الباحث القرآني

ولَمّا كانَ مِنَ النّاسِ مَن يَفْعَلُ الفَسادَ فَإذا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهى بَيَّنَ أنَّ هَذا عَلى غَيْرِ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لِألَدِّيَّتِهِ فَقالَ مُبَشِّرًا بِأداةِ التَّحْقِيقِ بِأنَّهُ لا يَزالُ في النّاسِ مَن يَقُومُ بِالأمْرِ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ: ﴿وإذا قِيلَ لَهُ﴾ مِن أيِّ قائِلٍ كانَ ﴿اتَّقِ اللَّهَ﴾ أيِ المَلِكَ الأعْظَمَ الَّذِي كُلُّ شَيْءٍ تَحْتَ قَهْرِهِ واتْرُكْ ما أنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الفَسادِ ﴿أخَذَتْهُ﴾ أيْ قَهَرَتْهُ لِما لَهُ مِن مَلَكَةِ الكِبْرِ ﴿العِزَّةُ﴾ في نَفْسِهِ (p-١٧٥)لِما فِيها مِنَ الكِبْرِياءِ والِاسْتِهانَةِ بِأمْرِ اللَّهِ، ولَيْسَ مِن شَأْنِ الخَلْقِ الِاتِّصافُ بِذَلِكَ فَإنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴿بِالإثْمِ﴾ أيْ مُصاحِبًا لِلذَّنْبِ، وهو العَمَلُ الرَّذْلُ السّافِلُ وما - لا يَحِلُّ ويُوجِبُ العُقُوبَةَ بِاحْتِقارِ الغَيْرِ والِاسْتِكْبارِ عَلَيْهِ. ولَمّا كانَ هَذا الشَّأْنُ الخَبِيثُ شَأْنُهُ دائِمًا يُمَهِّدُ بِهِ لِنَفْسِهِ التَّمْكِينَ مِمّا يُرِيدُ سَبَّبَ عَنْهُ قَوْلَهُ: ﴿فَحَسْبُهُ﴾ أيْ كِفايَتُهُ ﴿جَهَنَّمُ﴾ تَكُونُ مِهادًا لَهُ كَما مَهَّدَ لِلْفَسادِ، وتَخْصِيصُ هَذا الِاسْمِ المُنْبِئِ عَنِ الجَهامَةِ في المُواجَهَةِ أيِ الِاسْتِقْبالِ بِوَجْهٍ كَرِيهٍ لِما وقَعَ مِنهُ مِنَ المُواجَهَةِ لِمَن أمَرَهُ مِن مِثْلِهِ. قالَ الحَرالِيُّ: فَلِمَعْنى ما يَخْتَصُّ بِالحُكْمِ يُسَمِّي تَعالى (p-١٧٦)النّارَ بِاسْمٍ مِن أسْمائِها - انْتَهى. ﴿ولَبِئْسَ المِهادُ﴾ هي والمِهادُ مَوْطِنُ الهُدُوءِ والمُسْتَطابُ مِمّا يُسْتَفْرَشُ ويُوطَأُ - قالَهُ الحَرالِيُّ، وقالَ: فِيهِ إشْعارٌ بِإمْهالِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ لِهَذِهِ الأُمَّةِ رِعايَةً لِنَبِيِّها فَأحْسَبَ فاجِرَها وكافِرَها بِعَذابِ الآخِرَةِ، ولَوْ عاجَلَ مُؤْمِنُها بِعُقُوبَةِ الدُّنْيا فَخَلَّصَ لِكافِرِها الدُّنْيا ولِمُؤْمِنِها الآخِرَةَ وأنْبَأ بِطُولِ المَقامِ والخُلُودِ فِيها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب