الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَن يَتَمَنَّوهُ أَبَدًا﴾ وذلك أنهم كفروا، وعرفوا أنهم كَفَرة، ولا نصيب لهم في الجنة؛ لأنهم تعمدوا كتمانَ أمر النبي ﷺ وتكذيبَه. وقوله تعالى: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ أي: بما قدموه وعملوه [[في (أ): (قدموا فأضاف).]]، فأضاف ذلك إلى اليد، لأن أكثر جنايات الإنسان تكون بيده، فيضاف إلى اليد كل جناية، وإن لم يكن لليد فيها عمل، فيقال: هذا ما اجترحته يدك [[ينظر: "البحر المحيط" 1/ 312 وبين أن هذا الاستعمال كثير في القرآن، وقيل: المراد: اليد الحقيقية هنا، والذي قدَّمته أيديهم: هو تغيير صفة الرسول ﷺ، وكان ذلك بكتابة أيديهم.]]. وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ فيه معنى التهديد، أي: عليم بمجازاتهم، وهذا جرى على مستعمل الكلام يقول الرجل لمن أتى إليه مُنْكَرًا: أنا أعرفك، وأنا بصير بك، تأويله: أنا أعلم ما أعاملك به، وإلا فالله عليم بالظالمين وغيرهم [[من "معاني القرآن" للزجاج 1/ 177.]]. وفي هذه الآية أبيَن دلالة عَلَى صدق نبيّنا محمد ﷺ لأنه أخبر عن الله أنهم لا يتمنون الموت، وقالي: "لو تمنوا الموت لغصَّ كلُّ إنسانٍ بريقه، وما بقي على وجه الأرض يهودي إلاّ مَاتَ" [[الحديث بهذا اللفظ ذكره الثعلبي في "تفسيره" 1/ 1037 عن ابن عباس مرفوعًا وأخرج البيهقي في دلائل النبوة 6/ 274 من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعًا، وفيه: "لا يقولها رجل منكم الا غص بريقه فمات مكانه" وفي السند الكلبي. وأخرج أحمد 1/ 248 وأبو يعلى 1/ 424 - 425، الطبري في تفسيره 2/ 362 من طريق عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: وفيه: "ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا، ورأوا مقاعدهم من النار" قال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 228: في الصحيح طرف من أدلة، رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله الصحيح. وقال أيضًا 6/ 314: هو الصحيح بغير سياقه، رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح وأصله كما قال في البخاري (4958) كتاب التفسير باب: ﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ﴾ والترمذي كتاب التفسير باب من سورة اقرأ باسم ربك برقم (3348) وأحمد 1/ 368 وليس فيه: ولو أن اليهود ... وأخرج الطبري في تفسيره، ابن أبي حاتم في "تفسيره" 1/ 284 عن ابن عباس موقوفًا: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه. وأخرجا عن عكرمة نحوه، وأورد ابن كثير في تفسيره هذه الموقوفات عن ابن عباس ص 115 وصحح أسانيدها إليه.]]، ثمَّ لم يَرَوا مَعَ حرصهم على تكذيبه أن أحدا أتاه، وقال: يا محمد، أنا أشتهي الموت وأتمناه؛ لأنهم علموا أنهم لو تمنوا الموت لَم يَبقَ منهم صغير ولا كبير إلّا مات، فكان إحجامهم عن ذكر الموت دليلًا على عنادهم الحق وتكذيب من يعرفون صِدقه، ويعلمون صحَّة نبوَّته ﷺ [[ينظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 176، "تفسير الطبري" 1/ 424 - 425، "البحر المحيط" 1/ 310 - 312.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب