهم أهل أوثان فهذا مفتاح نصر لنا؛ أن نغلب المسلمين الذين هم أهل كتاب ونحن أهل أوثان.
يقول: (﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾ أي: أقرب أرض الروم إلى فارس بالجزيرة التقى فيها الجيشان، والبادي بالغزو الفرس).
قوله: ﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾، قيل: المعنى أقرب الأرض إلى فارس، وأن فارس اعتدوا على الروم فحصل القتال بينهما.
وقيل: ﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾: في أقربها إلى أرض العرب، وهذا يرجع إلى التاريخ الذي يحدد موقع هذه المعركة حتى نعرف أدنى الأرض، إنما لا شك أن ﴿أَدْنَى﴾ بمعنى أقرب.
قال: (﴿وَهُمْ﴾ أي الروم ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾ أضيفَ المصدرُ إلى المفعول، أي: غلبة فارس إياهم ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ فارس ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ﴾ ).
شوف تأكيد هذا الوعد أُكِّدَ هذا الوعدُ حيث صُدِّرَ بالاسم ﴿وَهُمْ مِنْ بَعْدِ﴾؛ لأنه إذا صُدِّرَ بالاسم صار جملة اسمية دالة على الدوام والثبوت، وأُكِّدَ من وجه آخر بقربه حيث كان الخبر مقرونًا بالسين الدالة على القرب، ثم أُكِّدَ أيضًا بمؤكِّد ثالث وهو قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾؛ لتحقُّقِ الغلبة وأن هذا أمر لا بد أن يقع ولو كانوا مغلوبين؛ لأنه لو حُذِف ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾ وهم سيغلبون، لكان الإنسان يقول: سيغلبون ولو غُلِبوا؟! لعلهم إذا كانوا قد غُلِبوا لا يغلبون. فلما قال: ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾؛ صار في ذلك تأكيد للغلبة.
فصار تأكيد غلبة هؤلاء من وجوه ثلاثة، علِّمْنا بها، هات المؤكدات الثلاثة، المؤكدات لكونهم يغلبون.
* طالب: الضمير.
* الشيخ: ويش هو الضمير؟
* الطالب: ﴿هُمْ﴾.
* الشيخ: ويش وجهه للمؤكِّد؟
* الطالب: دخول السين.
* الشيخ: لا، مَن يعرف؟
* طالب: الجملة الاسمية.
* الشيخ: نعم، وجه التأكيد أنه حوَّل الجملة إلى اسمية وهي دالة على الثبوت والاستمرار، يلا كمِّل الثالث.
* الطالب: قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾.
* الشيخ: قوله: ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾، ما وجهه؟ مَن يعرف الوجه؟
* طالب: أنه قال: ﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ قال: ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ يمكن (...) لا يغلبون.
* الشيخ: كذلك أنهم سيغلبون حتى في حال غلبهم، طيب.
﴿وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ لكن ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ (في بضع سنين) متعلق بقوله: ﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ أي: في خلال هذا البضع.
(﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾: هو ما بين الثلاث إلى التسع أو العشر): ما بين الثلاث إلى التسع، أو ما بين الثلاث إلى العشر. ما بين الثلاث إلى التسع كم يصير؟ الرابع أربعة وخمسة وستة وسبعة وثمانية: خمس سنين، وإلى العشر؟
* طالب: ستة.
* الشيخ: ست سنين، هذا البضع، يعني إما خمس سنوات وإما ست سنوات أو لا؟
إذا قلنا: ما بين الثلاث إلى العشر يصير: أربع -اللي بين الثلاث والعشر-: أربع وخمس وست وسبع وثمان وتسع.
إذا قلنا: ما بين الثلاث إلى التسع يكون: أربع خمس ست سبع ثمان: خمس سنوات، يعني الثلاث هي داخلة ولَّا غير داخلة؟
* طالب: غير داخلة.
* الشيخ: غير داخلة، ما قال: من الواحد إلى العشر، أو ما بين الواحد إلى العشر، قال: (ما بين الثلاث إلى التسع).
* طالب: البضع يعني أكثر من الثلاث إلى العشر؟
* الشيخ: إيه كم يصير؟
* الطالب: يصير أكثر..
* الشيخ: لا موجب كلام المؤلف أنه ما هو بأكثر، لو قال يعني: تضمن ما زاد على الثلاث.
* الطالب: إي نعم، يعني إما أربعة..
* الشيخ: ما زاد على الثلاث إلى العشر.
* طالب: ليش (...)؟
* الشيخ: نعم؟ والله فيه احتمال، وهذا ينبغي أن إحنا نفهم في الأول؛ أن البضع من الواحد إلى التسع أو إلى العشر، لكن تعبير المؤلف فيه إشكال.
* طالب: (...) يبدأ الثلاث (...) البضع دا (...) ثلاثمئة (...) البضع: أربع خمس ست، يعني أكثر من ثلاث يُعَدُّ بضعًا إلى العشر.
* الشيخ: وما دونها ليس ببضع؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: إيه نعم، إذن معناه نقول من الواحدة إلى العشرة، لكن ما دون الثلاث.
* الطالب: ليس ببضع.
* الشيخ: لا يدخل في هذا نعم.
* طالب: (...) يدخل (...) قد يكون ما بعد (...) واللي قبله (...).
* الشيخ: إي نعم، على كل حال نرجع إلى فهمنا الأول أنه يكون من ثلاث إلى تسع أو إلى عشر، يعني ما دون الثلاث لا يدخل في البضع.
* طالب: والثلاثة.
* الشيخ: والثلاث لا على كلام المؤلف: (ما بين الثلاث) أنه ما يدخل الثلاث؛ لأن ما بين الشيء والشيء ما يدخل فيه الجانبان.
قال: (فالتقى الجيشان في السنة السابعة من الالتقاء الأول وغلبت الروم فارس): (التقى) يعني: حصل بينهما حرب أخرى فغلبت الروم فارس، فصدق بذلك وعد خبر الله سبحانه وتعالى بأنهم سيغلبون في بضع سنين؛ لأنه ما تجاوز الأمر سبع سنوات حتى كانت الغلبة للروم على الفرس، فصدق الله وعده أنهم سيغلبون في هذه المدة، قال: تكون الغلبة في هذه المدة.
* طالب: (...) غلبة يعني يأخذ بضع سنين (...).
* الشيخ: لا، المعنى أن الغلبة تتم في خلال سبع سنين، وليس المعنى أن الغلبة تستمر سبع سنوات.
وقوله: (﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ [الروم ٤] أي: من قبل غلب الروم ومن بعده، المعنى: أن غلبة فارس أولًا وغلبة الروم ثانيًا بأمر الله، أي: إرادته).
قوله: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ﴾ هذه الجملة اسمية قُدِّمَ فيها الخبر لإفادة الاختصاص: لله وحده الأمر، (ال) هذه للاستغراق، يعني كل الأمر، و(ال) التي للاستغراق هي التي يحل محلها (كل)، فإن كانت لاستغراق المعنى فهى لاستغراق المعنى، إن كانت لاستغراق الأفراد فهى لاستغراق الجنس:
﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء ٢٨] (ال) هذه لاستغراق الجنس؛ لأنه يصح أن يحل محلها (كل) فيقال: وخلق كل إنسان ضعيفًا.
﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [العصر ١، ٢] هذه (ال) أيضًا لاستغراق الجنس أي كل إنسان. وإن كانت لاستغراق المعنى فهي لاستغراق المعنى، ومثَّلوا لذلك بقولهم: (زيدٌ نِعْمَ الرجلُ). أي: نِعْمَ الشخص الجامع لصفات الرجولة.
هنا ﴿الْأَمْرُ﴾ (ال)؟
* طالب: لاستغراق الجنس.
* الشيخ: لاستغراق الجنس نعم، أي: لله كل أمر.
وقوله: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ﴾ هل المراد بالأمر هنا الأمر الكوني أو الأمر الشرعي؟ الأمر الكوني، أي: إن جميع الأمور ترجع إلى الله عز وجل، سواء المتعلقة بأفعال العباد أو المتعلقة بأفعال الله سبحانه وتعالى فإنها راجعة إليه، وقد سبق لنا في التوحيد أن الأمر ينقسم إلى قسمين: أمر كوني، وأمر شرعي.
مثال الأمر الكوني: قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢].
مثال الأمر الشرعي؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، هذه الإرادة، الأمر الشرعي أوامر الله الشرعية مثل: افعلوا كذا وكذا، مثل قوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ أي: عن أمره الشرعي ﴿أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور ٦٣].
* طالب: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ﴾.
* الشيخ: نعم قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ﴾، [النساء: ٥٨] هذا أمر شرعي.
قوله: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء ١٦]، من أي الأمرين؟
* طلبة: الكوني.
* الشيخ: من الأمر الكوني، هذا هو المتعين؛ أن الله يأمرهم أمرًا كونيًّا بالفسق فيفسقون.
وأما من قال: إن المراد بالأمر في الآية الأمر الشرعي، وأن الله يأمرهم فيفسقون -يعني يأمرهم بالطاعة فيفسقون ثم يأخذهم بالعذاب- فهذا القول باطل؛ لأنه يقتضي أن يكون المعنى: أن الله يرسل الرسل فيأمر الناس بطاعة الله ويش هو لأجله؟ لأجل أن يفسقوا فيحل بهم العقاب. وهذا معنى يرجع إلى أن المعنى أن الله بعث الرسل نقمة على العباد، وهو أمر لا يمكن.
ثم إننا نقول: الأمر الشرعي هل يختص بالمترفين؟ عام لهم ولغيرهم، والمهم أن هذا القول ضعيف وباطل وينافي حكمة الله عز وجل في إرسال الرسل.
هنا ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ﴾ قلنا: المراد به الأمر الكوني. وقوله: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ قد يقول أصحاب النحو: لماذا ضُمَّت مع أن ﴿مِنْ﴾ حرف جر؟
* طالب: لأن فيه محذوفًا لفظًا ما هو موجود أي لله الأمر من قبل كل شيء وبعده، أي يبنى على الضم في محل جر، مبني على الضم في محل جر؛ لأن الضمة موجودة لفظًا ومجرور محلًّا.
* الشيخ: لأن (قبل وبعد) إذا حُذِف المضاف إليه ونُوِي معناه بُنِيَ على الضم، هذا السبب: إذا حُذف المضافُ إليه ونُوِي معناه بُنِيَ على الضم، فإن وُجِد المضاف صارا مُعْرَبَيْن، فتقول: (أتيت من قبلِ أن يأتي زيد) فتجرها.
وكذلك إذا حُذِف المضاف إليه ولم يُنْوَ لا لفظًا ولا معنًى فإنها تعرب كقول الشاعر:
؎فَسَاغَ لِيَ الشَّرَابُ وَكُنْتُ قَبْلًا ∗∗∗ أَكَادُ أَغَصُّ مِنْ مَاءِ الْفُرَاِتِ
وكذلك إذا حُذف المضاف إليه ونُوِي لفظُه فإنها تُعرب لكنها لا تُنَوَّن تعرب ولا تنون، فيقال مثلًا: (كنت حريصًا على الدرس فأتيت من قبلِ) أي: من قبلِ ابتداء الدرس، فهنا حُذف المضاف ونُوِي لفظُه.
ويش اللي يدرينا؟ ما الذي يدرينا أنه نُوِي لفظه أو نُوِي معناه؟ اللي يدرينا الإعراب نفسه، إذا كانت مبنية على الضم علمنا أنه قد حُذف وأريدَ المعنى، وإذا لم تكن كذلك علمنا أنه قد حُذف وأريدَ اللفظُ، فإن نُوِّنَتْ علمنا أنه ما أريدَ اللفظُ ولا المعنى.
* طالب: يجوز أن نقول في حق الله عز وجل: إنه مَنْوِيٌّ.
* الشيخ: لا، يصلح أن نقول: مريد، أن الله أراد المضاف إليه؛ لأن الإرادة تدل على النية.
(﴿وَيَوْمَئِذٍ﴾ أي: يوم تغلب الرومُ ﴿يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ [الروم ٤، ٥] إياهم على فارس).
قوله: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ﴾، (يوم) هذه ظرف متعلقة بـ﴿يَفْرَحُ﴾، وهي مضافة إلى (إذ) ونُوِّنَت (إذ) تنوين عِوَضٍ، عوض عن أيش؟
* طالب: عن جملة.
* الشيخ: عن جملة؛ ولهذا قال: اليوم تغلب الروم. فالمحذوف الآن جملة.
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ [الروم ٤، ٥] الفرح لا يحتاج أو لا يمكن لإنسان أن يعبر عنه، لو قلت: أيش معنى الفرح؟ خفة النفس وسرور النفس، أو نقول: الفرح معلوم؛ ولهذا في القاموس إذا جاء مثل هذه الأشياء قال: (م). الفرح مثلًا يمكن يكتب بعدها: (م). يعني أنه معروف لا حاجة إلى أن يُبَيَّن.
وقوله: ﴿يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ المراد بهم النبي ﷺ وأصحابُه.
وقوله: ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ متعلق بـ ﴿يَفْرَحُ﴾. وهو مصدر مضاف إلى فاعله، أما مفعوله فمحذوف وتقديره: بنصر اللهِ الرومَ على الفرس؛ ولهذا قال المؤلف: (بنصر الله إياهم على فارس).
والنصر معناه أيش معنى النصر؟ النصر معناه العون والظهور، أي معناه أن الله يعينهم حتى يظهروا على أعدائهم، هذا هو النصر أن يعين الله الإنسان حتى يظهر على عدوه، فهذا هو معنى النصر.
وقوله: ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ سُمِّيَ نصرًا مع أنه لكفار على كفار؛ لأننا نقول: إن النصر هو العون والظهور، وهو لا فرق بين أن يكون بين مؤمن وكافر أو بين كافر وكافر، ثم إن أهل الكتاب أقرب من الفرس؛ ولهذا لهم أحكام خاصة تقربهم من المسلمين.
قال: (وقد فرحوا بذلك وعلموا بذلك يوم وقوعه يوم بدر بنزول جبريل بذلك مع فرحهم بنصرهم على المشركين فيه) يعني أنهم حصلت الوقعة بين فارس والروم في الزمن الذي حصلت فيه الوقعة بين الكفار والمؤمنين وذلك متى؟ في بدر وعلى هذا فتكون هذه الآية نازلة قبل الهجرة.
* طالب: بعد الهجرة.
* الشيخ: قبل الهجرة بخمس سنوات؛ لأنه إذا كانت مدة الغلبة يعني المدة التي حصلت فيها الغلبة سبع سنوات وبدر كانت في السنة الثانية لزم أن يكون غلبة فارس للروم قبل الهجرة بخمس سنوات.
* طالب: الآية؟
* الشيخ: إي نزول الآية وغلبة فارس.
وقوله: (مع فرحهم بنصرهم على المشركين فيه): فيكون في هذا الزمن اجتمع نصر أهل الكتاب على المجوس ونصر المسلمين على المشركين.
قال الله تعالى: (﴿يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾: الغالب ﴿الرَّحِيمُ﴾ [الروم ٥] بالمؤمنين).
* طالب: شيخ، قول المؤلف عليه دليل نقلي.
* الشيخ: الظاهر أنه اتبع التاريخ فقط، أما عن الرسول عليه الصلاة والسلام ما فيه دليل، لكن فيها تاريخًا يقول هذا.
وقوله: ﴿يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ﴾.
* طالب: قبل هذا المؤلف يقول: (غلبة فارس أولًا وغلبة الروم ثانيًا بأمر الله، أي: إرادته)، نسيناه.
* الشيخ: إي نعم نسيناه تعدَّيْناه، كان الذي ينبغي أن نتكلم عن قوله: (بأمر الله؛ أي إرادته) هذا في الحقيقة تحريف، بل الصواب أنه بأمره أي بقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس ٨٢]. فإن الله تعالى لا يُقَدِّر شيئًا إلا بالقول: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا﴾، ﴿شَيْئًا﴾ نكرة في سياق الشرط، فتعم كل شيء أراده الله، فإنما يقول له: كن فيكون.
فالصواب أن المراد بالأمر هنا القول، ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ﴾: الأمر الكوني والشرعي ﴿مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾. والإرادة ليست هي القول، فإن الإرادة صفة لا تستلزم القول؛ إذ إن المريد قد يفعل ما أراد أو قد يقوله، وأما القول فإنه أخص من الإرادة، كل قول فهو متضمن للإرادة، وليست كل إرادة متضمنة للقول.
وقوله: ﴿يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ﴾ [الروم ٥]، ﴿يَنْصُرُ مَنْ﴾ هذه عامة، (مَن) تعم سواء كان المنصور كافرًا أو كان المنصور مؤمنًا؛ لأن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى، وقد سبق لنا كثيرًا بأن كل شيء مقيد بالمشيئة فإنه يتضمن الحكمة؛ لأن الله تعالى لا يشاء شيئًا إلا لحكمة، فينصر من يشاء نصره لحكمة اقتضت ذلك.
وقوله ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ [الروم ٥] قال المؤلف: (الغالب)، وهذا أحد معاني العزة؛ لأن العزة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع.
عزة القدر: بمعنى أنه سبحانه وتعالى عظيم القدر، وكلما كان الشيء عظيم القدر كان عزيزًا، أي: قليل الوجود، والله سبحانه وتعالى لا مِثْل له.
وعزة القهر بمعنى أيش؟ الغلبة والظهور.
وأما عزة الامتناع فمعناها: امتناع جميع النقص عليه سبحانه وتعالى، فهو عزيز من هذه الوجوه الثلاثة.
عزة القدر: بمعنى أنه عظيم لا نظير له في قَدْره وعظمته. والثاني: عزة القهر بمعنى أنه قاهر وغالب لكل شيء. والثالث: عزة الامتناع، أيش معنى عزة الامتناع؟ أي إنه يمتنع عليه كلُّ نقص، ومن هذا المعنى قولهم: أرض عزاز، وحنا نقول: أرض عزا، أيش معنى عزاز؟ الصلبة التي يمتنع أن يؤثر فيها أيُّ شيء، فالله عز وجل متصف بالعزة من جميع هذه الوجوه.
وقوله: ﴿الرَّحِيمُ﴾ [الروم ٥] قال المؤلف: (بالمؤمنين)؛ استدلالًا بقوله تعالى: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب ٤٣].
والصواب أن رحمة الله تعالى تكون عامة وخاصة، فإن كل مَن في السماوات والأرض فهم في رحمة الله العامة، لولا رحمة الله بالكفار هل يبقَوْن؟
* طالب: لا.
* الشيخ: أبدًا ما يبقَوْن، فكون الله يدر عليهم الأرزاق والعافية والنشاط والعقل وما أشبه ذلك لا شك أنه من رحمة الله، ولكن الرحمة التي تكون بها رحمة الدنيا والآخرة فهذه خاصة بالمؤمنين.
* وفي هذه الآيات الكريمة فوائد عديدة:
* أولًا: أن كلام الله عز وجل بالحروف؛ لأن ﴿الم﴾ حروف، ففيه رد على الأشعرية الذين يقولون: إن كلام الله هو المعنى القائم بالنفس وليس الحروف، وأن هذه الحروف مخلوقة لتعبر عن هذا المعنى القائم بنفسه.
ثم يقولون أيضًا: إن هذا المعنى القائم بالنفس لا يتغير ولا يختلف، فهو واحد سواء كان استفهامًا أو خبرًا أو أمرًا أو نهيًا أو قرآنًا أو زبورًا أو توراةً أو إنجيلًا، ما يختلف، فالتوراة هي الإنجيل وهي القرآن وهي الزبور وهي صحف إبراهيم وصحف موسى، فاهمين هذا؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: لكن تصوروا أنه ممكن، يقول: هذه اختلفت بالتعبير، إن عُبِّرَ عن هذا الكلام بالعربية صار قرآنًا، أو بالعبرية صار توراةً، أو بالسريانية صار إنجيلًا، أو بلغة داوود صار زبورًا، وهكذا. وهذا معنى غير معقول.
ثم يقولون أيضًا: إن الاستفهام والخبر معناهما واحد، فإذا مثلًا جاء استفهام من الله عز وجل فهو كالخبر عنه؛ لأن المعنى واحد. وهذا لا شك أن مجرد تصوره كافٍ برده وإبطاله.
* من فوائد الآية: عِلْم الله تعالى بالغيب، إثبات علم الله بالغيب؛ لقوله: ﴿وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾.
* ومن فوائدها: إثبات رسالة النبي ﷺ؛ لأن الإخبار عن الغيب لا يكون إلا بوحي.
* ومن فوائد الآية: أن الله سبحانه وتعالى كامل السلطان والتدبير؛ لقوله: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: أن كل الأشياء لا تكون إلا بأمر الله؛ لأنه لما قال: ﴿وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ قال: ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾، إذن فكونهم غُلِبوا بأمر الله، وانتصارهم بأمر الله، فكل الأمور بتقدير الله تعالى وأمره، كل الأشياء بأمره سبحانه وتعالى.
* ومن فوائدها: الرد على القدرية، الذين يقولون باستقلال العبد بفعله، هم يقولون: إن العبد مستقل بفعله وليس لله تعالى فيه تقدير ولا أمر ولا مشيئة ولا غيره، وهذا الآية ترد عليه.
* ومن فوائد الآية: جواز التعبير بما يُدخِل الخوف والحزن على العدو؛ لأن قوله: ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ -وهي من ثلاث إلى عشر أو إلى تسع- معناه: أنه سيبقى هؤلاء الفرس في ذعر وخوف، كل سَنة تأتي يقولون: هذه سَنة الغلبة. ولا شك أن هذا مما يزيدهم زعرًا وخوفًا؛ لأنهم لو غُلِبوا في أول سنة انتهى الأمر، لكن كونهم يُتوعَّدُون بأمر لا يُدرَى في خلال بضع سنين، لا شك أن هذا أشد عليهم من أنه يأتي الأمر وينتهي.
* ومن فوائد الآية: أن في قوله: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ أن من البلاغة حذف الفاعل إذلالًا له وإهانةً له: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ لم يذكر الغالب إذلالًا له. * وكذلك الفائدة الثانية: رفقًا بالروم.
ثم قال: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ * في هذا من الفوائد: جواز فرح المؤمنين بانتصار بعض الكفار على بعض، إذا كان في ذلك مصلحة للإسلام، ولَّا لا؟
* طالب: في قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ﴾.
* الشيخ: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللَّهِ﴾، هو ما انتصر المسلمون على الكفار، انتصر كفار على كفار لكن هذا في مصلحة الإسلام، وعلى هذا إذا اقتتلت دولتان من دول الكفار وكانت إحداهما أقرب إلى نفع المسلمين من الأخرى وفرحنا بانتصارها، هل نقول: إن هذا حرام؟ كيف تفرح بانتصار كافر على كافر؟ أو نقول: هو جائز؟
* طالب: هو جائز.
* الشيخ: نقول: هو جائز كما فرح المؤمنون بانتصار الروم على فارس، مع أن كلًّا منهما كفار لكن هؤلاء أهل كتاب، فهم أقرب إلى المؤمنين من المجوس.
* ومنها: جواز تسمية غلبة الكفار نصرًا؛ لقوله: ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾.
فإذا قال قائل: كيف تجمعون بين هذه الآية وبين قوله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [الحج ٤٠، ٤١] مع أن الروم ما يتصفون بهذه الصفات؟
فالجواب: أن النصر نوعان: نصر مطلق دائم، فهذا لا يكون إلا لمن ينصر الله. والثاني: نصر عارض مُوَقَّت، فهذا يكون لهؤلاء ولغيرهم. فنصر الله للروم على الفرس ليس نصرًا دائمًا، الدليل أنه بعد ذلك نصر الله المؤمنين على الفرس وعلى الروم، فافتتحوا ممالك كسرى وممالك قيصر، فلم يكن هذا نصرًا دائمًا.
* ومن فوائد الآية: إثبات المشيئة لله عز وجل؛ لقوله: ﴿يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: إثبات العزة لله؛ لقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾، وإثبات الرحمة في قوله: ﴿الرَّحِيمُ﴾، وإثبات كمال عزته حيث قُرِنت بالرحمة، فإننا ينبغي أن نعرف أن الأسماء الحسنى تدل على الكمال، كل واحد منها يدل على كمال بانفراده، ثم باجتماع الاسمين بعضهما إلى بعض يدلان على كمال مركب.
فالعزيز يدل على الكمال، والرحيم يدل على الكمال، فإذا اجتمعا أُخِذ من ذلك كمال آخر فوق الكمال الذي يتضمنه كل اسم على انفراده، وهو أن تكون عزته مقرونة بالرحمة؛ لأن عزة غيره قد تكون خالية من الرحمة، فإذا صار عزيزًا أخذ الذي هو ظاهِرٌ عليه أخذه أخذ عزيز مقتدر ولم يرحمه، بخلاف عزة الله فإنها مقرونة بالرحمة، وهي أيضًا مقرونة بالحكمة.
أضرب لكم مثلًا: لو أن رجلًا غلب على قوم، وصار عزيزًا وهم أذلاء، فإن هذا الرجل قد تأخذه العزة بالإثم فيبطش بهم ولا يرحمهم، لكن عزة الله عز وجل ليست كذلك، بل هي مقرونة بالرحمة كما أنها مقرونة بالحكمة؛ ولهذا دائمًا يقرن الله العزة بالحكمة.
فيه فوائد أخرى أيضًا.
* طالب: (...).
* الشيخ: إيه ما فيه بأس؛ أننا نفرح بانتصار بعضهم على بعض إذا صار المنتصر فيه نفع للإسلام، ثم يساعدون المسلمين بالمال أو بالسلاح أو على الأقل يكون قد كفَّ شرَّه والثاني فيه شر.
* طالب: منين نأخذها؟ أخذًا من الآية هذه ولَّا..؟
* الشيخ: إي نأخذها من هذه الآية.
* الطالب: ظاهر الآية أنهم ما يساعدون المسلمين.
* الشيخ: لكنهم أقل شرًّا من هؤلاء.
* طالب: المصلحة من انتصار الروم على الفرس، ما هي؟
* الشيخ: المصلحة لأن الروم أهل كتاب، فهم أقرب إلى الإسلام ومراعاة المسلمين من أولئك، هذه المصلحة.
* طالب: كل اسم من أسماء الله عز وجل الاسم كل اسم يتضمن صفة، لكن هل يوجد العكس كل صفة يُشتَق لها اسم؟
* الشيخ: لا، ما يجوز.
* الطالب: طيب المشيئة، كيف نعرفها؟
* الشيخ: ما نقول: إن من أسماء الله الشائي أو المريد أو المتكلم، ما نقول: هذه من أسماء الله.
* الطالب: يعني الصفة الصفات أوسع؟
* الشيخ: إيه الصفات أوسع بلا شك.
* طالب: خبره في الصفات، هل الخبر أوسع من الصفات؟
* الشيخ: إيه يعني يخبر عنه بأشياء ولا يسمى بها، ولكن ما يخبر عنه بصفة إلا حيث وردت، ما هو كل صفة يجوز لنا نخبر بها عن الله، فلا يجوز أن نسمي الله مثلًا بالحزين، ولا نسميه بالعاشق، ولا نسميه بالهميم، وما أشبه ذلك، يعني حتى الصفات تكون توقيفية، ما نخترع من أنفسنا صفة له، لكن الصفات أوسع من الأسماء.
* طالب: المنعم هل وردت المنعم؟
* الشيخ: لا ليس من أسماء الله.
* الطالب: لا، صفة المنعم؟
* الشيخ: صفة نعم، ما فيه شك أن الله منعم: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ﴾ [المائدة ٧].
* الطالب: يعني نقول: إن النعمة يعني أتى بها.
* الشيخ: هل تكون نعمة بدون مُنْعِم؟!
* الطالب: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة ٧].
* الشيخ: إيه، وكذلك ﴿أَنْعَمْتَ﴾ يؤخذ منه الْمُنْعِم. أما المحسن فقد ورد من أسماء الله؛ لقوله: «إِنَّ اللَّهَ مُحْسِنٌ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ»[[أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٨٦٠٣) عن شداد بن أوس رضي الله عنه، ولفظه: «إِنَّ اللَّهَ مُحْسِنٌ يُحِبُّ الْإِحْسَانَ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».]].
وبهذا يزول الإشكال الذي يرد عند كثير من الناس يقول: إنهم يسمون باسم عبد المحسن. لا، مُحسن ما هو مشكل، عبد المحسن، فيقول: كيف تضيفه إلى ما ليس من أسماء الله؟
* طالب: عبد المنعم موجودة؟
* الشيخ: موجودة أيضًا.
* الطالب: حكم التسمية بها؟
* الشيخ: التسمية هذه إن ثبت أنها من أسماء الله، وإلَّا فقد يقول قائل: قد نقول: إنه يجوز؛ لأن المنعم على الإطلاق هو الله، كل إنسان له نعمة فهي مقيدة، وإلا فالنعم حتى من الإنسان: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب ٣٧].
* طالب: عبد الراضي؟
* الشيخ: عبد الراضي؟ ما أدري.
* طالب: ابن حزم يقول: يجوز تسمي بعبد المطلب.
* الشيخ: لا غلط، هذا غلط منه.
* طالب: حميد.
* الشيخ: إيه حميد من أسماء الله ﴿وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [الشورى ٢٨].
* الطالب: لا، أن يسمى أحدنا (حميد)، هذا مقصدي.
* الشيخ: والله (...)، لكن إذا لم يُقصَد الصفة فلا بأس، فهذا حكيم موجود في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولا غيَّرَه، مع أن الحكيم من أسماء الله؛ لأنه ما أريدَ ملاحظة الصفة، أسماء الله تعالى يراد به إثبات الصفة مع الاسم، لكن قد أسمي ولدي (حكيم) وهو من أسفه الناس، وكذلك أسميه (محسن) وهو من أشد الناس جَوْرًا.
* طالب: هل يجوز أن نسمي: عبد الحكيم؟
* الشيخ: إلا ما يخالف، يجوز إيه نعم.
* طالب: الوقوف على رؤوس الآي (...).
* الشيخ: هذه المسألة تقدم البحث فيها، ويش قلنا؟
* طالب: ما هو السؤال؟
* الشيخ: السؤال يقول: هل نقف على الآيات لو أنها قد تعلق بها ما بعدها، ولا أنَّا نصل ونراعي المعنى؟
* الطالب: نراعي المعنى.
* الشيخ: في هذا قولان لأهل العلم، منهم مَن يرى أننا نقف على الآيات، ويقول: هذا هو الوارد عن النبي ﷺ، أنه كان يقرأ القرآن آية آية، والدليل على ذلك أن الله جعلها آية فنقف عليها ولو تعلق بها ما بعدها، وهذا كثير في القرآن: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون ٤]، رأس آية دي؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: يجوز أن نقف.
﴿لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [البقرة ٢١٩، ٢٢٠]. ﴿تَتَفَكَّرُونَ﴾ آية. وهذه ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾، هي آية عندكم؟ ﴿يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
* طالب: آية.
* الشيخ: ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾.
وقال بعض أهل العلم: إنك تراعي المعنى، فتقف عند انتهاء المعنى، ولا تفصل آية عن آية تتعلق بها، ولو قيل بالتفصيل: وهو أن الإنسان إذا كان يتلو وهو يقرأ فإنه يقف على كل آية؛ لأن الكلام لن ينقطع، (...) يتصل ويتضح المعنى.
وإذا كنت تريد أن تتكلم على معاني الآيات فإنك تراعي المعنى، لو قيل بهذا التفصيل لكان له وجه، لكن ما أعلم هل أحد من أهل العلم قال به أو لا؟ إنما القول به على حسب قواعد أهل العلم لا بأس به؛ لأن إحداث قول ثالث يتكون من القولين قبله لا بأس به، وهذه مسألة محل بحثها أصول الفقه: هل يجوز إذا أجمع العلماء على قولين هل يجوز إحداث قول ثالث أو لا؟
والصواب أنه إذا كان القول الثالث لا يخرج عنهما، غاية ما هنالك أنه يفصل فيه، فهو جائز لأنه ما يكون خرج عن الخلاف، أما إذا كان يخرج عنهما فلا يجوز، فمثلًا إذا قلنا بالتفصيل هنا خرج عن القولين ولَّا لا؟
* طالب: لا.
* الشيخ: ما خرج، لكنه يقف في شيء ولا يقف في شيء آخر، مثل مَن قال: الوتر واجب، وآخرون قالوا: إن الوتر ليس بواجب.
فإذا قلنا: واجب على مَن كان كذا وكذا، غير واجب على مَن كان كذا وكذا، كما اختاره شيخ الإسلام على أنه واجب لِمَنْ له وِرْدٌ من الليل يقوم به، غير واجب على مَن سواه، صار هذا القول الثالث لا يخرج عن الاثنين؛ لأنه يوافق أحد القولين في حال، ويوافق القول الآخر في حال أخرى.
* طالب: القول الثالث (...).
* الشيخ: إي لكنه ما يخرج عنهما، أما لو كان واحد يقول بالتحريم وواحد يقول بالحل، ثم جاء قول ثالث يقول بالوجوب. هذا ما يمكن، إذا أجمعوا على الحل أو التحريم ما يمكن (...) قولًا بالوجوب؛ لأنه ما يوافق القولين.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["الۤمۤ","غُلِبَتِ ٱلرُّومُ","فِیۤ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَیَغۡلِبُونَ","فِی بِضۡعِ سِنِینَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَیَوۡمَىِٕذࣲ یَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ","بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ یَنصُرُ مَن یَشَاۤءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلرَّحِیمُ"],"ayah":"فِی بِضۡعِ سِنِینَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَیَوۡمَىِٕذࣲ یَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق