الباحث القرآني
.
قَوْلُهُ: ﴿ياأيُّها النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ﴾ هَذا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: ﴿ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطانًا﴾، قالَ الأخْفَشُ: لَيْسَ ثَمَّ مَثَلٌ، وإنَّما المَعْنى ضَرَبُوا لِي مَثَلًا فاسْتَمِعُوا قَوْلَهم، يَعْنِي أنَّ الكُفّارَ جَعَلُوا لِلَّهِ مَثَلًا بِعِبادَتِهِمْ غَيْرَهُ، فَكَأنَّهُ قالَ: جَعَلُوا لِي شَبَهًا في عِبادَتِي فاسْتَمِعُوا خَبَرَ هَذا الشَّبَهِ.
وقالَ القُتَيْبِيُّ: إنَّ المَعْنى يا أيُّها النّاسُ مَثَلُ مَن عَبَدَ آلِهَةً لَمْ تَسْتَطِعْ أنْ تَخْلُقَ ذُبابًا، وإنْ سَلَبَها شَيْئًا لَمْ تَسْتَطِعْ أنْ تَسْتَنْقِذَهُ مِنهُ.
قالَ النَّحّاسُ: المَعْنى ضَرَبَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - لِما يَعْبُدُونَهُ مِن دُونِهِ مَثَلًا. قالَ: وهَذا مِن أحْسَنِ ما قِيلَ فِيهِ أيْ: بَيَّنَ اللَّهُ لَكم شَبَهًا ولِمَعْبُودِكم.
وأصْلُ المَثَلِ جُمْلَةٌ مِنَ الكَلامِ مُتَلَقّاةٌ بِالرِّضا والقَبُولِ مُسَيَّرَةٌ في النّاسِ مُسْتَغْرَبَةٌ عِنْدَهم، وجَعَلُوا مَضْرِبَها مَثَلًا لِمَوْرِدِها، ثُمَّ قَدْ يَسْتَعِيرُونَها لِلْقِصَّةِ أوِ الحالَةِ أوِ الصِّفَةِ المُسْتَغْرَبَةِ لِكَوْنِها مُماثِلَةً لَها في الغَرابَةِ كَهَذِهِ القِصَّةِ المَذْكُورَةِ في هَذِهِ الآيَةِ.
والمُرادُ بِما يَدْعُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ: الأصْنامُ الَّتِي كانَتْ حَوْلَ الكَعْبَةِ وغَيْرِها. وقِيلَ: المُرادُ بِهِمُ السّادَةُ الَّذِينَ صَرَفُوهم عَنْ طاعَةِ اللَّهِ؛ لِكَوْنِهِمْ أهْلَ الحَلِّ والعَقْدِ فِيهِمْ. وقِيلَ: الشَّياطِينُ الَّذِينَ حَمَلُوهم عَلى مَعْصِيَةِ اللَّهِ، والأوَّلُ أوْفَقُ بِالمَقامِ وأظْهَرُ في التَّمْثِيلِ، والذُّبابُ اسْمٌ لِلْواحِدِ يُطْلَقُ عَلى الذَّكَرِ والأُنْثى، وجَمْعُ القِلَّةِ (p-٩٧٥)أذِبَّةٌ، والكَثْرَةِ ذِبّانٌ مِثْلُ غُرابٍ وأغْرِبَةٍ وغِرْبانٍ.
وقالَ الجَوْهَرِيُّ: الذُّبابُ مَعْرُوفٌ الواحِدُ ذُبابَةٌ، والمَعْنى: لَنْ يَقْدِرُوا عَلى خَلْقِهِ مَعَ كَوْنِهِ صَغِيرَ الجِسْمِ حَقِيرَ الذّاتِ، وجُمْلَةُ ﴿ولَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةٍ أُخْرى شَرْطِيَّةٍ مَحْذُوفَةٍ أيْ: لَوْ لَمْ يَجْتَمِعُوا لَهُ لَنْ يَخْلُقُوهُ ولَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ، والجَوابُ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ لَنْ يَخْلُقُوهُ وهُما في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ أيْ: لَنْ يَخْلُقُوهُ عَلى كُلِّ حالٍ.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ كَمالَ عَجْزِهِمْ وضَعْفَ قُدْرَتِهِمْ فَقالَ: ﴿وإنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنهُ﴾ أيْ إذا أخَذَ مِنهُمُ الذُّبابُ شَيْئًا مِنَ الأشْياءِ لا يَقْدِرُونَ عَلى تَخْلِيصِهِ مِنهُ لِكَمالِ عَجْزِهِمْ وفَرْطِ ضَعْفِهِمْ، والِاسْتِنْقاذُ والإنْقاذُ التَّخَلُّصُ، وإذا عَجَزُوا عَنْ خَلْقِ هَذا الحَيَوانِ الضَّعِيفِ، وعَنِ اسْتِنْقاذِ ما أخَذَهُ عَلَيْهِمْ فَهم عَنْ غَيْرِهِ مِمّا هو أكْبَرُ مِنهُ جُرْمًا وأشَدُّ مِنهُ قُوَّةً أعْجَزُ وأضْعَفُ، ثُمَّ عَجِبَ سُبْحانَهُ مِن ضَعْفِ الأصْنامِ والذُّبابِ، فَقالَ: ﴿ضَعُفَ الطّالِبُ والمَطْلُوبُ﴾ فالصَّنَمُ كالطّالِبِ مِن حَيْثُ إنَّهُ يَطْلُبُ خَلْقَ الذُّبابِ أوْ يَطْلُبُ اسْتِنْقاذَ ما سَلَبَهُ مِنهُ، والمَطْلُوبُ الذُّبابُ. وقِيلَ: الطّالِبُ عابِدُ الصَّنَمِ، والمَطْلُوبُ الصَّنَمُ. وقِيلَ: الطّالِبُ الذُّبابُ والمَطْلُوبُ الآلِهَةُ.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً عاجِزَةً إلى هَذِهِ الغايَةِ في العَجْزِ ما عَرَفُوا اللَّهَ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ فَقالَ: ﴿ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ أيْ ما عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ ولا عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، حَيْثُ جَعَلُوا هَذِهِ الأصْنامَ شُرَكاءَ لَهُ مَعَ كَوْنِ حالِها هَذا الحالَ، وقَدْ تَقَدَّمَ في الأنْعامِ ﴿إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ﴾ عَلى خَلْقِ كُلِّ شَيْءٍ عَزِيزٌ غالِبٌ لا يُغالِبُهُ أحَدٌ، بِخِلافِ آلِهَةِ المُشْرِكِينَ، فَإنَّها جَمادٌ لا تَعْقِلُ ولا تَنْفَعُ ولا تَضُرُّ ولا تَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ.
ثُمَّ أرادَ سُبْحانَهُ أنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ ما يَعْتَقِدُونَهُ في النُّبُوّاتِ والإلَهِيّاتِ فَقالَ: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلًا﴾ كَجِبْرِيلَ وإسْرافِيلَ ومِيكائِيلَ وعِزْرائِيلَ ويَصْطَفِي أيْضًا رُسُلًا مِنَ النّاسِ وهُمُ الأنْبِياءُ، فَيُرْسِلُ المَلَكَ إلى النَّبِيِّ، والنَّبِيَّ إلى النّاسِ، أوْ يُرْسِلُ المَلَكَ لَقَبْضِ أرْواحِ مَخْلُوقاتِهِ، أوْ لِتَحْصِيلِ ما يَنْفَعُهم، أوْ لِإنْزالِ العَذابِ عَلَيْهِمْ ﴿إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ﴾ لِأقْوالِ عِبادِهِ بَصِيرٌ بِمَن يَخْتارُهُ مِن خَلْقِهِ.
﴿يَعْلَمُ ما بَيْنَ أيْدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ﴾ أيْ ما قَدَّمُوا مِنَ الأعْمالِ وما يَتْرُكُونَهُ مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ونَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وآثارَهُمْ﴾ [يس: ١٢] ﴿وإلى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ لا إلى غَيْرِهِ.
ولَمّا تَضَمَّنَ ما ذَكَرَهُ مِن أنَّ الأُمُورَ تُرْجَعُ إلَيْهِ الزَّجْرَ لِعِبادِهِ عَنْ مَعاصِيهِ، والحَضَّ لَهم عَلى طاعاتِهِ صَرَّحَ بِالمَقْصُودِ فَقالَ: ﴿ياأيُّها الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا واسْجُدُوا﴾ أيْ صَلُّوا الصَّلاةَ الَّتِي شَرَعَها اللَّهُ لَكم، وخَصَّ الصَّلاةَ لِكَوْنِها أشْرَفَ العِباداتِ.
ثُمَّ عَمَّمَ فَقالَ: ﴿واعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾ أيِ افْعَلُوا جَمِيعَ أنْواعِ العِبادَةِ الَّتِي أمَرَكُمُ اللَّهُ بِها ﴿وافْعَلُوا الخَيْرَ﴾ أيْ ما هو خَيْرٌ، وهو أعَمُّ مِنَ الطّاعَةِ الواجِبَةِ والمَندُوبَةِ، وقِيلَ: المُرادُ بِالخَيْرِ هُنا المَندُوباتُ.
ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾ أيْ إذا فَعَلْتُمْ هَذِهِ كُلَّها رَجَوْتُمُ الفَلاحَ.
وهَذِهِ الآيَةُ مِن مَواطِنِ سُجُودِ التِّلاوَةِ عِنْدَ الشّافِعِيِّ ومَن وافَقَهُ، لا عِنْدَ أبِي حَنِيفَةَ ومَن قالَ بِقَوْلِهِ، وقَدْ تَقَدَّمَ أنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ، وهَذا دَلِيلٌ عَلى ثُبُوتِ السُّجُودِ عِنْدَ تِلاوَةِ هَذِهِ الآيَةِ.
ثُمَّ أمَرَهم بِما هو سَنامُ الدِّينِ وأعْظَمُ أعْمالِهِ، فَقالَ: ﴿وجاهِدُوا في اللَّهِ﴾ أيْ في ذاتِهِ ومِن أجْلِهِ، والمُرادُ بِهِ الجِهادُ الأكْبَرُ، وهو الغَزْوُ لِلْكُفّارِ ومُدافَعَتُهم إذا غَزَوْا بِلادَ المُسْلِمِينَ.
وقِيلَ: المُرادُ بِالجِهادِ هُنا امْتِثالُ ما أمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ في الآيَةِ المُتَقَدِّمَةِ، أوِ امْتِثالُ جَمِيعِ ما أمَرَ بِهِ ونَهى عَنْهُ عَلى العُمُومِ، ومَعْنى ﴿حَقَّ جِهادِهِ﴾ المُبالَغَةُ في الأمْرِ بِهَذا الجِهادِ؛ لِأنَّهُ أضافَ الحَقَّ إلى الجِهادِ، والأصْلُ إضافَةُ الجِهادِ إلى الحَقِّ أيْ: جِهادًا خالِصًا لِلَّهِ، فَعَكَسَ ذَلِكَ لِقَصْدِ المُبالَغَةِ، وأضافَ الجِهادَ إلى الضَّمِيرِ اتِّساعًا، أوْ لِاخْتِصاصِهِ بِهِ سُبْحانَهُ مِن حَيْثُ كَوْنِهِ مَفْعُولًا لَهُ ومِن أجْلِهِ.
وقِيلَ: المُرادُ بِحَقِّ جِهادِهِ هو أنْ لا تَخافُوا في اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، وقِيلَ: المُرادُ بِهِ اسْتِفْراغُ ما في وُسْعِهِمْ في إحْياءِ دِينِ اللَّهِ.
وقالَ مُقاتِلٌ والكَلْبِيُّ: إنَّ الآيَةَ مَنسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦] كَما أنَّ قَوْلَهُ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ﴾ [آل عمران: ١٠٢] مَنسُوخٌ بِذَلِكَ، ورُدَّ ذَلِكَ بِأنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالقُدْرَةِ، فَلا حاجَةَ إلى المَصِيرِ إلى النَّسْخِ.
ثُمَّ عَظَّمَ سُبْحانَهُ شَأْنَ المُكَلَّفِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿هُوَ اجْتَباكُمْ﴾ أيِ اخْتارَكم لِدِينِهِ، وفِيهِ تَشْرِيفٌ لَهم عَظِيمٌ.
ثُمَّ لَمّا كانَ في التَّكْلِيفِ مَشَقَّةٌ عَلى النَّفْسِ في بَعْضِ الحالاتِ قالَ: ﴿وما جَعَلَ عَلَيْكم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ﴾ أيْ مِن ضِيقٍ وشِدَّةٍ.
وقَدِ اخْتَلَفَ العُلَماءُ في هَذا الحَرَجِ الَّذِي رَفَعَهُ اللَّهُ فَقِيلَ: هو ما أحَلَّهُ اللَّهُ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ ومِلْكِ اليَمِينِ.
وقِيلَ: المُرادُ قَصْرُ الصَّلاةِ، والإفْطارُ لِلْمُسافِرِ، والصَّلاةُ بِالإيماءِ عَلى مَن لا يَقْدِرُ عَلى غَيْرِهِ، وإسْقاطُ الجِهادِ عَنِ الأعْرَجِ والأعْمى والمَرِيضِ، واغْتِفارُ الخَطَأِ في تَقْدِيمِ الصِّيامِ وتَأْخِيرِهِ لِاخْتِلافِ الأهِلَّةِ، وكَذا في الفِطْرِ والأضْحى.
وقِيلَ: المَعْنى: أنَّهُ سُبْحانَهُ ما جَعَلَ عَلَيْهِمْ حَرَجًا بِتَكْلِيفِ ما يَشُقُّ عَلَيْهِمْ، ولَكِنْ كَلَّفَهم مِمّا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ، ورَفَعَ عَنْهُمُ التَّكالِيفَ الَّتِي فِيها حَرَجٌ، فَلَمْ يَتَعَبَّدْهم بِها كَما تَعَبَّدَ بِها بَنِي إسْرائِيلَ.
وقِيلَ: المُرادُ بِذَلِكَ أنَّهُ جَعَلَ لَهم مِنَ الذَّنْبِ مَخْرَجًا بِفَتْحِ بابِ التَّوْبَةِ والِاسْتِغْفارِ والتَّكْفِيرِ فِيما شَرَعَ فِيهِ الكَفّارَةَ والأرْشَ، أوِ القِصاصَ في الجِناياتِ، ورَدَّ المالِ أوْ مِثْلِهِ أوْ قِيمَتِهِ في الغَصْبِ ونَحْوِهِ.
والظّاهِرُ أنَّ الآيَةَ أعَمُّ مِن هَذا كُلِّهِ، فَقَدْ حَطَّ سُبْحانَهُ ما فِيهِ مَشَقَّةٌ مِنَ التَّكالِيفِ عَلى عِبادِهِ: إمّا بِإسْقاطِها مِنَ الأصْلِ وعَدَمِ التَّكْلِيفِ بِها كَما كَلَّفَ بِها غَيْرَهم، أوْ بِالتَّخْفِيفِ وتَجْوِيزِ العُدُولِ إلى بَدَلٍ لا مَشَقَّةَ فِيهِ، أوْ بِمَشْرُوعِيَّةِ التَّخَلُّصِ عَنِ الذَّنْبِ بِالوَجْهِ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ، وما أنْفَعَ هَذِهِ الآيَةَ وأجَلَّ مَوْقِعَها وأعْظَمَ فائِدَتَها، ومِثْلُها قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ ما اسْتَطَعْتُمْ﴾ [ التَّغابُنِ: (p-٩٧٦)١٦ ] وقَوْلُهُ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وقَوْلُهُ: ﴿رَبَّنا ولا تَحْمِلْ عَلَيْنا إصْرًا كَما حَمَلْتَهُ عَلى الَّذِينَ مِن قَبْلِنا رَبَّنا ولا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٦] .
وفِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أنَّهُ سُبْحانَهُ، قالَ: قَدْ فَعَلْتُ كَما سَبَقَ بَيانُهُ في تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ، والأحادِيثُ في هَذا كَثِيرَةٌ، وانْتِصابُ مِلَّةَ في ﴿مِلَّةَ أبِيكم إبْراهِيمَ﴾ عَلى المَصْدَرِيَّةِ بِفِعْلٍ دَلَّ عَلَيْهِ ما قَبْلَهُ أيْ: وسَّعَ عَلَيْكم دِينَكم تَوْسِعَةَ مِلَّةِ أبِيكم إبْراهِيمَ. وقالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى اتَّبِعُوا مِلَّةَ أبِيكم إبْراهِيمَ. وقالَ الفَرّاءُ: انْتَصَبَ عَلى تَقْدِيرِ حَذْفِ الكافِ أيْ: كَمِلَّةِ. وقِيلَ: التَّقْدِيرُ: وافْعَلُوا الخَيْرَ كَفِعْلِ أبِيكم إبْراهِيمَ، فَأقامَ المِلَّةَ مَقامَ الفِعْلِ، وقِيلَ: عَلى الإغْراءِ، وقِيلَ: عَلى الِاخْتِصاصِ، وإنَّما جَعَلَهُ سُبْحانَهُ أباهم لِأنَّهُ أبُو العَرَبِ قاطِبَةً؛ ولِأنَّ لَهُ عِنْدَ غَيْرِ العَرَبِ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مِن ذُرِّيَّتِهِ حُرْمَةً عَظِيمَةً كَحُرْمَةِ الأبِ عَلى الِابْنِ لِكَوْنِهِ أبًا لِنَبِيِّهِمْ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - ﴿هُوَ سَمّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ﴾ أيْ في الكُتُبِ المُتَقَدِّمَةِ وفي هَذا أيِ القُرْآنِ، والضَّمِيرُ لِلَّهِ سُبْحانَهُ، وقِيلَ: راجِعٌ إلى إبْراهِيمَ.
والمَعْنى هُو أيْ: إبْراهِيمُ سَمّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلِ النَّبِيِّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -، وفي هَذا أيْ: في حُكْمِهِ أنَّ مَنِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا فَهو مُسْلِمٌ. قالَ النَّحّاسُ: وهَذا القَوْلُ مُخالِفٌ لِقَوْلِ عُلَماءِ الأُمَّةِ.
ثُمَّ عَلَّلَ سُبْحانَهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ﴾ أيْ بِتَبْلِيغِهِ إلَيْكم ﴿وتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ﴾ أنَّ رُسُلَهم قَدْ بَلَّغَتْهم، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ مَعْنى هَذِهِ الآيَةِ في البَقَرَةِ.
ثُمَّ أمَرَهم بِما هو أعْظَمُ الأرْكانِ الإسْلامِيَّةِ فَقالَ: ﴿فَأقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ﴾ وتَخْصِيصُ الخَصْلَتَيْنِ بِالذِّكْرِ لِمَزِيدِ شَرَفِهِما ﴿واعْتَصِمُوا بِاللَّهِ﴾ أيِ اجْعَلُوهُ عِصْمَةً لَكم مِمّا تَحْذَرُونَ، والتَجِئُوا إلَيْهِ في جَمِيعِ أُمُورِكم، ولا تَطْلُبُوا ذَلِكَ إلّا مِنهُ ﴿هُوَ مَوْلاكُمْ﴾ أيْ ناصِرُكم ومُتَوَلِّي أُمُورِكم دَقِيقِها وجَلِيلِها ﴿فَنِعْمَ المَوْلى ونِعْمَ النَّصِيرُ﴾ أيْ لا مُماثِلَ لَهُ في الوِلايَةِ لِأُمُورِكم والنُّصْرَةِ عَلى أعْدائِكم، وقِيلَ: المُرادُ بِقَوْلِهِ اعْتَصِمُوا بِاللَّهِ: تَمَسَّكُوا بِدِينِ اللَّهِ، وقِيلَ: ثِقُوا بِهِ تَعالى.
وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ياأيُّها النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ﴾ قالَ: نَزَلَتْ في صَنَمٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْهُ ﴿ضَعُفَ الطّالِبُ والمَطْلُوبُ﴾ قالَ: الطّالِبُ آلِهَتُهم، والمَطْلُوبُ الذُّبابُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنهُ﴾ قالَ: لا تَسْتَنْقِذُ الأصْنامُ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنَ الذُّبابِ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْهُ أيْضًا عَنْ أنَسٍ وصَحَّحَهُ أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إنَّ اللَّهَ اصْطَفى مُوسى بِالكَلامِ، وإبْراهِيمَ بِالخُلَّةِ» .
وأخْرَجَ أيْضًا عَنْ أنَسٍ وصَحَّحَهُ أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «مُوسى بْنُ عِمْرانَ صَفِيُّ اللَّهِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قالَ: قالَ لِي عُمَرُ: ألَسْنا كُنّا نَقْرَأُ فِيما نَقْرَأُ: وجاهِدُوا في اللَّهِ جِهادَهُ في آخِرِ الزَّمانِ كَما جاهَدْتُمْ في أوَّلِهِ ؟ قُلْتُ بَلى: فَمَتى هَذا يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ ؟ قالَ: إذا كانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ الأُمَراءَ، وبَنُو المُغِيرَةِ الوُزَراءَ.
وأخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قالَ: قالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَذَكَرَهُ.
وأخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ وابْنُ حِبّانَ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والعَسْكَرِيُّ في الأمْثالِ عَنْ فَضالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «المُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَهُ في طاعَةِ اللَّهِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عائِشَةَ أنَّها سَألَتِ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - عَنْ هَذِهِ الآيَةِ ﴿وما جَعَلَ عَلَيْكم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ﴾ قالَ: الضِّيقُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قالَ: قالَ أبُو هُرَيْرَةَ لِابْنِ عَبّاسٍ: أما عَلَيْنا في الدِّينِ مِن حَرَجٍ في أنْ نَسْرِقَ أوْ نَزْنِيَ ؟ قالَ بَلى، قالَ: فَما جَعَلَ عَلَيْكم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ ؟ قالَ: الإصْرُ الَّذِي كانَ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ وُضِعَ عَنْكم.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ ابْنِ شِهابٍ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ كانَ يَقُولُ: ﴿وما جَعَلَ عَلَيْكم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ﴾ تَوْسِعَةُ الإسْلامِ، ما جَعَلَ اللَّهُ مِنَ التَّوْبَةِ والكَفّاراتِ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ عُثْمانَ بْنِ يَسارٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿وما جَعَلَ عَلَيْكم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ﴾ قالَ: هَذا في هِلالِ رَمَضانَ إذا شَكَّ فِيهِ النّاسُ، وفي الحَجِّ إذا شَكُّوا في الأضْحى، وفي الفِطْرِ وأشْباهِهِ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ سُئِلَ عَنِ الحَرَجِ فَقالَ: ادْعُ لِي رَجُلًا مِن هُذَيْلٍ، فَجاءَهُ فَقالَ: ما الحَرَجُ فِيكم ؟ قالَ: الحَرِجَةُ مِنَ الشَّجَرِ الَّتِي لَيْسَ فِيها مَخْرَجٌ، فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَخْرَجٌ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ مِن طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي يَزِيدَ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ سُئِلَ عَنِ الحَرَجِ فَقالَ: هاهُنا أحَدٌ مِن هُذَيْلٍ، قالَ رَجُلٌ أنا، فَقالَ: ما تَعُدُّونَ الحَرِجَةَ فِيكم ؟ قالَ: الشَّيْءُ الضَّيِّقُ، قالَ: هو ذاكَ.
وأخْرَجَ البَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قالَ: قَرَأ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ هَذِهِ الآيَةَ ﴿وما جَعَلَ عَلَيْكم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ﴾ ثُمَّ قالَ لِي: ادْعُ لِي رَجُلًا مِن بَنِي مُدْلِجٍ، قالَ عُمَرُ: ما الحَرَجُ فِيكم ؟ قالَ: الضِّيقُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿مِلَّةَ أبِيكُمْ﴾ . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿سَمّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ﴾ قالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: سَمّاكم. ورُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ التّابِعِينَ.
وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ وأحْمَدُ والبُخارِيُّ في تارِيخِهِ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ، والنَّسائِيُّ وأبُو يَعْلى وابْنُ خُزَيْمَةَ وابْنُ حِبّانَ والبَغَوِيُّ والبارُودِيُّ وابْنُ قانِعٍ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ عَنِ الحارِثِ الأشْعَرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «مَن دَعا بِدَعْوَةِ الجاهِلِيَّةِ فَإنَّهُ مِن جُثِيِّ جَهَنَّمَ، قالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللَّهِ وإنْ صامَ وصَلّى ؟ قالَ: نَعَمْ، فادْعُوا بِدَعْوَةِ اللَّهِ الَّتِي سَمّاكم بِها المُسْلِمِينَ والمُؤْمِنِينَ عِبادَ اللَّهِ» .
{"ayahs_start":73,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلࣱ فَٱسۡتَمِعُوا۟ لَهُۥۤۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن یَخۡلُقُوا۟ ذُبَابࣰا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُوا۟ لَهُۥۖ وَإِن یَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَیۡـࣰٔا لَّا یَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ","مَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ","ٱللَّهُ یَصۡطَفِی مِنَ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ رُسُلࣰا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرࣱ","یَعۡلَمُ مَا بَیۡنَ أَیۡدِیهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱرۡكَعُوا۟ وَٱسۡجُدُوا۟ وَٱعۡبُدُوا۟ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُوا۟ ٱلۡخَیۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ۩","وَجَـٰهِدُوا۟ فِی ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَیۡكُمۡ فِی ٱلدِّینِ مِنۡ حَرَجࣲۚ مِّلَّةَ أَبِیكُمۡ إِبۡرَ ٰهِیمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ مِن قَبۡلُ وَفِی هَـٰذَا لِیَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِیدًا عَلَیۡكُمۡ وَتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِیرُ"],"ayah":"ٱللَّهُ یَصۡطَفِی مِنَ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ رُسُلࣰا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعُۢ بَصِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق