الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ قال ابن عباس: يريد ما ذكر في هذه السورة، ومن يخلق هو الله عَزَّ وَجَلَّ، ﴿كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ يريد الأوثان؛ كقوله: ﴿هَذَا خَلْقُ اللَّهِ﴾ الآية. [لقمان: 11] وإنما قال: ﴿كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ للوثن لاقترانه في الذكر مع الخالق؛ كقوله: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ الآية [النور: 45] قال الفراء: والعرب تقول: اشتَبه عليّ الراكبُ وجمله، فلا أدري مَنْ ذا ومنْ ذا؟ حيثُ جَمَعَها وأحدُهما إنسان؛ صَلحت (مَنْ) فيهما [["معاني القرآن" للفراء 2/ 98، بنصه، وانظر: "تفسير الطبري" 14/ 93.]]، وقيل: إنهم لما عبدوها ذُكرت بلفظ (مَنْ) [[ذكر هذين القولين توجيهًا لاستخدام (منْ) وهي للعاقل كما يقول النحويون للتعبير بها عن غير العاقل؛ وهي الأصنام، وحقها (ما) عندهم؛ لأن الأصنام غير عاقلة.]]؛ كقوله: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ﴾ الآية [الأعراف: 195]، وقد مر. وقوله: ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ قال ابن عباس: يريد المشركين، يقول: أفلا تتعظون كما اتعظ المؤمنون [[انظر: "تنوير المقباس" ص 283، بنحوه.]]، قال أصحابنا: وهذه الآية دليل على أن الخالق واحد، وإنما يتميز الخالق من المخلوق بالقدرة على اختراع الخلق، فمن جعل نفسه خالقًا لأفعاله التي يفعلها فقد نصب نفسه خالقًا شريكًا لله في الخلق [[هذا ردّ على المعتزلة في زعمهم أن العباد خالقون لأفعالهم.]]، وقال أهل التأويل: معنى هذه الآية: إنكار تشبيه من يخلق بمن لا يخلق بالتسوية بينهما في العبادة، كما [[في جميع النسخ: (كمن)، وبالمثبت يستقيم الكلام.]] لا يجوز أن يُسوّى بين من ينعم ومن لا ينعم في الشكر [[ورد بمعناه في: "تفسير الطبري" 14/ 92، وهود الهواري 2/ 363، والطوسي 6/ 368.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب