الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾ قال أبو إسحاق: ("ذكر" مرتفع بالمضمر المعنى: هذا الذي نتلو عليك ذكر) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 318.]]. قال الأخفش: (كأنه قال: ومما نقص عليك ذكر رحمة ربك) [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 624.]]. وذكر الفراء وجها آخر فقال: (الذكر مرفوع بكهيعص) [["معاني القرآن" للفراء 2/ 161. قال أبو البقاء في "إملاء ما من به الرحمن" 1/ 110: وفيه بعد؛ لأن الخبر هو المبتدأ في المعنى وليس في الحروف المقطعة ذكر الرحمة، ولا في ذكر الرحمة معناها.]]. وأنكره الزجاج فقال: (هذا محال؛ لأن كهيعص ليس مما أنباء الله به عن زكريا، ولم يجيء في شيء من التفسير أن كهيعص هو قصة زكريا) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 318.]]. وقول الفراء صحيح على قول من يقول: كهيعص اسم لهذه السورة، وهو قول الحسن [["النكت والعيون" 3/ 352، "معالم التنزيل" 5/ 217، "زاد المسير" 5/ 206.]]. ويصير المعنى كأنه قيل هذه السورة ذكر رحمة ربك، وقد تضمنت هذه السورة قصة زكريا. وذكر صاحب النظم هذا القول فقال: (هذه الحروف كأنها اسم لهذه السورة، فصارت مبتدأ وصار خبرها في قوله: ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ﴾ [[في (ص): (ثم حذف المضاف)، زائد على الأصل.]] [[ذكره نحوه بلا نسبة "المحرر الوجيز" 9/ 423، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 75، "البحر المحيط" 6/ 172.]]. وقال ابن الأنباري مصححًا قول الفراء منكرًا على الزجاج: (تلخيص قول الفراء كهيعص ابتداء ذكر رحمة ربك، وتقدمه ذكر رحمة ربك ثم حذف المضاف، وافتتاح الشيء داخل فيه ومحسوب من جملته) [[أورده بلا نسبة "المحتسب" 2/ 37، "المحرر الوجيز" 9/ 425، "البحر المحيط" 6/ 172، "الدر المصون" 7/ 561.]]. والمراد بالرحمة هاهنا: إجابة الله تعالى زكريا حين دعاه وسأله الولد [["النكت والعيون" 3/ 354، "التفسير الكبير" 11/ 179، "فتح القدير" 3/ 458.]]. وانتصب قوله: "عبده" بالذكر، ومعنى الآية على التقديم والتأخير تقديرها: ذكر ربك عبده بالرحمة، هذا قول الفراء، والزجاج، وصاحب النظم [["معاني القرآن للفراء" 2/ 261، "معاني القرآن" للزجاج 3/ 318.]]. وقال الأخفش: (انتصب العبد بالرحمة كما نقول: هذا ذكر ضرب زيد عمرا) [["معاني القرآن" للأخفش 2/ 624.]]. وهذا هو الوجه؛ لأن الله تعالى ذكر في هذه السورة رحمته زكريا بإجابة دعائه، وليس يحتاج في هذا القول تقدير التقديم والتأخير.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب