الباحث القرآني

ولَمّا كانَ في هَذا مِنَ البَيانِ ما لا يَخْفى عَلى الإنْسانِ؛ ولَمْ يَرْجِعُوا؛ أشارَ إلى أنَّ لَهم أمْثالَ هَذا الإعْراضِ عَنْ أمْثالِ هَذا البَيانِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿ولَقَدْ صَرَّفْنا﴾؛ أيْ: طَرَّقْنا تَطْرِيقًا عَظِيمًا بِأنْواعِ طُرُقِ البَيانِ؛ مِنَ العِبَرِ؛ والحِكَمِ؛ والأمْثالِ؛ والأحْكامِ؛ والحُجَجِ؛ والأعْلامِ؛ في قَوالِبِ الوَعْدِ؛ والوَعِيدِ؛ والأمْرِ؛ والنَّهْيِ؛ والمُحْكَمِ؛ والمُتَشابِهِ؛ إلى غَيْرِ ذَلِكَ؛ ﴿فِي هَذا القُرْآنِ﴾؛ مِن هَذِهِ الطُّرُقِ؛ ما لا غُبارَ عَلَيْهِ؛ ونَوَّعْناهُ مِن جِهَةٍ إلى جِهَةٍ؛ ومِن مِثالٍ إلى مِثالٍ؛ و”التَّصْرِيفُ“؛ لُغَةً: صَرْفُ الشَّيْءِ مِن جِهَةٍ إلى أُخْرى؛ ثُمَّ صارَ كِنايَةً عَنِ التَّبْيِينِ؛ قالَهُ أبُو حَيّانَ. ولَمّا كانَ ذَلِكَ مَرْكُوزًا في الطِّباعِ؛ ولَهُ في العُقُولِ أمْثالٌ تَبْرُزُ عَرائِسُها مِن خُدُورِها بِأدْنى التِفاتٍ مِنَ النَّفْسِ؛ سُمِّيَ الوَعْظُ بِها تَذْكِيرًا؛ بِما هو مَعْلُومٌ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿لِيَذَّكَّرُوا﴾؛ أيْ: نَوْعًا مِنَ التَّذْكِيرِ - بِما أشارَ إلَيْهِ الإدْغامُ؛ فَإنَّهُ - سُبْحانَهُ - كَرِيمٌ؛ يَرْضى بِاليَسِيرِ - هَذا في قِراءَةِ الجَماعَةِ؛ وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ بِإسْكانِ الذّالِ؛ وضَمِّ الكافِ؛ إشارَةً إلى أنَّ جَمِيعَ ما في القُرْآنِ لا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنهُ عَنِ العَقْلِ؛ بَلْ هو مَرْكُوزٌ في الطِّباعِ؛ ولَهُ شَواهِدُ في الأنْفُسِ؛ والآفاقِ؛ يَسْتَحْضِرُها الإنْسانُ بِأدْنى إشارَةٍ؛ وأيْسَرِ تَنْبِيهٍ؛ إذا أُزِيلَ عَنْها ما سَتَرَها عَنِ العَقْلِ مِنَ الحُظُوظِ؛ (p-٤٢٢)والشَّواغِلِ؛ وأتْبَعَهُ قَوْلَهُ (تَعالى) - مُعَجِّبًا مِنهم -: ﴿وما يَزِيدُهُمْ﴾؛ التَّصْرِيفُ؛ ﴿إلا نُفُورًا﴾؛ عَنِ السَّماعِ؛ فَضْلًا عَنِ التَّذَكُّرِ؛ لِاعْتِقادِهِمْ أنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَراهِينَ؛ بَلْ هو شَبَهٌ وخَيْلٌ إلى صَرْفِهِمْ عَمّا هم فِيهِ؛ مِمّا ألِفُوهُ؛ وتَلَقَّوْهُ عَنْ آبائِهِمْ؛ وتَمادَتْ عَلَيْهِمُ الدُّهُورُ في اعْتِقادِ كَوْنِهِ حَقًّا؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب