الباحث القرآني
﴿هو اللَّهُ الخالِقُ البارِئُ المُصَوِّرُ﴾ القَوْلُ في ضَمِيرِ (هو) المُفْتَتَحِ بِهِ وفي تَكْرِيرِ الجُمْلَةِ كالقَوْلِ في الَّتِي سَبَقَتْها فَإنْ كانَ ضَمِيرُ الغَيْبَةِ ضَمِيرَ شَأْنٍ فالجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرٌ عَنْهُ.
وجُمْلَةُ (اللَّهُ الخالِقُ) تُفِيدُ قَصْرًا بِطَرِيقِ تَعْرِيفِ جُزْأيِ الجُمْلَةِ هو الخالِقُ لا شُرَكاؤُهم. وهَذا إبْطالٌ لِإلَهِيَّةِ ما لا يَخْلُقُ. قالَ تَعالى ﴿والَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وهم يُخْلَقُونَ﴾ [النحل: ٢٠]، وقالَ ﴿أفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لا يَخْلُقُ أفَلا تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: ١٧]، وإنْ كانَ عائِدًا عَلى اسْمِ الجَلالَةِ المُتَقَدِّمِ فاسْمُ الجَلالَةِ بَعْدَهُ خَبَرٌ عَنْهُ و(الخالِقُ) صِفَةٌ.
(p-١٢٤)والخالِقُ: اسْمُ فاعِلٍ مِنَ الخَلْقِ، وأصْلُ الخَلْقِ في اللُّغَةِ إيجادُ شَيْءٍ عَلى صُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ. وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى حِكايَةً عَنْ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿إنِّي أخْلُقُ لَكم مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ [آل عمران: ٤٩] الآيَةُ في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ. ويُطْلَقُ الخَلْقُ عَلى مَعْنًى أخَصَّ مِن إيجادِ الصُّوَرِ وهو إيجادُ ما لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا. كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما في سِتَّةِ أيّامٍ﴾ [ق: ٣٨] . وهَذا هو المَعْنى الغالِبُ مِن إطْلاقِ اسْمِ اللَّهِ تَعالى (الخالِقُ) .
قالَ في الكَشّافِ (المُقَدِّرُ لِما يُوجِدُهُ) . ونَقَلَ عَنْهُ في بَيانِ مُرادِهِ بِذَلِكَ أنَّهُ قالَ ( لِمّا كانَتْ إحْداثاتُ اللَّهِ مَقْدِرَةً بِمَقادِيرِ الحِكْمَةِ عَبَّرَ عَنْ إحْداثِهِ بِالخَلْقِ اهـ. يُشِيرُ إلى أنَّ الخالِقَ في صِفَةِ اللَّهِ بِمَعْنى المُحَدِثِ الأشْياءَ عَنْ عَدَمٍ، وبِهَذا يَكُونُ الخَلْقُ أعَمَّ مِنَ التَّصْوِيرِ. ويَكُونُ ذِكْرُ البارِئِ والمُصَوِّرِ بَعْدَ الخالِقِ تَنْبِيهًا عَلى أحْوالٍ خاصَّةٍ في الخَلْقِ. قالَ تَعالى ﴿ولَقَدْ خَلَقْناكم ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ [الأعراف: ١١] عَلى أحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ.
وقالَ الرّاغِبُ: الخَلْقُ التَّقْدِيرُ المُسْتَقِيمُ واسْتُعْمِلَ في إيداعِ الشَّيْءِ مِن غَيْرِ أصْلٍ ولا احْتِذاءٍ اهـ.
وقالَ أبُو بَكْرِ بْنُ العَرَبِيِّ في عارِضَةِ الأحْوَذِيِّ عَلى سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ: الخالِقُ: المُخْرِجُ الأشْياءَ مِنَ العَدَمِ إلى الوُجُودِ المُقَدَّرِ لَها عَلى صِفاتِها فَخَلَطَ بَيْنَ المَعْنَيَيْنِ ثُمَّ قالَ: فالخالِقُ عامٌّ، والبارِئُ أخَصُّ مِنهُ، والمُصَوِّرُ أخَصُّ مِنَ الأخَصِّ وهَذا قَرِيبٌ مِن كَلامِ صاحِبِ الكَشّافِ. وقالَ الغَزالِيُّ في المَقْصِدِ الأسْنى: الخالِقُ البارِئُ المُصَوِّرُ قَدْ يُظَنُّ أنَّ هَذِهِ الأسْماءَ مُتَرادِفَةٌ ولا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ كَذَلِكَ بَلْ كُلُّ ما يَخْرُجُ مِنَ العَدَمِ إلى الوُجُودِ يَفْتَقِرُ إلى تَقْدِيرٍ أوَّلًا وإلى الإيجادِ عَلى وفْقِ التَّقْدِيرِ ثانِيًا وإلى التَّصْوِيرِ بَعْدَ الإيجادِ ثالِثًا. واللَّهُ خالِقٌ مِن حَيْثُ إنَّهُ مُقَدَّرٌ وبارِئٌ مِن حَيْثُ إنَّهُ مُخْتَرِعٌ مَوْجُودٌ، ومُصَوَّرٌ مِن حَيْثُ إنَّهُ مُرَتِّبٌ صُوَرَ المُخْتَرَعاتِ أحْسَنَ تَرْتِيبٍ اهـ. فَجَعَلَ المَعانِي مُتَلازِمَةً وجَعَلَ الفَرْقَ بَيْنَها بِالِاعْتِبارِ، ولا أحْسَبُهُ يَنْطَبِقُ عَلى مَواقِعِ اسْتِعْمالِ هَذِهِ الأسْماءِ.
والبارِئُ اسْمُ فاعِلٍ مِن بَرَأ مَهْمُوزًا. قالَ في الكَشّافِ المُمَيَّزُ لِما يُوجِدُهُ بَعْضَهُ مِن بَعْضٍ بِالأشْكالِ المُخْتَلِفَةِ اهـ. وهو مُغايِرٌ لِمَعْنى الخالِقِ بِالخُصُوصِ. (p-١٢٥)وفِي الحَدِيثِ «مِن شَرِّ ما خَلَقَ وذَرَأ وبَرَأ» . ومِن كَلامِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لا والَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأ النَّسَمَةَ، فَيَكُونُ اسْمُ البَرِيئَةِ غَيْرَ خاصٍّ بِالنّاسِ في قَوْلِهِ تَعالى (أُولَئِكَ هم شَرُّ البَرِيئَةِ) (أُولَئِكَ هم خَيْرُ البَرِيئَةِ) . وقالالرّاغِبُ: البَرِيئَةُ: الخَلْقُ.
وقالَ ابْنُ العَرَبِيِّ في العارِضَةِ: البارِئُ: خالِقُ النّاسَ مِنَ البَرى مَقْصُورًا وهو التُّرابُ خاصًّا بِخَلْقِ جِنْسِ الإنْسانِ، وعَلَيْهِ يَكُونُ اسْمُ البَرِيئَةِ خاصًّا بِالبَشَرِ في قَوْلِهِ تَعالى (أُولَئِكَ هم شَرُّ البَرِيئَةِ) (أُولَئِكَ هم خَيْرُ البَرِيئَةِ) .
وفَسَّرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ بِمَعْنى الخالِقِ. وكَذَلِكَ صاحَبُ القامُوسِ. وفَسَّرَهُ الغَزالِيُّ بِأنَّهُ المَوْجُودُ المُخْتَرِعُ، وقَدْ عَلِمْتَ أنَّهُ غَيْرُ مُنْطَبِقٍ فَأحْسَنُ تَفْسِيرٍ لَهُ ما في الكَشّافِ.
والمُصَوِّرُ: مُكَوِّنُ الصُّوَرِ لِجَمِيعِ المَخْلُوقاتِ ذَواتِ الصُّوَرِ المَرْئِيَّةِ.
وإنَّما ذُكِرَتْ هَذِهِ الصِّفاتُ مُتَتابِعَةً لِأنَّ مِن مَجْمُوعِها يَحْصُلُ تَصَوُّرُ الإبْداعِ الإلَهِيِّ لِلْإنْسانِ فابْتُدِئَ بِالخَلْقِ الَّذِي هو الإيجادُ الأصْلِيُّ ثُمَّ بِالبَرَءِ الَّذِي هو تَكْوِينُ جِسْمِ الإنْسانِ ثُمَّ بِالتَّصَوُّرِ الَّذِي هو إعْطاءُ الصُّورَةِ الحَسَنَةِ، كَما أشارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ في أيِّ صُورَةٍ﴾ [الإنفطار: ٧]، ﴿الَّذِي يُصَوِّرُكم في الأرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ﴾ [آل عمران: ٦] .
ووَجْهُ ذِكْرِها عَقِبَ الصِّفاتِ المُتَقَدِّمَةِ، أيْ هَذِهِ الصِّفاتِ الثَّلاثِ أُرِيدَ مِنها الإشارَةُ إلى تَصَرُّفِهِ في البَشَرِ بِالإيجادِ عَلى كَيْفِيَّتِهِ البَدِيعَةِ لِيُثِيرَ داعِيَةَ شُكْرِهِمْ عَلى ذَلِكَ. ولِذَلِكَ عُقِّبَتْ بِجُمْلَةِ ﴿يُسَبِّحُ لَهُ ما في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ .
واعْلَمْ أنَّ وجْهَ إرْجاعِ هَذِهِ الصِّفاتِ الحُسْنى إلى ما يُناسِبُها مِمّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ السُّورَةُ يَنْقَسِمُ إلى ثَلاثَةِ أقْسامٍ ولَكِنَّها ذُكِرَتْ في الآيَةِ بِحَسَبِ تَناسُبِ مَواقِعِ بَعْضِها عَقِبَ بَعْضٍ مِن تَنْظِيرٍ أوِ احْتِراسٍ أوْ تَتْمِيمٍ كَما عَلِمْتَهُ آنِفًا.
القِسْمُ الأوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِما يُناسِبُ أحْوالَ المُشْرِكِينَ وأحْلافِهِمُ اليَهُودِ المُتَألِّبِينَ عَلى النَّبِيءِ ﷺ وعَلى المُسْلِمِينَ بِالحَرْبِ والكَيْدِ والأذى، وأنْصارِهِمْ مِنَ المُنافِقِينَ المُخادِعِينَ لِلْمُسْلِمِينَ.
(p-١٢٦)وإلى هَذا القِسْمِ تَنْضَوِي صِفَةُ (لا إلَهَ إلّا هو) وهَذِهِ الصِّفَةُ هي الأصْلُ في التَّهَيُّؤِ لِلتَّدَبُّرِ والنَّظَرِ في بَقِيَّةِ الصِّفاتِ، فَإنَّ الإشْراكَ أصْلُ الضَّلالاتِ، والمُشْرِكُونَ هُمُ الَّذِينَ يُغْرُونَ اليَهُودَ، والمُنافِقُونَ بَيْنَ يَهُودٍ ومُشْرِكِينَ تَسَتَّرُوا بِإظْهارِ الإسْلامِ، فالشِّرْكُ هو الَّذِي صَدَّ النّاسَ عَنِ الوُصُولِ إلى مَسالِكِ الهُدى، قالَ تَعالى ﴿وما زادُوهم غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ [هود: ١٠١] .
وصِفَةُ (عالِمُ الغَيْبِ) فَإنَّ مِن أُصُولِ الشِّرْكِ إنْكارَ الغَيْبِ الَّذِي مِن آثارِهِ إنْكارُ البَعْثِ والجَزاءِ، وعَلى الِاسْتِرْسالِ في الغَيِّ وأعْمالِ السَّيِّئاتِ وإنْكارِ الوَحْيِ والرِّسالَةِ. وهَذا ناظِرٌ إلى قَوْلِهِ تَعالى ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم شاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ [الحشر: ٤] الآيَةَ.
وكَذَلِكَ ذِكْرُ صِفاتِ المَلِكِ، والعَزِيزِ، والجَبّارِ، والمُتَكَبِّرِ، لِأنَّها تُناسِبُ ما أنْزَلَهُ بِبَنِي النَّضِيرِ مِنَ الرُّعْبِ والخِزْيِ والبَطْشَةِ.
القِسْمُ الثّانِي مُتَعَلِّقٌ بِما اجْتَناهُ المُؤْمِنُونَ مِن ثَمَرَةِ النَّصْرِ في قِصَّةِ بَنِي النَّضِيرِ، وتِلْكَ صِفاتُ: السَّلامُ المُؤْمِنُ لِقَوْلِهِ ﴿فَما أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِن خَيْلٍ ولا رِكابٍ﴾ [الحشر: ٦]، أيْ لَمْ يَتَجَشَّمِ المُسْلِمُونَ لِلْغِنى مَشَقَّةً ولا أذى ولا قِتالًا.
وكَذَلِكَ صِفَتا (الرَّحْمانُ الرَّحِيمُ) لِمُناسَبَتِهِما لِإعْطاءِ حَظٍّ في الفَيْءِ لِلضُّعَفاءِ.
القِسْمُ الثّالِثُ مُتَعَلِّقٌ بِما يَشْتَرِكُ فِيهِ الفَرِيقانِ المَذْكُورانِ في هَذِهِ السُّورَةِ فَيَأْخُذُ كُلُّ فَرِيقٍ حَظَّهُ مِنها، وهي صِفاتُ: القُدُّوسِ، المُهَيْمِنِ، الخالِقِ، البارِيءِ، المُصَوِّرِ.
* * *
﴿لَهُ الأسْماءُ الحُسْنى﴾ تَذْيِيلٌ لِما عُدِّدَ مِن صِفاتِ اللَّهِ تَعالى، أيْ لَهُ جَمِيعُ الأسْماءِ الحُسْنى الَّتِي بَعْضُها الصِّفاتُ المَذْكُورَةُ آنِفًا.
والمُرادُ بِالأسْماءِ الصِّفاتِ، عَبَّرَ عَنْها بِالأسْماءِ لِأنَّهُ مُتَّصِفٌ بِها عَلى ألْسِنَةِ خَلْقِهِ ولِكَوْنِها بالِغَةً مُنْتَهى حَقائِقِها بِالنِّسْبَةِ لِوَصْفِهِ تَعالى بِها فَصارَتْ كالأعْلامِ عَلى ذاتِهِ تَعالى.
(p-١٢٧)والمَقْصُودُ: أنْ لَهُ مَدْلُولاتِ الأسْماءِ الحُسْنى كَما في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ثُمَّ عَرَضَهم عَلى المَلائِكَةِ﴾ [البقرة: ٣١] بَعْدَ قَوْلِهِ ﴿وعَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّها﴾ [البقرة: ٣١]، أيْ عَرَضَ المُسَمَّياتِ عَلى المَلائِكَةِ.
وقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ تَعالى ﴿ولِلَّهِ الأسْماءُ الحُسْنى فادْعُوهُ بِها﴾ [الأعراف: ١٨٠] في سُورَةِ الأعْرافِ.
* * *
﴿يُسَبِّحُ لَهُ ما في السَّماواتِ والأرْضِ وهْوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ جُمْلَةُ (يَسْبَحُ لَهُ) إلَخْ في مَوْضِعِ الحالِ مِن ضَمِيرِ (لَهُ الأسْماءُ الحُسْنى) يَعْنِي أنَّ اتِّصافَهُ بِالصِّفاتِ الحُسْنى يَضْطَرُّ ما في السَّماواتِ والأرْضِ مِنَ العُقَلاءِ عَلى تَعْظِيمِهِ بِالتَّسْبِيحِ والتَّنْزِيهِ عَنِ النَّقائِصِ فَكُلُّ صِنْفٍ يَبْعَثُهُ عِلْمُهُ بِبَعْضِ أسْماءِ اللَّهِ عَلى أنْ يُنَزِّهَهُ ويُسَبِّحَهُ بِقَصْدٍ أوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ. فالدَّهْرِيُّ أوِ الطَّبائِعِيُّ إذا نَوَّهَ بِنِظامِ الكائِناتِ وأُعْجِبَ بِانْتِساقِها فَإنَّما يُسَبِّحُ في الواقِعِ لِلْفاعِلِ المُخْتارِ وإنْ كانَ هو يَدْعُوهُ دَهْرًا أوْ طَبِيعَةً، وهَذا إذا حُمِلَ التَّسْبِيحُ عَلى مَعْناهُ الحَقِيقِيِّ وهو التَّنْزِيهُ بِالقَوْلِ، فَأمّا إنْ حُمِلَ عَلى ما يَشْمَلُ المَعْنِيِّينِ الحَقِيقِيِّ والمَجازِيِّ مِن دَلالَةٍ عَلى التَّنْوِيهِ ولَوْ بِلِسانِ الحالِ. فالمَعْنى: أنَّ ما ثَبَتَ لَهُ مِن صِفاتِ الخَلْقِ والإمْدادِ والقَهْرِ تَدُلُّ عَلَيْهِ شَواهِدُ المَخْلُوقاتِ وانْتِظامُ وُجُودِها.
وجُمْلَةُ (وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ) عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ الحالِ وأُوثِرَ هاتانِ الصِّفَتانِ لِشِدَّةِ مُناسَبَتِهِما لِنِظامِ الخَلْقِ.
وفِي هَذِهِ الآيَةِ رَدُّ العَجُزِ عَلى الصَّدْرِ لِأنَّ صَدْرَ السُّورَةِ مُماثِلٌ لِآخِرِها.
رَوى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسارٍ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ قالَ: «مَن قالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاثَ مَرّاتٍ: أعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، ثُمَّ قَرَأ الثَّلاثَ آياتٍ مِن آخَرِ سُورَةَ الحَشْرِ ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إلَهَ إلّا هو عالِمُ الغَيْبِ﴾ [الحشر: ٢٢] إلى آخَرِ السُّورَةِ، وكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ ألْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتّى يُمْسِيَ، وإنْ ماتَ ذَلِكَ اليَوْمَ ماتَ شَهِيدًا. ومَن قالَها حِينَ يُمْسِي كانَ بِتِلْكَ المَنزِلَةِ» . فَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لِهَذِهِ الآياتِ أُخْرَوِيَّةٌ.
(p-١٢٨)ورَوى الخَطِيبُ البَغْدادِيُّ في تارِيخِهِ بِسَنَدِهِ إلى «إدْرِيسَ بْنِ عَبْدِ الكَرِيمِ الحَدّادِ قالَ: قَرَأتُ عَلى خَلَفٍ راوِي حَمْزَةَ فَلَمّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ ﴿لَوْ أنْزَلْنا هَذا القُرْآنَ عَلى جَبَلٍ﴾ [الحشر: ٢١] إلى آخَرِ السُّورَةِ قالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلى رَأْسِكَ فَإنِّي قَرَأْتُ عَلى الأعْمَشِ. فَلَمّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ قالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلى رَأْسِكَ فَإنِّي قَرَأْتُ عَلى يَحْيى بْنِ وثّابٍ، فَلَمّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ قالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلى رَأْسِكَ، فَإنِّي قَرَأْتُ عَلى عَلْقَمَةَ والأسْوَدِ فَلَمّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ قالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلى رَأْسِكَ فَإنّا قَرَأْنا عَلى عَبْدِ اللَّهِ فَلَمّا بَلَغْنا هَذِهِ الآيَةَ قالَ: ضَعا أيْدِيَكُما عَلى رُؤُوسِكُما، فَإنِّي قَرَأْتُ عَلى النَّبِيءِ ﷺ فَلَمّا بَلَغْتُ هَذِهِ الآيَةَ قالَ لِي: ضَعْ يَدَكَ عَلى رَأْسِكَ فَإنَّ جِبْرِيلَ لَمّا نَزَلَ بِها إلَيَّ قالَ: ضَعْ يَدَكَ عَلى رَأْسِكَ فَإنَّها شِفاءٌ مِن كُلِّ داءٍ إلّا السّامُ» . والسّامُ المَوْتُ. قُلْتُ: هَذا حَدِيثٌ أغَرُّ مُسَلْسَلٌ إلى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وأخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ «أنَّهُ قالَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿لَوْ أنْزَلْنا هَذا القُرْآنَ﴾ [الحشر: ٢١] إلى آخَرِ السُّورَةِ: هي رُقْيَةُ الصُّداعِ»، فَهَذِهِ مَزِيَّةٌ لِهَذِهِ الآياتِ.
* * *
(p-١٢٩)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ المُمْتَحِنَةِ عُرِفَتْ هَذِهِ السُّورَةُ في كُتُبِ التَّفْسِيرِ وكُتُبِ السُّنَّةِ وفي المَصاحِفِ بِـ (سُورَةِ المُمْتَحِنَةِ) . قالَ القُرْطُبِيُّ: والمَشْهُورُ عَلى الألْسِنَةِ النُّطْقُ في كَلِمَةِ (المُمْتَحِنَةِ) بَكَسْرِ الحاءِ وهو الَّذِي جَزَمَ بِهِ السُّهَيْلِيُّ.
ووَجْهُ التَّسْمِيَةِ أنَّها جاءَتْ فِيها آيَةُ امْتِحانِ إيمانِ النِّساءِ اللّاتِي يَأْتِينَ مِن مَكَّةَ مُهاجِراتٍ إلى المَدِينَةِ وهي آيَةُ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠] إلى قَوْلِهِ ﴿بِعِصَمِ الكَوافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠] . فَوَصَفَ النّاسُ تِلْكَ الآيَةَ بِالمُمْتَحِنَةِ لِأنَّها شَرَعَتْ الِامْتِحانَ. وأُضِيفَتِ السُّورَةُ إلى تِلْكَ الآيَةِ.
وقالَ السُّهَيْلِيُّ: أُسْنِدَ الِامْتِحانُ إلى السُّورَةِ مَجازًا كَما قِيلَ لِسُورَةِ بَراءَةٍ الفاضِحَةُ. يَعْنِي أنَّ ذَلِكَ الوَصْفَ مَجازٌ عَقْلِيٌّ.
ورُوِيَ بِفَتْحِ الحاءِ عَلى اسْمِ المَفْعُولِ قالَ ابْنُ حَجَرٍ: وهو المَشْهُورُ أيِ المَرْأةُ المُمْتَحَنَةُ عَلى أنَّ التَّعْرِيفَ تَعْرِيفُ العَهْدِ والمَعْهُودِ أوَّلُ امْرَأةٍ امْتُحِنَتْ في إيمانِها، وهي أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ امْرَأةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. كَما سُمِّيَتْ سُورَةُ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ (سُورَةَ المُجادِلَةِ) بِكَسْرِ الدّالِ.
ولَكَ أنْ تَجْعَلَ التَّعْرِيفَ تَعْرِيفَ الجِنْسِ، أيِ النِّساءِ المُمْتَحَنَةِ.
قالَ في الإتْقانِ: وتُسَمّى (سُورَةَ الِامْتِحانِ)، (وسُورَةَ المَوَدَّةِ)، وعَزا ذَلِكَ إلى كِتابِ جَمالِ القُرّاءِ لِعَلِيٍّ السَّخاوِيِّ ولَمْ يَذْكُرْ سَنَدَهُ.
(p-١٣٠)وهَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ بِالِاتِّفاقِ.
واتَّفَقَ أهْلُ العَدَدِ عَلى عَدِّ آيِها ثَلاثَ عَشْرَةَ آيَةً. وآياتُها طِوالٌ.
واتَّفَقُوا عَلى أنَّ الآيَةَ الأُولى نَزَلَتْ في شَأْنِ كِتابِ حاطِبِ بْنِ أبِي بَلْتَعَةَ إلى المُشْرِكِينَ مِن أهْلِ مَكَّةَ.
رَوى البُخارِيُّ مِن طَرِيقِ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ يَبْلُغُ بِهِ إلى عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِصَّةَ كِتابِ حاطِبِ بْنِ أبِي بَلْتَعَةَ إلى أهْلِ مَكَّةَ ثُمَّ قالَ: قالَ عَمْرُو بْنُ دِينارٍ: نَزَلَتْ فِيهِ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكم أوْلِياءَ﴾ [الممتحنة: ١] قالَ سُفْيانُ: هَذا في حَدِيثِ النّاسِ لا أدْرِي في الحَدِيثِ أوْ قَوْلِ عَمْرٍو. حَفِظْتُهُ مِن عَمْرٍو وما تَرَكَتُ مِنهُ حَرْفًا اهـ.
وفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ولَيْسَ في حَدِيثِ أبِي بَكْرٍ وزُهَيْرٍ مِنَ الخَمْسَةِ الَّذِينَ رَوى عَنْهم مُسْلِمٌ يَرْوُونَ عَنْ سُفْيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ذِكْرَ الآيَةِ. وجَعَلَها إسْحاقُ أيْ بْنُ إبْراهِيمَ أحَدُ مِن رَوى عَنْهم مُسْلِمٌ هَذا الحَدِيثَ في رِوايَتِهِ مِن تِلاوَةِ سُفْيانَ اهـ. ولَمْ يَتَعَرَّضْ مُسْلِمٌ لِرِوايَةِ عَمْرٍو النّاقِدِ وابْنِ أبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيانَ فَلَعَلَّهُما لَمْ يَذْكُرا شَيْئًا في ذَلِكَ.
واخْتَلَفُوا في آنِ كِتابَهِ إلَيْهِمْ أكانَ عِنْدَ تَجَهُّزِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِلْحُدَيْبِيَةِ وهو قَوْلُ قَتادَةَ ودَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ عَطِيَّةَ وهو مُقْتَضى رِوايَةِ الحارِثِ عَنْ عَلِيِّ بِنِ أبِي طالِبٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ، قالَ: لَمّا أرادَ النَّبِيءُ ﷺ أنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ أفْشى في النّاسِ أنَّهُ يُرِيدُ خَيْبَرَ وأسَرَّ إلى ناسٍ مِن أصْحابِهِ مِنهم حاطِبُ بْنُ أبِي بَلْتَعَةَ أنَّهُ يُرِيدُ مَكَّةَ. فَكَتَبَ حاطِبٌ إلى أهْلِ مَكَّةَ. . . إلى آخِرِهِ، فَإنَّ قَوْلَهُ: أفْشى، أنَّهُ يُرِيدُ خَيْبَرَ يَدُلُّ عَلى أنَّ إرادَتَهُ مَكَّةَ إنَّما هي إرادَةُ عُمْرَةِ الحُدَيْبِيَةِ لا غَزْوِ مَكَّةَ لِأنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ. ويُؤَيِّدُ هَذا ما رَواهُ الطَّبَرِيُّ أنَّ المَرْأةَ الَّتِي أرْسَلَ مَعَها حاطِبٌ كِتابَهُ كانَ مَجِيئُها المَدِينَةَ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ بِسَنَتَيْنِ: وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: نَزَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ سَنَةَ سِتٍّ.
وقالَ جَماعَةٌ: كانَ كِتابُ حاطِبٍ إلى أهْلِ مَكَّةَ عِنْدَ تَجَهُّزِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِفَتْحِ مَكَّةَ، وهو ظاهِرُ صَنِيعِ جُمْهُورِ أهْلِ السِّيَرِ وصَنِيعِ البُخارِيِّ في كِتابِ المَغازِي مِن صَحِيحِهِ في تَرْتِيبِهِ لِلْغَزَواتِ، ودَرَجَ عَلَيْهِ مُعْظَمُ المُفَسِّرِينَ.
(p-١٣١)ومُعْظَمُ الرِّواياتِ لَيْسَ فِيها تَعْيِينُ ما قَصَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن تَجَهُّزِهِ إلى مَكَّةَ أهْوَ لِأجْلِ العُمْرَةِ أمْ لِأجْلِ الفَتْحِ فَإنْ كانَ الأصَحُّ الأوَّلَ وهو الَّذِي نَخْتارُهُ كانَتِ السُّورَةُ جَمِيعُها نازِلَةً في مُدَّةٍ مُتَقارِبَةٍ فَإنَّ امْتِحانَ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ كانَ عَقِبَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ. ويَكُونُ نُزُولُ السُّورَةِ مُرَتَّبًا عَلى تَرْتِيبِ آياتِها وهو الأصْلُ في السُّورِ.
وعَلى القَوْلِ الثّانِي يَكُونُ صُدُورُ السُّورَةِ نازِلًا بَعْدَ آياتِ الِامْتِحانِ وما بَعْدَها حَتّى قالَ بَعْضُهم: إنَّ أوَّلَ السُّورَةِ نَزَلَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وهَذا قَوْلٌ غَرِيبٌ لا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ.
وهَذِهِ السُّورَةُ قَدْ عُدَّتِ الثّانِيَةَ والتِّسْعِينَ في تِعْدادِ نُزُولِ السُّوَرِ. عِنْدَ جابِرِ بْنِ زَيْدٍ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ العُقُودِ وقَبْلَ سُورَةِ النِّساءِ.
* * *
اشْتَمَلَتْ مِنَ الأغْراضِ عَلى تَحْذِيرِ المُؤْمِنِينَ مِنَ اتِّخاذِ المُشْرِكِينَ أوْلِياءَ مَعَ أنَّهم كَفَرُوا بِالدِّينِ الحَقِّ وأخْرَجُوهم مِن بِلادِهِمْ.
وإعْلامِهِمْ بِأنَّ اتِّخاذَهم أوْلِياءَ ضَلالٌ وأنَّهم لَوْ تَمَكَّنُوا مِنَ المُؤْمِنِينَ لَأساءُوا إلَيْهِمْ بِالفِعْلِ والقَوْلِ، وأنَّ ما بَيْنَهم وبَيْنَ المُشْرِكِينَ مِن أواصِرِ القَرابَةِ لا يُعْتَدُّ بِهِ تُجاهَ العَداوَةِ في الدِّينِ، وضَرَبَ لَهم مَثَلًا في ذَلِكَ قَطِيعَةَ إبْراهِيمَ لِأبِيهِ وقَوْمِهِ.
وأرْدَفَ ذَلِكَ بِاسْتِئْناسِ المُؤْمِنِينَ بِرَجاءِ أنْ تَحْصُلَ مَوَدَّةٌ بَيْنَهم وبَيْنَ الَّذِينَ أمَرَهُمُ اللَّهُ بِمُعاداتِهِمْ أيْ هَذِهِ مُعاداةٌ غَيْرُ دائِمَةٍ.
وأرْدَفَ بِالرُّخْصَةِ في حُسْنِ مُعامَلَةِ الكَفَرَةِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوا المُسْلِمِينَ قِتالَ عَداوَةٍ في دِينٍ ولا أخْرَجُوهم مِن دِيارِهِمْ. وهَذِهِ الأحْكامُ إلى نِهايَةِ الآيَةِ التّاسِعَةِ.
وحُكْمِ المُؤْمِناتِ اللّائِي يَأْتِينَ مُهاجِراتٍ واخْتِبارِ صَدَقِ إيمانِهِنَّ وأنْ يُحْفَظْنَ مِنَ الرُّجُوعِ إلى دارِ الشِّرْكِ ويُعَوَّضَ أزْواجُهُنَّ المُشْرِكُونَ ما أعْطَوْهُنَّ مِنَ المُهُورِ ويَقَعَ التَّرادُّ كَذَلِكَ مَعَ المُشْرِكِينَ.
(p-١٣٢)ومُبايَعَةِ المُؤْمِناتِ المُهاجِراتِ لِيُعْرَفَ التِزامُهُنَّ لِأحْكامِ الشَّرِيعَةِ الإسْلامِيَّةِ. وهي الآيَةُ الثّانِيَةَ عَشْرَةَ.
وتَحْرِيمِ تَزَوُّجِ المُسْلِمِينَ المُشْرِكاتِ وهَذا في الآيَتَيْنِ العاشِرَةِ والحادِيَةَ عَشْرَةَ.
والنَّهْيِ عَنْ مُوالاةِ اليَهُودِ وأنَّهم أشْبَهُوا المُشْرِكِينَ وهي الآيَةُ الثّالِثَةَ عَشْرَةَ.
{"ayah":"هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَـٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ یُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق