الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا﴾ أي: أمرنا بعذابهم وإهلاكهم.
وقوله تعالى: ﴿وَفَارَ التَّنُّورُ﴾، اختلفوا في معنى التنور؛ فقال ابن عباس [[الطبري 12/ 38، الثعلبي 7/ 41 ب، وأخرجه أيضًا سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم 6/ 2029، وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 596، ابن عطية 7/ 291.]] في رواية الضحاك: ظهر الماء على وجه الأرض، وقيل لنوح عليه السلام: إذا رأيت الماء على وجه الأرض، فاركب أنت وأصحابك، وهذا قول عكرمة والزهري وابن عيينة [[رواه عنهم الطبري 12/ 38، الثعلبي 7/ 41 ب، "زاد المسير" 4/ 105، البغوي 4/ 176.]]، ورواية الوالبي أيضاً عن ابن عباس [[ابن أبي حاتم 6/ 2029.]].
وقال قتادة [[الطبري 12/ 39، الثعلبي 7/ 41 ب، وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 596، وروي هذا القول عبد بن حميد وابن أبي حاتم 6/ 2029، وأبو الشيخ عن ابن عباس كما في "الدر" 3/ 596.]]: ذكر لنا [[في (ي): (له).]] أنه أرفع الأرض وأشرفها، جعل ذلك علامة بين نوح عليه السلام وبين ربه عز وجل.
قال أبو بكر [["زاد المسير" 4/ 105.]]: والمعنى على هذا: ونبع الماء من أعالي الأرض ومن الأمكنة المرتفعة، فشبهت لعلوها بالتنانير.
روي عن علي [[الطبري 12/ 39، الثعلبي 7/ 41 ب، وابن المنذر وابن أبي حاتم 6/ 2029، وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 596.]] رضي الله عنه أنه قال: هو تنوير الصبح، ومعناه: طلع الفجر، قال أبو بكر: ومن ذهب إلى هذا قال: المعنى وبرز النور وظهر الضوء، وتقضى الليل، فشبه تتابع الأضواء والأنوار بخروج النار من التنور.
وقال ابن عباس [[الطبري 12/ 39، الثعلبي 7/ 42 أ، "زاد المسير" 4/ 105، البغوي 4/ 176، ابن عطية 7/ 291.]] في رواية عطية وعطاء: يريد التنور الذي يخبز فيه، قال الحسن [[الطبري 12/ 40، الثعلبي 7/ 41 ب، البغوي 4/ 176، وذكره ابن الجوزي عن ابن عباس. انظر: "زاد المسير" 4/ 105.]]: وكان تنورًا من حجارة، وكان لآدم وحواء حتى صار إلى نوح، وقيل له: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك.
وقال مقاتل بن سليمان [["تفسير مقاتل" 146 أ، "زاد المسير" 4/ 106، البغوي 4/ 176.]] عن عدة من أهل التفسير: فار التنور من أقصى دار نوح بعين وردة من أرض الشام.
وقال مجاهد [[الطبري 12/ 40، الثعلبي 7/ 42 أ، "زاد المسير" 4/ 105، البغوي 4/ 176.]]: نبع الماء من التنور فعلمت به امرأته فأخبرته، وكان ذلك بناحية الكوفة، وهو قول الشعبي [[الطبري 12/ 40، الثعلبي 7/ 42 أ، البغوي 4/ 176، "زاد المسير" 4/ 105.]] واختيار الفراء [["معاني القرآن" 2/ 14.]]، قال: هو تنور الخابز، ونحو هذا قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 105.]].
قال أبو بكر [[ما ذكره عن ابن الأنباري هو الذي رجحه الطبري 12/ 40، وهو قول أكثر المفسرين كما قال البغوي 4/ 176، وقال ابن كثير 2/ 488: هذا قول جمهور السلف وعلماء الخلف.]]: والقول الذي يذهب إليه: هو أن التنور تنور الخبز؛ لأن الحمل على الظاهر الذي [[ساقط من (ب).]] هو حقيقة أولى من العمل على المجاز، والتمثيل. وأما التنور في اللغة [[هذا النقل إلى نهايته من "تهذيب اللغة" للأزهري 1/ 456 (تنر).]]؛ فقال الليث [[الليث هو: ابن نصر بن سيار الخراساني، ويقال ابن المظفر بن نصر، إمام لغوي، من أصحاب الخليل، ويقال هو صاحب (العين). انظر: "تهديب اللغة" 1/ 47، "معجم الأدباء" 17/ 43.]]: التنور عمت بكل لسان وصاحبه تنار [[ساقط من (ي).]].
قال الأزهري: وهذا يدل على أن الاسم أعجمي فعربته العرب [فصار عربيًا] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] علي بناء فعول، والدليل على ذلك أن أصل بنائه تنر، ولا يعرف في كلام العرب نون قبل راء، وهو نظير ما دخل من كلام العجم في كلام العرب، مثل الديباج والدينار والسندس والاستبرق ولما تكلمت بها العرب صارت عربية.
وقوله تعالى: ﴿قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾، قال أبو الحسن الأخفش [["معاني القرآن" للأخفش 1/ 327، "الحجة" 4/ 324.]]: يقال للاثنين هما زوجان، قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾ [الذاريات: 49] قال الحسن [[ذكره الطبري 12/ 41 من غير إسناد.]]: السماء زوج، والأرض زوج، والشتاء زوج، والصيف زوج، والليل زوج، والنهار زوج، حتى يصير الأمر إلى الله جل جلاله الفرد الذي لا يشبهه شيء، ويقال للمرأة هي زوج، وللرجل [[ساقط من (ب).]] هو زوجها، وقال تعا لي: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء: 1] [يعني المرأة، فالواحد يقال له زوج كما ذكرنا، وقد يقال للاثنين هما زوج] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]؛ قال لبيد [[من معلقته، وصدره:
من كل محفوف يُظلُ عصيه
المحفوف: الهودج الذي ستر بالثياب، عصيه: عصى الهودج، والزوج: النمط الواحد من الثياب، والكلة من الستور: ما خيط فصار كالبيت، القرام: الغطاء، وهو الستر المرسل على جانب الهودج، انظر: "ديوانه" ص 96، "شرح المعلقات السبع" ص 531، "اللسان" 3/ 1886 (زوج)، "معاني القرآن" للأخفش 1/ 328، "تهذيب اللغة" 2/ 1574.]]:
زوج عليه كِلَّة وقِرامُها
ففسر الزوج بشيئين، ويدل على أن الزوج يقع على الواحد قوله تعالى: ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ﴾ [[الأنعام: 143، 144، ومن هنا بدأ النقل عن "الحجة" 4/ 327.]] فالزوجان في قوله: ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ﴾ يراد بهما الشياع، وليس يراد بذلك الناقص عن الثلاثة، قال ابن عباس [[البغوي 4/ 176، "زاد المسير" 4/ 106، الطبري 12/ 40.]] في قوله: ﴿احْمِلْ فِيهَا﴾ يريد في السفينة ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ﴾؛ الذكر زوج والأنثى زوج، وهو قول الحسن [[انظر: الرازي 17/ 226.]] ومجاهد [[الطبري 12/ 40، وابن المنذر وابن أبي حاتم 6/ 2030 وأبو الشيخ كما في "الدر" 3/ 601.]] وقتادة [[الطبري 12/ 41.]] والضحاك [[الطبري 12/ 41.]]، قالوا ذكرا وأنثى.
وقرأ حفص [["التبصرة" / 538، "السبعة" 333، "النشر" 3/ 114، "إتحاف" 2/ 125، "الحجة" 4/ 324.]] ﴿مِن كُلٍّ﴾ بالتنوين أراد من كل شيء، ومن كل زوج زوجين اثنين، فحذف المضاف إليه، ويكون انتصاب اثنين على أنه صفة لزوجين، أتي به للتأكيد، كما قال: ﴿لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ [النحل: 51] وقد جاء في غير هذا من الصفات ما مصرفه إلى التأكيد، كقولهم: نعجة أنثى، وأمس الدابر، وقوله: ﴿نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ [[الحاقة: 13. وفي (ي): (نعجة)، وهي في سورة ص: الآية 23.]]، وعلى قراءة العامة نصب اثنين بالحمل، وليس صفة لزوجين [[إلى هنا انتهى النقل عن "الحجة" 4/ 328 بتصرف.]].
وقوله تعالى: ﴿وَأَهْلَكَ﴾، أي احمل أهلك، قال المفسرون [[الطبري 12/ 41، الثعلبي 7/ 42 ب، البغوي 4/ 176، "زاد المسير" 4/ 106.]]: يعني ولده وعياله، ﴿إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾، قال ابن عباس: يريد من كان في علمي أنه يغرق بفعله وكفره، قالوا [[الثعلبي 7/ 42 ب، البغوي 4/ 176 - 177، "زاد المسير" 4/ 106، القرطبي 9/ 35.]]: يعني: امرأته واعلة، وابنه كنعان، ﴿وَمَنْ آمَنَ﴾، يريد واحمل من صدقك، ﴿وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾، قال ابن عباس [[الطبري 12/ 43، الثعلبي 7/ 42 ب، البغوي 4/ 177، "زاد المسير" 4/ 107، وابن المنذر وابن أبي حاتم 6/ 2032، وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 3/ 601، القرطبي 9/ 35.]]: ثمانون إنسانًا وكان فيهم ثلاثة من بنيه: سام وحام ويافث، وثلاث كنائن له، ونحو ذلك قال مقاتل بن سليمان [[الثعلبي 7/ 42 ب، البغوي 4/ 177، "زاد المسير" 4/ 107.]] وغيره، وقالوا: قرية الثمانين [[قال ياقوت الحموي: بُليدة عند جبل الجودي، قرب جزيرة ابن عمر التغلبي فوق الموصل، كان أول من نزله نوح -عليه السلام -، لما خرج من السفينة ومعه ثمانون إنسانًا، فبنوا لهم مساكن بهذا الموضع وأقاموا به، فسمي الموضع بهم، "معجم البلدان" 2/ 84.]] بناحية الموصل، إنما سميت لأن هؤلاء لما خرجوا من السفينة بوها، فسميت بهم، وعلى هذا سمى الله ثمانين قليلاً.
قال أبو إسحاق: لأن ثمانين [[في جميع النسخ (ثمانون) والصواب ما ذكرته، كما هو في "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 52.]] قليل في جملة أمة نوح.
قال ابن الأنباري: ووحد القليل؛ لأنه لفظ مبني للجمع لما كان الواحد لا يوصف [[في (ب): (يصف).]] به ولا الاثنين، فلما كان مبناه للجمع استغنى عن علامة الجمع، وجمع في قوله: ﴿لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾ [الشعراء: 54] استيثاقًا من الجمع، لما كان (قليل) لفظه لفظ الواحد، كما جمعت العرب البيوت وهي جمع؛ للاستيثاق فقالوا: بيوتات، قال: ويجوز أن يقال في توحيد القليل إنه وصف لجمع خرج على تقطيع الواحد، تقديره وما آمن معه إلا نفر قليل، وقيل: أراد الجمع فاكتفى بالواحد منه، كقوله [[البيت لجرير من قصيدة له في هجاء تيم بن قيس من بكر بن وائل، وصدره:
الواردون وتيم في ذرى سبأ
والشاهد أنه قال: جلد ولم يقل جلود. انظر: ديوانه ص252، "معاني القرآن" 1/ 308، ومعني البيت أن تيم يحتمون بسبأ ويمتنعون بها، ولا عصمة لهم من == أنفسهم. "الخزانة" 3/ 372، "الطبري" 14/ 117، "اللسان" 5/ 2590، "المخصص" 1/ 31، 4/ 41.]]: قد عض أعناقهم جلد الجواميس
وقد مرَّ.
{"ayah":"حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلۡنَا ٱحۡمِلۡ فِیهَا مِن كُلࣲّ زَوۡجَیۡنِ ٱثۡنَیۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَیۡهِ ٱلۡقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ وَمَاۤ ءَامَنَ مَعَهُۥۤ إِلَّا قَلِیلࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق