الباحث القرآني

(ويقول الذين كفروا) من أهل مكة (لولا) هلا (أنزل عليه) أي على محمد صلى الله عليه وسلم (آية من ربه) غير ما قد جاء به من الآيات كالعصا واليد والناقة، وهؤلاء القائلون هم المستعجلون للعذاب وإنما عدل عن الإضمار إلى الوصول ذماً لهم بكفرهم بآيات الله التي تخر لها الجبال حيث لم يرفعوا لها رأساً ولم يعدوها من جنس الآيات، وهذا مكابرة من الكفار وعناد وإلا فقد أنزل الله على رسوله من الآيات ما يغني البعض منه. قال الزجاج: طلبوا غير الآيات التي أتى بها فالتمسوا مثل آيات موسى وعيسى فقال الله تعالى (إنما أنت منذر) تنذرهم بالنار وليس إليك من الآيات من شيء وفيه إزالة لرغبته صلى الله عليه وسلم في حصول مقترحهم، فإنه كان شديد الرغبة في إيجاب مقترحاتهم لشدة التفاته إلى إيمانهم، قاله الخطيب. وجاء في إنما أنت بصيغة الحصر لبيان أنه صلى الله عليه وسلم مرسل لإنذار العباد وبيان ما يحذرون عاقبته وليس عليه غير ذلك، وقد فعل ما هو عليه وأنذر أبلغ إنذار، ولم يدع شيئاً مما يحصل به ذلك إلا أتى به وأوضحه وكرره فجزاه الله عن أمته خيراً. (ولكل قوم هاد) أي نبي يدعوهم إلى ما فيه هدايتهم، ورشادهم بما يعطيه من الآيات لا بما يقترحون وإن لم تقع الهداية لهم بالفعل ولم يقبلوها، وآيات الرسل مختلفة، هذا يأتي بآياته أو آيات لم يأت بها الآخر بحسب ما يعطيه الله منها، ومن طلب من بعضهم ما جاء به البعض الآخر فقد بلغ في التعنت إلى مكان عظيم فليس المراد من الآيات إلا الدلالة على النبوة لكونها معجزة خارجة عن القدرة البشرية، وذلك لا يختص بفرد منها ولا بأفراد معينة. قال الرازي: فهذا هو الوجه الذي قرره القاضي، وهو الوجه الصحيح الذي يبقى الكلام معه منتظما. انتهى. وقيل أن المعنى ولكل قوم هاد هو الله سبحانه عز وجل فإنه القادر على ذلك وليس على أنبيائه إلا مجرد الإنذار. قال ابن عباس: هاد أي داع، وقال مجاهد: المنذر محمد صلى الله عليه وسلم، ولكل قوم هاد نبي يدعوهم إلى الله، وعن سعيد بن جبير ومجاهد وابن عباس نحوه، وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المنذر وهو الهادي. أخرجه ابن مردويه، وعن عكرمة وأبي الضحى نحوه. وقيل الهادي هو العمل الصالح، وقيل الهادي هو القائد إلى الخير لا إلى الشر وهو يعم الرسل وأتباعهم إلى آخر الدهر. وعن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: أنا المنذر، وأومأ بيده إلى منكب عليّ فقال (أنت الهادي يا عليّ بك يهتدي المهتدون من بعدي [[ابن كثير/502.]])، أخرجه ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة، والديلمي وابن عساكر وابن النجار، قال ابن كثير في تفسيره، وهذا الحديث فيه نكارة شديدة. وجملة
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب