الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلا﴾ الآيَةَ. أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ في الآيَةِ قالَ: الَّذِي يُصْطَفى مِنَ النّاسِ هُمُ الأنْبِياءُ. وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنَّ اللَّهَ اصْطَفى مُوسى بِالكَلامِ وإبْراهِيمَ بِالخُلَّةِ» . وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ أنَسٍ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «مُوسى بْنُ عُمْرانَ صَفِيُّ اللَّهِ» . وأخْرَجَ البَغْوِيُّ في ”مُعْجَمِهِ“ والباوَرْدِيُّ، وابْنُ قانِعٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ عَساكِرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أبِي أوْفى قالَ: «دَخَلْتُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في مَسْجِدِ المَدِينَةِ فَجَعَلَ يَقُولُ: أيْنَ فُلانٌ؟ أيْنَ فُلانٌ؟ فَلَمْ يَزَلْ يَتَفَقَّدُهم ويَبْعَثُ (p-٥٤٢)إلَيْهِمْ حَتّى اجْتَمَعُوا عِنْدَهُ فَقالَ: إنِّي مُحَدِّثُكم بِحَدِيثٍ فاحْفَظُوهُ وعُوهُ وحَدِّثُوا بِهِ مَن بَعْدَكُمْ؛ إنَّ اللَّهَ اصْطَفى مِن خَلْقِهِ خَلْقًا. ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلا ومِنَ النّاسِ﴾ خَلْقًا يُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، وإنِّي مُصْطَفِي مِنكم مَن أُحِبُّ أنْ أصْطَفِيَهُ ومُؤاخِي بَيْنَكم كَما آخى اللَّهُ بَيْنَ المَلائِكَةِ؛ قُمْ يا أبا بَكْرٍ، فَقامَ فَجَثا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقالَ: إنَّ لَكَ عِنْدِي يَدًا إنَّ اللَّهَ يَجْزِيكَ بِها؛ فَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لاتَّخَذْتُكَ خَلِيلًا، فَأنْتَ مِنِّي بِمَنزِلَةِ قَمِيصِي مِن جَسَدِي. وحَرَّكَ قَمِيصَهُ بِيَدِهِ. ثُمَّ قالَ: ادْنُ يا عُمَرُ. فَدَنا فَقالَ: كَنْتُ شَدِيدَ الشَّغْبِ عَلَيْنا أبا حَفْصٍ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ أنْ يُعِزَّ الدِّينَ بِكَ أوْ بِأبِي جَهْلٍ فَفَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِكَ، وكُنْتَ أحَبَّهُما إلَيَّ، فانْتَ مَعِي في الجَنَّةِ ثالِثَ ثَلاثَةٍ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ. ثُمَّ تَنَحّى وآخى بَيْنَهُ وبَيْنَ أبِي بَكْرٍ، ثُمَّ دَعا عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ فَقالَ: ادْنُ يا عُثْمانُ، ادْنُ يا عُثْمانُ. فَلَمْ يَزَلْ يَدْنُو مِنهُ حَتّى ألْصَقَ رُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ نَظَرَ إلَيْهِ، ثُمَّ نَظَرَ إلى السَّماءِ فَقالَ: سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ. ثَلاثَ مَرّاتٍ، ثُمَّ نَظَرَ إلى عُثْمانَ فَإذا أزْرارُهُ مَحْلُولَةٌ فَزَرَّها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ، ثُمَّ قالَ: اجْمَعْ عِطْفَيْ رِدائِكَ عَلى نَحْرِكَ، فَإنَّ لَكَ شَأْنًا في أهْلِ السَّماءِ، أنْتَ مِمَّنْ يَرِدُ عَلَيَّ (p-٥٤٣)الحَوْضَ وأوْداجُهُ تَشْخَبُ دَمًا فَأقُولُ مَن فَعَلَ هَذا بِكَ؟ فَتَقُولُ: فُلانٌ وفُلانٌ، وذَلِكَ كَلامُ جِبْرِيلَ، وذَلِكَ إذْ هَتَفَ مِنَ السَّماءِ: ألا إنَّ عُثْمانَ أمِيرٌ عَلى كُلِّ خاذِلٍ. ثُمَّ دَعا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقالَ: ادْنُ يا أمِينَ اللَّهِ، والأمِينُ في السَّماءِ، يُسَلِّطُكَ اللَّهُ عَلى مالِكٍ بِالحَقِّ، أما إنَّ لَكَ عِنْدِي دَعْوَةً وقَدْ أخَّرْتُها. قالَ: خِرْ لِي يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: حَمَّلْتَنِي يا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أمانَةً، أكْثَرَ اللَّهُ مالَكَ. وجَعَلَ يُحَرِّكُ يَدَهُ ثُمَّ تَنَحّى وآخى بَيْنَهُ وبَيْنَ عُثْمانَ، ثُمَّ دَخَلَ طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ فَقالَ: ادْنُوا مِنِّي. فَدَنَوا مِنهُ فَقالَ: أنْتُما حَوارِيَّ كَحَوارِيِّ عِيسى ابْنِ مَرْيَمَ. ثُمَّ آخى بَيْنَهُما، ثُمَّ دَعا سَعْدَ بْنَ أبِي وقّاصٍ وعَمّارَ بْنَ ياسِرٍ فَقالَ: يا عَمّارُ تَقْتُلُكَ الفِئَةُ الباغِيَةُ. ثُمَّ آخى بَيْنَهُما، ثُمَّ دَعا أبا الدَّرْداءِ وسَلْمانَ الفارِسِيَّ فَقالَ: يا سَلْمانُ، أنْتَ مِنّا أهْلَ البَيْتِ، وقَدْ آتاكَ اللَّهُ العِلْمَ الأوَّلَ والعِلْمَ الآخِرَ، والكِتابَ الأوَّلَ والكِتابَ الآخِرَ. ثُمَّ قالَ: ألا أُرْشِدُكَ يا أبا الدَّرْداءِ؟ قالَ: بَلى يا رَسُولَ اللَّهِ، قالَ: إنْ تَنْقُدْهم يَنْقُدُوكَ وإنْ تَتْرُكْهم لا يَتْرُكُوكَ، وإنْ تَهْرُبْ مِنهم يُدْرِكُوكَ، فَأقْرِضْهم (p-٥٤٤)عِرْضَكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ، فَآخى بَيْنَهُما، ثُمَّ نَظَرَ في وُجُوهِ أصْحابِهِ فَقالَ: أبْشِرُوا وقَرُّوا عَيْنًا؛ فَأنْتُمْ أوَّلُ مَن يَرِدُ عَلَيَّ الحَوْضَ، وأنْتُمْ في أعْلى الغُرَفِ. ثُمَّ نَظَرَ إلى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَهْدِي مِنَ الضَّلالَةِ. فَقالَ عَلِيٌّ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ رُوحِي وانْقَطَعَ ظَهْرِي حِينَ رَأيْتُكَ فَعَلْتَ ما فَعَلْتَ بِأصْحابِكَ غَيْرِي، فَإنْ كانَ مِن سَخَطِ عَلَيَّ فَلَكَ العُتْبى والكَرامَةُ. فَقالَ: والَّذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ، ما أخَّرْتُكَ إلّا لِنَفْسِي، فَأنْتَ عِنْدِي بِمَنزِلَةِ هارُونَ مِن مُوسى ووارِثِي. فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، ما أرِثُ مِنكَ؟ قالَ: ما أوْرَثَتِ الأنْبِياءُ. قالَ: وما أوْرَثَتِ الأنْبِياءُ قَبْلَكَ؟ قالَ: كِتابَ اللَّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ، وأنْتَ مَعِي في قَصْرِي في الجَنَّةِ مَعَ فاطِمَةَ ابْنَتِي، وأنْتَ أخِي ورَفِيقِي. ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إخْوانًا عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ﴾ [الحجر: ٤٧]، الأخِلّاءُ في اللَّهِ يَنْظُرُ بَعْضُهم إلى بَعْضٍ» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب