الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ مفعول (أرأيتم) هاهنا لا يظهر في التفصيل؛ لأنه دخل على جملة قائمة بنفسها لو لم يذكر ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾، إلا أنه يتعلق بمعناها كقولك: رأيتُ لَزَيْدٌ خيرٌ منك، ومعنى ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾: أعلمتم، وجواب ﴿إنْ﴾ الأولى في قوله ﴿فَمَنْ يَنْصُرُنِي﴾، وقد قام مقام ﴿إنْ﴾ الثانية في المعنى؛ لأن التقدير: فمن ينصرني إن عصيته، فاستغنى بجواب الأولى عن الثانية، ومعنى الآية: أعلمتم من ينصرني من الله إن عصيتُه بعد بينة من ربي ونعمة، وأكثر تفسير هذه الآية قد مضى في هذه السورة في نظير هذه الآية في قصة نوح [[آية: 28.]]. وقوله تعالى: ﴿فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾، قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 20.]]: التخسير: التضليل. وقال ابن الأعرابي [["تهذيب اللغة" (خسر) 1/ 1029، "زاد المسير" 4/ 124.]]: هو الإبعاد من الخير، وأكثر أهل العلم على أن هذا التخسير لقوم صالح. قال ابن عباس [[الئعبي 7/ 47 ب، البغوي 4/ 186،"زاد المسير" 4/ 124، القرطبي 9/ 60.]]: أي غير بَصَارَةٍ في خسارتكم [[في حاشية (ي) زيادة نصها: (والمعنى على هذا ما تزيدونني باحتجاجكم بعبادة آبائكم الأصنام إلا بصيرة في خسارتكم).]]. وهذا مذهب مجاهد [[الطبري 12/ 64.]] واختيار الفراء وابن الأعرابي [والحسين بن الفضل [[الثعلبي 7/ 47 ب، البغوي 4/ 186.]]، قال الفراء: يريد غير تضليل لكم، أي: كلما اعتذرتم بشيء زادكم تخسيرًا، قال: هو كقولك للرجل: ما تزيدني إلا غضبًا، أي غضبًا عليك. وقال ابن الأعرابي] [[ما بين المعقوفين ساقط من: (أ)، (ب). وانظر: "تهذيب اللغة" (خسر) 1/ 1029، "زاد المسير" 4/ 124.]]: أي تخسيرًا لكم لا لي، وشرح الحسن [[الثعلبي 7/ 47 ب، البغوي 4/ 186.]] فقال: لم يكن صالح في خسارة حين قال لهم: ﴿فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾، وإنما المعنى: ما تزيدونني بما تقولون حين قولهم: ﴿أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ إلا نسبتي إياكم إلى الخسارة، والتخسير مثل التفسيق والتفجير، وأجاز قوم [[ذكر هذا القول "زاد المسير" 4/ 125، الرازي 18/ 18 "البحر المحيط" 5/ 239.]] أن يكون التخسير مضافًا إلى صالح، وهو مذهب ابن عباس في رواية عطاء والحسن، قال عطاء: ما تزيدوني إلا الهوان والذل. فعلى هذا الإضافة إلى صالح بمعنى لا ناصر لي إن عصيته، وإن كنتم أنصارى لم تزيدونني غير تخسير، وتقدير الكلام (فما تزيدونني غير تخسير إن كنتم أنصاري)، فحذف ما حذف لدلالة الباقي عليه، وهو قوله: ﴿فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ﴾، ومعنى قول الحسن: إن أجبتكم إلى ما تدعونني إليه وعصيت ربي كنت بمنزلة من يزداد الخسران.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب