الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَاقْتَرَبَ﴾ اختلفوا في هذه الواو: فقال الفراء: الواو مقحمة زائدة، المعنى: حتى إذا فتحت اقترب، ودخول الواو هاهنا بمنزلة قوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر: 73]، ومثله ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ﴾ [الصافات: 103، 104]، ومعناه: ناديناه، وأنشد قول أمرىء القيس [[البيت أنشده الفراء في "معاني القرآن" 2/ 21 وروايته: ذي قفاف. وهو في ديوان امرئ القيس ص 15 من معلقته، ورواية شطره الثاني:
بنا بطن ذي ركام عقنقل
و"شرح القصائد السبع الطوال" لابن الأنباري ص 54 مثل رواية الفراء، و"تهذيب اللغة" للأزهري 11/ 148 (جئز) وفيه: ذي حقاف، و"لسان العرب" 5/ 326 (جوز) وفيه: ذي قفاف، قال: ويروى ذي حقاف. قال البطليوسي في "الاقتضاب" 3/ 217: ومعى (أجزنا): (قطعنا وخلفنا، وساحة الحي: فناؤه، و (انتحى) اعترض. والحقف: الكثيب من الرمل يعوج وينثني، وبطنه: ما انخفض وغمض، و (ركامه): (ما تراكم منه بعضه فوق بعض، والعقنقل: ما تعقد منه ودخل بعضه في بعض. اهـ.
وانظر: "شرح السبع الطوال" لابن الأنباري ص 54 - 55، "شرح القصائد العشر" للتبريزي ص 86.]]:
فلمَّا أجَزْنَا ساَحَة الحيّ وانْتَحَى ... بنا بَطْن خَبْتٍ ذي حقاف عَقنْقَلِ
قال: يريد: انتحى [["معاني القرآن" للفراء 2/ 211 دون قوله: الواو زائدة مقحمة.
وقد قال بزيادة الواو في هذه المواطن الكوفيون، ومنع من زيادتها جمهور البصريين. قال ابن جني في "سر صناعة الإعراب" 2/ 646 بعد ذكره لقول الكوفيين في إجازة أ، تكون الواو زائدة: فأما أصحابنا -يعني البصريين- فيدفعون هذا التأويل البتة، ولا يجيزون زيادة هذه الواو، ويرون أن أجوبة هذه الأشياء محذوفة للعلم بها والاعتياد في مثلها. == وقال في 2/ 649: وذهب أصحابنا إلى أن حذف الجواب في هذه الأشياء أبلغ في المعنى من إظهاره.
وذكر ابن جني الجواب عن الآيتين اللتين استشهد بهما الفراء فقال 2/ 646 - 647 عن قوله ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ﴾: وتأويل ذلك عندنا على معنى: فلما أسلما وتله للجبين، وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا أدرك ثوابنا ونال المنزلة الرفيعة عندنا .. وكذلك قوله -عز وجل-: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا﴾ تقديره: صادفوا الثواب الذي وعدوه. أهـ.
وأما البيت الذي استشهد به الفراء فقد قال أبو عبيدة كما في "شرح القصائد السبع" لابن الأنباري ص 55: (وانتحى): (نسق على (أجزنا) وجواب فلما أجزنا: (هصرت بفودي رأسها). أهـ.
وانظر أيضًا: "الكتاب" لسيبويه 3/ 103، "الإنصاف في مسائل الخلاف" للأنباري 2/ 456 - 462، "شرح المفصل" لابن يعيش 9/ 150، "رصف المباني" للمالقي ص 487 - 488، "الجنى الداني" للمرادي ص 164 - 166، "مغني اللبيب" لابن هشام 2/ 417.]].
ونحو هذا قال الكسائي [[ذكر النحاس في "إعراب القرآن" 3/ 80، والقرطبي 11/ 342 عن الكسائي أن الواو في هذه الآية زائدة.]] قال: والعرب تدخل الواو في جواب (حتى إذا) [[في (أ): (إذ).]] و (لما) و (حين) و (ساعة) و (يوم) و (الواو) [[في (أ): (الواو).]] و (الفاء) و (ثم)، ومعناها الطرح فتقول: لما فعلت كذا وحين فعلت كذا، وأقبل [[في (أ): (قيل).]] يفعل أو ثم أقبل، والمراد أقبل يفعل، ومعنى (ثم) والواو الطرح.
قال أبو إسحاق: والواو عند البصريين لا يجوز أن تدخل ويكون معناها الطرح، وجواب (حتى إذا) [مضمر في الآية] [[ساقط من (أ). وفي (أ) عوضا منه: (أنتم).]] لأن قوله: {يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ} هاهنا قول محذوف، المعنى: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج واقترب الوعد الحق قالوا يا ويلنا. وخروج يأجوج ومأجوج من أعلام الساعة [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 405، والثعلبي 433 ب.
وحسّن النحاس في "إعراب القرآن" 3/ 81 قول الزجاج في تقدير جواب إذا.
وحكى أبو حيان 6/ 339 تقدير الزجاج ثم قال: أو تقديره: فحينئذ يبعثون. وفي جواب (إذا) وجه آخر -سيذكره المصنف عن الكسائي- وهو ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، قال الزمخشري 2/ 584، واختاره ابن عطية 10/ 205 وحكا أبو حيان 6/ 339، والسمين الحلبي 8/ 202 عن الحوفي.]].
﴿الْوَعْدُ الْحَقُّ﴾ قال ابن عباس: يريد القيامة [[الثعلبي 3/ 43 ب، البغوي 5/ 355، القرطبي 11/ 342 من غير نسبة.]].
قال الكسائي [[ذكر النحاس في"إعراب القرآن" 3/ 81 عن الكسائي أنه أجاز أن يكون جواب "إذا" "فإذا شاخصة".]]: ويجوز أن يكون واقترب عطفاً على "إذا فتحت" ويكون قوله: ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ﴾ جواباً لهما لـ ﴿حَتَّى إِذَا﴾ ولقوله ﴿وَاقْتَرَبَ﴾.
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ﴾ قال الفرَّاء [[(الفراء): ساقطة من (ز).]]: تكون "هي" عمادًا [[العماد عند الكوفيين هو ما اصطلح عليه البصريون بقولهم: ضمير الفصل. قال ابن عقيل في "شرح التسهيل" لابن مالك 1/ 119: وسموه بذلك لأنه يعتمد عليه في الفائدة، إذ يتبين به أن الثاني ليس بتابع للأول.
وانظر: "همع الهوامع" للسيوطي 1/ 68.]] يصلح في موضعها "هو" فتكون كقوله: ﴿إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ﴾ [النمل: 9] ومثله ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ﴾ [الحج: 46] فجاز [[في (د)، (ع): (فجاءت)، وفي المطبوع من الفراء: فجاء.]] التأنيث؛ لأن الأبصار مؤنثة والتذكير للعماد. قال: وسمعت بعض العرب يقول: كان مرة وهو ينفع الناس أحسابهم. فجعل "هو" عمادًا. قال: وأنشدني بعضهم [[البيت أنشده الفراء في "معانيه" 2/ 212 ونسبه لبعضهم، وأنشده أيضًا 1/ 52 مع بيتين قبله عن بعض العرب، والبيتان قبله هما:
فأبلغ أبا يحيى إذا ما لقيته ... على العيس في آباطها عرق يبس
بأن السلامي الذي بضرية ... أمير الحمى قد باع حقي بني عبس
بثوب ودينار ..... والبيتان من غير نسبة في: الطبري 2/ 313، 17/ 93، "البحر المحيط" 6/ 340، "الدر المصون" 8/ 250.]]:
بِثَوْبٍ ودِينارٍ وشاةٍ ودرهمٍ ... فَهَلْ هو مَرْفُوعٌ بما هاهنا رأسُ
[أراد فهل يرفع [[في (ع): (يرتفع).]] رأس بما هاهنا فجعل هو عمادا] [[قوله: أراد .. عمادا. هذا من كلام الواحدي وليس من كلام الفرّاء.]] قال: وإنْ شئت جعلت "هي" للأبصار كنيت عنها، ثم أظهرت الأبصار لتفسيرها [[عند الفراء: لتفسرها.]] كما قال الشاعر [[البيت أنشده الفراء في "معانيه" 2/ 212 من غير نسبة.
وهو من غير نسبة: الطبري 17/ 92، "المحرر الوجيز" 10/ 208، القرطبي 11/ 342، "البحر المحيط" 6/ 340، "الدر المصون" 8/ 205.
ونسبه الأصبهاني في "الأغاني" 1/ 442، 16/ 234 لمالك بن كعب والد كعب بن مالك الصحابي المشهور أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، ورواية "الأغاني": "خليلتي" مكان ظعينتي.
قال الأصفهاني 16/ 234 عن مالك بن أبي كعب: وهو شاعر وله خبرٌ، وذكر في حرب الأوس والخزرج.
والظَّعينة: هي المرأة في الهودج، هذا هو الأصل، ثم كثر ذلك حتى قيل للمرأة بلا هودج ظعينة. انظر: "لسان العرب" 13/ 271 (ظعن).]]: لعمرُ أبيها لا تقول ظعينتي .... ألا فَرَّعَنِّي مالك بن أبي كعب
فذكر الظعينة وقد كنَّى عنها. انتهى كلامه [["معاني القرآن" للفراء 2/ 212.]].
وعلى هذا إضمار على شريطة التفسير [[قال نور الدين الجامي في شرحه لكافية ابن الحاجب 1/ 351: الشريطة والشرط واحد، وإضافتها إلى التفسير بيانية، أي: أضمر عامله على شرط وهو تفسيره.]] [أضمر الأبصار، ثم فسرها بقوله: ﴿أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [[وهذا قول الزمخشري. انظر: "الكشاف" 2/ 584.]] وقد ذكرنا معنى الإضمار على شريطة التفسير] [[ساقط من (ع).]] وبيَّنا هذه المسألة عند قوله: ﴿فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ﴾ [يوسف: 77] من كلام أبي علي [[انظر: "البسيط" سورة يوسف: 77.]].
وقال المبرِّد -في هذه الآية-: قال سيبويه؛ إذا كان الخبر عن مذكر فحق الاضمار أن يكون بعلامة التذكير نحو قوله: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا﴾ [طه: 74] وكذلك: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ [الجن: 3] تقديره: إن الأمر هذا، وإذا كان الخبر عن مؤنث يصلح أن يكون الإضمار بعلامة التأنيث ويكون تقديره: القصة نحو قولك: إنها أمَةُ الله خارجة، وإنَّها دارك خير من دار زيد، أي القصة كذا، ولو قلت: إنّه دارك، أي: إن الأمر، كان جيدًا بالغا، وإنما مِلْت إلى الضمير الذي يدل على القصة ليُنْبئْ عن أنَّك تريد أنْ يذكر مؤنثًا [[انظر: "المقتضب" 2/ 144 - 145، "الكتاب" 1/ 69 - 71، 2/ 72، "شرح المفضل" لابن يعيش 3/ 116، "ارتشاف الضرب" لأبي حيان 1/ 486 - 487، "شرح التسهيل" لابن عقيل 1/ 116.]].
وهذا قول ثالث في هذه الكناية.
وقد يكون التقدير في الآية: فإذا القصة شاخصة أبصار الذين كفروا [[فتكون "هي" ضمير القصة و"شاخصة" خبر مقدم، و"أبصار" مبتدأ مؤخر.
وقال السمين الحلبي 8/ 204 عن هذا الوجه إنه الأجود.
وذكر الثعلبي 3/ 144 وجهًا آخر، وهو أنَّ تمام الكلام عند قوله "هي" على معنى: فإذا هي بارزة واقفة، يعني من قربها كأنها حاضرة، ثم ابتدأ: "شاخصة أبصار الذين كفروا" علي تقديم الخبر على الابتداء.
قال أبو حيان 6/ 340: وهذا وجه متكلّف، متنافر التركيب.]]، أي: القصة أنَّ أبصارهم عند ذلك تشخص كقوله: ﴿لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ [إبراهيم: 42] وقد مر.
قال الكلبي: شخصت أبصار الكفار فلا تكاد تطرف من شدة ذلك اليوم وهوله [[ذكره البغوي 5/ 355 عن الكلبي.]].
وقوله تعالى: ﴿يَا وَيْلَنَا﴾ أي: قالوا يا ويلنا "قد كنا في غفلة من هذا" قال ابن عباس: يريد في الدنيا كنا في عماية عما يراد منا ﴿بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ أنفسنا بتكذيب محمد -ﷺ- واتخاذ الآلهة.
{"ayah":"وَٱقۡتَرَبَ ٱلۡوَعۡدُ ٱلۡحَقُّ فَإِذَا هِیَ شَـٰخِصَةٌ أَبۡصَـٰرُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ یَـٰوَیۡلَنَا قَدۡ كُنَّا فِی غَفۡلَةࣲ مِّنۡ هَـٰذَا بَلۡ كُنَّا ظَـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق