الباحث القرآني

قال الله عز وجل: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام ٤٥] ﴿فَقُطِعَ﴾ (الفاء) عاطفة وتدل على الترتيب والتعقيب، ﴿قُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ﴾ أي: هلكوا عن آخرهم؛ لأنه إذا قطع الدابر -وهو الآخر- فما سبقه من باب أولى، ولم يفصح جل وعلا بالقاطع؛ لأنه معلوم وهو الله عز وجل، ولكن الله تبارك وتعالى في الأمور التي تسوء يأتي بها بصيغة ما لم يسم فاعله ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ﴾، وهو كقول الجن: ﴿وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾ [الجن ١٠]، الجن يؤمنون بأن مريد الشر من؟ هو الله عز وجل، يعرفون أن الخير والشر بيد الله عز وجل، هو المدبر، لكن كرهوا أن يضيفوا الشر إلى الله فقالوا: ﴿أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا﴾. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات الأسباب؛ لقوله: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾؛ لأن هذه العقوبة مرتبة على قوم اتصفوا بالظلم، فيكون الظلم سببًا للعقوبة، وهذا من كمال الله تبارك وتعالى: أن تكون أفعاله لحكمة وأحكامه الشرعية لحكمة. * ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الظلم سبب للعقوبة والهلاك؛ لأن الحكم إذا علق على وصف صار ذلك الوصف علة له؛ يزداد الحكم قوة بقوته، وينقص بنقصه. ﴿دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. * من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله محمود على قطع دابر الظالمين، وهو كذلك، فهو سبحانه وتعالى محمود على جلب النعم وعلى دفع النقم، والظالم إذا أهلكه الله فإن ذلك من تمام عدله ورحمته؛ لأنه يكون نكالًا لما بين يديه وما خلفه. أما المعنى فالمعنى لا إشكال فيه، قلنا: ﴿دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ يعني: آخره، وإذا قطع الآخر قطع الأول، أما ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ فالمراد الكفار؛ لأن كل إنسان كافر فهو ظالم في حق من؟ في حق نفسه، كما قال عز وجل: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [البقرة ٥٧]، وهو في حق الله معتدٍ؛ حيث لم يقم بالحق الواجب عليه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب