الباحث القرآني

فعلّمه الله كيف يدعو، وأخبر أنه قادر على إنزال العذاب بهم بقوله: ﴿وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ﴾. ثم أمره بالصبر إلى أن ينقضي الأجل المضروب للعذاب فقال: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ قال المفسرون: يعني الإعراض والصفح ﴿السَّيِّئَةَ﴾ [[في (ظ)، (ع): (والسيئة).]] وهي أذى المشركين إيّاه [[الطبري 18/ 51 مع اختلاف يسير.]]. والمعنى: ادفع بالخلّة التي هي أحسن -وهي الصبر والصفح- أذاهم وجفاهم [[الثعلبي 3/ 64 أ.]]. وهذا قبل أن يؤمر بقتالهم [[ذكر هذا الطبري 18/ 51، والثعلبي 3/ 64 أ. وانظر: "الناسخ والمنسوخ" لهبة الله بن سلامة ص 67، "الناسخ والمنسوخ" لابن حزم ص 46، "ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" لابن البارزي ص 42. وهي على قول هؤلاء منسوخة بآية الأمر بالقتال، والصواب أنَّها محكمة غير منسوخة، ولا تعارض بينها وبين آيات الأمر بالقتال، ولذا نقل ابن الجوزي في "ناسخ القرآن ومنسوخه" ص 467 عن بعض المحققين من العلماء أنَّه قال: لا حاجة بنا إلى القول بالنسخ، لأن المداراة محمودة ما لم تضر بالدين، ولم تؤد إلى إبطال حق وإثبات باطل. اهـ. وقال ابن كثير 3/ 254: قال تعالى مرشدًا له -يعني للنبي -ﷺ- إلى الترياق النافع في مخالطة الناس وهو الإحسان إلى من يُسيء إليه ليستجلب خاطره فتعود عداوته صداقة وبغضه محبة .. وهذا كما قال: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34]. وانظر: "البحر المحيط" 6/ 422، "أضواء البيان" 5/ 818.]]. وقال أهل المعاني: إذا ذكروا المنكر فاذكر الحجَّة في فساده والموعظة التي تصرف عنه إلى ضدّه من الحق بتلطّف في الدعاء إليه والحث عليه [[ذكر الماوردي في "النكت والعيون" 4/ 66 هذا المعنى باخصار. وقال: حكاه ابن عيسى.]]. وروي عن مجاهد وعطاء أنهما قالا في قوله: ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾: السلام يسلم عليهم إذا لقيهم [[رواه عن مجاهد عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 48، والطبري 18/ 51، وذكره عن عطاء السيوطي في "الدر المنثور" 6/ 13 وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.]]. ولا أدري هل كان يسلم على المشركين أم لا؟ فإنَّه -ﷺ- نهانا أن نبدأهم بالسلام [[روى البخاري في الاستئذان -باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين 11/ 38، ومسلم في الجهاد- باب في دعاء النبي -ﷺ- وصبره على المنافقين 3/ 1422 - 1423، من حديث أسامة -رضي الله عنه-: أن النبي -ﷺ- مر بمجلس فيه أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود ... فسلم عليهم النبي -ﷺ-" الحديث وروى مسلم في السلام - باب في السلام على أهل الذمة 14/ 111، والترمذي في السير- باب ما جاء في التسليم على أهل الكتاب 5/ 227، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -ﷺ- قال "لا تبدؤا اليهود والنَّصّارى بالسلام" الحديث.]]. قوله: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد بما يقولون من الشرك [[ذكر ابن الجوزي 5/ 489، والقرطبي 12/ 147 هذا القول ولم ينسبه لأحد.]]. وقال مقاتل: بما يقولون من الكذب [["تفسير مقاتل" 2/ 33 أ.]]. ومعنى ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ﴾ إنَّا [[في (ع): (بما). والمثبت من باقي النسخ والوسيط.]] نجازيهم بما يستحقون [[في (ظ)، (ع): (بما يستحقون به).]] من الجزاء في الوقت الذي يصلح للأخذ بالعقوبة. أي [[(أي): ساقطة من (أ).]]: فليس يخفى علينا ما يقولون، ولسنا نغفل عن مجازاتهم. ثم أمره أن يتعوذ من الشيطان ليسلم في دينه فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب