الباحث القرآني
(وما لكم أن لا) والأصل في أن لا (تنفقوا)؟ فموضعه نصب أو جر، وليست أن زائدة كما يرى أبو الحسن زيادتها، بل هي مصدرية، والمعنى في عدم الإنفاق (في سبيل الله) أي: في طاعته وما يكون قربة إليه فسبيله كل خير يوصلهم إليه فهو استعارة تصريحية، والإستفهام للتوبيخ والتقريع، وفي هذه الآية دليل على أن الإنفاق المأمور به في قوله: (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) هو الإنفاق في سبيل الله، كما بينا ذلك، والمعنى أي عذر لكم؟ وأي شيء يمنعكم من ذلك؟.
(ولله ميراث السموات والأرض) أي والحال أن كل ما فيهما راجع إلى الله سبحانه بانقراض العالم كرجوع الميراث إلى الوارث، ولا يبقى لهم منه شيء، وهذا أدخل في التوبيخ، وأكمل في التقريع، فإن كون تلك الأمور تخرج عن أهلها وتصير لله سبحانه، ولا يبقى أحد من مالكيها أقوى في إيجاب الإنفاق عليهم من كونها لله في الحقيقة، وهم خلفاؤه في التصرف فيها.
ثم بين سبحانه فضل من سبق بالإنفاق في سبيل الله، وتفاوت درجات المنفقين فقال:
(لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) أي فتح مكة، وبه قال أكثر المفسرين، قال قتادة: كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر، ونفقتان إحداهما أفضل من الأخرى، كان القتال والنفقة من قبل فتح مكة أفضل من النفقة والقتال بعد ذلك، وكذا قال مقاتل وغيره، وقال الشعبي والزهري: فتح الحديبية، وهو الراجح قاله الكرخي، وذكر القتال للإستطراد، وفي الكلام حذف، والتقدير: لا يستوي من أنفق من قبل الفتح وقاتل، ومن أنفق من بعد الفتح وقاتل، فحذف لظهوره، ولدلالة ما سيأتي عليه، فإن الاستواء يكون بين الشيئين ولا يتم إلا بذكر اثنين، وإنما كانت النفقة والقتال قبل الفتح أفضل من النفقة والقتال بعده، لأن حاجة الناس كانت إذ ذاك أكثر، وهم أقل وأضعف.
وتقديم الإنفاق على القتال للإيذان بفضيلة الإنفاق لما كانوا عليه من الحاجة، فإنهم كانوا يجودون بأنفسهم ولا يجدون ما يجودون به من الأموال، وعطف القتال على الإنفاق للإيذان بأنه أهم مواد الإنفاق، مع كونه في نفسه من أفضل العبادات.
والجود بالنفس أقصى غاية الجود.
(أولئك) إشارة إلى (من) باعتبار معناه، وهو مبتدأ وخبره قوله: (أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا) أي أرفع منزلة، وأعلى رتبة، من الذين أنفقوا أموالهم في سبيل الله من بعد الفتح، وقاتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عطاء: درجات الجنة تتفاضل، فالذين أنفقوا من قبل الفتح في أفضلها، قال الزجاج: لأن المتقدمين نالهم من المشقة أكثر مما نال من بعدهم، وكانت بصائرهم أيضاًً أنفذ.
" وقد أرشد صلى الله عليه وسلم إلى هذه الفضيلة بقوله فيما صح عنه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " وهذا خطاب منه صلى الله عليه وسلم للمتأخرين صحبة، كما يرشد إلى ذلك السبب الذي ورد فيه هذا الحديث.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم.
" عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حتى إذا كنا بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم، قلنا: من هم يا رسول الله؟ أقريش؟ قال: لا، ولكنهم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوباً، فقلنا: أهم خير منا يا رسول الله؟ قال: لو كان لأحدهم جبل من ذهب ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه، ألا أن هذا فصل ما بيننا وبين الناس، (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) الآية وهذا الحديث قال ابن كثير: غريب بهذا الإسناد، وقد رواه ابن جرير ولم يذكر فيه الحديبية.
وأخرج أحمد.
" عن أنس قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فبلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهباً ما بلغتم أعمالهم " والذي في الصحيح " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ: لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفس محمد بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه [[رواه مسلم والبخاري.]] " وفي لفظ ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري.
" وعن ابن عمر قال: لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره "، أخرجه ابن أبي شيبة.
(وَكُلًّا) أي كل واحد من الفريقين (وَعَدَ اللَّهُ) المثوبة (الْحُسْنَى) وهي الجنة، مع تفاوت درجاتهم فيها، قرأ الجمهور كُلاًّ على أنه مفعول مقدم وقرىء بالرفع على الابتداء أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، ومثل هذا قول الشاعر:
قد أصبحت أم الخيار تدعى ... على ذنباً كله لم أصنع
قيل: نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، لأنه أول من أسلم، وأول من أنفق في سبيل الله وفيه دليل على فضله وتقدمه (والله بما تعملون خبير) لا يخفى عليه من ذلك شيء ثم رغب سبحانه في الصدقة فقال:
{"ayah":"وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِیرَ ٰثُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا یَسۡتَوِی مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَـٰتَلَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةࣰ مِّنَ ٱلَّذِینَ أَنفَقُوا۟ مِنۢ بَعۡدُ وَقَـٰتَلُوا۟ۚ وَكُلࣰّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق