الباحث القرآني
(p-١٦٣)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يايَحْيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ وآتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيًّا﴾ ﴿وحَنانًا مِن لَدُنّا وزَكاةً وكانَ تَقِيًّا﴾ ﴿وبَرًّا بِوالِدَيْهِ ولَمْ يَكُنْ جَبّارًا عَصِيًّا﴾ ﴿وسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾
اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى وصَفَ ”يَحْيى“ في هَذِهِ الآيَةِ بِصِفاتٍ تِسْعٍ:
الصِّفَةُ الأُولى: كَوْنُهُ مُخاطَبًا مِنَ اللَّهِ تَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿يا يَحْيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ﴾ وفِيهِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: أنَّ قَوْلَهُ: ﴿يايَحْيى خُذِ الكِتابَ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ اللَّهَ تَعالى بَلَغَ بِيَحْيى المَبْلَغَ الَّذِي يَجُوزُ أنْ يُخاطِبَهُ بِذَلِكَ فَحَذَفَ ذِكْرَهُ لِدَلالَةِ الكَلامِ عَلَيْهِ.
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: الكِتابُ المَذْكُورُ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ هو التَّوْراةَ الَّتِي هي نِعْمَةُ اللَّهِ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَقَدْ آتَيْنا بَنِي إسْرائِيلَ الكِتابَ والحُكْمَ والنُّبُوَّةَ﴾ (الجاثِيَةِ: ١٦) ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ كِتابًا خَصَّ اللَّهُ بِهِ يَحْيى كَما خَصَّ اللَّهُ تَعالى الكَثِيرَ مِنَ الأنْبِياءِ بِذَلِكَ، والأوَّلُ أوْلى لِأنَّ حَمْلَ الكَلامِ هَهُنا عَلى المَعْهُودِ السّابِقِ أوْلى ولا مَعْهُودَ هَهُنا إلّا التَّوْراةُ.
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ﴿بِقُوَّةٍ﴾ لَيْسَ المُرادُ مِنهُ القُدْرَةَ عَلى الأخْذِ لِأنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لِكُلِّ أحَدٍ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلى مَعْنًى يُفِيدُ المَدْحَ وهو الجِدُّ والصَّبْرُ عَلى القِيامِ بِأمْرِ النُّبُوَّةِ، وحاصِلُها يَرْجِعُ إلى حُصُولِ مَلَكَةٍ تَقْتَضِي سُهُولَةَ الإقْدامِ عَلى المَأْمُورِ بِهِ والإحْجامَ عَنِ المَنهِيِّ عَنْهُ.
الصِّفَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وآتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيًّا﴾ اعْلَمْ أنَّ في الحُكْمِ أقْوالًا.
الأوَّلُ: أنَّهُ الحِكْمَةُ ومِنهُ قَوْلُ الشّاعِرِ:
؎واحْكم كَحُكْمِ فَتاةِ الحَيِّ إذْ نَظَرَتْ إلى حَمامٍ سِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ
وهُوَ الفَهْمُ في التَّوْراةِ والفِقْهُ في الدِّينِ.
والثّانِي: وهو قَوْلُ مَعْمَرٍ أنَّهُ العَقْلُ رُوِيَ أنَّهُ قالَ: ما لِلَّعِبِ خُلِقْنا.
والثّالِثُ: أنَّهُ النُّبُوَّةُ فَإنَّ اللَّهَ تَعالى أحْكَمَ عَقْلَهُ في صِباهُ وأوْحى إلَيْهِ وذَلِكَ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى بَعَثَ يَحْيى وعِيسى -عَلَيْهِما السَّلامُ - وهُما صَبِيّانِ لا كَما بَعَثَ مُوسى ومُحَمَّدًا عَلَيْهِما السَّلامُ، وقَدْ بَلَغا الأشُدَّ، والأقْرَبُ حَمْلُهُ عَلى النُّبُوَّةِ لِوَجْهَيْنِ:
الأوَّلُ: أنَّ اللَّهَ تَعالى ذَكَرَ في هَذِهِ الآيَةِ صِفاتِ شَرَفِهِ ومَنقَبَتِهِ، ومَعْلُومٌ أنَّ النُّبُوَّةَ أشْرَفُ صِفاتِ الإنْسانِ فَذِكْرُها في مَعْرِضِ المَدْحِ أوْلى مِن ذِكْرِ غَيْرِها فَوَجَبَ أنْ تَكُونَ نَبُّوتُهُ مَذْكُورَةً في هَذِهِ الآيَةِ ولا لَفْظَ يَصْلُحُ لِلدَّلالَةِ عَلى النُّبُوَّةِ إلّا هَذِهِ اللَّفْظَةَ فَوَجَبَ حَمْلُها عَلَيْها.
الثّانِي: أنَّ الحُكْمَ هو ما يَصْلُحُ لِأنْ يُحْكَمَ بِهِ عَلى غَيْرِهِ ولِغَيْرِهِ عَلى الإطْلاقِ وذَلِكَ لا يَكُونُ إلّا بِالنُّبُوَّةِ فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ يُعْقَلُ حُصُولُ العَقْلِ والفِطْنَةِ والنُّبُوَّةِ حالَ الصِّبا ؟ قُلْنا: هَذا السّائِلُ، إمّا أنْ يَمْنَعَ مِن خَرْقِ العادَةِ أوْ لا يَمْنَعَ مِنهُ، فَإنْ مَنَعَ مِنهُ فَقَدْ سَدَّ بابَ النُّبُوّاتِ لِأنَّ بِناءَ الأمْرِ فِيها عَلى المُعْجِزاتِ ولا مَعْنى لَها إلّا خَرْقُ العاداتِ، وإنْ لَمْ يَمْنَعْ فَقَدْ زالَ هَذا الِاسْتِبْعادُ فَإنَّهُ لَيْسَ اسْتِبْعادُ صَيْرُورَةِ الصَّبِيِّ عاقِلًا أشَدَّ مِنَ اسْتِبْعادِ انْشِقاقِ القَمَرِ وانْفِلاقِ البَحْرِ.
الصِّفَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وحَنانًا مِن لَدُنّا﴾ اعْلَمْ أنَّ الحَنانَ أصْلُهُ مِنَ الحَنِينِ وهو الِارْتِياحُ والجَزَعُ لِلْفِراقِ كَما يُقالُ: حَنِينُ النّاقَةِ وهو صَوْتُها إذا اشْتاقَتْ إلى ولَدِها، ذَكَرَ الخَلِيلُ ذَلِكَ، وفي الحَدِيثِ: «”أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ يُصَلِّي إلى جِذْعٍ في المَسْجِدِ فَلَمّا اتُّخِذَ لَهُ المِنبَرُ وتَحَوَّلَ إلَيْهِ حَنَّتْ تِلْكَ الخَشَبَةُ حَتّى سُمِعَ حَنِينُها“»، فَهَذا هو الأصْلُ ثُمَّ قِيلَ: تَحَنَّنَ فُلانٌ عَلى فُلانٍ إذا تَعَطَّفَ عَلَيْهِ ورَحِمَهُ، وقَدِ اخْتَلَفَ النّاسُ في وصْفِ اللَّهِ بِالحَنّانِ فَأجازَهُ بَعْضُهم، وجَعَلَهُ بِمَعْنى الرَّءُوفِ الرَّحِيمِ، ومِنهم مَن أباهُ لِما يَرْجِعُ إلَيْهِ أصْلُ الكَلِمَةِ قالُوا: لَمْ يَصِحَّ الخَبَرُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ في أسْماءِ اللَّهِ تَعالى، إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: الحَنانُ هُنا فِيهِ وجْهانِ:
(p-١٦٤)أحَدُهُما: أنْ يُجْعَلَ صِفَةً لِلَّهِ.
وثانِيهِما: أنْ يُجْعَلَ صِفَةً لِيَحْيى أمّا إذا جَعَلْناهُ صِفَةً لِلَّهِ تَعالى فَنَقُولُ: التَّقْدِيرُ وآتَيْناهُ الحُكْمَ حَنانًا أيْ: رَحْمَةً مِنّا، ثُمَّ هَهُنا احْتِمالاتٌ:
الأوَّلُ: أنْ يَكُونَ الحَنانُ مِنَ اللَّهِ لِيَحْيى، المَعْنى: آتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيًّا، ثُمَّ قالَ: ﴿وحَنانًا مِن لَدُنّا﴾ أيْ إنَّما آتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيًّا حَنانًا مِن لَدُنّا عَلَيْهِ أيْ: رَحْمَةً عَلَيْهِ وزَكاةً أيْ: وتَزْكِيَةً لَهُ وتَشْرِيفًا لَهُ.
الثّانِي: أنْ يَكُونَ الحَنانُ مِنَ اللَّهِ تَعالى لِزَكَرِيّا عَلَيْهِ السَّلامُ فَكَأنَّهُ تَعالى قالَ: إنَّما اسْتَجَبْنا لِزَكَرِيّا دَعَوْتَهُ بِأنْ أعْطَيْناهُ ولَدًا ثُمَّ آتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيًّا وحَنانًا مِن لَدُنّا عَلَيْهِ أيْ عَلى زَكَرِيّا فَعَلْنا ذَلِكَ. ﴿وزَكاةً﴾ أيْ وتَزْكِيَةً لَهُ عَنْ أنْ يَصِيرَ مَرْدُودَ الدُّعاءِ.
والثّالِثُ: أنْ يَكُونَ الحَنانُ مِنَ اللَّهِ تَعالى لِأُمَّةِ يَحْيى عَلَيْهِ السَّلامُ كَأنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿وآتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيًّا﴾ ﴿وحَنانًا﴾ مِنّا عَلى أُمَّتِهِ لِعَظِيمِ انْتِفاعِهِمْ بِهِدايَتِهِ وإرْشادِهِ، أمّا إذا جَعَلْناهُ صِفَةً لِيَحْيى عَلَيْهِ السَّلامُ فَفِيهِ وُجُوهٌ:
الأوَّلُ: آتَيْناهُ الحُكْمَ والحَنانَ عَلى عِبادِنا أيِ التَّعَطُّفَ عَلَيْهِمْ وحُسْنَ النَّظَرِ عَلى كافَّتِهِمْ فِيما أُوَلِّيهِ مِنَ الحُكْمِ عَلَيْهِمْ كَما وصَفَ نَبِيَّهُ، فَقالَ: ﴿فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ (آلِ عِمْرانَ: ١٥٩) وقالَ: ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكم بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (التَّوْبَةِ: ١٢٨) ثُمَّ أخْبَرَ تَعالى أنَّهُ آتاهُ زَكاةً، ومَعْناهُ أنْ لا تَكُونَ شَفَقَتُهُ داعِيَةً لَهُ إلى الإخْلالِ بِالواجِبِ لِأنَّ الرَّأْفَةَ واللِّينَ رُبَّما أوْرَثا تَرْكَ الواجِبِ ألا تَرى إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَأْخُذْكم بِهِما رَأْفَةٌ في دِينِ اللَّهِ﴾ (النُّورِ: ٢) وقالَ: ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكم مِنَ الكُفّارِ ولْيَجِدُوا فِيكم غِلْظَةً﴾ (التَّوْبَةِ: ١٢٣) وقالَ: ﴿أذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلى الكافِرِينَ يُجاهِدُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ ولا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾ (المائِدَةِ: ٥٤) .
فالمَعْنى: إنَّما جَعَلْنا لَهُ التَّعَطُّفَ عَلى عِبادِ اللَّهِ مَعَ الطَّهارَةِ عَنِ الإخْلالِ بِالواجِباتِ، ويُحْتَمَلُ آتَيْناهُ التَّعَطُّفَ عَلى الخَلْقِ والطَّهارَةَ عَنِ المَعاصِي فَلَمْ يَعْصِ ولَمْ يَهُمَّ بِمَعْصِيَةٍ، وفي الآيَةِ وجْهٌ آخَرُ وهو المَنقُولُ عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ: (وحَنانًا مِن لَدُنّا) والمَعْنى آتَيْناهُ الحُكْمَ صَبِيًّا تَعْظِيمًا إذْ جَعَلْناهُ نَبِيًّا وهو صَبِيٌّ ولا تَعْظِيمَ أكْثَرُ مِن هَذا والدَّلِيلُ عَلَيْهِ ما رُوِيَ أنَّهُ مَرَّ ورَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ عَلى بِلالٍ وهو يُعَذَّبُ قَدْ أُلْصِقَ ظَهْرُهُ بِرَمْضاءِ البَطْحاءِ، ويَقُولُ: أحَدٌ أحَدٌ فَقالَ: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ لَأتَّخِذَنَّهُ حَنانًا أيْ مُعَظَّمًا.
الصِّفَةُ الرّابِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وزَكاةً﴾ وفِيهِ وُجُوهٌ:
أحَدُها: أنَّ المُرادَ وآتَيْناهُ زَكاةً أيْ: عَمَلًا صالِحًا زَكِيًّا، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ والضَّحّاكِ وابْنِ جُرَيْجٍ.
وثانِيها: زَكاةً لِمَن قَبِلَ مِنهُ حَتّى يَكُونُوا أزْكِياءَ، عَنِ الحَسَنِ.
وثالِثُها: زَكَّيْناهُ بِحُسْنِ الثَّناءِ كَما تُزَكِّي الشُّهُودُ الإنْسانَ.
ورابِعُها: صَدَقَةً تَصَدَّقَ اللَّهُ بِها عَلى أبَوَيْهِ عَنِ الكَلْبِيِّ.
وخامِسُها: بَرَكَةً ونَماءً وهو الَّذِي قالَ عِيسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ﴿وجَعَلَنِي مُبارَكًا أيْنَ ما كُنْتُ﴾ (مَرْيَمَ: ٣١) واعْلَمْ أنَّ هَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ فِعْلَ العَبْدِ خَلْقٌ لِلَّهِ تَعالى؛ لِأنَّهُ جَعَلَ طِهارَتَهُ وزَكاتَهُ مِنَ اللَّهِ تَعالى، وحَمْلُهُ عَلى الألْطافِ بَعِيدٌ؛ لِأنَّهُ عُدُولٌ عَنِ الظّاهِرِ.
الصِّفَةُ الخامِسَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وكانَ تَقِيًّا﴾ وقَدْ عَرَفْتَ مَعْناهُ وبِالجُمْلَةِ فَإنَّهُ يَتَضَمَّنُ غايَةَ المَدائِحِ؛ لِأنَّهُ هو الَّذِي يَتَّقِي نَهْيَ اللَّهِ فَيَجْتَنِبُهُ ويَتَّقِي أمْرَهُ فَلا يُهْمِلُهُ، وأوْلى النّاسِ بِهَذا الوَصْفِ مَن لَمْ يَعْصِ اللَّهَ ولا يَهُمُّ بِمَعْصِيَةٍ وكانَ يَحْيى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ كَذَلِكَ، فَإنْ قِيلَ ما مَعْنى: ﴿وكانَ تَقِيًّا﴾ ؟
وهَذا حِينَ ابْتِداءِ تَكْلِيفِهِ قُلْنا: إنَّما خاطَبَ اللَّهُ تَعالى بِذَلِكَ الرَّسُولَ وأخْبَرَ عَنْ حالِهِ حَيْثُ كانَ كَما أخْبَرَ عَنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيْهِ.
الصِّفَةُ السّادِسَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وبَرًّا بِوالِدَيْهِ﴾؛ وذَلِكَ لِأنَّهُ لا عِبادَةَ بَعْدَ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعالى مِثْلُ تَعْظِيمِ الوالِدَيْنِ، ولِهَذا السَّبَبِ قالَ: ﴿وقَضى رَبُّكَ ألّا تَعْبُدُوا إلّا إيّاهُ وبِالوالِدَيْنِ إحْسانًا﴾ (الإسْراءِ: ٢٣) .
الصِّفَةُ السّابِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿ولَمْ يَكُنْ جَبّارًا﴾ والمُرادُ وصْفُهُ بِالتَّواضُعِ ولِينِ الجانِبِ وذَلِكَ مِن صِفاتِ المُؤْمِنِينَ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (الحِجْرِ: ٨٨) وقالَ (p-١٦٥)تَعالى: ﴿ولَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِن حَوْلِكَ﴾ (آلِ عِمْرانَ: ١٥٩) ولِأنَّ رَأْسَ العِباداتِ مَعْرِفَةُ الإنْسانِ نَفْسَهُ بِالذُّلِّ ومَعْرِفَةُ رَبِّهِ بِالعَظَمَةِ والكَمالِ ومَن عَرَفَ نَفْسَهُ بِالذُّلِّ وعَرَفَ رَبَّهُ بِالكَمالِ كَيْفَ يَلِيقُ بِهِ التَّرَفُّعُ والتَّجَبُّرُ، ولِذَلِكَ فَإنَّ إبْلِيسَ لَمّا تَجَبَّرَ وتَمَرَّدَ صارَ مُبْعَدًا عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعالى وعَنِ الدِّينِ وقِيلَ: الجَبّارُ هو الَّذِي لا يَرى لِأحَدٍ عَلى نَفْسِهِ حَقًّا وهو مِنَ العِظَمِ والذَّهابِ بِنَفْسِهِ عَنْ أنْ يَلْزَمَهُ قَضاءُ حَقِّ أحَدٍ، وقالَ سُفْيانُ في قَوْلِهِ: ﴿جَبّارًا عَصِيًّا﴾ إنَّهُ الَّذِي يُقْبِلُ عَلى الغَضَبِ، والدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أتُرِيدُ أنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ إنْ تُرِيدُ إلّا أنْ تَكُونَ جَبّارًا في الأرْضِ﴾ (القِصَصِ: ١٩) وقِيلَ: كُلُّ مَن عاقَبَ عَلى غَضَبِ نَفْسِهِ مِن غَيْرِ حَقٍّ؛ فَهو جَبّارٌ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ﴾ (الشُّعَراءِ: ١٣٠) .
الصِّفَةُ الثّامِنَةُ: قَوْلُهُ: ﴿عَصِيًّا﴾ وهو أبْلَغُ مِنَ العاصِي كَما أنَّ العَلِيمَ أبْلَغُ مِنَ العالِمِ.
الصِّفَةُ التّاسِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿وسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ وفِيهِ أقْوالٌ:
أحَدُها: قالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: ﴿وسَلامٌ عَلَيْهِ﴾ أيْ أمانٌ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ وُلِدَ مِن أنْ يَنالَهُ الشَّيْطانُ كَما يَنالُ سائِرَ بَنِي آدَمَ: ﴿ويَوْمَ يَمُوتُ﴾ أيْ: وأمانٌ عَلَيْهِ مِن عَذابِ القَبْرِ: ﴿ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ أيْ ومِن عَذابِ القِيامَةِ.
وثانِيها: قالَ سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: أوْحَشُ ما يَكُونُ الخَلْقُ في ثَلاثَةِ مَواطِنَ يَوْمَ يُولَدُ؛ فَيَرى نَفْسَهُ خارِجًا مِمّا كانَ فِيهِ، ويَوْمَ يَمُوتُ؛ فَيَرى قَوْمًا ما شاهَدَهم قَطُّ، ويَوْمَ يُبْعَثُ؛ فَيَرى نَفْسَهُ في مَحْشَرٍ عَظِيمٍ؛ فَأكْرَمَ اللَّهُ يَحْيى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فَخَصَّهُ بِالسَّلامِ عَلَيْهِ في هَذِهِ المَواطِنِ الثَّلاثَةِ.
وثالِثُها: قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَفْطَوَيْهِ: ﴿وسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ﴾ أيْ: أوَّلَ ما يَرى الدُّنْيا ﴿ويَوْمَ يَمُوتُ﴾ أيْ: أوَّلَ يَوْمٍ يَرى فِيهِ أوَّلَ أمْرِ الآخِرَةِ ﴿ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ أيْ: أوَّلَ يَوْمٍ يَرى فِيهِ الجَنَّةَ والنّارَ وهو يَوْمُ القِيامَةِ. وإنَّما قالَ: ﴿حَيًّا﴾ تَنْبِيهًا عَلى كَوْنِهِ مِنَ الشُّهَداءِ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَلْ أحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ (آلِ عِمْرانَ: ١٦٩)
فُرُوعٌ:
الأوَّلُ: هَذا السَّلامُ يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ مِنَ اللَّهِ تَعالى وأنْ يَكُونَ مِنَ المَلائِكَةِ وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ فَدَلالَةُ شَرَفِهِ وفَضْلِهِ لا تَخْتَلِفُ لِأنَّ المَلائِكَةَ لا يُسَلِّمُونَ إلّا عَنْ أمْرِ اللَّهِ تَعالى.
الثّانِي: لِيَحْيى مَزِيَّةٌ في هَذا السَّلامِ عَلى ما لِسائِرِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ كَقَوْلِهِ: ﴿سَلامٌ عَلى نُوحٍ في العالَمِينَ﴾ (الصّافّاتِ: ٧٩) . ﴿سَلامٌ عَلى إبْراهِيمَ﴾ (الصّافّاتِ: ١٠٩)؛ لِأنَّهُ قالَ ﴿يَوْمَ وُلِدَ﴾ ولَيْسَ ذَلِكَ لِسائِرِ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ.
الثّالِثُ: رُوِيَ أنَّ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ لِيَحْيى عَلَيْهِ السَّلامُ: أنْتَ أفْضَلُ مِنِّي لِأنَّ اللَّهَ تَعالى سَلَّمَ عَلَيْكَ وأنا سَلَّمْتُ عَلى نَفْسِي، وهَذا لَيْسَ بِقَوِيٍّ لِأنَّ سَلامَ عِيسى عَلى نَفْسِهِ يَجْرِي مَجْرى سَلامِ اللَّهِ عَلى يَحْيى لِأنَّ عِيسى مَعْصُومٌ لا يَفْعَلُ إلّا ما أمَرَهُ اللَّهُ بِهِ.
الرّابِعُ: السَّلامُ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ لا بُدَّ وأنْ يَكُونَ تَفَضُّلًا مِنَ اللَّهِ تَعالى؛ لِأنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنهُ ما يَكُونُ ذَلِكَ جَزاءً لَهُ، وأمّا السَّلامُ عَلَيْهِ يَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ في المَحْشَرِ، فَقَدْ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ ثَوابًا كالمَدْحِ والتَّعْظِيمِ، واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ.
* * *
القَوْلُ في فَوائِدِ هَذِهِ القِصَّةِ:
الفائِدَةُ الأُولى: تَعْلِيمُ آدابِ الدُّعاءِ وهي مِن جِهاتٍ:
أحَدُها: قَوْلُهُ: ﴿نِداءً خَفِيًّا﴾ وهو يَدُلُّ عَلى أنَّ أفْضَلَ الدُّعاءِ ما هَذا حالُهُ ويُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكم تَضَرُّعًا وخُفْيَةً﴾ (الأعْرافِ: ٥٥) ولِأنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ مُشْعِرٌ بِالقُوَّةِ والجَلادَةِ، وإخْفاءَ الصَّوْتِ مُشْعِرٌ بِالضَّعْفِ والِانْكِسارِ، وعُمْدَةُ الدُّعاءِ الِانْكِسارُ والتَّبَرِّي عَنْ حَوْلِ النَّفْسِ وقُوَّتِها والِاعْتِمادُ عَلى فَضْلِ اللَّهِ تَعالى وإحْسانِهِ.
وثانِيها: أنَّ المُسْتَحَبَّ أنْ يَذْكُرَ في مُقَدِّمَةِ الدُّعاءِ عَجْزَ النَّفْسِ وضَعْفَها كَما في قَوْلِهِ تَعالى عَنْهُ: ﴿وهَنَ العَظْمُ مِنِّي واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ ثُمَّ يَذْكُرُ كَثْرَةَ نِعَمِ اللَّهِ (p-١٦٦)عَلى ما في قَوْلِهِ: ﴿ولَمْ أكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ .
وثالِثُها: أنْ يَكُونَ الدُّعاءُ لِأجْلِ شَيْءٍ مُتَعَلِّقٍ بِالدِّينِ لا لِمَحْضِ الدُّنْيا كَما قالَ: ﴿وإنِّي خِفْتُ المَوالِيَ مِن ورائِي﴾ .
ورابِعُها: أنْ يَكُونَ الدُّعاءُ بِلَفْظِ يا رَبِّ عَلى ما في هَذا المَوْضِعِ.
الفائِدَةُ الثّانِيَةُ: ظُهُورُ دَرَجاتِ زَكَرِيّا ويَحْيى عَلَيْهِما السَّلامُ أمّا زَكَرِيّا فَأُمُورٌ:
أحَدُها: نِهايَةُ تَضَرُّعِهِ في نَفْسِهِ وانْقِطاعُهُ إلى اللَّهِ تَعالى بِالكُلِّيَّةِ.
وثانِيها: إجابَةُ اللَّهِ تَعالى دُعاءَهُ.
وثالِثُها: أنَّ اللَّهَ تَعالى ناداهُ وبَشَّرَهُ أوِ المَلائِكَةُ أوْ حَصَلَ الأمْرانِ مَعًا.
ورابِعُها: اعْتِقالُ لِسانِهِ عَنِ الكَلامِ دُونَ التَّسْبِيحِ.
وخامِسُها: أنَّهُ يَجُوزُ لِلْأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ طَلَبُ الآياتِ لِقَوْلِهِ: ﴿رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾ .
الفائِدَةُ الثّالِثَةُ: كَوْنُهُ تَعالى قادِرًا عَلى خَلْقِ الوَلَدِ وإنْ كانَ الأبَوانِ في نِهايَةِ الشَّيْخُوخَةِ رَدًّا عَلى أهْلِ الطَّبائِعِ.
الفائِدَةُ الرّابِعَةُ: صِحَّةُ الِاسْتِدْلالِ في الدِّينِ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ ولَمْ تَكُ شَيْئًا﴾ .
الفائِدَةُ الخامِسَةُ: أنَّ المَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، والآيَةُ نَصٌّ في ذَلِكَ، فَإنْ قِيلَ: المُرادُ ولَمْ تَكُ شَيْئًا مَذْكُورًا كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿هَلْ أتى عَلى الإنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ (الإنْسانِ: ١) قُلْنا: الإضْمارُ خِلافُ الأصْلِ، ولِلْخَصْمِ أنْ يَقُولَ: الآيَةُ تَدُلُّ عَلى أنَّ الإنْسانَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا، ونَحْنُ نَقُولُ بِهِ؛ لِأنَّ الإنْسانَ عِبارَةٌ عَنْ جَواهِرَ مُتَألِّفَةٍ قامَتْ بِها أعْراضٌ مَخْصُوصَةٌ والجَواهِرُ المُتَألِّفَةُ المَوْصُوفَةُ بِالأعْراضِ المَخْصُوصَةِ غَيْرُ ثابِتَةٍ في العَدَمِ إنَّما الثّابِتُ هو أعْيانُ تِلْكَ الجَواهِرِ مُفْرَدَةً غَيْرَ مُرَكَّبَةٍ وهي لَيْسَتْ بِإنْسانٍ فَظَهَرَ أنَّ الآيَةَ لا دَلالَةَ فِيها عَلى المَطْلُوبِ.
الفائِدَةُ السّادِسَةُ: أنَّ اللَّهَ تَعالى ذَكَرَ هَذِهِ القِصَّةَ في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ وذَكَرَها في هَذا المَوْضِعِ فَلْنَعْتَبِرْ حالَها في المَوْضِعَيْنِ فَنَقُولُ:
الأوَّلُ: أنَّهُ تَعالى بَيَّنَ في هَذِهِ السُّورَةِ أنَّهُ دَعا رَبَّهُ ولَمْ يُبَيِّنِ الوَقْتَ وبَيَّنَهُ في آلِ عِمْرانَ بِقَوْلِهِ: ﴿كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيّا المِحْرابَ وجَدَ عِنْدَها رِزْقًا قالَ يامَرْيَمُ أنّى لَكِ هَذا قالَتْ هو مِن عِنْدِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ﴾ ﴿هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ (آلِ عِمْرانَ: ٣٧، ٣٨) والمَعْنى أنَّ زَكَرِيّا عَلَيْهِ السَّلامُ لَمّا رَأى خَرْقَ العادَةِ في حَقِّ مَرْيَمَ عَلَيْها السَّلامُ طَمِعَ فِيهِ في حَقِّ نَفْسِهِ فَدَعا.
الثّانِي: وهو أنَّ اللَّهَ تَعالى صَرَّحَ في آلِ عِمْرانَ بِأنَّ المُنادِيَ هو المَلائِكَةُ لِقَوْلِهِ: ﴿فَنادَتْهُ المَلائِكَةُ وهو قائِمٌ يُصَلِّي في المِحْرابِ﴾ (آلِ عِمْرانَ: ٣٩) وفي هَذِهِ السُّورَةِ الأظْهَرُ أنَّ المُنادِيَ بِقَوْلِهِ: ﴿يازَكَرِيّا إنّا نُبَشِّرُكَ﴾ هو اللَّهُ تَعالى وقَدْ بَيَّنّا أنَّهُ لا مُنافاةَ بَيْنَ الأمْرَيْنِ.
الثّالِثُ: أنَّهُ قالَ في آلِ عِمْرانَ: ﴿أنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وقَدْ بَلَغَنِيَ الكِبَرُ وامْرَأتِي عاقِرٌ﴾ (آلِ عِمْرانَ: ٤٠) فَذَكَرَ أوَّلًا كِبَرَ نَفْسِهِ ثُمَّ عُقْرَ المَرْأةِ وهو في هَذِهِ السُّورَةِ قالَ: ﴿أنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وكانَتِ امْرَأتِي عاقِرًا وقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عِتِيًّا﴾ وجَوابُهُ أنَّ الواوَ لا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ.
الرّابِعُ: قالَ في آلِ عِمْرانَ: ﴿وقَدْ بَلَغَنِيَ الكِبَرُ﴾ (آلِ عِمْرانَ: ٤٠) وقالَ هَهُنا ﴿وقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ﴾ وجَوابُهُ أنَّ ما بَلَغَكَ فَقَدْ بَلَغْتَهُ.
الخامِسُ: قالَ في آلِ عِمْرانَ: ﴿آيَتُكَ ألّا تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أيّامٍ إلّا رَمْزًا﴾ (آلِ عِمْرانَ: ٤١) وقالَ هَهُنا: ﴿ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا﴾ وجَوابُهُ: دَلَّتِ الآيَتانِ عَلى أنَّ المُرادَ ثَلاثَةُ أيّامٍ بِلَيالِيهنَّ، واللَّهُ أعْلَمُ.
القِصَّةُ الثّانِيَةُ: قِصَّةُ مَرْيَمَ وكَيْفِيَّةِ وِلادَةِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ. اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى إنَّما قَدَّمَ قِصَّةَ يَحْيى عَلى قِصَّةِ عِيسى (p-١٦٧)عَلَيْهِما السَّلامُ لِأنَّ خَلْقَ الوَلَدِ مِن شَيْخَيْنِ فانِيَيْنِ أقْرَبُ إلى مَناهِجِ العاداتِ مِن تَخْلِيقِ الوَلَدِ لا مِنَ الأبِ البَتَّةَ وأحْسَنُ الطُّرُقِ في التَّعْلِيمِ والتَّفْهِيمِ الأخْذُ مِنَ الأقْرَبِ فالأقْرَبِ مُتَرَقِّيًا إلى الأصْعَبِ فالأصْعَبِ.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["یَـٰیَحۡیَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَـٰبَ بِقُوَّةࣲۖ وَءَاتَیۡنَـٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِیࣰّا","وَحَنَانࣰا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَوٰةࣰۖ وَكَانَ تَقِیࣰّا","وَبَرَّۢا بِوَ ٰلِدَیۡهِ وَلَمۡ یَكُن جَبَّارًا عَصِیࣰّا","وَسَلَـٰمٌ عَلَیۡهِ یَوۡمَ وُلِدَ وَیَوۡمَ یَمُوتُ وَیَوۡمَ یُبۡعَثُ حَیࣰّا"],"ayah":"یَـٰیَحۡیَىٰ خُذِ ٱلۡكِتَـٰبَ بِقُوَّةࣲۖ وَءَاتَیۡنَـٰهُ ٱلۡحُكۡمَ صَبِیࣰّا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق