الباحث القرآني
لَمّا ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - عادًا وثَمُودَ إجْمالًا ذَكَرَ ما يَخْتَصُّ بِكُلِّ طائِفَةٍ مِنَ الطّائِفَتَيْنِ تَفْصِيلًا، فَقالَ: ﴿فَأمّا عادٌ فاسْتَكْبَرُوا في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾ أيْ: تَكَبَّرُوا عَنِ الإيمانِ بِاللَّهِ وتَصْدِيقِ رُسُلِهِ واسْتَعْلَوْا عَلى مَن في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ أيْ: بِغَيْرِ اسْتِحْقاقِ ذَلِكَ الَّذِي وقَعَ مِنهم مِنَ التَّكَبُّرِ والتَّجَبُّرِ.
ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - بَعْضَ ما صَدَرَ عَنْهم مِنَ الأقْوالِ الدّالَّةِ عَلى الِاسْتِكْبارِ فَقالَ: ﴿وقالُوا مَن أشَدُّ مِنّا قُوَّةً﴾ وكانُوا ذَوِي أجْسامٍ طِوالٍ وقُوَّةٍ شَدِيدَةٍ، فاغْتَرُّوا بِأجْسامِهِمْ حِينَ تَهَدَّدَهم هُودٌ بِالعَذابِ، ومُرادُهم بِهَذا القَوْلِ أنَّهم قادِرُونَ عَلى دَفْعِ ما يَنْزِلُ بِهِمْ مِنَ العَذابِ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا أنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهم هو أشَدُّ مِنهم قُوَّةً﴾ والِاسْتِفْهامُ لِلِاسْتِنْكارِ عَلَيْهِمْ والتَّوْبِيخِ لَهم أيْ: أوَلَمْ يَعْلَمُوا بِأنَّ اللَّهَ أشَدُّ مِنهم قُدْرَةً، فَهو قادِرٌ عَلى أنْ يُنْزِلَ بِهِمْ مِن أنْواعِ عِقابِهِ ما شاءَ بِقَوْلِهِ كُنْ فَيَكُونُ.
﴿وكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ﴾ أيْ: بِمُعْجِزاتِ الرُّسُلِ الَّتِي خَصَّهُمُ اللَّهُ بِها وجَعَلَها دَلِيلًا عَلى نُبُوَّتِهِمْ، أوْ بِآياتِنا الَّتِي أنْزَلْناها عَلى رُسُلِنا، أوْ بِآياتِنا التَّكْوِينِيَّةِ الَّتِي نَصَبْناها لَهم وجَعَلْناها حُجَّةً عَلَيْهِمْ، أوْ بِجَمِيعِ ذَلِكَ.
ثُمَّ ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - ما أنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِن عَذابِهِ، فَقالَ: ﴿فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ الصَّرْصَرُ: الرِّيحُ الشَّدِيدَةُ الصَّوْتِ مِنَ الصِّرَّةِ، وهي الصَّيْحَةُ.
قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: مَعْنى صَرْصَرٍ: شَدِيدَةٌ عاصِفَةٌ. وقالَ الفَرّاءُ: هي البارِدَةُ تُحْرِقُ كَما تُحْرِقُ النّارُ.
وقالَ عِكْرِمَةُ وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وقَتادَةُ: هي البارِدَةُ، وأنْشَدَ قُطْرُبٌ قَوْلَ الحُطَيْئَةِ:
؎المُطْعِمُونَ إذا هَبَّتْ بِصَرْصَرَةٍ والحامِلُونَ إذا اسْتَوْدَوْا عَنِ النّاسِ
أيْ: إذا سُئِلُوا الدِّيَةَ.
وقالَ مُجاهِدٌ: هي الشَّدِيدَةُ السَّمُومِ، والأوْلى تَفْسِيرُها بِالبَرْدِ؛ لِأنَّ الصِّرَّ في كَلامِ العَرَبِ البَرْدُ، ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎لَها غُدَرٌ كَقُرُونِ النِّسا ∗∗∗ ءِ رُكِّبْنَ في يَوْمِ رِيحٍ وصَرِّ
قالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: صَرْصَرٌ: يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِنَ الصِّرِّ وهو البَرْدُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن صَرْصَرَ البابَ ومِنَ الصَّرَّةِ وهي الصَّيْحَةُ، ومِنهُ ﴿فَأقْبَلَتِ امْرَأتُهُ في صَرَّةٍ﴾ [الذاريات: ٢٩] .
ثُمَّ بَيَّنَ - سُبْحانَهُ - وقْتَ نُزُولِ ذَلِكَ العَذابِ عَلَيْهِمْ فَقالَ: ﴿فِي أيّامٍ نَحِساتٍ﴾ أيْ: مَشْؤُوماتٍ ذَواتِ نُحُوسٍ.
قالَ مُجاهِدٌ، وقَتادَةُ: كُنَّ آخِرَ شَوّالٍ مِن يَوْمِ الأرْبِعاءِ إلى يَوْمِ الأرْبِعاءِ، وذَلِكَ سَبْعُ لَيالٍ وثَمانِيَةُ أيّامٍ حُسُومًا، وقِيلَ: نَحِساتٌ بارِداتٌ، وقِيلَ: مُتَتابِعاتٌ، وقِيلَ: شِدادٌ، وقِيلَ: ذَواتُ غُبارٍ.
قَرَأ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو " نَحْساتٍ " بِإسْكانِ الحاءِ عَلى أنَّهُ جَمْعُ نَحْسٍ وقَرَأ الباقُونَ بِكَسْرِها، واخْتارَ أبُو حاتِمٍ القِراءَةَ الأُولى لِقَوْلِهِ: ﴿فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ﴾ [القمر: ١٩] واخْتارَ أبُو عُبَيْدٍ القِراءَةَ الثّانِيَةَ ﴿لِنُذِيقَهم عَذابَ الخِزْيِ في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ أيْ: لِكَيْ نُذِيقَهم، والخِزْيُ هو الذُّلُّ (p-١٣١٣)والهَوانُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الِاسْتِكْبارِ ﴿ولَعَذابُ الآخِرَةِ أخْزى﴾ أيْ: أشَدُّ إهانَةً وذُلًّا، ووَصْفُ العَذابِ بِذَلِكَ، وهو في الحَقِيقَةِ وصْفٌ لِلْمُعَذَّبِينَ، لِأنَّهُمُ الَّذِينَ صارُوا مُتَّصِفِينَ بِالخِزْيِ ﴿وهم لا يُنْصَرُونَ﴾ أيْ: لا يُمْنَعُونَ مِنَ العَذابِ النّازِلِ بِهِمْ ولا يَدْفَعُهُ عَنْهم دافِعٌ.
ثُمَّ ذَكَرَ حالَ الطّائِفَةِ الأُخْرى فَقالَ: ﴿وأمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ﴾ أيْ: بَيَّنّا لَهم سَبِيلَ النَّجاةِ ودَلَلْناهم عَلى طَرِيقِ الحَقِّ بِإرْسالِ الرُّسُلِ إلَيْهِمْ، ونَصْبِ الدَّلالاتِ لَهم مِن مَخْلُوقاتِ اللَّهِ، فَإنَّها تُوجِبُ عَلى كُلِّ عاقِلٍ أنْ يُؤْمِنَ بِاللَّهِ ويَصَدِّقَ رُسُلَهُ.
قالَ الفَرّاءُ: مَعْنى الآيَةِ: دَلَلْناهم عَلى مَذْهَبِ الخَيْرِ بِإرْسالِ الرُّسُلِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿وأمّا ثَمُودُ﴾ بِالرَّفْعِ ومَنعِ الصَّرْفِ. وقَرَأ الأعْمَشُ، وابْنُ وثّابٍ بِالرَّفْعِ والصَّرْفِ وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، وابْنُ أبِي إسْحاقَ وعاصِمٌ في رِوايَةٍ بِالنَّصْبِ والصَّرْفِ وقَرَأ الحَسَنُ وابْنُ هُرْمُزَ وعاصِمٌ في رِوايَةٍ بِالنَّصْبِ والمَنعِ، فَأمّا الرَّفْعُ فَعَلى الِابْتِداءِ والجُمْلَةُ بَعْدَهُ الخَبَرُ، وأمّا النَّصْبُ فَعَلى الِاشْتِغالِ وأمّا الصَّرْفُ فَعَلى تَفْسِيرِ الِاسْمِ بِالأبِ أوِ الحَيِّ، وأمّا المَنعُ فَعَلى تَأْوِيلِهِ بِالقَبِيلَةِ ﴿فاسْتَحَبُّوا العَمى عَلى الهُدى﴾ أيِ: اخْتارُوا الكُفْرَ عَلى الإيمانِ وقالَ أبُو العالِيَةِ اخْتارُوا العَمى عَلى البَيانِ وقالَ السُّدِّيُّ: اخْتارُوا المَعْصِيَةَ عَلى الطّاعَةِ ﴿فَأخَذَتْهم صاعِقَةُ العَذابِ الهُونِ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ أنَّ الصّاعِقَةَ اسْمٌ لِلشَّيْءِ المُهْلِكِ لِأيِّ شَيْءٍ كانَ، والهُونُ الهَوانُ والإهانَةُ فَكَأنَّهُ قالَ: أصابَهم مَهْلِكُ العَذابِ ذِي الهَوانِ أوِ الإهانَةِ، ويُقالُ: عَذابٌ هُونٌ أيْ: مُهِينٌ كَقَوْلِهِ: ﴿ما لَبِثُوا في العَذابِ المُهِينِ﴾ [سبأ: ١٤] والباءُ في ﴿بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ لِلسَّبَبِيَّةِ أيْ: بِسَبَبِ الَّذِي كانُوا يَكْسِبُونَهُ، أوْ بِسَبَبِ كَسْبِهِمْ.
﴿ونَجَّيْنا الَّذِينَ آمَنُوا وكانُوا يَتَّقُونَ﴾ وهم صالِحٌ ومَن مَعَهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَإنَّ اللَّهَ نَجّاهم مِن ذَلِكَ العَذابِ.
ثُمَّ لَمّا ذَكَرَ - سُبْحانَهُ - ما عاقَبَهم بِهِ في الدُّنْيا ذَكَرَ ما عاقَبَهم بِهِ في الآخِرَةِ فَقالَ: ﴿ويَوْمَ يُحْشَرُ أعْداءُ اللَّهِ إلى النّارِ﴾ وفي وصْفِهِمْ بِكَوْنِهِمْ أعْداءَ اللَّهِ مُبالَغَةٌ في ذَمِّهِمْ، والعامِلُ في الظَّرْفِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ ما بَعْدَهُ تَقْدِيرُهُ: يُساقُ النّاسُ يَوْمَ يُحْشَرُ، أوْ بِـ اذْكُرْ أيِ: اذْكُرْ يَوْمَ يَحْشُرُهم.
قَرَأ الجُمْهُورُ يُحْشَرُ بِتَحْتِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ ورَفْعِ أعْداءُ عَلى النِّيابَةِ، وقَرَأ نافِعٌ " نَحْشُرُ " بِالنُّونِ ونَصْبِ أعْداءٍ، ومَعْنى حَشْرِهِمْ إلى النّارِ سَوْقُهم إلَيْها أوْ إلى مَوْقِفِ الحِسابِ؛ لِأنَّهُ يَتَبَيَّنُ عِنْدَهُ فَرِيقُ الجَنَّةِ وفَرِيقُ النّارِ ﴿فَهم يُوزَعُونَ﴾ أيْ: يُحْبَسُ أوَّلُهم عَلى آخِرِهِمْ لِيَتَلاحَقُوا ويَجْتَمِعُوا، كَذا قالَ قَتادَةُ والسُّدِّيُّ وغَيْرُهُما، وقَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُ مَعْناهُ في سُورَةِ النَّمْلِ مُسْتَوْفًى.
﴿حَتّى إذا ما جاءُوها﴾ أيْ: جاءُوا النّارَ الَّتِي حُشِرُوا إلَيْها أوْ مَوْقِفَ الحِسابِ وما مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ ﴿شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهم وأبْصارُهم وجُلُودُهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ في الدُّنْيا مِنَ المَعاصِي.
قالَ مُقاتِلٌ: تَنْطِقُ جَوارِحُهم بِما كَتَمَتِ الألْسُنُ مِن عَمَلِهِمْ بِالشِّرْكِ، والمُرادُ بِالجُلُودِ هي جُلُودُهُمُ المَعْرُوفَةُ في قَوْلِ أكْثَرِ المُفَسِّرِينَ.
وقالَ السُّدِّيُّ وعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أبِي جَعْفَرٍ والفَرّاءُ: أرادَ بِالجُلُودِ الفُرُوجَ، والأوَّلُ أوْلى.
﴿وقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا﴾ وجْهُ تَخْصِيصِ الثَّلاثَةِ بِالشَّهادَةِ دُونَ غَيْرِها ما ذَكَرَهُ الرّازِيُّ أنَّ الحَواسَّ الخَمْسَ: وهي السَّمْعُ والبَصَرُ والشَّمُّ والذَّوْقُ واللَّمْسُ، وآلَةُ اللَّمْسِ هي الجِلْدُ، فاللَّهُ - سُبْحانَهُ - ذَكَرَ هُنا ثَلاثَةَ أنْواعٍ مِنَ الحَواسِّ، وهي السَّمْعُ والبَصَرُ واللَّمْسُ، وأهْمَلَ ذِكْرَ نَوْعَيْنِ وهُما الذَّوْقُ والشَّمُّ، فالذَّوْقُ داخِلٌ في اللَّمْسِ مِن بَعْضِ الوُجُوهِ؛ لِأنَّ إدْراكَ الذَّوْقِ إنَّما يَتَأتّى بِأنْ تَصِيرَ جِلْدَةُ اللِّسانِ مُماسَّةً لِجُرْمِ الطَّعامِ، وكَذَلِكَ الشَّمُّ لا يَتَأتّى حَتّى تَصِيرَ جِلْدَةُ الحَنَكِ مُماسَّةً لِجُرْمِ المَشْمُومِ، فَكانا داخِلَيْنِ في جِنْسِ اللَّمْسِ، وإذا عَرَفْتَ مِن كَلامِهِ هَذا وجْهَ تَخْصِيصِ الثَّلاثَةِ بِالذِّكْرِ عَرَفْتَ مِنهُ وجْهَ تَخْصِيصِ الجُلُودِ بِالسُّؤالِ لِأنَّها قَدِ اشْتَمَلَتْ عَلى ثَلاثِ حَواسٍّ، فَكانَ تَأْتِي المَعْصِيَةُ مِن جِهَتِها أكْثَرَ، وأمّا عَلى قَوْلِ مَن فَسَّرَ الجُلُودَ بِالفُرُوجِ فَوَجْهُ تَخْصِيصِها بِالسُّؤالِ ظاهِرٌ؛ لِأنَّ ما يَشْهَدُ بِهِ الفَرْجُ مِنَ الزِّنا أعْظَمُ قُبْحًا وأجْلَبُ لِلْخِزْيِ والعُقُوبَةِ، وقَدْ قَدَّمْنا وجْهَ إفْرادِ السَّمْعِ وجَمْعِ الأبْصارِ ﴿قالُوا أنْطَقَنا اللَّهُ الَّذِي أنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ أيْ: أنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ مِمّا يَنْطِقُ مِن مَخْلُوقاتِهِ فَشَهِدْنا عَلَيْكم بِما عَمِلْتُمْ مِنَ القَبائِحِ، وقِيلَ: المَعْنى: ما نَطَقْنا بِاخْتِيارِنا، بَلْ أنْطَقَنا اللَّهُ والأوَّلُ أوْلى.
﴿وهُوَ خَلَقَكم أوَّلَ مَرَّةٍ وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ قِيلَ: هَذا مِن تَمامِ كَلامِ الجُلُودِ، وقِيلَ: مُسْتَأْنَفٌ مِن كَلامِ اللَّهِ، والمَعْنى: أنَّ مَن قَدَرَ عَلى خَلْقِكم وإنْشائِكُمُ ابْتِداءً قَدَرَ عَلى إعادَتِكم ورَجْعِكم إلَيْهِ.
﴿وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أنْ يَشْهَدَ عَلَيْكم سَمْعُكم ولا أبْصارُكم ولا جُلُودُكم﴾ هَذا تَقْرِيعٌ لَهم وتَوْبِيخٌ مِن جِهَةِ اللَّهِ - سُبْحانَهُ - أوْ مِن كَلامِ الجُلُودِ أيْ: ما كُنْتُمْ تَسْتَخْفُونَ عِنْدَ الأعْمالِ القَبِيحَةِ حَذَرًا مِن شَهادَةِ الجَوارِحِ عَلَيْكم، ولَمّا كانَ الإنْسانُ لا يَقْدِرُ عَلى أنْ يَسْتَخْفِيَ مِن جَوارِحِهِ عِنْدَ مُباشَرَةِ المَعْصِيَةِ كانَ مَعْنى الِاسْتِخْفاءِ هُنا تَرْكَ المَعْصِيَةِ.
وقِيلَ: مَعْنى الِاسْتِتارِ الِاتِّقاءُ أيْ: ما كُنْتُمْ تَتَّقُونَ في الدُّنْيا أنْ تَشْهَدَ عَلَيْكم جَوارِحُكم في الآخِرَةِ فَتَتْرُكُوا المَعاصِيَ خَوْفًا مِن هَذِهِ الشَّهادَةِ و" أنْ " في قَوْلِهِ: أنْ تَشْهَدَ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى العِلَّةِ أيْ: لِأجْلِ أنْ تَشْهَدَ، أوْ مَخافَةَ أنْ تَشْهَدَ.
وقِيلَ: مَنصُوبَةٌ بِنَزْعِ الخافِضِ، وهو الباءُ، أوْ عَنْ، أوْ مِن.
وقِيلَ: إنَّ الِاسْتِتارَ مُضَمَّنٌ مَعْنى الظَّنِّ أيْ: وما كُنْتُمْ تَظُنُّونَ أنْ تَشْهَدَ، وهو بَعِيدٌ ﴿ولَكِنْ ظَنَنْتُمْ أنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمّا تَعْمَلُونَ﴾ مِنَ المَعاصِي فاجْتَرَأْتُمْ عَلى فِعْلِها، قِيلَ: كانَ الكُفّارُ يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ ما في أنْفُسِنا ولَكِنْ يَعْلَمُ ما نُظْهِرُ دُونَ ما نُسِرُّ.
قالَ قَتادَةُ: الظَّنُّ هُنا بِمَعْنى العِلْمِ، وقِيلَ: أُرِيدَ بِالظَّنِّ مَعْنًى مَجازِيٌّ يَعُمُّ مَعْناهُ الحَقِيقِيُّ وما هو فَوْقَهُ مِنَ العِلْمِ.
والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ذَلِكم إلى ما ذَكَرَ مِن ظَنِّهِمْ، وهو مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ ﴿ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ﴾ وقَوْلُهُ: أرْداكم خَبَرٌ آخَرُ لِلْمُبْتَدَأِ: وقِيلَ: إنَّ ﴿أرْداكُمْ﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ المُقَدَّرَةِ.
وقِيلَ: إنَّ ظَنَّكم بَدَلٌ مِن ذَلِكم، و﴿الَّذِي ظَنَنْتُمْ﴾ خَبَرُهُ، و﴿أرْداكُمْ﴾ خَبَرٌ آخَرُ، أوْ حالٌ وقِيلَ: إنَّ ظَنَّكم خَبَرٌ أوَّلُ، والمَوْصُولُ وصِلَتُهُ خَبَرٌ ثانٍ، وأرْداكم خَبَرٌ ثالِثٌ، والمَعْنى: أنَّ ظَنَّكم بِأنَّ اللَّهَ لا (p-١٣١٤)يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمّا تَعْمَلُونَ أهْلَكَكم وطَرَحَكم في النّارِ ﴿فَأصْبَحْتُمْ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ أيِ: الكامِلِينَ في الخُسْرانِ.
ثُمَّ أخْبَرَ عَلى حالِهِمْ فَقالَ: ﴿فَإنْ يَصْبِرُوا فالنّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ أيْ فَإنْ يَصْبِرُوا عَلى النّارِ فالنّارُ مَثْواهم أيْ: مَحَلُّ اسْتِقْرارِهِمْ وإقامَتِهِمْ لا خُرُوجَ لَهم مِنها.
وقِيلَ: المَعْنى: فَإنْ يَصْبِرُوا في الدُّنْيا عَلى أعْمالِ أهْلِ النّارِ، فالنّارُ مَثْوًى لَهم ﴿وإنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هم مِنَ المُعْتَبِينَ﴾ يُقالُ: أعْتَبَنِي فُلانٌ أيْ: أرْضانِي بَعْدَ إسْخاطِهِ إيّايَ واسْتَعْتَبْتُهُ طَلَبْتُ مِنهُ أنْ يَرْضى، والمَعْنى: أنَّهم إنْ يَسْألُوا أنْ يُرْجَعَ بِهِمْ إلى ما يُحِبُّونَ لَمْ يُرْجَعْ لِأنَّهم لا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ.
قالَ الخَلِيلُ: تَقُولُ اسْتَعْتَبْتُهُ فَأعْتَبَنِي أيِ: اسْتَرْضَيْتُهُ فَأرْضانِي، ومَعْنى الآيَةِ: إنْ يَطْلُبُوا الرِّضى لَمْ يَقَعِ الرِّضى عَنْهم، بَلْ لا بُدَّ لَهم مِنَ النّارِ.
قَرَأ الجُمْهُورُ ﴿يَسْتَعْتِبُوا﴾ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وكَسْرِ التّاءِ الفَوْقِيَّةِ الثّانِيَةِ مَبْنِيًّا لِلْفاعِلِ. وقَرَءُوا ﴿مِنَ المُعْتَبِينَ﴾ بِفَتْحِ الفَوْقِيَّةِ اسْمَ مَفْعُولٍ وقَرَأ الحَسَنُ وعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وأبُو العالِيَةِ " يُسْتَعْتَبُوا " مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ فَما هم مِنَ " المُعْتِبِينَ " اسْمَ فاعِلٍ أيْ: إنَّهم إنْ أقالَهُمُ اللَّهُ ورَدَّهم إلى الدُّنْيا لَمْ يَعْمَلُوا بِطاعَتِهِ كَما في قَوْلِهِ - سُبْحانَهُ -: ﴿ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٨] .
وقَدْ أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَهم يُوزَعُونَ﴾ قالَ: يُحْبَسُ أوَّلُهم عَلى آخِرِهِمْ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْهُ في الآيَةِ قالَ: يُدْفَعُونَ.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما «عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: كُنْتُ مُسْتَتِرًا بِأسْتارِ الكَعْبَةِ، فَجاءَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ: قُرَشِيٌّ وثَقَفِيّانِ، أوْ ثَقَفِيٌّ وقُرَشِيّانِ، كَثِيرٌ لَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَتَكَلَّمُوا بِكَلامٍ لَمْ أسْمَعْهُ، فَقالَ أحَدُهم: أتَرَوْنَ أنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ كَلامَنا هَذا ؟ فَقالَ الآخَرانِ: إنّا إذا رَفَعْنا أصْواتَنا سَمِعَهُ وإنّا إذا لَمْ نَرْفَعْهُ لَمْ يَسْمَعْهُ، فَقالَ الآخَرانِ: إنْ سَمِعَ مِنهُ شَيْئًا سَمِعَهُ كُلَّهُ، قالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أنْ يَشْهَدَ عَلَيْكم سَمْعُكم﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿مِنَ الخاسِرِينَ﴾» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأحْمَدُ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، والبَيْهَقِيُّ في البَعْثِ عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «تُحْشَرُونَ هاهُنا، وأوْمَأ بِيَدِهِ إلى الشّامِ، مُشاةً ورُكْبانًا وعَلى وُجُوهِكم، وتُعْرَضُونَ عَلى اللَّهِ وعَلى أفْواهِكُمُ الفِدامُ، وأوَّلُ ما يُعْرِبُ عَنْ أحَدِكم فَخِذُهُ وكَتِفُهُ، وتَلا رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ﴿وما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أنْ يَشْهَدَ عَلَيْكم سَمْعُكم ولا أبْصارُكم ولا جُلُودُكم﴾» .
وأخْرَجَ أحْمَدُ وأبُو داوُدَ الطَّيالِسِيُّ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ومُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ وابْنُ ماجَهْ وابْنُ حِبّانَ، وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «لا يَمُوتَنَّ أحَدُكم إلّا وهو يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ - تَعالى - فَإنَّ قَوْمًا قَدْ أرْداهم سُوءُ ظَنِّهِمْ بِاللَّهِ، فَقالَ اللَّهُ: ﴿وذَلِكم ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكم أرْداكم فَأصْبَحْتُمْ مِنَ الخاسِرِينَ﴾» .
{"ayahs_start":15,"ayahs":["فَأَمَّا عَادࣱ فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِی خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةࣰۖ وَكَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَجۡحَدُونَ","فَأَرۡسَلۡنَا عَلَیۡهِمۡ رِیحࣰا صَرۡصَرࣰا فِیۤ أَیَّامࣲ نَّحِسَاتࣲ لِّنُذِیقَهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡیِ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ أَخۡزَىٰۖ وَهُمۡ لَا یُنصَرُونَ","وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَیۡنَـٰهُمۡ فَٱسۡتَحَبُّوا۟ ٱلۡعَمَىٰ عَلَى ٱلۡهُدَىٰ فَأَخَذَتۡهُمۡ صَـٰعِقَةُ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡهُونِ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ","وَنَجَّیۡنَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَكَانُوا۟ یَتَّقُونَ","وَیَوۡمَ یُحۡشَرُ أَعۡدَاۤءُ ٱللَّهِ إِلَى ٱلنَّارِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ","حَتَّىٰۤ إِذَا مَا جَاۤءُوهَا شَهِدَ عَلَیۡهِمۡ سَمۡعُهُمۡ وَأَبۡصَـٰرُهُمۡ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","وَقَالُوا۟ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَیۡنَاۖ قَالُوۤا۟ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَنطَقَ كُلَّ شَیۡءࣲۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَإِلَیۡهِ تُرۡجَعُونَ","وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن یَشۡهَدَ عَلَیۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَاۤ أَبۡصَـٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا یَعۡلَمُ كَثِیرࣰا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ","وَذَ ٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِی ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ","فَإِن یَصۡبِرُوا۟ فَٱلنَّارُ مَثۡوࣰى لَّهُمۡۖ وَإِن یَسۡتَعۡتِبُوا۟ فَمَا هُم مِّنَ ٱلۡمُعۡتَبِینَ"],"ayah":"فَأَمَّا عَادࣱ فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِی خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةࣰۖ وَكَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَجۡحَدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق