الباحث القرآني

قال المفسرون: ثم إن طعمة نقب منزل الحجاج بن عُلاط [[هو أبو كلاب الحجاج بن علاط بن خالد بن ثويرة السلمي، قدم على النبي ﷺ وهو بخيبر، فأسلم وسكن المدينة واختط بها دارًا ومسجدًا، وقد توفي رضي الله عنه في خلافة عمر، وقيل بعدها. انظر: "الاستيعاب بحاشية الإصابة" 1/ 385، و"أسد الغابة" 1/ 456، و"الإصابة" 1/ 313.]] بمكة ليسرق مالاً له مدفونًا، قد عرف موضعه، فأخذ ليُقتل، ثم قيل: دعوه فإنه قد لجأ إليكم، فتركوه، وأخرجوه من مكة، فنزل في حرة بني سليم، وكان يعبد صنمًا لهم إلى أن مات، وأنزل الله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ [النساء: 116] [[من "الكشف والبيان" 4/ 120 أ، وانظر: "بحر العلوم" 1/ 388، والبغوي 2/ 287، و"زاد المسير" 2/ 200 ونسب هذا القول لمقاتل.]]. قال ابن عباس: "يريد طعمة بن أبيرق، حيث أشرك بالله" [[انظر: "زاد المسير" 2/ 202، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 97.]]. وهذه الآية نص صريح في أن الله تعالى لا يغفر الشرك ما أقام المشرك عليه. فإن قيل: أليس يغفرها بالتوبة؟ فلم أطلق القول بأنه لا يغفر أن يُشرك به؟ قيل: إنه بمعنى أنَّ الله لا يغفر للمشرك به، وإذا تاب المشرك زال عنه هذا الوصف، وُيسمى مشركًا ما أقام على الشرك، ويقول [[هكذا هذِه الكلمة في المخطوط، ولعل الصواب: "ويكون" وتكون كلمة "مقيد" بعد ذلك منصوبة خبر يكون.]] هذا الإطلاق مقيد بالآيات الدالة على قبول التوبة، كقوله: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا﴾ [الأنفال: 38]، وقوله تعالى: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ [غافر: 3]، وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا﴾ إلى قوله: ﴿مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة: 62]. قال أهل العلم: وكل كافر فهو مشرك، وإن لم يعبد مع الله غيره، وكل من حكمنا بكفره جاز أن نسميه مشركًا، لأنه قد بلغ بعظم جرمه مبلغ جرم المشرك في عبادة الله عز وجل، كما أن من تكبر على النبي ﷺ ولم يخضع لنبوته كافر، وإن لم يجحد نبوته. قال الزجاج: إنَّ كل كافر مشرك بالله، لأن الكافر إذا كفر بنبي فقد زعم أن الآيات التي أتى بها ليست من عند الله، فيجعل ما لا يكون إلا لله عز وجل لغير الله، فيصير مشركًا [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 107.]]. وقوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾. قال ابن عباس: "يغفر ما دون الشرك لأهل التوحيد" [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 97]]. قال العلماء من أهل التفسير: لما أخبر الله تعالى أنه يغفر الشرك بالتوبة، علمنا يقينًا أنه يغفر أيضًا ما دون الشرك بالتوبة، فهذه المشيئة في ذنوب لم يتب منها صاحبها [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 60.]]. وإنما أبهم الله فيما دون الشرك، وقيد بالمشيئة، لئلا يأمن صاحب الكبيرة. ثم أنزل الله في أهل مكة:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب