الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ﴾ الآيَةَ. أخْرُجُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في ”الدَّلائِلِ“، بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، مِن طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، «أنَّ أبا مُعَيْطٍ كانَ يَجْلِسُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِمَكَّةَ لا يُؤْذِيهِ، وكانَ رَجُلًا حَلِيمًا، وكانَ بَقِيَّةُ قُرَيْشٍ إذا جَلَسُوا مَعَهُ آذَوْهُ، وكانَ لِأبِي مُعَيْطٍ خَلِيلٌ غائِبٌ عَنْهُ بِالشّامِ، فَقالَتْ قُرَيْشٌ: صَبَأ أبُو مُعَيْطٍ، وقَدِمَ خَلِيلُهُ مِنَ الشّامِ لَيْلًا، فَقالَ لِامْرَأتِهِ: ما فَعَلَ مُحَمَّدٌ مِمّا كانَ عَلَيْهِ؟ فَقالَتْ: أشَدُّ مِمّا كانَ أمْرًا. فَقالَ: ما فَعَلَ خَلِيلِي أبُو مُعَيْطٍ؟ فَقالَتْ: صَبَأ. فَباتَ بِلَيْلَةِ سُوءٍ، فَلَمّا أصْبَحَ أتاهُ أبُو مُعَيْطٍ فَحَيّاهُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ التَّحِيَّةَ، فَقالَ: ما لَكَ لا تَرُدُّ عَلَيَّ تَحِيَّتِي؟ فَقالَ: كَيْفَ أرُدُّ عَلَيْكَ تَحِيَّتَكَ وقَدْ صَبَوْتَ؟ قالَ: أوَقَدْ فَعَلَتْها قُرَيْشٌ؟ قالَ: نَعَمْ. قالَ: فَما يُبْرِئُ صُدُورَهم إنْ أنا فَعَلْتُ؟ قالَ: تَأْتِيهِ في مَجْلِسِهِ فَتَبْزُقُ في وجْهِهِ، وتَشْتُمُهُ بِأخْبَثِ ما تَعْلَمُ مِنَ الشَّتْمِ. فَفَعَلَ، فَلَمْ يَزِدِ النَّبِيُّ ﷺ عَلى أنْ مَسَحَ وجْهَهُ مِنَ البُزاقِ، ثُمَّ التَفَتَ إلَيْهِ فَقالَ: «إنَّ وجَدْتُكَ خارِجًا مِن جِبالِ مَكَّةَ أضْرِبْ عُنُقَكَ صَبْرًا» . فَلَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ، وخَرَجَ أصْحابُهُ أبِي (p-١٦٤)أنْ يَخْرُجَ، فَقالَ لَهُ أصْحابُهُ: اخْرُجْ مَعَنا. قالَ: قَدْ وعَدَنِي هَذا الرَّجُلُ إنْ وجَدَنِي خارِجًا مِن جِبالِ مَكَّةَ أنْ يَضْرِبَ عُنُقِي صَبْرًا. فَقالُوا: لَكَ جَمَلٌ أحْمَرُ لا يُدْرَكُ، فَلَوْ كانَتِ الهَزِيمَةُ طِرْتَ عَلَيْهِ. فَخَرَجَ مَعَهُمْ، فَلَمّا هَزَمَ اللَّهُ المُشْرِكِينَ وحَلَّ بِهِ جَمَلُهُ في جُدُدٍ مِنَ الأرْضِ، فَأخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أسِيرًا في في سَبْعِينَ مِن قُرَيْشٍ، وقَدِمَ إلَيْهِ أبُو مُعَيْطٍ فَقالَ: أتَقْتُلُنِي مِن بَيْنِ هَؤُلاءِ؟ قالَ: «نَعَمْ، بِما بَزَقْتَ في وجْهِي» . فَأنْزَلَ اللَّهُ في أبِي مُعَيْطٍ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وكانَ الشَّيْطانُ لِلإنْسانِ خَذُولا﴾ [الفرقان»: ٢٩] . وأخْرَجَ أبُو نُعَيْمٍ مِن طَرِيقِ الكَلْبِيِّ، عَنْ أبِي صالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ لا يَقْدَمُ مِن سَفَرٍ إلّا صَنَعَ طَعامًا، فَدَعا إلَيْهِ أهْلَ مَكَّةَ كُلَّهُمْ، وكانَ يُكْثِرُ مُجالَسَةَ النَّبِيِّ ﷺ ويُعْجِبُهُ حَدِيثُهُ، وغَلَبَ عَلَيْهِ الشَّقاءُ، فَقَدِمَ ذاتِ يَوْمٍ مِن سَفَرِهِ فَصَنَعَ طَعامًا ثُمَّ دَعا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إلى طَعامِهِ فَقالَ: «ما أنا بِالَّذِي آكُلُ مِن طَعامِكَ حَتّى تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنِّي رَسُولُ اللَّهِ» . فَقالَ: اطْعَمْ يا ابْنَ أخِي. قالَ: «ما أنا بِالَّذِي أفْعَلُ حَتّى تَقُولَ» . فَشَهِدَ بِذَلِكَ وطَعِمَ مِن طَعامِهِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، فَأتاهُ فَقالَ: أصَبَوْتَ يا عُقْبَةُ؟ وكانَ خَلِيلَهُ. فَقالَ: لا واللَّهِ ما صَبَوْتُ، ولَكِنْ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَأبى أنْ يَطْعَمَ مِن طَعامِي إلّا أنْ أشْهَدَ لَهُ، فاسْتَحْيَيْتُ أنْ يَخْرُجَ مِن بَيْتِي قَبْلَ أنْ (p-١٦٥)يَطْعَمَ فَشَهِدْتُ لَهُ فَطَعِمَ. فَقالَ: ما أنا بِالَّذِي أرْضى عَنْكَ حَتّى تَأْتِيَهُ فَتَبْزُقَ في وجْهِهِ. فَفَعَلَ عُقْبَةُ، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا ألْقاكَ خارِجًا مِن مَكَّةَ إلّا عَلَوْتُ رَأْسَكَ بِالسَّيْفِ» . فَأُسِرَ عُقْبَةُ يَوْمَ بَدْرٍ فَقُتِلَ صَبْرًا، ولَمْ يُقْتَلْ مِنَ الأُسارى يَوْمَئِذٍ غَيْرُهُ» . وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، مِن طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كانَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ يَحْضُرُ النَّبِيَّ ﷺ فَزَجَرَهُ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ، فَنَزَلَ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿خَذُولا﴾ [الفرقان»: ٢٩] . وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ في ”المُصَنَّفِ“، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ مِقْسَمٍ مَوْلى ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «إنَّ عُقْبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ، وأُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ الجُمَحِيَّ التَقَيا، فَقالَ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ لِأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ -وكانا خَلِيلَيْنِ في الجاهِلِيَّةِ- وكانَ أُبَيٌّ قَدْ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الإسْلامَ، فَلَمّا سَمَّعَ بِذَلِكَ عُقْبَةُ قالَ: لا أرْضى عَنْكَ حَتّى تَأْتِيَ مُحَمَّدًا فَتَتْفُلَ في وجْهِهِ وتَشْتُمَهُ وتُكَذِّبَهُ. قالَ: فَلَمْ يُسَلِّطْهُ اللَّهُ عَلى ذَلِكَ، فَلَمّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ، أُسِرَ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ في الأُسارى، فَأمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِبٍ أنْ يَقْتُلَهُ. فَقالَ عُقْبَةُ: يا مُحَمَّدُ، مِن بَيْنِ هَؤُلاءِ أُقْتَلُ! قالَ: «نَعَمْ» . قالَ: بِمَ؟ قالَ: «بِكُفْرِكَ وفُجُورِكَ وعُتُوِّكَ عَلى اللَّهِ وعَلى رَسُولِهِ» . فَقامَ إلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ فَضَرَبَ عُنُقَهُ. وأمّا أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ فَقالَ: واللَّهِ لَأقْتُلَنَّ مُحَمَّدًا، فَبَلَغَ ذَلِكَ (p-١٦٦)رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: «بَلْ أنا أقْتُلُهُ إنْ شاءَ اللَّهُ» . فانْطَلَقَ رَجُلٌ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ إلى أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ لَمّا قِيلَ لِمُحَمَّدٍ ما قُلْتَ قالَ: «بَلْ أنا أقْتُلُهُ إنْ شاءَ اللَّهُ» . فَأفْزَعَهُ ذَلِكَ، وقالَ: أنْشُدُكَ بِاللَّهِ، أسَمِعْتَهُ يَقُولُ ذَلِكَ؟ قالَ: نَعَمْ. فَوَقَعَتْ في نَفْسِهِ؛ لِأنَّهم لَمْ يَسْمَعُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: قَوْلًا إلّا كانَ حَقًّا، فَلَمّا كانَ يَوْمُ أُحُدٍ خَرَجَ مَعَ المُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ يَلْتَمِسُ غَفْلَةَ النَّبِيِّ ﷺ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ، فَيَحُولُ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ بَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ وبَيْنَهُ، فَلَمّا رَأى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قالَ لِأصْحابِهِ: «خَلُّوا عَنْهُ» . فَأخَذَ الحَرْبَةَ فَرَماهُ بِها فَوَقَعَتْ في تَرْقُوَتِهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنهُ كَبِيرُ دَمٍ، واحْتَقَنَ الدَّمُ في جَوْفِهِ، فَجَعَلَ يَخُورُ كَما يَخُورُ الثَّوْرُ، فَأتى أصْحابُهُ حَتّى احْتَمَلُوهُ وهو يَخُورُ وقالُوا: ما هَذا؟ فَواللَّهِ ما بِكَ إلّا خَدْشٌ. فَقالَ: واللَّهِ لَوْ لَمْ يُصِبْنِي إلّا بِرِيقِهِ لَقَتَلَنِي، ألَيْسَ قَدْ قالَ: «أنا أقْتُلُهُ»؟ . واللَّهِ لَوْ كانَ الَّذِي بِي بِأهْلِ ذِي المَجازِ لَقَتَلَهم. قالَ: فَما لَبِثَ إلّا يَوْمًا أوْ نَحْوَ ذَلِكَ حَتّى ماتَ إلى النّارِ، وأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وكانَ الشَّيْطانُ لِلإنْسانِ خَذُولا﴾ [الفرقان»: ٢٩] . (p-١٦٧)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ سابِطٍ قالَ: «صَنَعَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ طَعامًا، ثُمَّ أتى مَجْلِسًا فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ فَقالَ: قُومُوا، فَقامُوا غَيْرَ النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: «لا أقُومُ حَتّى تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنِّي رَسُولُ اللَّهِ» . فَتَشَهَّدَ، فَقامَ النَّبِيُّ ﷺ فَلَقِيَهُ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ، فَقالَ: قُلْتَ: كَذا وكَذا؟ قالَ: إنَّما أرَدْتُ لِطَعامِنا. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ الآيَةَ» . وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ «فِي قَوْلِهِ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ قالَ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ، دَعا مَجْلِسًا فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ لِطَعامٍ فَأبى النَّبِيُّ ﷺ أنْ يَأْكُلَ وقالَ: «لا آكُلُ حَتّى تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» . فَلَقِيَهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فَقالَ: أقَدْ صَبَوْتَ؟ فَقالَ: إنَّ أخاكَ عَلى ما تَعْلَمُ، ولَكِنْ صَنَعْتُ طَعامًا، فَأبى أنْ يَأْكُلَ حَتّى قُلْتُ ذَلِكَ، فَقُلْتُهُ ولَيْسَ مِن نَفْسِي» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ هِشامٍ في قَوْلِهِ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ قالَ: يَأْكُلُ كَفَّيْهِ نَدامَةً حَتّى يَبْلُغَ مَنكِبَهُ لا يَجِدُ مَسَّها. (p-١٦٨)وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ سُفْيانَ في قَوْلِهِ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ قالَ: يَأْكُلُ يَدَهُ ثُمَّ تَنْبُتُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي عِمْرانَ الجَوْنِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ قالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ يَعَضُّهُ حَتّى يَكْسِرَ العَظْمَ ثُمَّ يَعُودُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ قالَ: نَزَلَتْ في أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وعُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ، ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ قالَ: هَذا عُقْبَةُ، ﴿لَمْ أتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا﴾ قالَ: أُمَيَّةُ، وكانَ عُقْبَةُ خِدْنًا لِأُمَيَّةَ، فَبَلَغَ أُمَيَّةَ أنَّ عُقْبَةَ يُرِيدُ الإسْلامَ، فاتاهُ فَقالَ: وجْهِي مِن وجْهِكَ حَرامٌ إنْ أسْلَمْتَ أنْ أُكَلِّمَكَ أبَدًا. فَفَعَلَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِيهِما. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ أبِي مالِكٍ في قَوْلِهِ: ﴿يا ويْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا﴾ قالَ: عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ وأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، كانا مُتَواخِيَيْنِ في الجاهِلِيَّةِ، يَقُولُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ: يا لَيْتَنِي لَمْ أتَّخِذْ عُقَبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ خَلِيلًا. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ «فِي قَوْلِهِ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ الآيَةَ. قالَ: نَزَلَتْ في عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ وأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلى عُقْبَةَ في حاجَةٍ وقَدْ صَنَعَ طَعامًا لِلنّاسِ، فَدَعا النَّبِيَّ ﷺ إلى طَعامِهِ، قالَ: «لا، حَتّى تُسْلِمَ» . فَأسْلَمَ فَأكَلَ، وبَلَغَ الخَبَرُ أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ فَأتى عُقْبَةَ، (p-١٦٩)فَذَكَرَ لَهُ ما صَنَعَ، فَقالَ لَهُ عُقْبَةُ: أتَرى مِثْلَ مُحَمَّدٍ يَدْخُلُ مَنزِلِي وفِيهِ طَعامٌ ثُمَّ يَخْرُجُ ولا يَأْكُلُ؟ قالَ: فَوَجْهِي مِن وجْهِكَ حَرامٌ حَتّى تَرْجِعَ عَمّا دَخَلْتَ فِيهِ. فَرَجَعَ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ» . وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ﴿ويَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ قالَ: أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ وعُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ، وهُما الخَلِيلانِ في جَهَنَّمَ عَلى مِنبَرٍ مِن نارٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: ذُكِرَ لَنا أنَّ رَجُلًا مِن قُرَيْشٍ كانَ يَغْشى نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ آخَرُ مِن قُرَيْشٍ، وكانَ لَهُ صَدِيقًا، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتّى صَرَفَهُ وصَدَّهُ عَنْ غِشْيانِ نَبِيِّ اللَّهِ ﷺ، فَأنْزَلَ اللَّهُ فِيهِما ما تَسْمَعُونَ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ: ﴿يا ويْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا﴾ قالَ: الشَّيْطانُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ: ﴿وكانَ الشَّيْطانُ لِلإنْسانِ خَذُولا﴾ قالَ: خَذَلَهُ يَوْمَ القِيامَةِ وتَبَرَّأ مِنهُ. ﴿وقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذا القُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ هَذا قَوْلُ نَبِيِّكم ﷺ يَشْتَكِي قَوْمَهُ إلى رَبِّهِ، قالَ اللَّهُ يُعَزِّي نَبِيَّهُ ﷺ: ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ المُجْرِمِينَ﴾ يَقُولُ: إنَّ الرُّسُلَ قَدْ لَقِيَتْ هَذا مِن قَوْمِها قَبْلَكَ، فَلا (p-١٧٠)يَكْبُرَنَّ عَلَيْكَ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿اتَّخَذُوا هَذا القُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ قالَ: يَهْجُرُونَ فِيهِ بِالقَوْلِ السَّيِّئِ، يَقُولُونَ: هَذا سِحْرٌ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ إبْراهِيمَ النَّخَعِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿اتَّخَذُوا هَذا القُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ قالَ: قالُوا فِيهِ هُجْرًا غَيْرَ الحَقِّ، ألَمْ تَرَ المَرِيضَ إذا هَذى قِيلَ: هَجَرَ، أيْ: قالَ غَيْرَ الحَقِّ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ في قَوْلِهِ: ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ المُجْرِمِينَ﴾ قالَ: لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ قَطُّ إلّا كانَ المُجْرِمُونَ لَهُ أعْداءً، ولَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ قَطُّ إلّا كانَ بَعْضُ المُجْرِمِينَ أشُدَّ عَلَيْهِ مِن بَعْضٍ. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ المُجْرِمِينَ﴾ قالَ: كانَ عَدُوَّ النَّبِيِّ ﷺ أبُو جَهْلٍ، وعَدُوَّ مُوسى قارُونُ، وكانَ قارُونُ ابْنَ عَمِّ مُوسى. (p-١٧١)وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ المُجْرِمِينَ﴾ قالَ: يُوَطِّنُ مُحَمَّدًا ﷺ أنَّهُ جاعِلٌ لَهُ عَدُّوا مِنَ المُجْرِمِينَ، كَما جَعَلَ لِمَن قَبْلَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب