الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿إنَّ المُجْرِمِينَ﴾ أيْ: أهْلَ الإجْرامِ الكُفْرِيَّةِ، كَما يَدُلُّ عَلَيْهِ إيرادُهم في مُقابَلَةِ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَهم ما ذَكَرَهُ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - قَبْلَ هَذا ﴿فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ﴾ لا يَنْقَطِعُ عَنْهُمُ العَذابُ أبَدًا.
﴿لا يُفَتَّرُ عَنْهم﴾ أيْ: لا يُخَفَّفُ عَنْهم ذَلِكَ العَذابُ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ ﴿وهم فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ أيْ: آيِسُونَ مِنَ النَّجاةِ، وقِيلَ: ساكِتُونَ سُكُوتَ يَأْسٍ، وقَدْ مَضى تَحْقِيقُ مَعْناهُ في الأنْعامِ.
﴿وما ظَلَمْناهُمْ﴾ أيْ: ما عَذَّبْناهم بِغَيْرِ ذَنْبٍ ولا بِزِيادَةٍ عَلى ما يَسْتَحِقُّونَهُ ﴿ولَكِنْ كانُوا هُمُ الظّالِمِينَ﴾ لِأنْفُسِهِمْ بِما فَعَلُوا مِنَ الذُّنُوبِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ الظّالِمِينَ بِالنَّصْبِ عَلى أنَّهُ خَبَرُ كانَ، والضَّمِيرُ ضَمِيرُ فَصْلٍ. وقَرَأ أبُو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ ( الظّالِمُونَ ) بِالرَّفْعِ عَلى أنَّ الضَّمِيرَ مُبْتَدَأٌ وما بَعْدَهُ خَبَرُهُ، والجُمْلَةَ خَبَرُ كانَ.
﴿ونادَوْا يا مالِكُ﴾ أيْ: نادى المُجْرِمُونَ هَذا النِّداءَ، ومالِكٌ هو خازِنُ النّارِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ يا مالِكُ بِدُونِ تَرْخِيمٍ. وقَرَأ عَلِيٌّ، وابْنُ مَسْعُودٍ، ويَحْيى بْنُ وثّابٍ، والأعْمَشُ ( يا مالُ ) بِالتَّرْخِيمِ ﴿لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ﴾ بِالمَوْتِ تَوَسَّلُوا بِمالِكٍ إلى اللَّهِ - سُبْحانَهُ - لِيَسْألَهُ لَهم أنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِمْ بِالمَوْتِ لِيَسْتَرِيحُوا مِنَ العَذابِ ﴿قالَ إنَّكم ماكِثُونَ﴾ أيْ: مُقِيمُونَ في العَذابِ، قِيلَ: سَكَتَ عَنْ إجابَتِهِمْ ثَمانِينَ سَنَةً، ثُمَّ أجابَهم بِهَذا الجَوابِ، وقِيلَ: سَكَتَ عَنْهم ألْفَ عامٍ، وقِيلَ: مِائَةَ سَنَةٍ، وقِيلَ: أرْبَعِينَ سَنَةً.
﴿لَقَدْ جِئْناكم بِالحَقِّ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ هَذا مِن كَلامِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مِن كَلامِ مالِكٍ، والأوَّلُ أظْهَرُ، والمَعْنى: إنّا أرْسَلْنا إلَيْكُمُ الرُّسُلَ وأنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الكُتُبَ فَدَعَوْكم فَلَمْ تَقْبَلُوا ولَمْ تُصَدِّقُوا، وهو مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَكم لِلْحَقِّ كارِهُونَ﴾ لا يَقْبَلُونَهُ، والمُرادُ بِالحَقِّ: كُلُّ ما أمَرَ اللَّهُ بِهِ عَلى ألْسُنِ رُسُلِهِ، وأنْزَلَهُ في كُتُبِهِ. وقِيلَ: هو خاصٌّ بِالقُرْآنِ. قِيلَ: ومَعْنى ( أكْثَرَكم ): كُلَّكم. وقِيلَ: أرادَ الرُّؤَساءَ والقادَةَ، ومَن عَداهم أتْباعٌ لَهم.
﴿أمْ أبْرَمُوا أمْرًا فَإنّا مُبْرِمُونَ﴾ ( أمْ ) هي المُنْقَطِعَةُ الَّتِي بِمَعْنى بَلْ والهَمْزَةِ، أيْ: بَلْ أبْرَمُوا أمْرًا.
وفِي ذَلِكَ انْتِقالٌ مِن تَوَجُّعِ أهْلِ النّارِ إلى حِكايَةِ ما يَقَعُ مِن هَؤُلاءِ، والإبْرامُ: الإتْقانُ والإحْكامُ، يُقالُ: أبْرَمْتُ الشَّيْءَ: أحْكَمْتُهُ وأتْقَنْتُهُ، وأبْرَمَ الحَبْلَ: إذا أحْكَمَ فَتْلَهُ، والمَعْنى: بَلْ أحْكَمُوا كَيْدًا لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَإنّا مُحْكِمُونَ لَهم كَيْدًا قالَهُ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ، وابْنُ زَيْدٍ، ومِثْلُ هَذا قَوْلُهُ - تَعالى -: ﴿أمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ المَكِيدُونَ﴾ [الطور: ٤٢] وقِيلَ: المَعْنى: أمْ قَضَوْا أمْرًا فَإنّا قاضُونَ عَلَيْهِمْ أمْرَنا بِالعَذابِ.
قالَهُ الكَلْبِيُّ: ﴿أمْ يَحْسَبُونَ أنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهم ونَجْواهم﴾ أيْ: بَلْ أيَحْسَبُونَ أنّا لا نَسْمَعُ ما يُسِرُّونَ بِهِ في أنْفُسِهِمْ، أوْ ما يَتَحادَثُونَ بِهِ سِرًّا في مَكانٍ خالٍ وما يَتَناجَوْنَ بِهِ فِيما بَيْنَهم بَلى نَسْمَعُ ذَلِكَ ونَعْمَلُ بِهِ ﴿ورُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ أيِ: الحَفَظَةُ عِنْدَهم يَكْتُبُونَ جَمِيعَ ما يَصْدُرُ عَنْهم مِن قَوْلٍ أوْ فِعْلٍ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، أوَ مَعْطُوفَةٌ عَلى الجُمْلَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْها بَلى.
ثُمَّ أمَرَ اللَّهُ - سُبْحانَهُ - رَسُولَهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - أنْ يَقُولَ لِلْكُفّارِ قَوْلًا يُلْزِمُهم بِهِ الحُجَّةَ ويَقْطَعُ ما يُورِدُونَهُ مِنَ الشُّبْهَةِ فَقالَ: ﴿قُلْ إنْ كانَ لِلرَّحْمَنِ ولَدٌ فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ﴾ أيْ: إنْ كانَ لَهُ ولَدٌ في قَوْلِكم وعَلى زَعْمِكم فَأنا أوَّلُ مَن عَبَدَ اللَّهَ وحْدَهُ؛ لِأنَّ مَن عَبَدَ اللَّهَ وحْدَهُ فَقَدْ دَفَعَ أنْ يَكُونَ لَهُ ولَدٌ، كَذا قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ.
وقالَ الحَسَنُ، والسُّدِّيُّ: إنَّ المَعْنى ما كانَ لِلرَّحْمَنِ ولَدٌ، ويَكُونُ قَوْلُهُ: ﴿فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ﴾ ابْتِداءَ كَلامٍ، وقِيلَ: المَعْنى: قُلْ يا مُحَمَّدُ إنْ ثَبَتَ لِلَّهِ ولَدٌ، فَأنا أوَّلُ مَن يَعْبُدُ هَذا الوَلَدَ الَّذِي تَزْعُمُونَ ثُبُوتَهُ، ولَكِنَّهُ يَسْتَحِيلُ أنْ يَكُونَ لَهُ ولَدٌ.
وفِيهِ نَفْيٌ لِلْوَلَدِ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ، وأتَمِّ عِبارَةٍ، وأحْسَنِ أُسْلُوبٍ، وهَذا هو الظّاهِرُ مِنَ النَّظْمِ القُرْآنِيِّ، ومِن هَذا القَبِيلِ قَوْلُهُ (p-١٣٤٧)- تَعالى -: ﴿وإنّا أوْ إيّاكم لَعَلى هُدًى أوْ في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٢٤] ومِثْلُ هَذا قَوْلُ الرَّجُلِ لِمَن يُناظِرُهُ: إنْ تُثْبِتْ ما تَقُولُهُ بِالدَّلِيلِ فَأنا أوَّلُ مَن يَعْتَقِدُهُ، ويَقُولُ بِهِ، فَتَكُونُ " إنْ " في إنْ كانَ شَرْطِيَّةً، ورَجَّحَ هَذا ابْنُ جَرِيرٍ، وغَيْرُهُ.
وقِيلَ: مَعْنى العابِدِينَ: الآنِفِينَ مِنَ العِبادَةِ، وهو تَكَلُّفٌ لا مُلْجِئَ إلَيْهِ، ولَكِنْ قَرَأ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ اليَمانِيُّ ( العَبِدِينَ ) بِغَيْرِ ألِفٍ، يُقالُ: عَبِدَ يَعْبَدُ عَبَدًا بِالتَّحْرِيكِ: إذا أنِفَ وغَضِبَ فَهو عَبِدٌ، والِاسْمُ العَبَدَةُ مِثْلُ الأنَفَةِ، ولَعَلَّ الحامِلَ لِمَن قَرَأ هَذِهِ القِراءَةَ الشّاذَّةَ البَعِيدَةَ هو اسْتِبْعادُ مَعْنى ﴿فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ﴾ ولَيْسَ بِمُسْتَبْعَدٍ ولا مُسْتَنْكَرٍ.
وقَدْ حَكى الجَوْهَرِيُّ: عَنْ أبِي عَمْرٍو في قَوْلِهِ: ﴿فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ﴾ أنَّهُ مِنَ الأنَفِ والغَضَبِ.
وحَكاهُ الماوَرْدِيُّ، عَنِ الكِسائِيِّ، والقُتَيْبِيِّ، وبِهِ قالَ الفَرّاءُ. وكَذا قالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: إنَّ مَعْنى العابِدِينَ: الغِضابَ الآنِفِينَ. وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: مَعْناهُ: الجاحِدِينَ، وحَكى: عَبِدَنِي حَقِّي أيْ: جَحَدَنِي، وقَدْ أنْشَدُوا عَلى هَذا المَعْنى الَّذِي قالُوهُ قَوْلَ الفَرَزْدَقِ:
؎أُولَئِكَ أحْلاسِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ وأعْبَدُ أنْ أهْجُوَ كُلَيْبًا بِدارِمِ
وقَوْلَهُ أيْضًا:
؎أُولَئِكَ ناسٌ لَوْ هَجَوْنِي هَجَوْتُهم ∗∗∗ وأعْبَدُ أنْ يُهْجى كُلَيْبٌ بِدارِمِ
ولا شَكَّ أنَّ عَبِدَ وأعْبَدَ بِمَعْنى أنِفَ أوْ غَضِبَ ثابِتٌ في لُغَةِ العَرَبِ، وكَفى بِنَقْلِ هَؤُلاءِ الأئِمَّةِ حُجَّةً، ولَكِنْ جَعْلُ ما في القُرْآنِ مِن هَذا مِنَ التَّكَلُّفِ الَّذِي لا مُلْجِئَ إلَيْهِ ومِنَ التَّعَسُّفِ الواضِحِ.
وقَدْ رَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ ما قالُوهُ، فَقالَ: إنَّما يُقالُ: عَبَدَ يَعْبُدُ فَهو عَبْدٌ، وقَلَّ ما يُقالُ: عابِدٌ، والقُرْآنُ لا يَأْتِي بِالقَلِيلِ مِنَ اللُّغَةِ ولا الشّاذِّ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ولَدٌ بِالإفْرادِ، وقَرَأ أهْلُ الكُوفَةِ إلّا عاصِمًا ( وُلْدٌ ) بِضَمِّ الواوِ وسُكُونِ اللّامِ.
﴿سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ والأرْضِ رَبِّ العَرْشِ عَمّا يَصِفُونَ﴾ أيْ: تَنْزِيهًا لَهُ وتَقْدِيسًا عَمّا يَقُولُونَ مِنَ الكَذِبِ بِأنَّ بِهِ ولَدًا ويَفْتَرُونَ عَلَيْهِ - سُبْحانَهُ - ما لا يَلِيقُ بِجانِبِهِ، وهَذا إنْ كانَ مِن كَلامِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - فَقَدْ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَمّا قالُوهُ، وإنْ كانَ مِن تَمامِ كَلامِ رَسُولِهِ الَّذِي أمَرَهُ بِأنْ يَقُولَهُ، فَقَدْ أمَرَهُ بِأنْ يَضُمَّ إلى ما حَكاهُ عَنْهم بِزَعْمِهِمُ الباطِلَ تَنْزِيهَ رَبِّهِ وتَقْدِيسَهُ.
﴿فَذَرْهم يَخُوضُوا ويَلْعَبُوا﴾ أيِ: اتْرُكِ الكُفّارَ حَيْثُ لَمْ يَهْتَدُوا بِما هَدَيْتَهم بِهِ ولا أجابُوكَ فِيما دَعَوْتَهم إلَيْهِ يَخُوضُوا في أباطِيلِهِمْ ويَلْهُوا في دُنْياهم ﴿حَتّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ وهو يَوْمُ القِيامَةِ، وقِيلَ: العَذابُ في الدُّنْيا، قِيلَ: وهَذا مَنسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ، وقِيلَ: هو غَيْرُ مَنسُوخٍ، وإنَّما أُخْرِجَ مَخْرَجَ التَّهْدِيدِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ يُلاقُوا وقَرَأ مُجاهِدٌ، وابْنُ مُحَيْصِنٍ، وحُمَيْدٌ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ ( حَتّى يَلْقَوْا ) بِفَتْحِ الياءِ وإسْكانِ اللّامِ مِن غَيْرِ ألِفٍ، ورُوِيَتْ هَذِهِ القِراءَةُ عَنْ أبِي عَمْرٍو.
﴿وهو الَّذِي في السَّماءِ إلَهٌ وفي الأرْضِ إلَهٌ﴾ الجارُّ والمَجْرُورُ في المَوْضِعَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِإلَهٍ لِأنَّهُ بِمَعْنى مَعْبُودٍ، أوْ مُسْتَحِقٍّ لِلْعِبادَةِ، والمَعْنى: وهو الَّذِي مَعْبُودٌ في السَّماءِ ومَعْبُودٌ في الأرْضِ، أوْ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِبادَةِ في السَّماءِ والعِبادَةِ في الأرْضِ.
قالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: وإلَهٌ في المَوْضِعَيْنِ مَرْفُوعٌ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أيْ: وهو الَّذِي في السَّماءِ هو إلَهٌ وفي الأرْضِ هو إلَهٌ، وحَسُنَ حَذْفُهُ لِطُولِ الكَلامِ، قالَ: والمَعْنى عَلى الإخْبارِ بِإلاهِيَّتِهِ، لا عَلى الكَوْنِ فِيهِما.
قالَ قَتادَةُ: يُعْبَدُ في السَّماءِ والأرْضِ، وقِيلَ: في بِمَعْنى عَلى أيْ: هو القادِرُ عَلى السَّماءِ والأرْضِ كَما في قَوْلِهِ: ﴿ولَأُصَلِّبَنَّكم في جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه: ٧١] وقَرَأ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ، وعَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ، وابْنُ مَسْعُودٍ ( وهو الَّذِي في السَّماءِ اللَّهُ وفي الأرْضِ اللَّهُ ) عَلى تَضْمِينِ العَلَمِ مَعْنى المُشْتَقِّ، فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الجارُّ والمَجْرُورُ مِن هَذِهِ الحَيْثِيَّةِ ﴿وهُوَ الحَكِيمُ العَلِيمُ﴾ أيِ: البَلِيغُ الحِكْمَةِ الكَثِيرُ العِلْمِ.
﴿وتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ وما بَيْنَهُما﴾ ( تَبارَكَ ) تَفاعَلَ مِنَ البَرَكَةِ، وهي كَثْرَةُ الخَيْراتِ، والمُرادُ بِما بَيْنَهُما الهَواءُ وما فِيهِ مِنَ الحَيَواناتِ ﴿وعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ﴾ أيْ: عِلْمُ الوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ قِيامُها فِيهِ ﴿وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ فَيُجازِي كُلَّ أحَدٍ بِما يَسْتَحِقُّهُ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ، وفِيهِ وعِيدٌ شَدِيدٌ.
قَرَأ الجُمْهُورُ تُرْجَعُونَ بِالفَوْقِيَّةِ، وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِالتَّحْتِيَّةِ.
﴿ولا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفاعَةَ﴾ أيْ: لا يَمْلِكُ مَن يَدْعُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ مِنَ الأصْنامِ ونَحْوِها الشَّفاعَةَ عِنْدَ اللَّهِ كَما يَزْعُمُونَ أنَّهم يَشْفَعُونَ لَهم.
قَرَأ الجُمْهُورُ يَدْعُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ، وقَرَأ السُّلَمِيُّ، وابْنُ وثّابٍ بِالفَوْقِيَّةِ ﴿إلّا مَن شَهِدَ بِالحَقِّ﴾ أيِ: التَّوْحِيدِ وهم يَعْلَمُونَ أيْ: هم عَلى عِلْمٍ وبَصِيرَةٍ بِما شَهِدُوا بِهِ، والِاسْتِثْناءُ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا، والمَعْنى: إلّا مَن شَهِدَ بِالحَقِّ، وهُمُ المَسِيحُ، وعُزَيْرٌ، والمَلائِكَةُ، فَإنَّهم يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ لِمَن يَسْتَحِقُّها.
وقِيلَ: هو مُنْقَطِعٌ، والمَعْنى: لَكِنْ مَن شَهِدَ بِالحَقِّ يَشْفَعُ فِيهِ هَؤُلاءِ.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُسْتَثْنى مِنهُ مَحْذُوفًا أيْ: لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ في أحَدٍ إلّا فِيمَن شَهِدَ بِالحَقِّ.
قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وغَيْرُهُ: مَعْنى الآيَةِ: أنَّهُ لا يَمْلِكُ هَؤُلاءِ الشَّفاعَةَ إلّا لِمَن شَهِدَ بِالحَقِّ وآمَنَ عَلى عِلْمٍ وبَصِيرَةٍ.
وقالَ قَتادَةُ: لا يَشْفَعُونَ لِعابِدِيها، بَلْ يَشْفَعُونَ لِمَن شَهِدَ بِالوَحْدانِيَّةِ.
وقِيلَ: مَدارُ الِاتِّصالِ في هَذا الِاسْتِثْناءِ عَلى جَعْلِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ عامًّا لِكُلِّ ما يُعْبَدُ مِن دُونِ اللَّهِ، ومَدارُ الِانْقِطاعِ عَلى جَعْلِهِ خاصًّا بِالأصْنامِ.
﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَهم لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ اللّامُ هي المُوطِئَةُ لِلْقَسَمِ، والمَعْنى: لَئِنْ سَألْتَ هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ العابِدِينَ لِلْأصْنامِ مَن خَلَقَهم أقَرُّوا واعْتَرَفُوا بِأنَّ خالِقَهُمُ اللَّهُ ولا يَقْدِرُونَ عَلى الإنْكارِ، ولا يَسْتَطِيعُونَ الجُحُودَ لِظُهُورِ الأمْرِ وجَلائِهِ ﴿فَأنّى يُؤْفَكُونَ﴾ أيْ: فَكَيْفَ يَنْقَلِبُونَ عَنْ عِبادَةِ اللَّهِ إلى عِبادَةِ غَيْرِهِ ويَنْصَرِفُونَ عَنْها مَعَ هَذا الِاعْتِرافِ، فَإنَّ المُعْتَرِفَ بِأنَّ اللَّهَ خالِقُهُ إذا عَمَدَ إلى صَنَمٍ، أوْ حَيَوانٍ، وعَبَدَهُ مَعَ اللَّهِ، أوْ عَبَدَهُ وحْدَهُ، فَقَدْ عَبَدَ بَعْضَ مَخْلُوقاتِ اللَّهِ، وفي هَذا مِنَ الجَهْلِ ما لا يُقادَرُ قَدْرُهُ.
يُقالُ: أفَكَهُ يَأْفِكُهُ إفْكًا: إذا قَلَبَهُ وصَرَفَهُ عَنِ الشَّيْءِ.
وقِيلَ: المَعْنى: (p-١٣٤٨)ولَئِنْ سَألْتَ المَسِيحَ، وعُزَيْرًا، والمَلائِكَةَ مَن خَلَقَهم لَيَقُولُنَّ اللَّهُ، فَأنّى يُؤْفَكُ هَؤُلاءِ الكُفّارُ في اتِّخاذِهِمْ لَها آلِهَةً. وقِيلَ: المَعْنى: ولَئِنْ سَألْتَ العابِدِينَ والمَعْبُودِينَ جَمِيعًا.
قَرَأ الجُمْهُورُ ( وقِيلَهُ ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلى مَحَلِّ السّاعَةِ، كَأنَّهُ قِيلَ: إنَّهُ يَعْلَمُ السّاعَةَ ويَعْلَمُ قِيلَهُ، أوْ عَطْفًا عَلى ( سِرَّهم ونَجْواهم ) أيْ: يَعْلَمُ سِرَّهم ونَجْواهم، ويَعْلَمُ قِيلَهُ، أوْ عَطْفًا عَلى مَفْعُولِ ( يَكْتُبُونَ ) المَحْذُوفِ أيْ: يَكْتُبُونَ ذَلِكَ ويَكْتُبُونَ قِيلَهُ، أوْ عَطْفًا عَلى مَفْعُولِ ( يَعْلَمُونَ ) المَحْذُوفِ أيْ: يَعْلَمُونَ ذَلِكَ ويَعْلَمُونَ قِيلَهُ، أوْ هو مَصْدَرٌ، أيْ: قالَ قِيلَهُ، أوْ مَنصُوبٌ بِإضْمارِ فِعْلٍ، أيِ: اللَّهُ يَعْلَمُ قِيلَ رَسُولِهِ، أوْ هو مَعْطُوفٌ عَلى مَحَلِّ ( بِالحَقِّ ) أيْ: شَهِدَ بِالحَقِّ وبِقِيلِهِ، أوْ مَنصُوبٌ عَلى حَذْفِ حَرْفِ القَسَمِ.
ومِنَ المُجَوِّزِينَ لِلْوَجْهِ الأوَّلِ المُبَرِّدُ، وابْنُ الأنْبارِيِّ، ومِنَ المُجَوِّزِينَ لِلثّانِي الفَرّاءُ، والأخْفَشُ، ومِنَ المُجَوِّزِينَ لِلنَّصْبِ عَلى المَصْدَرِيَّةِ الفَرّاءُ، والأخْفَشُ أيْضًا.
وقَرَأ حَمْزَةُ، وعاصِمٌ، وقِيلِهِ بِالجَرِّ عَطْفًا عَلى لَفْظِ السّاعَةِ أيْ: وعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وعِلْمُ قِيلِهِ، والقَوْلُ والقالُ والقِيلُ: بِمَعْنًى واحِدٍ، أوْ عَلى أنَّ الواوَ لِلْقَسَمِ، وقَرَأ قَتادَةُ، ومُجاهِدٌ، والحَسَنُ، وأبُو قِلابَةَ، والأعْرَجُ، وابْنُ هُرْمُزٍ، ومُسْلِمُ بْنُ جُنْدُبٍ: ( وقِيلُهُ ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلى ( عِلْمُ السّاعَةِ )، أيْ: وعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ وعِنْدَهُ قِيلُهُ، أوْ عَلى الِابْتِداءِ، وخَبَرُهُ الجُمْلَةُ المَذْكُورَةُ بَعْدَهُ، أوْ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ " وقِيلُهُ كَيْتَ وكَيْتَ "، أوْ " وقِيلُهُ مَسْمُوعٌ " .
قالَ أبُو عُبَيْدٍ: يُقالُ: قُلْتُ قَوْلًا وقِيلًا وقالًا، والضَّمِيرُ في ( وقِيلِهِ ) راجِعٌ إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - .
قالَ قَتادَةُ: هَذا نَبِيُّكم يَشْكُو قَوْمَهُ إلى رَبِّهِ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ عائِدٌ إلى المَسِيحِ، وعَلى الوَجْهَيْنِ فالمَعْنى: أنَّهُ قالَ مُنادِيًا لِرَبِّهِ ﴿يارَبِّ إنَّ هَؤُلاءِ﴾ الَّذِينَ أرْسَلْتَنِي إلَيْهِمْ ﴿قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ﴾ .
ثُمَّ لَمّا نادى رَبَّهُ بِهَذا أجابَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿فاصْفَحْ عَنْهُمْ﴾ أيْ: أعْرِضْ عَنْ دَعْوَتِهِمْ ﴿وقُلْ سَلامٌ﴾ أيْ: أمْرِي تَسْلِيمٌ مِنكم ومُتارَكَةٌ لَكم.
قالَ عَطاءٌ: يُرِيدُ مُداراةً حَتّى يَنْزِلَ حُكْمِي، ومَعْناهُ المُتارَكَةُ كَقَوْلِهِ: ﴿سَلامٌ عَلَيْكم لا نَبْتَغِي الجاهِلِينَ﴾ [القصص: ٥٥] .
وقالَ قَتادَةُ: أمَرَهُ بِالصَّفْحِ عَنْهم ثُمَّ أمَرَهُ بِقِتالِهِمْ فَصارَ الصَّفْحُ مَنسُوخًا بِالسَّيْفِ، وقِيلَ: هي مُحْكَمَةٌ لَمْ تُنْسَخْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ فِيهِ تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ، ووَعِيدٌ عَظِيمٌ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - .
قَرَأ الجُمْهُورُ يَعْلَمُونَ بِالتَّحْتِيَّةِ، وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ عامِرٍ بِالفَوْقِيَّةِ. قالَ الفَرّاءُ: إنَّ سَلامٌ مَرْفُوعٌ بِإضْمارِ عَلَيْكم.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ والنُّشُورِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ونادَوْا يامالِكُ﴾ قالَ: يَمْكُثُ عَنْهم ألْفَ سَنَةٍ ثُمَّ يُجِيبُهم ﴿إنَّكم ماكِثُونَ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قالَ: بَيْنا ثَلاثَةٌ بَيْنَ الكَعْبَةِ وأسْتارِها، قُرَشِيّانِ وثَقَفِيٌّ، أوْ ثَقَفِيّانِ وقُرَشِيٌّ، فَقالَ واحِدٌ مِنهم: تَرَوْنَ أنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ كَلامَنا ؟ فَقالَ واحِدٌ مِنهم: إذا جَهَرْتُمْ سَمِعَ، وإذا أسْرَرْتُمْ لَمْ يَسْمَعْ، فَنَزَلَتْ ﴿أمْ يَحْسَبُونَ أنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهم ونَجْواهم﴾ الآيَةَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنْ كانَ لِلرَّحْمَنِ ولَدٌ﴾ يَقُولُ: إنْ يَكُنْ لِلرَّحْمَنِ ولَدٌ ﴿فَأنا أوَّلُ العابِدِينَ﴾ قالَ: الشّاهِدِينَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ في قَوْلِهِ: ﴿إنْ كانَ لِلرَّحْمَنِ ولَدٌ﴾ قالَ: هَذا مَعْرُوفٌ مِن كَلامِ العَرَبِ إنْ كانَ هَذا الأمْرُ قَطُّ أيْ: ما كانَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ نَحْوَهُ.
{"ayahs_start":74,"ayahs":["إِنَّ ٱلۡمُجۡرِمِینَ فِی عَذَابِ جَهَنَّمَ خَـٰلِدُونَ","لَا یُفَتَّرُ عَنۡهُمۡ وَهُمۡ فِیهِ مُبۡلِسُونَ","وَمَا ظَلَمۡنَـٰهُمۡ وَلَـٰكِن كَانُوا۟ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِینَ","وَنَادَوۡا۟ یَـٰمَـٰلِكُ لِیَقۡضِ عَلَیۡنَا رَبُّكَۖ قَالَ إِنَّكُم مَّـٰكِثُونَ","لَقَدۡ جِئۡنَـٰكُم بِٱلۡحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَكُمۡ لِلۡحَقِّ كَـٰرِهُونَ","أَمۡ أَبۡرَمُوۤا۟ أَمۡرࣰا فَإِنَّا مُبۡرِمُونَ","أَمۡ یَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَیۡهِمۡ یَكۡتُبُونَ","قُلۡ إِن كَانَ لِلرَّحۡمَـٰنِ وَلَدࣱ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡعَـٰبِدِینَ","سُبۡحَـٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا یَصِفُونَ","فَذَرۡهُمۡ یَخُوضُوا۟ وَیَلۡعَبُوا۟ حَتَّىٰ یُلَـٰقُوا۟ یَوۡمَهُمُ ٱلَّذِی یُوعَدُونَ","وَهُوَ ٱلَّذِی فِی ٱلسَّمَاۤءِ إِلَـٰهࣱ وَفِی ٱلۡأَرۡضِ إِلَـٰهࣱۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡعَلِیمُ","وَتَبَارَكَ ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَیۡنَهُمَا وَعِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ","وَلَا یَمۡلِكُ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَـٰعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ","وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَیَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ","وَقِیلِهِۦ یَـٰرَبِّ إِنَّ هَـٰۤؤُلَاۤءِ قَوۡمࣱ لَّا یُؤۡمِنُونَ","فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَـٰمࣱۚ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ"],"ayah":"فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَـٰمࣱۚ فَسَوۡفَ یَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق