الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ﴾ هذا مما أخبر الله تعالى أنه قضى به إلى بني إسرائيل في كتابهم، والمعنى: لعل ربكم أن يرحمكم ويعفو عنكم بعد انتقامه منكم يا بني إسرائيل، قال المفسرون: فعاد الله بعائدته ورحمته عليهم حتى كثروا وانتشروا [[ورد في "تفسير السمرقندي" 2/ 261، بمعناه، و"هود الهواري" 2/ 410، بنحوه مختصرًا، وانظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 12، و"القرطبي" 10/ 223.]]. قال الأخفش: في الآية محذوف، تقديره: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ﴾ إن فعلتم ذلك؛ يعني أحسنتم وتركتم المعاصي [[ليس في معانيه.]]، ثم قال: ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾ قال الحسن: وإن عدتم بالمعصية عدنا بالعقوبة [[ورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 126، بنصه.]]. قال قتادة وإبراهيم وغيرهم: فعاد [[في (أ)، (د): (فعادو).]] القوم لشر ما يحضر بهم، فبعث الله عليهم من شاء لنقمته وعقوبته [[أخرجه الطبري 15/ 43، بنصه تقريبًا عن قتادة، وبمعناه عن ابن عباس وقتادة، == ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 104 ب - بمعناه عن قتادة، و"الماوردي" 3/ 231 - بمعناه عن قتادة، و"الطوسي" 6/ 452 - بمعناه عن ابن عباس وقتادة، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 80، عن قتادة، و"ابن الجوزي" 5/ 12، عن قتادة، و"القرطبي" 10/ 224، عن قتادة، و"أبي حيان" 6/ 11، و"ابن كثير" 3/ 30.]]، ثم كان آخر ذلك أن بعث عليهم هذا الحي من العرب فهم في عذاب منهم أبدًا إلى يوم القيامة، يُعْطُون الجزية عن يد وهم صاغرون، وهو معنى قوله: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ﴾ [[أورد المؤلف في تفسير هذه الآية قول ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة؛ قالوا: هم العرب ومحمد -ﷺ- وأمته، بعثهم الله على اليهود يقاتلونهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية.]] الآية [الأعراف: 167]. وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ قال ابن عباس والمفسرون كلهم: سجنًا ومحبسًا [[ورد في "تفسير مقاتل" 1/ 212 ب بلفظه، وأخرجه "عبد الرزاق" 2/ 374 بلفظه عن قتادة، وورد بلفظه في: غريب القرآن لليزيدي ص 212، و"الغريب" لابن قتيبة 1/ 252، وأخرجه "الطبري" 15/ 45 بلفظه عن ابن عباس -من طريق ابن أبي طلحة- وأبي عمران وقتادة وابن زيد، وبمعناه عن ابن عباس وقتادة ومجاهد، وورد كذلك في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 126 بلفظه عن قتادة، و"تفسير السمرقندي" 2/ 261 بنصه، و"هود الهواري" 2/ 410 بلفظه، و"الثعلبي" 7/ 104 ب بلفظه، و"الطوسي" 6/ 452 بلفظه ابن عباس ومجاهد وابن زيد وقتادة، وانظر: "تفسير البغوي" 5/ 80، و"ابن الجوزي" 5/ 12، و"القرطبي" 10/ 224، و"الخازن" 3/ 158، و"ابن كثير" 3/ 30.]]، وذكرنا الكلام في الحصر عند قوله: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ [البقرة: 196]، قال الأخفش في قوله: ﴿حَصِيرًا﴾، أي: مَحْبِسًا ومَحْصِرًا [[ليس في معانيه، وورد في "تهذيب اللغة" (حصر) 1/ 839، بنصه.]]، وهو قول جميع أهل اللغة؛ قال الليث: يُفَسَّر على أنهم يُحْصَرُون فيها [[ورد في "تهذيب اللغة" (حصر) 1/ 839 بنصه.]]، وقال ابن قتيبة: هو فعيل بمعنى فاعل [["الغريب" لابن قتيبة 1/ 252 بنصه.]]. وقال أبو إسحاق: حصيرًا معناه حَبْسًا؛ من حصرته، أي حَبَسْتُه فهو محصور، وهذا حَصِيرُهُ أي مَحْبِسُهُ [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 228 بتصرف يسير.]]، والحصير الملك لأنه محجوب فكأنه محصور [[ورد بنصه تقريبًا في "تفسير الطبري" 15/ 45، و"الثعلبي" 7/ 104 ب، و"الطوسي" 6/ 452، انظر: "الصحاح" (حصر) 2/ 631، و"مجمل اللغة" 1/ 239، و"اللسان" (حصر) 2/ 896، و"عمدة الحفاظ" 1/ 482.]]، والحصير الجَنْبُ؛ لأن بعض الأضلاع محصور مع بعض [[ورد في "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 229 بنصه، (الجَنْبُ): شِقُّ الإنسان وغيره. "اللسان" (جنب) 1/ 275.]]، ومن هذا يقال للذي يُفْرَش: حصير؛ لحصر بعضه على بعض بالنسج [[قاله القُشَيْرِي؛ كما في "تفسير القرطبي" 10/ 224، انظر (حصر) في "تهذيب اللغة" 1/ 839، و"اللسان" 2/ 897، و"عمدة الحفاظ" 1/ 481، وقال: سمي الحصير حصيرًا لكونه يَحصرُ من يجلس عليه.]]. وإلى هذا ذهب الحسن في تفسير هذه الآية. فقال في قوله: ﴿لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ أي مهادًا وفراشًا [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 374 بنصه، و"الطبري" 15/ 45 - 46 بنصه، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 126 بنصه، وتصحفت فيه: مهادًا إلى معادًا، و"المفردات" ص 238 بلفظه، و"تفسير الثعلبي" 7/ 104 ب بنصه، و"الماوردي" 3/ 231، بنصه، و"الطوسي" 6/ 452 بلفظه، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 80، و"ابن الجوزي" 5/ 12، و"القرطبي" 10/ 224، و"عمدة الحفاظ" 1/ 482، و"تفسير ابن كثير" 3/ 30. وقد رجح الطبري قول الحسن هذا، وقال: إن الحصير بمعنى البساط في كلام العرب أشهر منه بمعنى الحبس، كما أن فعيلًا في الحصر بمعنى وصفه بأنه الحاصر لا وجود له في كلام العرب، وقال الثعلبي: وهو وجه حسن.]]؛ كما قال تعالى: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ﴾ [الأعراف: 41]. وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ﴾ إلى آخر الآية. فصلٌ يحتمل أن يكون ابتداءَ إخبارٍ عن الله تعالى في عقاب جميع الكافرين، ويحتمل أن يكون عطفًا على ما قبله؛ فيتضمن الإخبار عن تمام عقابهم على عودهم، والمراد بالكافرين اليهود؛ كأنه قيل: وإن عدتم للمعاصي والفساد عدنا عليكم بالتسليط، هذا في الدنيا، وجعلنا جهنم لكم مَحْبَسًا في الآخرة، وصرف الخطاب إلى المعاينة في قوله: ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب