الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ قال أبو إسحاق: يعني به يوم القيامة، وهو منصوب على معنى: اذكر يوم ندعو، قال: وجوز أن يكون منصوبًا بمعنى يعيدكم الذي فطركم يوم يدعو [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 252، بنصه تقريبًا.]].
قال أبو علي الفارسي: الظرف ها هنا بمنزلة إذا؛ لأنه لا يجوز أن يكون العامل فيه ما قبله من قوله: ﴿وَفَضَّلْنَاهُمْ﴾؛ لأنه فعل ماض، وليس العامل أيضًا يدعو؛ لأنه فعل مستقبل، فإذا لم يكن في هذا الكلام فعل ظاهر يتعلق به الظرف تعلق بما دلّ عليه قوله: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ [[لم أقف عليه، وذُكر هذا القول في:"الإملاء" 2/ 94، و"البيان في غريب إعراب القرآن" 2/ 94.]]؛كما أن قوله: ﴿قَالُوا أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ [المؤمنون: 82] على تقدير: أإذا متنا بعثنا، كذلك هاهنا يُجعل الظرفُ بمنزلة إذا، فيصير التقدير: إذا دُعي كل أناس لم يُظْلموا، ومثل هذا سُوّي قوله: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ﴾ الآية [فصلت: 19].
وقوله تعالى: ﴿بِإِمَامِهِمْ﴾ الإمام في اللغة معناه: كل من ائتَمَّ به قوم كانوا على هدى أو ضلالة، والنبيّ إمام أُمّته، والخليفة إمام رعيته، والقرآن إمام المسلمين، وإمام الغلام في المكتب: ما يتعلمه كل يوم [[ورد في "تهذيب اللغة" (أم) 1/ 205، بنصه، انظر: "العين" (أمم) 8/ 428، و"مقاييس اللغة" 1/ 28، و"اللسان" (أمم) 1/ 133.]]، واختلفوا في معنى الإمام هاهنا، فروى معمر عن قتادة، وشبل عن أبي نجيح عن مجاهد: بنبيهم [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 382 بلفظه عن قتادة، و"الطبري" 15/ 126 بلفظه عنهما من طرق، وورد بلفظه في "تفسير الجصاص" 3/ 205، عنهما، و"السمرقندي" 2/ 277، عن مجاهد، و"الثعلبي" 7/ 114 ب، و"الماوردي" 3/ 258، و"الطوسي" 6/ 504، عنهما، و"الدر المنثور" 4/ 351 وزاد نسبته إلى ابن المنذر عن مجاهد.]]، ورُوي ذلك مرفوعًا عن أبي هريرة عن النبي -ﷺ- [[لم أقف عليه مسندًا، وورد عنه بلفظه في "تفسير الثعلبي" 7/ 114 ب ،"الفجر الرازي" 21/ 17.]].
ويكون المعنى على هذا: أن ينادي يوم القيامة فيقول: هاتوا متبعي إبراهيم، هاتوا متبعي في موسى، هاتوا متبعي محمد -ﷺ-، فيقوم أهلُ الحق الذين اتبعوا الأنبياء فيأخذون كتبهم بأيمانهم، ثم يقال: هاتوا متبعي الشيطان، هاتوا متبعي الطغاة في عبادة الأوثان، هاتوا متبعي رؤساء الضلالة في اعتقاد الجهالة، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية سعيد بن جبير قال: إمام هدى أو إمام ضلالة [[ورد في "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 252 بنصه، و"تفسير الثعلبي" 7/ 114 ب، بنحوه، انظر: "تفسير السمعاني" 3/ 263، بنصه، و"البغوي" 5/ 109، و"ابن الجوزي" 5/ 64، و"الدر المنثور" 4/ 351 وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.]]، ونحو هذا روى علي بن أبي طلحة فقال: بأئمتهم في الخير والشر [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 114 ب، بنصه.]].
وقال في رواية أبي صالح: برئيسهم [[ورد في "الغريب" لابن قتيبة 1/ 260 بلفظه (ضعيفة)، انظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 64.]]، ويدخل في هذا كل من كانوا يأتمون به في الدنيا، وعلى هذا التفسير قال أبو علي: الباء في بإمامهم تكون على ضربين؛ أحدهما: أن تكون متعلقة بالفعل الذي هو ندعو في موضع المفعول الثاني؛ كأنه قيل: ندعو كل أناس بكونهم تبعة وشيعة لإمامهم؛ كما تقول: أدعوك باسمك، فيكون كقولك: أدعوك زيدًا، ويجوز أن تتعلق بمحذوف، ذلك المحذوف في موضع الحال؛ كأنه ندعو كل أناس مُخَلَّطين بإمامهم، أي يُدعون وإمامهم فيهم [[في جميع النسخ: (فيه) والصحيح المثبت؛ لأن الضمير يعود على جمع.]]؛ نحو: ركب شأنه [[أي قصده. "القاموس" (شأن) ص 1208.]]، وجاء في جنوده [[لم أقف عليه، وذكر نحوه في "مشكل إعراب القرآن" 2/ 32، و"البيان في غريب == إعراب القرآن" 2/ 94، و"تفسير الفخر الرازي" 21/ 17، و"الإملاء" 2/ 94، و"الفريد في إعراب القرآن" 3/ 291، و"الدر المصون" 7/ 390.]]، فيكون الدعاء على هذا الوجه متعديًا إلى مفعول واحد خلاف الوجه الأول.
وقال الضحاك وابن زيد: يعني بكتابهم الذي أنزل عليهم [[أخرجه "الطبري" 15/ 127 بلفظه عنهما، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 177، بلفظه عن الضحاك، و"تفسير الثعلبي" 4/ 117 ب بنصه عنهما، و"الماوردي" 3/ 258 بنصه عن ابن زيد، انظر "تفسير البغوي" 5/ 109.]].
وهو رواية وَرْقَاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد [["تفسير مجاهد" 1/ 367 بلفظه، وأخرجه "الطبري" 15/ 127 بلفظه، وورد بلفظه في: "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 252، و"تفسير الثعلبي" 7/ 114 ب، انظر: "تفسير ابن كثير" 3/ 59.]]، ونحوه قال أبو صالح [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 114 ب، بنصه، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 109، بنصه.]].
ويكون المعنى على هذا: أن ينادى يا أهل القرآن، يا أهل التوراة، يا أهل الإنجيل، وتقدير الباء على ما ذكرنا.
وقال الحسن: بكتابهم الذي فيه أعمالهم [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 382، بنصه، و"الطبري" 15/ 127، بنصه، وورد في "الغريب" لابن قتيبة 1/ 260، بنصه، و"معاني القرآن" للنحاس 4/ 177 - بلفظه، و"مشكل إعراب القرآن" 2/ 32، بنصه، و"تفسير الجصاص" 3/ 205، بنحوه، و"السمرقندي" 2/ 277، بنصه.]]، وهو قول الربيع وأبي العالية [[أخرجه "الطبري" 15/ 127 بلفظ بأعمالهم عنهما، وورد بهذا اللفظ في "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 434، عن أبي العالية، و"تفسير السمرقندي" 2/ 277،عن أبي العالية، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 109؛ عن أبي العالية.]]، وابن عباس في رواية عطية قال: إمَامُه ما عمل وأملى فكُتب عليه [[أخرجه "الطبري" 15/ 126 بنصه (ضعيفة)، وورد في "الثعلبي" 7/ 114 ب، بنصه.]]، وعلى هذا سُمِّي الكتاب إممامًا [لأنه يؤتم بما أحصاه، قاله ابن قتيبة [["تأويل مشكل القرآن" ص 459، بنحوه.]]، وهذا كقوله: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: 12] فسمى الكتاب إمامًا) [[ما بين القوسين ساقط من (أ)، (د).]]، وأما تقدير الباء على هذا القول، فهو بمعنى مع، أي يدعى كل أناس ومعهم كتابهم، كقولك: ادفعه إليه برُمَّته [[الرُّمّة: هي القطعة من الحبل، وأصله البعير يُشد في عنقه حبل، فيقال أعطاه البعير برُمَّته، قال الجوهري: أصله أن رجلاً دفع إلى رجل بعيرًا بحبل في عنقه، فقيل ذلك لكل من دفع شيئًا بجملته.
انظر: "المحيط في اللغة" (رم) 10/ 216، و"الصحاح" (رمم) 5/ 1936، و"اللسان" (رمم) 3/ 1736.]]، أي ومعه رُمَّته، قاله أبو علي [[لم أقف عليه.]]، وهذا القول اختيار أبي إسحاق، قال: ويدل عليه سياق الآية [[ليس في معانيه.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾، الفتيل: القشرة التي في شق النواة، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء وعكرمة [[ورد في "إعراب القرآن" للنحاس 2/ 252، بنحوه من طريق عكرمة (جيدة).]]، وهو قول أكثر المفسرين [[أخرجه بنحوه عن قتادة: "عبد الرزاق" 2/ 382، و"الطبري" 15/ 127، وورد بنحوه في "الغريب" لابن قتيبة 1/ 260، و"نزهة القلوب" ص 351، و"معاني القرآن" للنحاس 4/ 177، و"المفردات" ص 623، و"تفسير المشكل" ص 230، و"تفسير الثعلبي" 7/ 114 ب، بنصه.]].
وأهل اللغة قالوا: وهذا يضرب مثلًا للشيء الحقير التافه [[ورد في "تهذيب اللغة" (فتل) 3/ 2738 بنصه، انظر: (فتل) في "مقاييس اللغة" 4/ 472، و"الصحاح" 5/ 1788، "اللسان" 6/ 3344.]]، ومثله: القطمير والنقير في ضرب المثل به، والمعنى: لا يُنْقَصون من الثواب بمقدار فتيل. قال عطاء عن ابن عباس: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾، يريد. لا يُنقصون فتيلًا من الثواب، وروى مجاهد عن ابن عباس قال: الفتيل: ما خرج بين إصبعك فتفتله؛ كالشيء الحقير [[ورد في "تهذيب اللغة" (فتل) 3/ 2738، بنحوه، انظر: "تفسير الفخر الرازي" 21/ 18، و"تنوير المقباس" ص 303.]]، وهو فعيل، من الفتل.
{"ayah":"یَوۡمَ نَدۡعُوا۟ كُلَّ أُنَاسِۭ بِإِمَـٰمِهِمۡۖ فَمَنۡ أُوتِیَ كِتَـٰبَهُۥ بِیَمِینِهِۦ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَقۡرَءُونَ كِتَـٰبَهُمۡ وَلَا یُظۡلَمُونَ فَتِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق