الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ الدابر: التابع [[انظر: "جمهرة اللغة" 1/ 296، و"الصحاح" 2/ 653، و"مقاييس اللغة" 2/ 324، و"مجمل اللغة" 2/ 345، و"المفردات" ص 307، و"عمدة الحفاظ" ص 173 (دبر).]] [للشيء من خلفه كالولد للوالد. قال الليث: (الدبر التابع [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]] يقال: دبر فلان القوم يدبرهم دبرًا ودبورًا إذا كان آخرهم) [[النص في "العين" 8/ 32، والرازي 12/ 226، و"الدر المصون" 4/ 635، بلا نسبة، ولعل الواحدي تأثر برأي الأزهري في "تهذيب اللغة" 2/ 1142 حيث زعم أن العين لليث وليس للخليل.]]. قال أمية بن أبي [[لفظ: (أبي) ساقط من (ش).]] الصلت: فَاستؤصلُوا بِعَذَابٍ حَصَّ دَابِرَهُمْ ... فَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ صَرْفًا وَلا انْتَصرُوا [["ديوانه" ص 389، والطبري 7/ 196، والرازي 12/ 226، والقرطبي 6/ 427، و"البحر" 4/ 141، و"الدر المصون" 4/ 635، وحص أي: لم يبق شيئًا، والحص بالفتح: حلق الشعر، انظر: "اللسان" 2/ 899 (حص).]] وقال أبو عبيدة: (﴿دَابِرُ الْقَوْمِ﴾: آخرهم الذي يدبرهم [["مجاز القرآن" 1/ 192.]]، وأنشد: آلُ المُهَلَّبِ جَذَّ اللهُ دابِرَهُمْ ... أَضْحَوْا رَمَادًا فلا أصْلٌ ولا طَرَفُ) [["الشاهد" لجرير في ديوانه ص 308، و"مجاز القرآن" 2/ 40، و"الكامل" للمبرد 3/ 135، والجذ، بالفتح: القطع المستأصل. انظر: "اللسان" 1/ 591 (جذ).]] وقال الأصمعي وغيره: (الدابر: الأصل، يقال: قطع الله دابره، أي: أذهب الله أصله، وأنشده [[الشاهد لوعلة بن الحارث الجرمي شاعر جاهلي. في "اللسان" 3/ 1318، و"التاج" 6/ 388 (دبر)، وهو للحارث بن وعلة الجرمي في "المفضليات" ص 165، وبلا نسبة في "الزاهر" 1/ 465، و"تهذيب اللغة" 14/ 111 (دبر)، وفي هذه المراجع: أمي وخالتي، بدل: رحلي وناقتي، وفي "الزاهر": رجلاي، بدل: رجلي، والكلاب بالضم هو يوم كلاب الثاني بين تميم واليمن حيث أكثرت تميم من قتلهم وحز عراقيبهم، وتحز أي: تقطع، والدوابر الأصول، أي: يقتل القوم فتذهب أصولهم ولا يبقى لهم أثر. انظر: حاشية المفضليات.]]: فِدًى لكُمَا رجْلَيَّ رحلي وناقتي ... غَداةَ الكُلاَّبِ إذ تُحَزُّ الدَّوابِرُ أي: يقتل القوم فتذهب [[في (ش): (فيذهب).]] أصولهم ولا يبقى لهم أثر) [[النص عن الأصمعي في المراجع السابقة سوى المفضليات.]]. وقال ابن بزرج [[عبد الرحمن بن بزرج اللغوي، تقدمت ترجمته.]]: (دابر الأمر: آخره. ودابر الرجل: عقبه، وقولهم: قطع الله دابرهم: دعاء عليه [[في (ش): (عليهم).]] بانقطاع العقب حتى لا يبقى أحد يخلفه). [["تهذيب اللغة" 2/ 1142.]] فأما التفسير: فقال الكلبي: (﴿دَابِرُ الْقَوْمِ﴾ غابرهم الذي يتخلف في آخر القوم) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 39، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 40 - 41.]]، ونحو ذلك قال قطرب [[قطرب: محمد بن المستنير بن أحمد اللغوي النحوي أبو علي البصري، تقدمت ترجمته.]] [[ذكره الثعلبي 177 ب.]]. وقال السدي وابن زيد: (﴿دَابِرُ الْقَوْمِ﴾: أصل القوم) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 196، وابن أبي حاتم 4/ 1293 بسند جيد عن السدي، ولفظه: (قطع أصل الذين ظلموا)، وعن عبد الرحمن بن زيد، ولفظه: قال: (استؤصلوا)، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 23.]]، والمعنى: قُطع خلفهم من نسلهم وغيرهم، فلم تبق [[في (ش): (فلم يبق).]] لهم باقية؛ لأنهم استؤصلوا بالعذاب. وأحسب الذين فسروا الدابر بالأصل ذهبوا إلى أن الأصل يبقى ببقاء النسل، فإذا انقطع النسل [[في (ش): (فإذا انقطع الأصل وذهب ففي قطع الدابر).]] انقطع الأصل وذهب، ففي قطع الدابر قطع الأصل، وحقيقة تفسير الدابر الآخر [[هذا قول أكثر أئمة اللغة والتفسير. انظر: المراجع السابقة في دبر، وانظر: "غريب القرآن" لليزيدي ص 137، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 164، و"معاني القرآن" للنحاس 2/ 425، و"تفسير ابن عطية" 5/ 201.]] والعقب والأصل معنى وليس بتفسير. وقوله تعالى: ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قال الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 249، وجاء بعده: [لأنه جل وعز أرسل إليهم الرسل، وأنظرهم بعد كفرهم، وأخذهم بالبأساء والضراء، فبالغ جل وعز في إنذارهم وإمهالهم فحمد نفسه؛ لأنه محمود في إمهاله من كفر به وانتظاره توبته).]]: (حمد الله عز وجل نفسه على أن قطع دابرهم واستأصل شأفتهم) [[الشأفة: قرحة تخرج في أسفل القدم فتكوى فتذهب. أي: إذا قطعت مات صاحبها، واستأصل الله شأفته: أذهبه كما تذهب تلك القرحة، أو أزاله من أصله. انظر: "القاموس" ص 822 (شأفه).]]، ومعنى هذا: أن قطع دابرهم نعمة على الرسل الذين أرسل إليهم فكذبوهم، فذكر الحمد هاهنا تعليم لهم ولمن آمن بهم ليحمدوا الله تعالى على كفايته إياهم شر الذين ظلموا ، وليحمد محمد ﷺ وأصحابه ربهم إذ أهلك المشركين المكذبين [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 196، والبغوي 3/ 144، والرازي 12/ 226.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب