الباحث القرآني
فإن قيل: أي حكمة في إبقاء إبليس إلى آخر الدهر وإماتة الرسل؟
فالجواب: كم لله في ذلك من حكمة تضيق بها الأوهام فمنها أنه سبحانه لما جعله محكا ومحنة يخرج به الطيب من الخبيث ووليه من عدوه اقتضت حكمته إبقاءه ليحصل الغرض المطلوب بخلقه ولو أماته لفات ذلك الغرض كما أن الحكمة اقتضت بقاء أعدائه الكفار في الأرض إلى آخر الدهر ولو أهلكهم ألبتة لتعطلت الحكم الكثيرة في إبقائهم فكما اقتضت حكمته امتحان أبي البشر اقتضت امتحان أولاده من بعده به فتحصل السعادة لمن خالفه وعاداه وينحاز إليه من وافقه ووالاه ومنها أنه لما سبق حلمه وحكمته أنه لا نصيب له في الآخرة وقد سبق له طاعة وعبادة جزاه بها في الدنيا بأن أعطاه البقاء فيها إلى آخر الدهر فإنه سبحانه لا يظلم أحدا حسنة عملها فأما المؤمن فيجزيه بحسناته في الدنيا وفي الآخرة وأما الكافر فيجزيه بحسنات ما عمل في الدنيا فإذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له شيء كما ثبت هذا المعنى في الصحيح عن النبي ﷺ ومنها أن إبقاءه لم يكن كرامة في حقه فإنه لو مات كان خيرا له وأخف لعذابه وأقل لشره ولكن لما غلظ ذنبه بالإصرار على المعصية ومخاصمة من ينبغي التسليم لحكمه والقدح في حكمته والخلف على اقتطاع عباده وصدهم عن عبوديته كانت عقوبة الذنب أعظم عقوبة بحسب تغلظه فأبقى في الدنيا وأملى له ليزداد هذا إثما على إثم ذلك الذنب فيستوجب العقوبة التي لا تصلح لغيره فيكون رأس أهل الشر في العقوبة كما كان رأسهم في الشر والكفر ولما كان مادة كل شر فعنه ينشأ جوزي في النار مثل فعله فكل عذاب ينزل بأهل النار يبدأ به فيه ثم يسري منه إلى أتباعه عدلا ظاهرا أو حكمة بالغة ومنها أنه قال في مخاصمته لربه أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا وعلم سبحانه أن في الذرية من لا يصلح لمساكنته في داره ولا يصلح إلا لما يصلح له الشوك والروث أبقاه له، وقال له بلسان القدر هؤلاء أصحابك وأوليائك فاجلس في انتظارهم وكلما مر بك واحد منهم فشأنك به فلو صلح لي لما ملكتك منه فإني أتولى الصالحين وهم الذي يصلحون لي وأنت ولي المجرمين الذين غنوا عن موالاتي وابتغاء مرضاتي قال تعالى: ﴿إنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ِنَّما سُلْطانُهُ عَلى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ والَّذِينَ هم بِهِ مُشْرِكُونَ﴾.
فأما إماتة الأنبياء والمرسلين فلم يكن ذلك لهوانهم عليه ولكن ليصلوا إلى محل كرامته ويستريحوا من نكد الدنيا وتعبها ومقاساة أعدائهم وأتباعهم وليحي الرسل بعدهم يرى رسولا بعد رسول فإماتتهم أصلح لهم وللأمة أما هم فلراحتهم من الدنيا ولحوقهم بالرفيق الأعلى في أكمل لذة وسرور ولا سيما وقد خيرهم ربهم بين البقاء في الدنيا واللحاق به.
وأما الأمم فيعلم أنهم لم يطيعوهم في حياتهم خاصة بل أطاعوهم بعد مماتهم كما أطاعوهم في حياتهم وأن أتباعهم لم يكونوا يعبدونهم بل يعبدون الله بأمرهم ونهيهم والله هو الحي الذي لا يموت فكم في إماتتهم من حكمة ومصلحة لهم وللأمم هذا وهم بشر ولم يخلق الله البشر في الدنيا على خلقة قابلة للدوام بل جعلهم خلائف في الأرض يخلف بعضهم بعضا فلو أبقاهم لفاتت المصلحة والحكمة في جعلهم خلائف ولضاقت بهم الأرض فالموت كمال لكل مؤمن ولولا الموت لما طاب العيش في الدنيا ولا هناء لأهلها بها فالحكمة في الموت كالحكمة في الحياة.
{"ayahs_start":36,"ayahs":["قَالَ رَبِّ فَأَنظِرۡنِیۤ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ","قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِینَ","إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ"],"ayah":"إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق