الباحث القرآني
وقد أمر الله تعالى نبيه أن يحدث بنعمة ربه فقال ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾
والله تعالى يحب من عبده أن يرى عليه أثر نعمته فإن ذلك شكرها بلسان الحال
وقال على بن الجعدي سمعت سفيان الثوري يقول إن داود عليه الصلاة والسلام قال الحمد لله حمدا كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله فأوحى الله إليه يا داود أتعبت الملائكة
وقال شعبة حدثنا المفضل بن فضالة عن أبي رجاء العطاردي قال خرج علينا عمران بن الحصين وعليه مطرف خز لم نره عليه قبل ولا بعد فقال أن رسول الله قال:
"إذا أنعم الله على عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"
وفي صحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي قال:
"كلوا واشربوا وتصدقوا في غير مخيلة ولا سرف فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده".
وذكر شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه قال:
"أتيت رسول الله وأنا قشف الهيئة فقال هل لك من مال قال قلت نعم قال من أي المال قلت من كل المال قد آتانى الله من الابل والخيل والرقيق والغنم قال فإذا آتاك الله ما لا فليرى عليك".
وفي بعض المراسيل "إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده في مأكله ومشربه"
وروى عبد الله بن يزيد المقري عن أبي معمر عن بكير بن عبد الله رفعه:
"من أعطي خيرا فرؤي عليه سمي حبيب الله محدثا بنعمة الله، ومن أعطي خيرا ولم ير عليه سمي بغيض الله معاديا لنعمة الله"
وقال الفضيل بن عياض "كان يقال من عرف نعمة الله بقلبه وحمده بلسانه لم يستتم ذلك حتى يرى الزيادة، لقول الله تعالى ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأزِيدَنَّكُمْ﴾
وقال "من شُكْر النعمة أن يحدث بها.
وقد قال تعالى:
"يا ابن آدم إذا كنت تتقلب في نعمتي وأنت تتقلب في معصيتي فاحذرني لأصرعك بين معاصي يا ابن آدم اتقني ونم حيث شئت".
وقال الشعبي: الشكر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله.
وقال أبو قلابة لا تضركم دنيا شكرتموها.
وقال الحسن إذا أنعم الله على قوم سألهم الشكر، فإذا شكروه كان قادرا على أن يزيدهم.
وإذا كفروه كان قادرا على أن يبعث نعمته عليهم عذابا، وقد ذم الله سبحانه الكنود وهو الذي لا يشكر نعمه.
قال الحسن ﴿إنَّ الإنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾ يعد المصائب وينسى النعم.
وقد أخبر النبي ﷺ أن النساء أكثر أهل النار بهذا السبب قال:
"لو أحسنت إلى إحداههن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط" فإذا كان هذا بترك شكر نعمة الزوج وهي في الحقيقة من الله فكيف بمن ترك شكر نعمة الله
؎يا أيها الظالم في فعله ∗∗∗ والظلم مردود على من ظلم
؎إلى متى أنت وحتى متى ∗∗∗ تشكو المصيبات وتنسى النعم
ذكر ابن أبي الدنيا من حديث أبي عبد الرحمن السلمي عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله:
"التحدث بالنعمة شكر، وتركها كفر، ومن لا يشكر القليل لا يشكر الكثير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، والجماعة بركة والفرقة عذاب"
* (فصل)
وَفِي هَذا التَّحْدِيثِ المَأْمُورِ بِهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ ذَكَرَ النِّعْمَةَ، والإخْبارَ بِها. وقَوْلُهُ: أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ بِكَذا وكَذا. قالَ مُقاتِلٌ: يَعْنِي اشْكُرْ ما ذَكَرَ مِنَ النِّعَمِ عَلَيْكَ في هَذِهِ السُّورَةِ: مِن جَبْرِ اليُتْمِ، والهُدى بَعْدَ الضَّلالِ، والإغْناءِ بَعْدَ العَيْلَةِ.
والتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ. كَما في حَدِيثِ جابِرٍ مَرْفُوعًا
«مَن صُنِعَ إلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيَجْزِ بِهِ. فَإنْ لَمْ يَجِدْ ما يَجْزِي بِهِ فَلْيُثْنِ. فَإنَّهُ إذا أثْنى عَلَيْهِ فَقَدْ شَكَرَهُ. وإنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ، ومَن تَحَلّى بِما لَمْ يُعْطَ كانَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ».
فَذَكَرَ أقْسامَ الخَلْقِ الثَّلاثَةَ:
شاكِرُ النِّعْمَةِ المُثْنِي بِها، والجاحِدُ لَها والكاتِمُ لَها.
والمُظْهِرُ أنَّهُ مِن أهْلِها، ولَيْسَ مِن أهْلِها. فَهو مُتَحَلٍّ بِما لَمْ يُعْطَهُ.
وَفِي أثَرٍ آخَرَ مَرْفُوعٍ:
«مَن لَمْ يَشْكُرِ القَلِيلَ لَمْ يَشْكُرِ الكَثِيرَ. ومَن لَمْ يَشْكُرِ النّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ. والتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ. وتَرْكُهُ كُفْرٌ. والجَماعَةُ رَحْمَةٌ والفُرْقَةٌ عَذابٌ».
والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ التَّحَدُّثَ بِالنِّعْمَةِ المَأْمُورَ بِهِ في هَذِهِ الآيَةِ: هو الدَّعْوَةُ إلى اللَّهِ، وتَبْلِيغُ رِسالَتِهِ، وتَعْلِيمُ الأُمَّةِ.
قالَ مُجاهِدٌ: هي النُّبُوَّةُ. قالَ الزَّجّاجُ: أيْ بَلِّغْ ما أُرْسِلْتَ بِهِ، وحَدِّثْ بِالنُّبُوَّةِ الَّتِي آتاكَ اللَّهُ.
وَقالَ الكَلْبِيُّ: هو القُرْآنُ. أمَرَهُ أنْ يَقْرَأهُ.
والصَّوابُ: أنَّهُ يَعُمُّ النَّوْعَيْنِ. إذْ كَلٌّ مِنهُما نِعْمَةٌ مَأْمُورٌ بِشُكْرِها والتَّحَدُّثِ بِها. وإظْهارِها مِن شُكْرِها.
* وقال في (التبيان)
وقوله ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾
قال مجاهد بالقرآن
وقال الكلبي بمعنى أظهرها والقرآن أعظم ما أنعم الله به عليه فأمره أن يقرئه ويعلمه
وروى أبو بشر عن مجاهد حدث بالنبوة التي أعطاك الله
وقال الزجاج بلغ ما أرسلت به وحدث بالنبوة التي آتاك وهي أجل النعم
وقال مقاتل أشكر هذه النعمة التي ذكرت في هذه السورة
والتحقيق أن النعم تعم هذا كله فأمره أن لا ينهر سائل المعروف والعلم، وأن يحدث بنعم الله عليه في الدين والدنيا.
* [فصل: الفرق بين التحدث بنعم اللّه والفخر بها]
والفرق بين التحدث بنعم اللّه والفخر بها: أن المتحدث بالنعمة مخبر عن صفات وليها، ومحض جوده وإحسانه فهو مثن عليه بإظهارها، والتحدث بها شاكرا له ناشرا لجميع ما أولاه، مقصود بذلك إظهار صفات اللّه ومدحه والثناء وبعث النفس على الطلب منه دون غيره وعلى محبته ورجائه فيكون راغبا إلى اللّه بإظهار نعمه ونشرها والتحدث بها.
وأما الفخر بالنعم: فهو أن يستطيل بها على الناس ويريهم أنه أعز منهم وأكبر، فيركب أعناقهم ويستفيد قلوبهم ويستميلها إليه بالتعظيم والخدمة.
قال النعمان بن بشير: إن للشيطان مصالي وفخوخا، وأن من مصاليه وفخوخه البطش بنعم اللّه، والكبر على عباد اللّه، ويفخر بعطية اللّه، والهون في غير ذات اللّه.
((الجزء الثاني والعشرون))
{"ayah":"وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق