الباحث القرآني
قوله: ﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾، وقرأ نافع [[قرأ نافع: ﴿حَقِيقٌ عَلَى﴾ بتشديد الياء مع فتحها على أنها ياء إضافة وقرأ الباقون ﴿عَلَى﴾ بتخفيف الياء وإسكانها على أنها حرف جر. انظر: "السبعة" ص 287، و"المبسوط" ص 183، و"التذكرة" 2/ 421، و"التيسير" ص 111، و"النشر" 2/ 270.]] ﴿حَقِيقٌ عَلَى﴾ مشددة الياء، و ﴿حَقِيقٌ﴾ على هذه القراءة يجوز أن يكون بمعنى: فاعل. قال شمر: (تقول العرب: حَق عليَّ أن أفعل ذلك) [["تهذيب اللغة" 1/ 875 (حق).]].
وقال الليث: (حَق الشيء معناه: وجب، ويحِق عليك أن تفعل كذا، وحقيق عليَّ أن أفعله، فهذا بمعنى: فاعل) [["تهذيب اللغة" 1/ 876، وانظر: "العين" 3/ 6 (حق).]].
قال الزجاج: (والمعنى: واجب علي ترك القول على الله جل وعز إلا بالحق) [["معاني الزجاج" 2/ 362.]]. ونحو هذا قال ابن عباس في تفسيره هذه الآية فقال: (يقول: الواجب علي ﴿أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ [[لم أقف عليه.]]، ويجوز أن يكون بمعنى: مفعول. قال الليث: (وحقيق فعيل في موضع مفعول) [["تهذيب اللغة" 1/ 876 (حق).]].
قال شمر: (وتقول العرب: حق عليّ أن أفعل كذا، وإني لمحقوق عليَّ أن أفعل خيراً، أي: حقّ عليّ ذاك، بمعنى: استحق) [["تهذيب اللغة" 3/ 374.]]، هذا معنى كلامه، وعلى هذا تقول: فلان مَحْقُوق عليه أن يفعل كذا، ومَحْقُوق بأن يفعل كذا، ومَحْقُوق أن يفعل كذا [[انظر: "الجمهرة" 1/ 100، و"اشتقاق أسماء الله" للزجاجي ص 178، والصحاح 4/ 1460، و"مقاييس اللغة" 2/ 15، و"المجمل" 1/ 215، و"المفردات" ص 246، و"اللسان" 2/ 941 (حق).]] قال الأعشى:
لَمَحْقوقَةٌ أَنْ تَسْتَجِيبِي لصْوتِهِ ... وَأَنْ تَعْلَمِي أَنَّ الْمُعَانَ مُوفَّقُ [["ديوانه" ص 120، و"العين" 3/ 6، و"مجاز القرآن" 1/ 44، والصاحبي ص 359، و"الصناعتين" ص 143، و"أمال ابن الشجري" 2/ 56، و"اللسان" 2/ 941 (حق)، و"الدر المصون" 5/ 405، وقبله:
وَإنَّ امْرءًا أَسْرى إلَيْكِ وَدُونَهُ ... فَيَافٍ تَنُوفَاتٌ وَبَيْداءُ خَيْفَقُ
يقول: إن الذي قطع في سبيلك الليالي الطوال وتفصله عنك الصحارى والقفار التي يخفق فوقها السراب لمن البديهي أن تستجيبي له لأنه أقرب للرشد والصواب، أفاده في "حاشية الديوان".]] وقال جرير [["ديوانه" ص 312، و"تهذيب اللغة" 1/ 876، و"اللسان" 2/ 941 (حق)، و"الدر المصون" 5/ 405، وصدره:
قُلْ للأُخَيْطلِ إِذْ جَدّ الجِراءُ بنا
وفي "الديوان" (أقصر) بدل (قصر) وهو هنا يهجو الأخطل والجراء: الإقدام والشجاعة. انظر: "اللسان" 1/ 581 (جرأ).]]:
قصِرْ فإِنَّكَ بالتَقصِيرِ مَحْقُوقُ
وحجة نافع في تشديد الياء أن حق يُعَدى بعلى. قال الله تعالى: ﴿فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا﴾ [الصافات: 31]، وقال: ﴿فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ﴾ [الإسراء: 16]. فحقيق يُوصل بعلى من هذا الوجه أيضاً، فإن ﴿حَقِيقٌ﴾ بمعنى: واجب، فكما أن (وجب) يتعدى بعلى كذلك تعدّى ﴿حَقِيقٌ﴾ به إذا أريد به ما أريد بواجب، وقراءة العامة ﴿حَقِيقٌ عَلَى﴾ مرسلة الياء، و ﴿حَقِيقٌ﴾ على هذه القراءة بمعنى: محقوق، و ﴿عَلَى﴾ بمعنى الباء [[ما تقدم في توجيه القراءة قول أبي علي في "الحجة" 4/ 56 - 57، وانظر: "معاني المفردات" 1/ 414، و"الحجة" لابن خالويه ص 159، ولابن زنجلة ص 289، و"الكشف" 1/ 469 - 470.]].
قال الفراء: (والعرب تجعل الباء [[انظر: "مغني اللبيب" 1/ 104 وسبق: أن (الظاهر عدم التناوب والأولى التضمين). قال أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 224: (مجازه حق علي أن لا أقول إلا الحق، ومن قرأها ﴿حَقِيقٌ﴾ على أن لا أقول ولم يضف ﴿عَلَى﴾ إليه فإنه يجعل مجازه حريص على أن لا أقول أو فحق أن لا أقول) اهـ.]] في موضع على فتقول: رميت على القوس وبالقوس، وجئت على حال حسنة وبحال حسنة) [["معاني الفراء" 1/ 386، وذكر مثله الطبري في "تفسيره" 9/ 13.]].
قال الأخفش: (هذا كما قال: ﴿وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ﴾ [الأعراف:86] [["معاني الأخفش" 2/ 307.]]، وكما وقعت الباء في قوله: ﴿بِكُلِّ صِرَاطٍ﴾ موقع على، كذلك ﴿عَلَى﴾ وقعت موضع الباء في قوله: ﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ﴾ ويؤكد هذا الوجه قراءة عبد الله: ﴿حقيق بأن لا أقول﴾ [[قراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في "معاني الفراء" 1/ 386، والنحاس 3/ 61، و"مختصر الشواذ" ص 50، و"إعراب القراءات" 1/ 197، و"تفسير ابن عطية" 6/ 25، والرازي 14/ 191، وذكرها البغوي 3/ 262، والقرطبي 7/ 256 عن أبي ابن كعب والأعمش. وانظر: "الكشاف" 2/ 100، و"البحر" 4/ 355.]] و ﴿حَقِيقٌ﴾ على هذه القراءة يرتفع بتقدير: أنا حقيق بأن لا أقول، وعلى قراءة نافع يرتفع بالابتداء، وخبره ﴿أَنْ لَا أَقُولَ﴾ [[انظر: "إعراب النحاس" ص 628، و"المشكل" 1/ 297، و"البيان" 1/ 369، و"التبيان" ص 385، و"الفريد" 2/ 338، و"البحر" 4/ 355، و"الدر المصون" 5/ 401، وعلى قراءة العامة ﴿حَقِيقٌ﴾ عند الواحدي خبر لمبتدأ محذوف تقديره أنا، وعلى قراءة نافع أكثرهم على أنه صفة لرسول أو خبر، وقوله: ﴿أَنْ لَا أَقُولَ﴾ فاعل بحقيق كأنه قال: يحق، ويجب أن لا أقول). قال السمين: (وهذا أعرب الوجوه لوضوحه لفظًا ومعنى) اهـ.]].
ومعنى قوله: ﴿إِلَّا الْحَقَّ﴾) [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب)، كما سبق الإشارة إليه.]]]؛ قال ابن عباس: (يريد: أنه لا إله غيره) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 215 دون نسبة.]].
ومعنى هذا: أن موسى يقول: واجب عليّ أن لا أقول في وصف الله إلا ما هو الحق، وهو توحيده وتنزيهه عن الشرك.
وقوله تعالى: ﴿قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾. قال ابن عباس: (يريد بالعصا) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 215، وابن الجوزي 3/ 237.]].
وقوله تعالى: ﴿فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. أي: أطلق عنهم وخلهم، وكان [[في (ب): (وقال وكان).]] فرعون قد استخدمهم في الأعمال الشاقة من نحو ضرب اللبن، ونقل التراب [[أخرج الطبري في "تاريخه" 1/ 386 عن محمَّد بن إسحاق قال: (كان فرعون يعذب بني إسرائيل ويجعلهم خدمًا وخولًا وصنفهم في أعماله، فصنف يبنون، وصنف يحرثون، وصنف يزرعون له، ومن لم يكن في صنعة فعليه الجزية) اهـ، وانظر: "عرائس المجالس" ص 167، و"البداية والنهاية" 1/ 237.]].
{"ayah":"حَقِیقٌ عَلَىٰۤ أَن لَّاۤ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ قَدۡ جِئۡتُكُم بِبَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَرۡسِلۡ مَعِیَ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق