الباحث القرآني

ولَمّا نُصِبَ الدَّلِيلُ عَلى أنَّ ما دَعَوْهُ لا يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنهُ إلَهًا بَعْدَ أنْ أخْبَرَ أنَّهُ لَمْ يُنْزِلْ إلَيْهِمْ حُجَّةً بِعِبادَتِهِمْ لَهُمْ، وخَتَمَ بِما لَهُ سُبْحانَهُ مِن وصْفَيِ القُوَّةِ والعِزَّةِ بَعْدَ أنْ أثْبَتَ أنَّ لَهُ المُلْكَ كُلَّهُ، تَلا ذَلِكَ بِدَلِيلِهِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ سَعَةُ المُلْكِ وقُوَّةُ السُّلْطانِ مِن إنْزالِ الحُجَجِ عَلى ألْسِنَةِ الرُّسُلِ بِأوامِرِهِ ونَواهِيهِ المُوجِبِ لِإخْلاصِ العِبادَةِ لَهُ المُقْتَضِي لِتَعْذِيبِ تارِكِها، فَقالَ: ﴿اللَّهُ﴾ أيِ المَلِكِ الأعْلى ﴿يَصْطَفِي﴾ أيْ يَخْتارُ ويُخْلِصُ ﴿مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلا﴾ إلى ما يَنْبَغِي الإرْسالُ فِيهِ مِنَ العَذابِ والرَّحْمَةِ، فَلا يَقْدِرُ أحَدٌ عَلى صَدِّهِمْ عَمّا أرْسَلُوا لَهُ، ولا شَكَّ أنَّ قُوَّةَ الرَّسُولِ مِن قُوَّةِ المُرْسَلِ ﴿ومِنَ النّاسِ﴾ أيْضًا رُسُلًا يَأْتُونَ عَنِ اللَّهِ بِما يَشْرَعُونَهُ لِعِبادِهِ، لِتَقُومَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ حُجَّةُ النَّقْلِ، مَضْمُومَةً إلى سُلْطانِ العَقْلِ، فَمَن عاداهم خَسِرَ وإنْ طالَ اسْتِدْراجُهُ. ولَمّا كانَ ذَلِكَ لا يَكُونُ إلّا بِالعِلْمِ، قالَ: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الجَلالُ والجَمالُ (p-٩٨)﴿سَمِيعٌ﴾ أيْ لِما يُمْكِنُ أنْ يَسْمَعَ مِنَ الرَّسُولِ وغَيْرِهِ ﴿بَصِيرٌ﴾ أيْ مُبْصِرٌ عالِمٌ بِكُلِّ ما يُمْكِنُ عَقْلًا أنْ يُبْصَرَ ويُعْلَمَ، بِخِلافِ أصْنامِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب