الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ﴾، قال ابن عباس: (يريد: لا يخدعنكم)، وعنه أيضًا: (لا يضلنكم) [[ذكرهما الواحدي في "الوسيط" 1/ 170.]].
وقوله تعالى: ﴿كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ﴾، المعنى: كما فتن أبويكم، لكنه ذكر معنى فتنة الأبوين وهو إخراجهما من الجنة دون لفظ الفتنة.
وقوله تعالى: ﴿يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾، أضاف نزع اللباس إلى الشيطان وإن لم يتول ذلك لأنه كان بسبب منه فأسند إليه، كما تقول: أنت فعلت هذا لمن حصل منه ذلك الفعل بسبب وإن لم يباشره، كذلك لما كان نزع لباسهما بوسوسة الشيطان وغروره أُسند إليه [[انظر: "تفسير ابن عطية" 5/ 476، وابن الجوزي 3/ 184.]].
وقوله تعالى: ﴿لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾، قال ابن عباس: (يرى آدم سوءة حواء، وترى حواء سوءة آدم) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 53، وفي "تنوير المقباس" 2/ 87 نحوه.]] واللام في ﴿لِيُرِيَهُمَا﴾ لام المصير [[انظر: "إعراب النحاس" 1/ 607.]] كما ذكرنا في قوله: ﴿لِيُبْدِىَ لَهُمَا﴾ [الأعراف:20].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ﴾ يعني: إبليس ﴿هُوَ وَقَبِيلُهُ﴾ أعاد الكناية ليحسن العطف [[ذكر قول الواحدي السمين في "الدر" 5/ 292، وقال: (لا حاجة إلى التأكيد في مثل هذه الصورة لصحة العطف إذ الفاصل هنا موجود، وهو كاف في صحة العطف، فليس نظير ﴿اُسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ﴾) اهـ.]] كقوله ﴿اُسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ﴾ [البقرة:35] وقد مضت هذه المسألة [[انظر: "البسيط" البقرة: 35.]] في مواضع. وأما القبيل فقال أبو عبيد عن أبي زيد: (القَبِيل [["تهذيب اللغة" 3/ 2876، وانظر: "الجمهرة" 1/ 372، و"المنجد" لكراع ص 303، و"الصحاح" 5/ 1797، و"المجمل" 2/ 741 (قبل).]] الجماعة يكونون من الثلاثة فصاعدًا من قوم شتى، وجمعه: قُبُل، والقبيلة: بنو أب واحد) [[قال ابن فارس في "مقاييس اللغة" 5/ 53، وابن منظور في "اللسان" 6/ 3519 (قبل): (وربما كان القبيل من أب واحد كالقبيلة) اهـ. وقال الراغب في "المفردات" ص 654: (القبيل جمع قبيلة، وهي الجماعة المجتمعة التي يقبل بعضها على بعض) اهـ.]].
وقال ابن قتيبة: (﴿وَقَبِيلُهُ﴾: أصحابه وجنده) [["تفسير غريب القرآن" ص 177، ونحوه قال مقاتل في "تفسيره" 2/ 33، والنحاس في "معانيه" 3/ 24، وقال أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 213، والبخاري في "صحيحه" 5/ 195: (﴿وَقَبِيلُهُ﴾ جيله الذي هو منه) اهـ، ونحوه ذكر السجستاني في "نزهة القلوب" ص 366.]]، وقال الليث: (﴿هُوَ وَقَبِيلُهُ﴾ أي: هو ومن كان من نسله) [["تهذيب اللغة" 3/ 2876، وانظر: "العين" 5/ 167.]]، [وكذا قال المفسرون، قال ابن عباس: (هو وولده) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 170، والبغوي في "تفسيره" 3/ 223، و"الخازن" 2/ 221.]]، وقال ابن زيد [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 153، وابن أبي حاتم 5/ 1460 بسند جيد.]]: (نسله)] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]
وقال قطرب: (جموعه) [[لم أقف عليه.]] وقال المبرد: (أشياعه) [[لم أقف عليه، وقال اليزيدي في "غريب القرآن" ص 145: (﴿وَقَبِيلُهُ﴾ شيعته وأمته) اهـ. وقال الماوردي في "تفسيره" 2/ 215: (﴿وَقَبِيلُهُ﴾ قومه وهو قول الجمهور) اهـ. والمعاني متقاربة، والأظهر ولده ونسله وجنده.
انظر: "تفسير الطبري" 8/ 153، والسمرقندي 1/ 536، والبغوي 3/ 223، وابن عطية 5/ 441.]].
وقوله تعالى: ﴿مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾، قال أبو إسحاق: (ما بعد ﴿حَيْثُ﴾ صلة لها ، وليست بمضاف إليه) [["معاني القرآن" 2/ 329، وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 607، 608.]].
قال أبو علي: (هذا غير مستقيم، ولا يجوز أن يكون ما بعد ﴿حَيْثُ﴾ صلة لها ، لأنه إذا كان صلة له وجب أن يكون للموصول فيه ذكر كما أن في سائر صلات الموصولة [[في "الإغفال" ص 765 (الموصولات).]] ذكرًا من الموصول، فخلو هذه الجملة المتصلة بـ (حيث) من ذكر يعود منها إلى (حيث) دلالة على أنها ليست بصلة، وإذا لم تكن صلة كانت إضافة.
فإن قيل: نقدر العائد في هذا كما نقدر في غيره من الصلات، كما تقول: الذي ضربت زيد تريد ضربته، كذلك تقدر العائد في قولك: رأيتك حيث قام زيد. كأنك قلت: حيث زيد قائمه، أي قائم فيه، وحيث قام عمرو [[في "الإغفال" ص 767: (حيث زيد قائم، وحيث قام عمرو كأنه قال: حيث زيد قائمه أي: قام فيه، وحيث قامه عمرو أي: قام فيه ...) اهـ.]] أي قامه عمرو أي قام فيه، ثم اتسع فحذف الحرف فوصل الفعل، ثم حذف الراجع على هذا الحد، قيل: لو كان هكذا [لكان] [[لفظ: (لكان) ساقط من (أ).]] مستعملًا في كلامهم؛ ألا ترى أن جميع الموصولات إذا وقع في صلاتها حذف واتساع فإن ذلك الأصل الذي عنه وقع الحذف والاتساع مطرد في كلامهم [مستعمل] [[لفظ. (مستعمل) ساقط من (أ).]]، فلو كان الأصل في هذا أيضًا ما ذكرته لوجب أن يستعمل الأصل، فتركهم لذلك يدلك على أنه ليس بموصول، على أنا لم نعلم أحدًا قال في (حيث) الذي قاله) [[هذا بعض ما ذكره أبو علي في "الإغفال" ص 764 - 768، وانظر: "غرائب == الكرماني" 1/ 401، وقال السمين في "الدر" 5/ 294: (أبو إسحاق لم يعتقد كونها موصولة بمعنى (الذي) لا يقول بذلك أحد، وإنما يزعم أنها ليست مضافة للجملة بعدها فصارت كالصلة لها أي الزيادة، وهو كلام متهافت، فالرد عليه من هذه الحيثية لا من حيثية اعتقاده لكونها موصولة، ويحتمل أن يكون مراده أن الجملة لما كانت من تمام معناها بمعنى أنها مفتقرة إليها كافتقار الموصول لصلته أطلق عليها هذه العبارة، ويدل على ما قلته أن مكيًا ذكر في علة بنائها فقال: (ولأن ما بعدها من تمامها كالصلة والموصول) إلا أنه يرى أنها مضافة لما بعدها) اهـ. وانظر: "المشكل" 1/ 287، و"البيان" 1/ 358 - 389.]].
فأما التفسير، فقال ابن عباس في قوله: ﴿مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾: (وذلك أن الله تعالى جعلهم يجرون من بني آدم مجرى الدم، وصدور بني آدم مساكن لهم إلا من عصم الله، كما قال: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ [الناس: 5] فهم يرون بني آدم، وبنو آدم لا يرونهم) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 171، وابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 184، وقال الخازن 2/ 221، وصديق خان 4/ 326: (حكى الواحدي وابن الجوزي عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال ذلك) وقد أخرج مسلم في "صحيحه" كتاب السلام، باب: بيان أنه يستحب لمن رئى خاليا بامرأة ... إلخ، حديث رقم (2175)، عن صفية بنت حُيَيَّ أن النبي ﷺ: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم" اهـ. وقال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في "الفتاوى" 15/ 7: (الذي في القرآن أنهم يرون الإنس من حيث لا يراهم الإنس وهذا حق يقتضي أنهم يرون الإنس في حال لا يراهم الإنس فيها ، وليس فيه أنهم لا يراهم أحد من الإنس بحال؛ بل قد يراهم الصالحون وغير الصالحين أيضًا لكن لا يرونهم في كل حال) اهـ، وانظر: "تفسير ابن عطية" 5/ 477، والقرطبي 7/ 176، و"البحر المحيط" 4/ 284.]].
وقال مجاهد: (قال إبليس: جُعل لنا أربع: نرى، ولا نُرى، ونخرج من تحت الثرى، ويعود شيخنا فتى) [[ذكره الثعلبي في "الكشف" 189 أ، والرازي في "تفسيره" 14/ 54، و"الخازن" 2/ 221، والسيوطي في "الدر" 3/ 142، وصديق خان في "تفسيره" 4/ 326.]].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، قال أبو إسحاق: (معنى هذا على ضربين: أحدهما: أن يكون الكفار عوقبوا بأن سلطت عليهم الشياطين تزيدهم في غيهم [[في "معاني الزجاج" 2/ 329 (تزيدهم في غيهم عقوبة على كفرهم ...).]]؛ كما قال: ﴿أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ الآية [مريم: 83].
والثاني: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ أي: سوينا بين الشياطين وبين الكافرين في الذهاب عن الله عز وجل) [["معاني الزجاج" 2/ 329 - 330. وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 153، والسمرقندي 1/ 536، والبغوي 3/ 223، وابن عطية 5/ 477.
قال الطبري: (يقول: جعلنا الشياطين نُصراء الكفار الذين لا يوحدون الله ولا يصدقون رسله) اهـ.]].
قوله: ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً﴾، قال ابن عباس: (يريد: الشرك) [[لم أقف عليه عن ابن عباس، وأكثر المفسرين ذكروه عن عطاء والحسن. ومنهم الماوردي 5/ 216، والواحدي في "الوسيط" 1/ 171، والبغوي 3/ 223، وابن الجوزي 3/ 185.]].
وقال مجاهد: (يعني: طوافهم بالبيت عُريا الرجال والنساء) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 154 من عدة طرق جيدة عن مجاهد وسعيد بن جبير والشعبي والسدي، وأخرجه عن ابن زيد ومحمد بن كعب القرظي، وهذا هو قول أكثر المفسرين. انظر: "تفسير السمرقندي" 1/ 537، والماوردي 2/ 216، والقرطبي 7/ 187.]].
وقال الزجاج: (الفاحشة: ما يشتد قبحه من الذنوب) [["معاني القرآن" 2/ 330، وهذا هو الظاهر فيدخل في العموم الشرك، وكشف العورة في الطواف، ويحمل ما ذكر على التمثيل. انظر: "تفسير الطبري" 8/ 154، والبغوي 3/ 223، وابن عطية 5/ 477.]].
{"ayah":"یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ لَا یَفۡتِنَنَّكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ كَمَاۤ أَخۡرَجَ أَبَوَیۡكُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ یَنزِعُ عَنۡهُمَا لِبَاسَهُمَا لِیُرِیَهُمَا سَوۡءَ ٰ تِهِمَاۤۚ إِنَّهُۥ یَرَىٰكُمۡ هُوَ وَقَبِیلُهُۥ مِنۡ حَیۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ إِنَّا جَعَلۡنَا ٱلشَّیَـٰطِینَ أَوۡلِیَاۤءَ لِلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق