الباحث القرآني
﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ قال قتادة: أي كما لا تسمع الميت كذلك لا تسمع الكافر [[أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2821. وذكره الثعلبي 8/ 134 ب، ولم ينسبه.]].
[وقال مقاتل: شبه كفار مكة بالأموات، يقول: كما لا يسمع الميت النداء كذلك لا يسمع الكافر] [[ما بين المعقوفين ساقط من نسخة: (ب).]] النداء [["تفسير مقاتل" 62 أ.]].
وقال عطاء عن ابن عباس: يريد بالموتى: الأحياء الذين طبع الله على قلوبهم.
يعني: ضرب لهم المثل بالموتى وشبه حالهم في أنهم لا ينتفعون بما يسمعون بحال الموتى الذين لا يسمعون بتةً [[فهذا قولان في المراد بالموتى؛ الأول: الميت الذي فارقته الروح، والثاني: ميت القلب الذي لا ينتفع بما يسمع من الخير، أي: لا تُسمع الكفار الذين أمات الله قلوبهم. وظاهر كلام الواحدي ميله للقول بأن الميت في الآية: الذي فارقته الروح، واقتصر على هذا القول في تفسيره؛ "الوسيط" 3/ 384، وأما في "الوجيز" 2/ 809، فقال: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ الكفار. ولم يزد على ذلك. والذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن القول الثاني أقرب للصواب؛ وذلك لثبوت سماع الميت في قبره؛ كما في قصة غزوة بدر، وسماع الميت قرع نعال أصحابه إذا تولوا عنه، وغير ذلك من الأحاديث. واقتصر ابن جرير 20/ 12، على هذا القول؛ فقال: يقول: إنك يا محمد لا تقدر أن تُفهِم الحق من طبع الله على قلبه فأماته؛ لأن الله قد ختم عليه ألا يفهمه وأحسن الشنقيطي، تقرير هذا بأدلته وشواهده. أضواء البيان 6/ 416 إلى 439.
وممن ذهب إلى أن النفي في الآية نفي سماع الميت جميع الكلام المعتاد: أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وقد ردت فيه على من روى تكليم النبي -ﷺ-، لصناديد قريش بعد أن قذف بهم في القليب، وقد أخرج ذلك البخاري في صحيحه من طريق قتادة؛ قال: ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة أن نبي الله -ﷺ-، أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعَرْصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليه رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شَفةِ الرَّكي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم؛ "يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان: أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ " قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها، فقال رسول الله -ﷺ-: "والذي نفس محمد بيده ما == أنتم بأسمع لما أقول منهم" قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخًا وتصغيرًا ونقمة وحسرة وندما. أخرجه البخاري، كتاب المغازي، رقم: 3976، "فتح الباري" 7/ 300. ثم أخرج البخاري بعده إنكار عائشة -رضي الله عنها- لهذا؛ حيث قالت: إنما قال النبي -ﷺ-: إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق، ثم قرأتْ: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ الآية.
قال الإسماعيلي: كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا مزيد عليه؛ لكن لا سبيل إلى رد رواية الثقة إلا بنص مثله، يدل على نسخه أو تخصيصه، أو استحالته، فكيف والجمع بين الذي أنكرته وأثبته غيرها ممكن؛ لأن قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾ لا ينافي قوله -ﷺ-: (إنهم الآن يسمعون) لأن الإسماع هو إبلاغ الصوت من المُسمِع في أذن السامع، فالله تعالى هو الذي أسمعهم بأن أبلغهم صوت نبيه -ﷺ-، بذلك. "فتح الباري" 7/ 304. والصحيح أن الميت يسمع في قبره السماع المعتاد؛ والمنفي عنه السماع الذي ينفعه، وقد قرر هذا بشواهده وأدلته شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حيث رد على من نفى سماع الميت في قبره؛ وحمل ابن تيمية النفي في الآية على السماع المعتاد الذي ينتفعون به، أما سماع آخر فلا ينفى عنهم. "مجموع الفتاوى" 4/ 298. وهذا اختيار ابن كثيرة حيث قال: أي: لا تسمعهم شيئاً ينفعهم، فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة، وفي آذانهم وقرة وهو الكفر. "تفسير ابن كثير" 6/ 210. والقول بأن الموتى في الآية: الكفار، نفى الله عنهم سماع التدبر، تفسير ظاهر لا يرد عليه هذا الإشكال. والله تعالى أعلم.]].
﴿وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ﴾ قال قتادة: يقول: لو أن أصمَّ ولى مدبرًا ثم ناديته لم يسمع؛ كذلك الكافر لا يسمع ما يُدعى إليه من الإيمان ونحو هذا قال مقاتل [[أخرجه عن قتادة ابن أبي حاتم 9/ 2921. وهو في "تفسير مقاتل" 62 أ.]].
ومعنى الآية: أنهم لفرط إعراضهم عما يُدعون إليه من التوحيد والدين، كالميت الذي لا سبيل إلى إسماعه وإعلامه شيئًا، وكالصم الذين لا يسمعون.
وقرأ ابن كثير: ﴿لَا يَسْمِعُ﴾ بالياء ﴿الصُّمَّ﴾ رفعًا [["السبعة في القراءات" 486، و"الحجة للقراء السبعة" 5/ 403، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 339.]]، وقراءة العامة أشبه بما قبله من قوله: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ﴾ ومعنى قراءة ابن كثير: إنهم لا ينقادون للحق لعنادهم، وفرط ذهابهم عنه، كما لا يسمع الأصم ما يُقال له [["الحجة للقراء السبعة" 5/ 403.]].
ثم ضَرب العُمي أيضًا مثلًا لهم فقال:
{"ayah":"إِنَّكَ لَا تُسۡمِعُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَلَا تُسۡمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَاۤءَ إِذَا وَلَّوۡا۟ مُدۡبِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق