الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ﴾ معنى التَّصْرِيف في اللغة: صَرْفُ الشيء من جهة إلى جهة، نحو تَصْرِيف الرِّيَاحِ، وتصريف الأمور والآيات [[انظر: (صرف) في "المحيط في اللغة" 8/ 128، و"العباب الزاخر" ف/ 349، و"اللسان" 4/ 2434.]]، قال أبو إسحاق: ﴿صَرَّفْنَا﴾، أي: بينا [["معاني القرآن وإعرابه" 3/ 241 بلفظه.]]، وهو قول ابن عباس [[انظر: "تنوير المقباس" ص 300، وورد بلا نسبة في "تفسير الفخر الرازي" 20/ 216، و"القرطبي" 10/ 264.]]، والأصل ما ذكرنا، ثم يصير بمعنى التَّبْيِين؛ لأن تصريفه إنما هو لِيَتَبَيَّن، ومفعول التصريف محذوف.
قال صاحب النظم: تأويله: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ﴾: بما أوجب تصريفه، كما قال في موضع آخر: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ﴾ [الكهف: 54] قال: وفيه وجه آخر، وهو أن تكون (في) زائدة، كما في موضع آخر: ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي﴾ [الأحقاف: 15]، أي: أصلح لي ذريتي [[وقد رد هذا القول أبو حيان، وقال: وهذا ضعيف لأن (في) لا تزاد. "تفسير أبي حيان" 6/ 39.]].
وقال أبو علي: أي صَرَّفنا ضروبَ القولِ فيه؛ من الأمثال وغيرها مما يوجب الاعتبار به والتفكر فيه؛ كما قال: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ﴾ الآية [["الحجة للقراء" 5/ 104، مختصرًا.]] [القصص: 51]، فعند أبي علي تقدير الآية: ولقد صَرَّفنا القول [[ساقط من (أ)، (د).]] في هذا القرآن.
قوله تعالى: ﴿لِيَذَّكَّرُوا﴾ قال ابن عباس: يريد ليتعظوا [[ورد بلفظه بلا نسبة في "تفسير السمرقندي" 2/ 269، و"الثعلبي" 7/ 109 أ، و"الخازن" 3/ 165.]]، والأصل ليتذكروا، فأدغمت التاء في الذال لقرب مخرجيهما، هذا قراءة العامة [[انظر: "السبعة" ص 380، و"إعراب القراءات السبع وعللها" 1/ 374، و"الحجة للقراء" 5/ 104، و"المبسوط في القراءات" ص 229، و"التبصرة" ص 140، و"تلخيص العبارات" ص 113.]]، وقرأ حمزة والكسائي: لِيَذْكُرُوا [[انظر المصادر السابقة.]] من الذكر، والتَّذَكُّرُ هاهنا أشبه [[أي: أولى.]] من الذكر؛ لأنه كأنَّ يُرادُ به التَّدَبُّر وليس التذكر الذي بعد النسيان، ولكن كما قال: ﴿وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29]، أي: ليتدبروه بعقولهم، وليس المراد ليتذكروه بعد نسيانهم، ويدل على هذا، أن التذكر قد لا يكون من النسيان، كقوله [[للكميت بن زيد (ت 126 هـ).]]:
تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّى ومِنْ أَيْنَ شِرْبُهُ .... يُؤَامِرُ نَفْسَيْهِ كَذِي الهَجْمَةِ الأَبِلْ [["ديوانه" 1/ 396، وورد في: "الحجة للقراء" 1/ 317، و"اللسان" أبل 1/ 10، والشاعر يذكر حمارًا أراد ورورد الماء، (يؤامر نفسيه): المؤامرة هي المشاورة، والمعنى: يشاور نفسه مترددًا بين ورود الماء أو تركه، فكأنه يشاور نفسين؛ إحداهما تريد الورود، والأخرى تأباه. (الهجمة): الهجمةُ من الإبل: ما بين التسعين إلى المائة، وجمعها هَجَمَاتٌ وهِجَامٌ، (أَبِلَ): قال الأصمعي: أَبِلَ الرجُل يأبل أبالةً، إذا حَذِق مصْلحة الإبل والشاء، والأبِلُ والآبلُ: الحاذق برِعْيةِ الإبلِ الرفيقُ بسياستها، انظر: "تهذيب اللغة" (أبل) 1/ 109، و"المحيط في اللغة" (هجم) 3/ 385، (أمر) 10/ 284، (أبل) 10/ 350، و"اللسان" (أبل) 1/ 9.]]
يعني تَدَبَّر في ذلك وتفَكَّر من أين يشرب، وأمّا [مَنْ] [[زيادة يقتضيها السياق، ولعلها سقطت.]] قرأ بالتخفيف، فإن التخفيف قد جاء بهذا المعنى، كقوله: ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا﴾ [البقرة: 63] هذا ليس على لا تنسوه ولكن تَدَّبروه [[في جميع النسخ: تذكروه وهو تصحيف ولا يؤدي المعنى المستشهد له، وما أثبته هو الصواب ويؤيده ورودها في "الحجة للقراء" 5/ 104، وهو مصدره.]]، ويجوز أن يكون المراد ذكر اللسان، والمعنى: صَرَّفنا في هذا القرآن ليذكروه، وإذا كان الكلام مُصَرَّفًا فيه على أنواع، كان أقرب من الذكر وأبعد من السأمة.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾ قال ابن عباس: يريد ينفرون من الحق ويتبعون الباطل [[انظر: "تفسير ابن الجوزي" 5/ 38، بنصه.]]، قال أبو علي: أي ما يزيدهم تصريف الآيات إلا نفورًا [["الحجة للقراء" 5/ 105، بتصرف يسير.]]، أضمر الفاعل بدلالة ما تقدم عليه؛ كقوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾ [فاطر: 42]، أي: مجيء النذير.
قال أهل المعاني: إنما زادهم نفورًا؛ لأنهم اعتقدوا أنها شُبَه وحِيَل، فنفروا منها أشد النفور؛ لهذا الاعتقاد الفاسد، ومنعهم ذلك من التَدبُّر لها، وإدراك منزلتها في عظم الفائدة وجلالة المنزلة [[ورد في "تفسير الثعلبي" 7/ 109 أ، بنحوه مختصرًا، و"الطوسي" 6/ 480 بنصه تقريبًا.]].
وقال أبو علي: هذا على أنهم ازدادوا نفورًا عند تفصيل الآي لهم؛ [لا] [[إضافة من المصدر ليستقيم الكلام، وبدونها يضطرب المعني.]] لأن تصريف الآي نَفَّرهم [["الحجة للقراء" 5/ 105 بنصه.]]؛ ولكنهم لما ازدادوا نفورًا عند تصريف الآي نُسب ذلك إليه على الاتساع؛ كما قال: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا﴾ [فاطر: 42]، والمعنى: ازدادوا هم نفورًا عند مجيئه فَنُسب ذلك إلى مجيء النذير.
{"ayah":"وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِی هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِیَذَّكَّرُوا۟ وَمَا یَزِیدُهُمۡ إِلَّا نُفُورࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق