الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾، أي: أولئك الذين يدعونهم المشركون، واختلفوا فيهم؛ من هم؟ فرُوي بطرق مختلفة عن ابن مسعود أنه قال: كان نفر من الإنس -قال المفسرون: وهم خزاعة [[ورد في "معاني القرآن" للفراء 2/ 125، انظر: "تفسير أبي حيان" 6/ 51.]] - يعبدون نفرًا من الجن، فأسلم النفر من الجنّ، واستمسك الإنس بعبادتهم، فنزلت: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ الآية [[أخرجه "عبد الرزاق" 2/ 379، بنحوه من طريقين، والبخاري (4715) كتاب: التفسير، الإسراء، باب: قوله ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ﴾ بنحوه من طريق الأعمش، وليس فيه التصريح بالنزول، ومسلم (3030) كتاب: التفسير باب: في قوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ بنصه من طريق الأعمش، والنسائي في "تفسيره" 1/ 652، بنحوه، و"الطبري" 15/ 104 بنصه وبنحوه من عدة طرق ورجحه، والحاكم: التفسير/ الإسراء 2/ 362، بنحوه من طريق الأعمش، وورد بنحوه في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 165، و"تفسير السمرقندي" 2/ 273، و"هود الهواري" 2/ 426، و"الثعلبي" 7/ 111 ب، و"الماوردي" 3/ 250، و"الطوسي" 6/ 491، انظر: "لباب النقول" ص 137.]]. روى هذا قتادة عن عبد الله بن معبد الزِّمَّاني [[عبد الله بن معبد الزِّمَّاني البصري، من جِلّة التابعين، ثقة، روى عن أبي هريرة وعبد الله بن عتبة -رضي الله عنهما- وعنه قتادة وثابت. انظر: "الجرح والتعديل" 5/ 173، و"ميزان الاعتدال" 3/ 221، و"الكاشف" 2/ 600 (2997)، و"تقريب التهذيب" ص 324 (324).]] عن ابن مسعود. وقال أبوصالح عن ابن عباس في هذه الآية: هم عيسى وعزير والملائكة، وما كان عُبِدَ من دون الله وهو لله مطيع [[أخرجه "الطبري" 15/ 105 من طريق أبي صالح (واهية) بروايتين، وفيهما قال: عيسى وأمه وعُزير، وورد في "معاني القرآن" للنحاس 4/ 166 مختصرًا، و"تفسير السمرقندي" 2/ 273 بنصه، و"الثعلبي" 7/ 111 ب بزيادة وأمه والشمس والقمر والنجوم، و"الماوردي" 3/ 251 مختصرًا، و"الطوسي" 6/ 491، بنحوه، انظر: "تفسير البغوي" 5/ 101، و"الدر المنثور" 4/ 343 بزيادة وحذف، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن المنذر.]]، ونحو هذا قال مجاهد والسدي والحسن [["تفسير مجاهد" 1/ 364، وأخرجه "الطبري" 15/ 106، عن السدي ومجاهد من طريقين، وورد في "تفسير هود الهواري" 2/ 426، عن الحسن، و"الثعلبي" 7/ 111 ب عن مجاهد، و"الماوردي" 3/ 251 عن مجاهد، و"الطوسي" 6/ 491 عن الحسن، انظر: "تفسير ابن كثير" 3/ 53، عن السدي.]]، قال الفراء: قوله: ﴿يَدْعُونَ﴾ فِعلُ الآدميين العابدين، وقوله تعالى: ﴿يَبْتَغُونَ﴾ فِعلٌ للمعبودين الذين عبدوهم [["معاني القرآن" للفراء 2/ 125 بمعناه.]]. ومعنى ﴿يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ قال ابن عباس: يتضرعون إلى الله في طلب الجنة [[ورد بنصه غير منسوب في "تفسير الثعلبي" 7/ 111 ب، و"القرطبي" 10/ 279.]]، والوسيلة: الدرجة العليا [[ومن ذلك ماورد في حديث الأذان: (.. آت محمدًا الوسيلة والفضيلة ..) أخرجه البخاري (4719) كتاب: الَتفسير، باب: أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم == الوسيلة ... ، (614) كتاب: الأذان، الدعاء عند النداء، قال ابن الأثير: وسل في الأصل: ما يُتَوَصَّلُ به إلى الشيء ويُتقرَّبُ به، والمراد بها في الحديث: القرب من الله تعالى، وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة، وقيل: هي منزلة من منازل الجنَّة. انظر: "النهاية" 5/ 185.]]. وقال الزجاج: الوسيلة والسؤال والطِّلْبَةُ في معنى واحد [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 246 بنصه تقريبًا.]]، وقد مرَّ ذكرى الوسيلة [[في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: 35].]]، و ﴿أُولَئِكَ﴾ رُفع بالابتداء، و ﴿الَّذِينَ﴾ صفة لهم، و ﴿يَدْعُونَ﴾ صلة، و ﴿يَبْتَغُونَ﴾ خبر الابتداء. وقوله تعالى: ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ قال الزجاج: ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ لأنه بدل من الواو في ﴿يَبْتَغُونَ﴾، والمعنى: يبتغي أيّهم هو أقرب الوسيلة إلى الله؛ أي يتقرب إليه بالعمل الصالح [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 246، بنصه.]]، ونحو هذا قال ابن عباس في قوله: ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ قال: يتقربون إلى الله بصالح الأعمال؛ فيرجون رحمته، ويريدون جنته، ويخافون عذابه. قال أبو إسحاق: أي الذين يزعمون أنهم آلهة يرجون ويخافون [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 246، بنصه.]]. وقرأ ابن مسعود: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ بالتاء [[ورد في إعراب القرآن للنحاس 2/ 245، انظر: "تفسير الثعلبي" 7/ 111 ب- وذكر أن ﴿يَبْتَغُونَ﴾ أيضًا بالتاء، وهو مما انفرد به، وقد قال القرطبي: ولا خلاف في ﴿يَبْتَغُونَ﴾ أنه بالياء، و"تفسير السمعاني" 3/ 250، و"البغوي" 5/ 101، و"ابن عطية" 9/ 119، و"القرطبي" 10/ 279، ووردت ﴿يَدْعُونَ﴾ بالياء مبنيًّا للمجهول== في "القراءات الشاذة" لابن خالويه ص 80، و"إعراب القراءات الشاذة" 1/ 792، والقراءة بالتاء في (تدعون) و (تبتغون) شاذة أيضًا.]]، ﴿يَبْتَغُونَ﴾ بالياء، قال أبو عبيد: ولولا كراهة الخلاف كانت هذه القراءة آثر عندي؛ للخطاب الذي قبلها [[لم أقف عليه، وُيردّ عليه بأن الالتزام بالقراءة السبعية المتواترة مقدم على مراعاة السياق.]]، وذهب بعضُ المفسرين إلى أن هذه الآية من صفة الأنبياء الذين تقدم ذكرهم [[ورد في "تفسير الطوسي" 6/ 491 - منسوبًا إلى أبي علي، ونسب لابن فُورك في "تفسير ابن عطية" 9/ 121، و"أبي حيان" 6/ 51.]]. وروى عطاء عن ابن عباس في هذه الآية، قال: ثم ذكر أولياءه، فقال: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ الآية. وعلى هذا القول الآية صفة المؤمنين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب