الباحث القرآني
وقوله سبحانه: وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ: ال دِفْءٌ: السَّخَانة، وذَهَاب البَرْد بالأَكْسِيَة ونحوها، وقيل: ال دِفْءٌ: تناسُلُ الإِبل، وقال ابن عَبَّاس: هو نسْلُ كلِّ شيء [[أخرجه الطبري (7/ 560) برقم: (21464) بنحوه، وذكره ابن عطية (3/ 379) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لعبد الرزاق، والفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]] ، والمعنى الأول هو الصحيح، والمنافع: ألبانها وما تصرَّف منها، وحَرْثُها والنَّضْح عليها وغَيْر ذلك.
وقوله: جَمالٌ، أي: في المَنْظَر، وتُرِيحُونَ: معناه: حين تردُّونها وقْتَ الرَّوِاح إِلى المنازلِ، وتَسْرَحُونَ: معناه: تخرجُونها غُدْوة إِلى السَّرْح، و «الأثْقَالُ» :
الأمتعة، وقيل: الأجسام كقوله: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها [الزلزلة: 2] أي: أجسادَ بني آدم، وسمِّيت الخيلُ خيلا لاختيالها في مشيتها.
ت: ويجبُ على من مَلَّكَهُ اللَّه شيئاً من هذا الحيوانِ أنْ يَرْفُقَ به، ويشْكُر اللَّه تعالى على هذه النعمة التي خَوَّلها، وقد رَوَى مالك في «الموطَّأ» عن أبي عُبَيْدٍ مولى سليمانَ بْنِ عبدِ المَلِكِ، عن خالدِ بْنِ مَعْدَانَ يرفعه، قال: «إِن اللَّه رفيقٌ يحبُّ الرِّفْق، ويرضَاهُ، ويعينُ عليه ما لاَ يُعِينُ على العُنْف، فإِذا ركبتم هذه الدوابَّ العُجْمَ، فأنزلوها منازِلَهَا، فإِنْ كانَتِ الأرض جَدْبةً، فانجوا عليها بِنِقْيِهَا [[النّقو: عظم العضد، وقيل: كل عظم فيه مخ.
ينظر: «لسان العرب» (4532) .]] ، وَعَلَيْكُمْ بسير اللَّيْلِ فَإِن الأرض تُطْوَى باللَّيْلِ ما لا تُطْوَى بالنهار، وإِياكم والتَّعْرِيسَ على الطريقِ فإِنها طُرُق الدَّوابِّ، ومأوى الحَيَّات» [[أخرجه مالك في «الموطأ» (2/ 979) كتاب «الاستئذان» باب: ما يؤمر به من العمل في السفر، حديث (38) .]] .
قال أبو عمر في «التمهيد» : هذا الحديث يستند عن/ النبيّ ﷺ من وجوهٍ كثيرةٍ، فأمَّا «الرفْقُ» ، فمحمودٌ في كلِّ شيء، وما كان الرفْقُ في شيء إِلاّ زانه، وقد رَوَى مالك بسنده عن عائشة، وعن النبيّ ﷺ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» [[تقدم تخريجه.]] ، وأُمِرَ المسافرُ في الخِصْبِ بأنْ يمشي رويداً، ويكثر النزول، لترعَى دابته، فأَما الأرْضُ الجَدْبة، فالسُّنَّة للمسافِرِ أَنْ يُسْرُع السيْر ليخرجَ عنها، وبدابَّته شيءٌ من الشَّحْم والقُوَّة، و «النِّقْي» في كلام العرب: الشَّحْم والوَدَك. انتهى.
وروَى أبو داود عن أبي هريرة، عن النبيّ ﷺ قال: «إِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ، فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بِالغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ، وَجَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فَعَلَيْهَا فاقضوا حَاجَاتِكِمْ» انتهى [[أخرجه أبو داود (2/ 32) كتاب «الجهاد» باب: في الوقوف على الدابة، حديث (2567) ، والبيهقي (5/ 255) من حديث أبي هريرة.]] .
وقوله سبحانه: وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ: عبرةٌ منصوبةٌ على العمومِ، أي: إِنَّ مخلوقاتِ اللَّهِ مِنَ الحيوانِ وغيره لا يُحيطُ بعلْمها بَشَرٌ، بل ما يخفَى عنه أكْثَرُ مما يعلمه.
وقوله سبحانه: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ... الآية: هذه أيضاً من أجَلِّ نعم اللَّه تعالى، أي: على اللَّه تقويمُ طريقِ الهدَى، وتبيينُهُ بنَصْب الأدلَّة، وبعْثِ الرسل، وإِلى هذا ذهب المتأوِّلون، ويحتمل أنْ يكون المعنى: أَنَّ مَنْ سلك السبيل القاصد، فعلى الله، ورحمته وتنعيمُهُ طريقُهُ، وإِلى ذلك مصيره، و «طريقٌ قَاصِد» : معناه: بيِّنٌ مستقيمٌ قريبٌ، والألف واللام في السَّبِيلِ، للعهد، وهي سبيلُ الشرْعِ.
وقوله: وَمِنْها جائِرٌ: يريد طريقَ اليهودِ والنصارَى وغيرِهِم، فالضمير في مِنْها يعود على السُّبُلُ التي يتضمَّنها معنى الآية.
وقوله سبحانه: فِيهِ تُسِيمُونَ: يقال: أَسَامَ الرَّجُلُ مَاشِيَتَهُ إِذا أرسلها ترعى.
{"ayahs_start":5,"ayahs":["وَٱلۡأَنۡعَـٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِیهَا دِفۡءࣱ وَمَنَـٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ","وَلَكُمۡ فِیهَا جَمَالٌ حِینَ تُرِیحُونَ وَحِینَ تَسۡرَحُونَ","وَتَحۡمِلُ أَثۡقَالَكُمۡ إِلَىٰ بَلَدࣲ لَّمۡ تَكُونُوا۟ بَـٰلِغِیهِ إِلَّا بِشِقِّ ٱلۡأَنفُسِۚ إِنَّ رَبَّكُمۡ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ","وَٱلۡخَیۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِیرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِینَةࣰۚ وَیَخۡلُقُ مَا لَا تَعۡلَمُونَ","وَعَلَى ٱللَّهِ قَصۡدُ ٱلسَّبِیلِ وَمِنۡهَا جَاۤىِٕرࣱۚ وَلَوۡ شَاۤءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِینَ","هُوَ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰۖ لَّكُم مِّنۡهُ شَرَابࣱ وَمِنۡهُ شَجَرࣱ فِیهِ تُسِیمُونَ","یُنۢبِتُ لَكُم بِهِ ٱلزَّرۡعَ وَٱلزَّیۡتُونَ وَٱلنَّخِیلَ وَٱلۡأَعۡنَـٰبَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ","وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرَ ٰتُۢ بِأَمۡرِهِۦۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَعۡقِلُونَ"],"ayah":"یُنۢبِتُ لَكُم بِهِ ٱلزَّرۡعَ وَٱلزَّیۡتُونَ وَٱلنَّخِیلَ وَٱلۡأَعۡنَـٰبَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَ ٰتِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَتَفَكَّرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق