الباحث القرآني

﴿ومَن تابَ وعَمِلَ صالِحًا فَإنَّهُ يَتُوبُ إلى اللَّهِ مَتابًا﴾ إذا وقَعَ الإخْبارُ عَنْ شَيْءٍ أوْ تَوْصِيفٌ لَهُ أوْ حالَةٌ مِنهُ بِمُرادِفٍ لِما سَبَقَ مِثْلُهُ في المَعْنى دُونَ زِيادَةٍ تَعَيَّنَ أنْ يَكُونَ الخَبَرُ الثّانِي مُسْتَعْمَلًا في شَيْءٍ مِن لَوازِمِ مَعْنى الإخْبارِ يُبَيِّنُهُ المَقامُ، كَقَوْلِ أبِي الطَّمَحانِ القَيْنِيِّ: ؎وإنِّي مِنَ القَوْمِ الَّذِينَ هُمُ هُمُ وقَوْلِ أبِي النَّجْمِ: ؎أنا أبُو النَّجْمِ وشِعْرِي شِعْرِي وقَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ: («مَن رَآنِي في المَنامِ فَقَدْ رَآنِي» ) . فَقَوْلُهُ تَعالى هُنا: (( ﴿ومَن تابَ وعَمِلَ صالِحًا فَإنَّهُ يَتُوبُ إلى اللَّهِ مَتابًا﴾) وقَعَ الإخْبارُ عَنِ التّائِبِ بِأنَّهُ تائِبٌ؛ إذِ المَتابُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنى التَّوْبَةِ فَيَتَعَيَّنُ أنْ يُصْرَفَ إلى مَعْنًى مُفِيدٍ، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَقْصُودُ هو قَوْلَهُ: (إلى اللَّهِ) فَيَكُونَ كِنايَةً عَنْ عَظِيمِ ثَوابِهِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَقْصُودُ ما في المُضارِعِ مِنَ الدَّلالَةِ عَلى التَّجَدُّدِ، أيْ: فَإنَّهُ (p-٧٨)يَسْتَمِرُّ عَلى تَوْبَتِهِ ولا يَرْتَدُّ عَلى عَقِبَيْهِ فَيَكُونُ وعْدًا مِنَ اللَّهِ تَعالى أنْ يُثَبِّتَهُ عَلى القَوْلِ الثّابِتِ إذا كانَ قَدْ تابَ وأيَّدَ تَوْبَتَهُ بِالعَمَلِ الصّالِحِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَقْصُودُ ما لِلْمَفْعُولِ المُطْلَقِ مِن مَعْنى التَّأْكِيدِ، أيْ: مَن تابَ وعَمِلَ صالَحا فَإنَّ تَوْبَتَهُ هي التَّوْبَةُ الكامِلَةُ الخالِصَةُ لِلَّهِ عَلى حَدِّ قَوْلِ النَّبِيءِ ﷺ: («إنَّما الأعْمالُ بِالنِّيّاتِ وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوى، فَمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسُولِهِ، ومَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها أوِ امْرَأةٍ يَنْكِحُها فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ» ) فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعالى: (﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا﴾ [التحريم: ٨]) . وذَكَرَ المُفَسِّرُونَ احْتِمالاتٍ أُخْرى بَعِيدَةً. والتَّوْكِيدُ بِـ (إنَّ) عَلى التَّقادِيرِ كُلِّها لِتَحْقِيقِ مَضْمُونِ الخَبَرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب