الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿كُلُوا وَارْعَوْا﴾ أي: مما أخرجنا بالمطر من النبات، ﴿وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ﴾ يقال: رعت الماشية الكلأ رعيًا، ورعاها صاحبها رعاية، إذا أسامها وسرحها وأراحها [[انظر: "تهذيب اللغة" (رعى) ص 1430، "القاموس المحيط" (الرعى) ص 1289، "الصحاح" (رعى) 6/ 2358، "لسان العرب" (رعى) 3/ 1676، "المفردات في غريب القرآن" (رعى) ص 198.]]. والمعنى: أسيموا مواشيكم فيما أنبتناه بالمطر، وهذا أمر إباحة [[في (ص): (افاته)، وهو تصحيف.]] معناه التذكير بالنعمة، قال ابن عباس: هذا كقوله: ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا﴾ -إلى قوله- ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [عبس: 27 - 32]) [[ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة. انظر: "الكشاف" 2/ 540، "الفتوحات الإلهية" 3/ 96، "أضواء البيان" 4/ 423.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ معنى ما ذكر من الدلالة على توحيده ﴿لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾ قال اللحياني: (النَّهْيَة: العقل، والنُّهَى جمع نُهْيَه، ورجل نَهٍ ونَهِىُّ من قوم نَهِين وأَنْهِياء، ولقد نَهُوَ ما شاء، كل ذلك من العقل. وسمي العقل نَهْيَة؛ لأنه يُنْتَهَى إلى ما أَمَر به، لا يُجَاوز أَمْرَه) [["تهذيب اللغة" (نهى) 4/ 3680.]]. وقال أبو إسحاق: (يقال: فلان ذُو نُهْيةٍ، ومعناه ذُو عَقل يَنْتَهي به عن المقابح ويدخل به في المحاسن، قال: وقال أهل اللغة: ذُو النُّهْيِةِ الذي يُنْتَهَى إلى رأيه وعقله، قال: وهذا أحسن أيضًا) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 359.]]. وهذا معنى قول اللحياني في اشتقاق النهيه. وقال أبو علي: (لا يخلو النُّهَى من أن يكون مصدرًا كالهدى، أو جمعًا كالظلم. وقوله تعالى: ﴿لِأُولِي النُّهَى﴾ يقوي أنه جمع لإضافة الجمع إليه، وإن كان المصدر يجوز أن يكون مفردًا في موضع الجمع؛ لأنه لا يثنى ولا يجمع، والنُّهى معناه في اللغة: الثبات والحبس، ومنه النهى والتنهية للمكان الذي ينتهي إليه الماء فيستنقع فيه لشغله ولمنعه بارتفاع ما حوله من أن يسيح فيذهب على وجه الأرض) [[لم أهتد إليه.]]. هذا كلامه. وقد رجع القولان في اشتقاق النُّهية إلى قول واحد، وهو الحبس، والنُّهية هي التي تنهي وتحبس عن المقابح [[انظر: "تهذيب اللغة" (نهى) 4/ 3680، "القاموس المحيط" (نهاه) ص 1341، "الصحاح" (نهى) 6/ 2517، "لسان العرب" (نهى) 8/ 4564، "المفردات في غريب القرآن" (نهى) ص 507.]]. قال ابن عباس في رواية عطاء: (﴿لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى﴾ يريد العبرة لذوي العقول) [["الدر المنثور" 4/ 539، "روح المعاني" 16/ 207، وذكره الطبري في "تفسيره" 16/ 175 بدون نسبة.]]. يريد للذين يتناهون بعقولهم عن معاصي الله. ونحو هذا قال الضحاك [["الكشف والبيان" 3/ 19/ أ، "معالم التنزيل" 5/ 278، "روح المعاني" 16/ 207.]]. وقال في رواية الوالبي: (لذوي التقى) [["الكشف والبيان" 3/ 19 أ، "الدر المنثور" 4/ 539.]]. وقال قتادة: (لذوي الورع) [["الكشف والبيان" 3/ 19 أ، "معالم التنزيل" 5/ 278، "الدر المنثور" 4/ 539.]]. وهذا معنى وليس بتفسير، وذلك أن ذا العقل يكون ورعًا تقيًا، ليس أن النهي تكون بمعنى الورع والتقى. وقال أهل المعاني: (إنما اختص أولو النهى؛ لأنهم أهل الفكر والاعتبار والتدبر والاتعاظ) [[ذكره الفراء في "معاني القرآن" 2/ 181 والزجاج في "معاني القرآن" 3/ 359.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب