الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً﴾. قال المفسرون [[الثعلبي 7/ 52 أ، البغوي 4/ 192، "زاد المسير" 4/ 140، القرطبي 9/ 78.]]: أغلق لوط بابه والملائكة معه في الدار، وهو يناظرهم ويناشدهم من وراء الباب، وهم يعالجون تسور الجدار، فقال لوط: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً﴾، قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 139، البغوي 4/ 192.]] في رواية عطاء: لو أن معي جماعة أقوى بها عليكم، وقال في رواية الكلبي [["تنوير المقباس" ص 143.]]: القوة: الولد وولد الولد، وعلى هذا جعل ما يتقوى به قوة، كما سمى العدة من السلاح قوة في قوله: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: 60]. وقال آخرون: أراد بالقوة: القدرة على دفعهم ومنعهم، هذا معني قول مقاتل [["تفسير مقاتل" 148 أ.]]، قال: القوة البطش. وقوله تعالى: ﴿أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ﴾، [قال ابن الأنباري] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]]: عطف آوي على القوة؛ لأن القوة مصدر، والمصدر يتأول بـ (أن) وتكون (أن) بمعناه [[في (ب): (معناه).]] فيقال: يعجبني قيامك ويعجبني أن تقوم، فنسق ﴿آوِي﴾ على القوة؛ لأن معه (أن) مُقدرة وتلخيصه: لو أن لي أتقوى أو أن آوي، فلما فقد المستقبل (أن) وقع بالزيادة التي في أوله ومثله [[القائل ميسون بنت بحدل الكلبية، والبيت في: "الخزانة" 3/ 593، 621، السيوطي ص 224، "الدر" 2/ 100، "المحتسب" 1/ 236، "شرح شذور الذهب" ص 381، "سر صناعة الإعراب" 1/ 273، "شرح شواهد الإيضاح" ص 250، "اللسان" (مسن) 6/ 4205، "المقاصد النحوية" 4/ 397.]]: للبس عباءة وتقر عيني ... أحب إلى من لبس الشفوف على تقدير لأن [[في (ي): (لا أن).]] ألبس وأن [[ساقط من (ي).]] تقر عيني، ومعنى ﴿آوِي﴾ أرجع وأضم؛ يقال: فلان يأوي إلى قوة وإلى ثروة. وقوله تعالى: ﴿إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾، الركن: كل ناحية قوية من نواحي الجبل والدار والقصر ونحو ذلك، وركن الرجل قوته وعُدده الذين يعتز بهم، وهو المراد في هذه الآية. قال ابن عباس [[هذا القول رواه الطبري 12/ 87 عن قتادة، وذكره البغوي 2/ 192، وأخرجه ابن أبي حاتم 6/ 2064 عن ابن عباس. وانظر: "الدر" 3/ 621.]] في قوله: ﴿إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾: يريد [[ساقط من (ب).]]: من العشيرة أو مؤمنين معي. وقال ابن إسحاق [[الطبري 12/ 87، الثعلبي 7/ 52 أ.]]: شيعة تمنعني وعشيرة تنصرني، وهذا قول جميع المفسرين وأهل التأويل: أن المراد بالركن الشديد هاهنا العشيرة، قال قتادة [[الطبري 12/ 87.]]: وذكر لنا أن الله لم يبعث نبيًا بعد لوط إلا في عز من قومه ومنعة من عشيرته، وقد رُوي عن النبي ﷺ أنه قال: "يرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولكنه -عليه السلام- عني العشيرة" [[أخرجه البخاري (3272) كتاب: الأنبياء، باب: قول الله -عز وجل-: ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ "الفتح" 6/ 473، وأخرجه مسلم رقم (151) كتاب: الإيمان، باب: زيادة طمأنية القلب بتظاهر الأدلة، وفي الفضائل ح (152) 4/ 1839، والترمذي (3116) كتاب: التفسير، باب: ومن سورة يوسف. وقال حديث حسن، والطبري 12/ 87 - 88، والحاكم 2/ 561. وقال: حديث صحيح على شرط مسلم.]]. قال أبو بكر: أراد رسول الله ﷺ ما كان يرجع إليه لوط من عون الله له ودفع المكروه عنه، وروى الأثرم [[هو: أبو بكر الأثرم صاحب الإمام أحمد.]] عن أبي عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 294.]] في قوله: {إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}. قال: إلى عشيرة عزيزة [[في (ب): (شديدة).]] كثيرة منيعة وأنشد [[بيتان من الرجز وهما بلا نسبة. انظر: "مجاز القرآن" 1/ 294، الطبري 12/ 88، "زاد المسير" 4/ 109، وهو فيها جميعًا هكذا (يأوي) وهو الصواب حتى لا ينكسر البيت.]]: أو [[ساقط من (ي).]] آوي [[في (ي): (يأوى).]] إلى رُكْنٍ مِنَ الأَرْكَانِ ... في عدد طَيسٍ ومجدٍ ثان الطيس الكثير، والثاني المقيم. وجواب (لو) محذوف. قال محمد بن إسحاق [["زاد المسير" 4/ 139.]]: لو أن لي بكم قوة معناه: لحُلْتُ بينكم وبين المعصية. وحذف الجواب هاهنا أبلغ [[ساقط من (ي).]]؛ لأنه يحضر النفس ضروب المنع، واستقصاء هذا قد سبق في قوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ﴾ [الأنعام: 27] [[قال: وقد حذف الجواب تفخيمًا للأمر وتعظيمًا. وجاز حذفه لعلم المخاطب بما يقتضي. ونقل عن ابن جني ما يبين أن هذا أبلغ في اللغة من إظهار الجواب. انظر: "سر صناعة الإعراب" 2/ 649.]]. وهذه الآية بيان عن حال المحق إذا رأى منكرًا لا يمكنه إزالته من التحسير على قوة أو معين على دفعه لحرصه على طاعة ربه وجزعه من معصيته.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب