الباحث القرآني

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم (...). * الشيخ: (أَخِّرْ أمرَهما ﴿وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ﴾ [الشعراء ٣٦]) إذا أراد الله أمرًا هيأ أسبابه؛ لو سلط فرعون على موسى وأخيه لقضى عليهما، لكن الله سبحانه وتعالى جعل لكل شيء سببًا. أشار الملأ على فرعون أن يُؤَخِّرَ أمرهما؛ أمر موسى وهارون وأن يبعث في المدائن جمع: مدينة، ﴿حَاشِرِينَ﴾ جامعين. يعني: يرسل إلى المدائن -مدائن مصر- من يجمع السحرة؛ ولهذا جاء الجواب: ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ﴾. وكان من المتوقع أن يقول: (يأتونك) فما هو الفرق بين (يأتوك) وبين (يأتونك)؟ (...) الفرق بينهما بالنسبة لـ (يأتوك) محذوف النون، لكن ويش الفرق بينهم من حيث المعنى؟ * طالب: (يأتوك) و(يأتونك)؛ يعني: نفس اللفظ بدون جزم يعني. * الشيخ: لو قال: (يأتونك) أو قال: (يأتوك).. * الطالب: جواب الطلب. * الشيخ: أيهم؟ إذا كانت بحذف النون؟ * الطالب: إي نعم. * الشيخ: ولو جاءت النون. * الطالب: ولو جاءت النون لأصبحت (...). * الشيخ: لا، قال: ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ﴾. * الطالب: (...). * الشيخ: لا، لو قال: (يأتونك) لكانت صفة لكل ساحر عليم؛ حاشرين يأتونك، صفة لحاشرين، حاشرين يأتونك، فهمتم؟ تكون صفة لـ (حاشرين)؛ أنهم يأتونك بكل سَحَّار عليم. ولكن المراد خلاف ذلك؛ لأن (يأتوك) أبلغ من (يأتونك)؛ حيث كانت جوابًا للأمر اللي هو للمشورة. (ابعث) أيضًا ليست أمرًا حقيقيًّا، بل هي أمر للمشورة، (ابعث) (يأتوك)؛ يعني: بمجرد بعثك يأتونك به، أفهمتم؟ لكن لو كانت صفة لحاشرين (حاشرين يأتونك) لكان من الجائز ألا يأتوا، صفة الحاشر أنه يجمع ويأتي بالسحرة، لكن قد يتهيأ له ذلك وقد لا يتهيأ. أما إذا قال: (ابعث) (يأتوك) صار هذا مثل الشرط والجزاء؛ يعني أنه إذا حصل بعثك لزم منه نتيجة، وهو أن ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ﴾. ﴿سَحَّارٍ﴾ هل هي من باب صفة المبالغة؛ من باب المبالغة أو هي من باب النسبة؟ كما يقال: بَنَّاء ونجَّار وصنَّاع؛ يعني: لأن صنعتهم السحر ولا ينسب الإنسان إلى هذه الصفة إلا إذا كان مُجِيدًا فيها، ما يقال لمن بنى مرة واحدة إنه بناء، ولا لمن نجر مرة واحدة إنه نجار وإنما يقال ذلك فيمن أتقن المهنة والصنعة، فهل تقولون: إن السحار صيغة مبالغة أو إنها نسبة صيغة نسبة؟ * طالب: الفرق بينهما (...)؟ * الشيخ: الفرق بينهما ظاهر؛ لأن (سحَّار) كثير السحر، ولكن (سحَّار) بمعنى النسبة أنه متقن لهذه الصنعة؛ لأنه نُسِبَ إليها، الظاهر أن النسبة أولى؛ يعني بذي سحر قد أتقن هذه المهنة فتكون للنسبة. ويغني عن هذا -عن المبالغة- قولهم: ﴿عَلِيمٍ﴾؛ يعني: فائق في السحر. وقد يقال: إن هذا يغني عن النسبة وأن (سحَّار) صيغة مبالغة لكثرة سحرهم وإتقانهم. * طالب: ما يكون مثلما قلنا الثاني؛ قلنا: صيغة نسبة مقابل قول فرعون: ﴿إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ﴾. * الشيخ: إي، لكن فرعون ما جاء به بصيغة مبالغة ولا بالنسبة، قال: ﴿سَاحِرٌ﴾ فقط، لكن ﴿عَلِيمٍ﴾ هذه صفة ثانية مستفادة مستقلة عن ساحر. هنا قالوا: ﴿سَحَّارٍ﴾ و﴿عَلِيمٍ﴾؛ ولهذا قد يترجح أنها للمبالغة، وتكون النسبة مفهومة من قوله: ﴿عَلِيمٍ﴾. (يَفْضُل موسى في علم السحر) يعني: يزيد عليه؛ فعلى هذا طلبوا أن يأتوا بسحرة يفوقون موسى في الكم وفي الكيف ولَّا لا؟ وفعلًا حصل هذا أتوا بمهرة السحرة وبعدد كبير، ولكن ليس الأمر الذي من آيات الله سبحانه وتعالى مثل السحر الذي هو خيال لا حقيقة له.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب