الباحث القرآني
قوله عزّ وجلّ:
﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا وسَلَكَ لَكُمُ فِيها سُبُلا وأنْزَلَ مِنَ السَماءِ ماءً فَأخْرَجْنا بِهِ أزْواجًا مِنَ نَباتٍ شَتّى﴾ ﴿كُلُوا وارْعَوْا أنْعامَكم إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لأُولِي النُهى﴾ ﴿مِنها خَلَقْناكم وفِيها نُعِيدُكم ومِنها نُخْرِجُكم تارَةً أُخْرى﴾ ﴿وَلَقَدْ أرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وأبى﴾
انْظُرْ هَذِهِ الأشْياءَ الَّتِي ذَكَرَها مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ، هي مِمّا تَقْضِي بِدايَةُ العُقُولِ أنَّ فِرْعَوْنَ وكُلَّ بَشَرٍ بَعِيدٌ مِنها؛ لَأنَّهُ لَوْ قالَ: هو الرازِقُ القادِرُ المُرِيدُ العالِمْ ونَحْوَهُ مِنَ العِباراتِ لَأمْكَنَ فِرْعَوْنَ أنْ يُغالِطَ ويَقُولَ: أنا أفْعَلُ هَذا كُلَّهُ، فَإنَّما أتاهُ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ بِصِفاتٍ لا يُمْكِنُ فِرْعَوْنَ أنْ يَقُولَ: إنَّ ذَلِكَ لَهُ.
وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عَبّاسٍ: "مِهادًا" بِكَسْرِ المِيمِ وبِألْفٍ، و"المِهادُ" هو جَمْعُ مَهْدٍ، وقِيلَ: هو اسْمٌ مُفْرَدٌ كَفَرْشِ وفِراشِ، وقَرَأ عاصِمْ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "مَهْدًا" بِفَتْحِ المِيمِ وسُكُونِ الهاءِ، وقَوْلُهُ: "سَلَكَ" بِمَعْنى: نَهَجَ ولَحَبَ، و"السُبُلُ": الطُرُقُ. وقَوْلُهُ: ﴿فَأخْرَجْنا بِهِ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ كَلامُ مُوسى عَلَيْهِ السَلامُ، عَلى تَقْدِيرِ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: "فَأخْرَجْنا"، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ كَلامُ مُوسى تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿وَأنْزَلَ مِنَ السَماءِ ماءً﴾ ثُمْ وصَلَ اللهُ تَعالى كَلامَ مُوسى بِإخْبارِهِ لِمُحَمَّدٍ ﷺ، والمُرادُ الخُلُقُ أجْمَعُ بِهَذِهِ الآياتِ المُنَبَّهِ عَلَيْها. و"الأزْواجُ" بِمَعْنى: الأنْواعُ، وقَوْلُهُ: "شَتّى" نَعْتٌ لِلْأزْواجِ، أيْ: مُخْتَلِفاتٌ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلُوا وارْعَوْا أنْعامَكُمْ﴾ بِمَعْنى هي صالِحَةٌ أنْ يُؤْكَلَ مِنها وتَرْعى الغَنَمُ فِيها، فَأخْرَجَ العِبارَةَ في صِيغَةِ الأمْرِ؛ لَأنَّهُ أوحى الأفْعالِ وأهْدَأها لِلنُّفُوسِ، و"النُهى" جَمْعُ نُهْيَةٍ، والنُهْيَةُ: العَقْلُ الناهِي عَنِ القَبائِحِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِنها خَلَقْناكُمْ﴾، أيْ: مِنَ الأرْضِ، وهَذا مِن حَيْثُ خَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَلامُ مِن تُرابٍ، وقَوْلُهُ: ﴿وَفِيها نُعِيدُكُمْ﴾ يُرِيدُ: بِالمَوْتِ والدَفْنِ أوِ الفَناءِ كَيْفَ كانَ، وقَوْلُهُ: ﴿وَمِنها نُخْرِجُكُمْ﴾ يُرِيدُ: بِالبَعْثِ يَوْمَ القِيامَةِ.
(p-١٠٢)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ أرَيْناهُ آياتِنا﴾ إخْبارٌ مِنَ اللهِ تَعالى لِمُحَمَّدٍ ﷺ عن فِرْعَوْنَ، وهَذا يُؤَيِّدُ أنَّ الكَلامَ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأخْرَجْنا بِهِ﴾ إنَّما هو خِطابٌ لِمُحَمَّدٍ ﷺ، وقَوْلُهُ: "كُلَّها" عائِدٌ عَلى الآياتِ الَّتِي رَآها، لا أنَّهُ رَأى كُلَّ آيَةٍ لِلَّهِ، وإنَّما المَعْنى أنَّ اللهَ أراهُ آياتٍ ما، وهي العَصا واليَدُ والطَمْسَةُ وغَيْرَ ذَلِكَ، وكانَ رُؤْيَتُهُ لِهَذِهِ الآياتِ مُسْتَوْعِبَةً، يَرى كُلَّها كامِلَةً، كَأنَّهُ قالَ: "لَقَدْ أرَيْناهُ آياتِنا بِكَمالِها"، وأضافَ الآياتِ إلى ضَمِيرِ العَظَمَةِ تَشْرِيفًا لَها. وقَوْلُهُ تَعالى: "وَأبى" يَقْتَضِي تَكَسُّبَ فِرْعَوْنَ، وهَذا هو الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَوابُ والعِقابُ.
{"ayahs_start":53,"ayahs":["ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدࣰا وَسَلَكَ لَكُمۡ فِیهَا سُبُلࣰا وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَخۡرَجۡنَا بِهِۦۤ أَزۡوَ ٰجࣰا مِّن نَّبَاتࣲ شَتَّىٰ","كُلُوا۟ وَٱرۡعَوۡا۟ أَنۡعَـٰمَكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّأُو۟لِی ٱلنُّهَىٰ","۞ مِنۡهَا خَلَقۡنَـٰكُمۡ وَفِیهَا نُعِیدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰ","وَلَقَدۡ أَرَیۡنَـٰهُ ءَایَـٰتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ"],"ayah":"كُلُوا۟ وَٱرۡعَوۡا۟ أَنۡعَـٰمَكُمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّأُو۟لِی ٱلنُّهَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق