الباحث القرآني

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ سبق الكلام على هذه الآية تمامًا، وكررها الله عز وجل، كررها مرتين في هذه السورة، وكان بين الآيتين ذكر القتل -قتل النفس- وقد مر علينا أن أهل العلم قالوا: إن قاتل النفس له توبة، واستدلوا لذلك: بأن الله ذكر قتل النفس بين آيتين كلتاهما تدل على أن ما سوى الشرك فالله تعالى يغفره. وسبق القول في ﴿مَا دُونَ ذَلِكَ﴾ هل المراد: ما دونه، أي: ما هو أقل، أو ما سوى ذلك؟ * طالب: ما سوى ذلك. * الشيخ: ما سوى ذلك، يعني: ما هو أقل، ولَّا المعنى: ما سوى ذلك؟ * طلبة: ما أقل. * الشيخ: طيب ما الذي يترتب على ذلك؟ * طالب: يترتب عليه فيما إذا أتى بشيء أكبر من الشرك. * الشيخ: وأيش أكبر من الشرك؟ * طالب: وأما على الأول فإنه ليس بشيء أكبر من الشرك، فكل ما سوى الشرك يغفر. * الشيخ: فإذا قلنا: ﴿مَا دُونَ ذَلِكَ﴾ أي: ما سواه، دخل فيه الكفر الذي ليس بشرك، وإذا قلنا: ﴿مَا دُونَ ذَلِكَ﴾ أي: ما هو أقل، خرج به أيش؟ دخل فيه الصغائر التي دون الشرك، وخرج به الكبائر من الكفر وغيره. المهم أن نقول: ﴿مَا دُونَ ذَلِكَ﴾ أي: ما سواه أو ما هو أقل؟ نقول: ما هو أقل؛ لأنك لو قلت: ما سوى ذلك؛ لكان الكفر تحت المشيئة إذا لم يكن شركًا، وليس كذلك بل المراد ما دون الشرك. هل في الآية ما يدل على أن الشرك ولو كان أصغر لا يغفر؟ نعم، من أين يؤخذ؟ من أنك إذا أولت ﴿أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ إلى المصدر صار التركيب: إن الله لا يغفر شركًا به، وإذا كان كذلك، فهو نكرة في سياق النفي فيكون للعموم؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الشرك لا يغفر ولو كان أصغر، وربما يستدل لذلك بقول ابن مسعود رضي الله عنه: «لأن أحلف بالله كذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا»[[أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٥٩٢٩)، والطبراني في المعجم الكبير (٨٩٠٢) من حديث عبد الله بن مسعود.]]، فجعل سيئة الشرك أعظم من سيئة اليمين الكاذبة. وقوله: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ وفي الآية الأولى: ﴿فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء ٤٨]، فيؤخذ من مجموع الآيتين أن المشرك مفترٍ ضال، وهو كذلك؛ لأن دعواه أن لله شريكًا هذا كذب وافتراء عظيم، وكونه يبني على هذه الدعوى أن يشرك بالله يكون هذا ضلالًا، فمجرد قوله: إن الله له شريك، افتراء، ثم تطبيق ذلك في عمله يعتبر ضلالًا، فيؤخذ من الآيتين الكريمتين: أن المشرك مفترٍ ضال. وقوله: ﴿بَعِيدًا﴾ لعظم إثمه وذنبه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب