الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ﴾، وذلك أن رسول الله ﷺ دعاه إلى إجابةِ اللهِ في ظاهره وباطنه، فدعاه الأَنَفَةُ والكِبْر إلى الإثم والظلم، وهو قوله: ﴿أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ﴾ [[ينظر: "تفسير الثعلبي" 2/ 652.]]. ومعنى العزة هاهنا: المنعة والقوة [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 319، "تفسير الثعلبي" 2/ 652، "الوسيط" 1/ 311، "التفسير الكبير" 5/ 219، "البحر المحيط" 2/ 117.]]. وذكرنا معاني العز والعزيز فيما تقدم. قال قتادة: إذا قيل له: مَهْلًا مَهْلَا ازداد إقدامًا على المعصية [[ذكره الواحدي عن قتادة في "الوسيط" 1/ 311، والقرطبي 3/ 19.]]. قال أهل المعانى: معنى (أخذته العزة بالإثم) حملته عليه، وجَرّأته عليه، وزينت له ذلك، يقال: أخذت فلانًا بكذا وكذا، أي: أردته عليه، وحملته على ذلك، وكلفته. وتأويل الآية: حَمَلَتْه العِزّةُ وحَمِيَّةُ الجاهلية على الفعل بالإثم [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 319، "تفسير الثعلبي" 2/ 652، "المحرر الوجيز" 2/ 192، "الوسيط" 1/ 311، "زاد المسير" 2/ 222، "التفسير الكبير" 5/ 220.]]. والجَارّ في قوله تعالى: ﴿بِالْإِثْمِ﴾ يجوزُ تَعَلُّقُه بالأخذ وبالعزة، فإن علقته بالأخذ، كان المعنى: أخذته بما يؤثمه، أي: أخذته بما كسبه ذلك، والمعنى: للعزة يرتكب ما لا ينبغي أن يرتكب، فكأن العزة حملته على ذلك وقلة الخشوع. وإن علقته بالعزة كان المعنى الاعتزاز بالإثم، أي: اعتز بما يؤثمه فيبعده مما يرضاه الله [[ينظر: "تفسير البغوي" 1/ 236، "البحر المحيط" 2/ 117، "الدر المصون" 2/ 354، وذكر أبو حيان أن الباء يحتمل أن تكون للتعدية، كأن المعنى: ألزمته العزة الإثم، ولحتمل أن تكون للمصاحبة، أي: أخذته مصحوبا بالإثم، أو مصحوبة بالإثم، فيكون للحال من المفعول، أي: أخذته متلبسا بالإثم أو من الفاعل أي: حال من العزة، أي متلبسة بالإثم. ويحتمل أن تكون سببية، والمعنى: أن إثمه السابق كان سببا لإخذ العزة له حتى لا يقبل ممن يأمره بتقوى الله.]]. وقوله تعالى: ﴿فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ﴾ قال المفسرون: كافيه الجحيمُ جزاءً له وعذابًا [[ينظر: "تفسير الطبري" 2/ 319، "تفسير الثعلبي" 2/ 653، "التفسير الكبير" 5/ 220، "البحر المحيط" 2/ 117.]]، ويقال: حَسْبُكَ دِرْهَمٌ، أي: كفاك، وحَسْبُنا الله، أي: كافينا الله. قال امرؤ القيس: وحَسْبُكَ من غِنًى شِبَعٌ ورِيّ [[صدر البيت: فَتُوسِعَ أَهْلَها أَقِطًا وسَمْنًا والبيت في "ديوان امرئ القيس" ص 171، وينظر: "الزاهر" 1/ 96، "الوسيط" للواحدي 1/ 311.]] أي: يكفيك الشِّبَعُ والرِّيُّ، تصريفه من الثلاثي ممات، ويقال منه في الرباعي: أحسبني الشيء، إذا كفاني [[ينظر: "الكتاب" لسيبويه 4/ 231، "تهذيب اللغة" 1/ 810، "المفردات" ص 124، "تفسير الرازي" 5/ 220، "البحر المحيط" 2/ 109، "لسان العرب" 2/ 863 - 865 "حسب".]]. وأما جهنم، فقال يونس وأكثر النحويين: هي اسم للنار التي يعذب الله بها في الآخرة، وهي أعجمية لا تُجْرَى للتعريف والعجمة [[نقله عنه في "تهذيب اللغة" 1/ 681، وفي "لسان العرب" 2/ 715 "جهن"، وقوله: لا تجرى، أي: لا تصرف وتنون.]]. وقال آخرون: جهنم اسم عربي، سميت نار الآخرة بها لبعد قعرها، ولم تُجْر [[قوله: لم تجر، أي: لم تصرف وتنون.]] للتعريف والتأنيث. قال قطرب: حكي لنا عن رؤبة [[هو: أبو الجحاف رؤبة بن العجاج بن عبد الله التميمي، تقدمت ترجمته [البقرة: 9].]] أنه قال: رَكِيَّةٌ جَهَنَّام، يريد: بعيدةَ القَعْر [[ينظر: "تهذيب اللغة" 1/ 681، "المفردات" 109، "التفسير الكبير" 5/ 220، "البحر المحيط" 2/ 108، "لسان العرب" 2/ 715 "جهن".]]. والمهاد: جمع المهد. والمهد: الموضعُ المُهَيَّأُ للنَّوم، ومنه: مَهْدُ الصبي. وأصله: من التوطية، يقال: مَهَدْتُ الشَّيءَ والأرض مهادًا؛ لأنه موطاة للعباد [[بنظر: "مجاز القرآن" 1/ 71، "تفسير الطبري" 2/ 320، "تهذيب اللغة" 4/ 3461، "المفردات" ص 479، "اللسان" 7/ 4286 "مهد".]]. وسَمَّى جهنمَ هاهنا مِهادًا على معنى أنها قرار، والقرار كالوطاء في الثبوت عليه، وقيل: لأنها بدل من المهاد لهم، فصار كقوله: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الانشقاق: 24]، على جِهَةِ البَدَلْ [[ينظر: "التفسير الكبير" 5/ 220، "البحر المحيط" 2/ 118.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب