الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ﴾ قال المفسرون: الخطاب في هذه الآية لكفار مكة [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 271، والثعلبي 7/ 17 ب، والبغوي 4/ 138.]] و (ما) هاهنا فيه وجهان، أحدهما: أن يكون بمعنى: الذي، فينتصب بـ (رأيتم)، والآخر: أن يكون بمعنى: أي، في الاستفهام، فينتصب بـ (أنزل) وهو قول الزجاج؛ لأنه قال: (ما) في موضع نصب بـ (أنزل) [[اهـ. كلام الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 3/ 25.]]، ومعنى (أنزل) هاهنا: خلق وأنشأ، كقوله: ﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ [الزمر: 6] وقد مرّ، وجاز أن يعبر عن الخلق بالإنزال؛ لأن كل ما في الأرض من رزق فمما أنزل من السماء [[يعني أمر الله تعالى وتقديره، كما في قوله: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات: 22]، وهو ظاهر سياق كلام المؤلف، ويجوز أن يكون المراد المطر، قال القرطبي 8/ 355: فيجوز أن يعبر عن الخلق بالإنزال؛ لأن الذي في الأرض من الرزق إنما هو بما ينزل من السماء من المطر.
وانظر نحوه في: "تفسير الرازي" 17/ 119، "الدر المصون" 6/ 227.]]، من ضرع وزرع وغيره، فلما كان إيجاده بالإنزال سمي إنزالاً، كقوله:
تعلّى الندى في متنه وتحدرا [[عجز بيت وصدره:
كثور العداب الفرد يضربه الندى
والبيت لعمرو بن أحمر الباهلي كما في "ديوانه" ص 84، "أدب الكاتب" ص 76، "الاقتضاب" ص 319، "لسان العرب" (ندى) 5/ 4387، والبيت بلا نسبة في: "الصحاح" (ندى)، "تهذيب اللغة" (ندى)، "المخصص" 15/ 131.
والعداب: منقطع الرمل ومسترقه، والفرد: منتمطع النظير الذي لا مثيل له في جودته أو عظمته، والندى الأولى: المطر، والثانية: الشحم.
والشاعر يصف ناقته القصواء التي أعدها للهرب عند الخوف، ويقول بأنها صارت كثور وحشي في موقع مخصب بعيد عن الناس. انظر: "الاقتضاب في شرح أدب الكتاب" ص319، "لسان العرب" (عدب) و (فرد) و (ندي).]]
يعني الشحم، سماه ندى؛ لأنه بالندى يكون النبات، وبالنبات يكون الشحم، وقوله تعالى: ﴿فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾، قال ابن عباس والحسن ومجاهد: يعني ما حرموا من الحرث والأنعام لآلهتهم من البحائر والسوائب [[البحائر والسوائب: جمع بحيرة وسائبة، وهما مما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم من أنعامهم، أما كيفية ذلك فقد اختلف فيه اختلافا كثيراً، فقال الزجاج: أثبت ما روينا في تفسير هذه الأسماء عن أهل اللغة، البحيرة: ناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن وكان آخرها ذكرًا بحروا أذنها -أي شقوها- وامتنعوا من ركوبها وذبحها، ولا تطرد عن ماء، ولا تمنع من مرعى، وإذا لقيها المعيي لم يركبها.
والسائبة: كان الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو برء من علة أو ما أشبه ذلك، قال: ناقتي هذه سائبة، فكانت كالبحيرة في أن لا يتفع بها، وأن لا تجلى عن ماء، ولا تمنع من مرعى. "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 213.
وقيل السائبة: أم البحيرة، كانت الناقة إذا ولدت عشرة أبطن كلهن إناث سيبت فلم تركب ولم يشرب لبنها إلا الضيف وشقت أذن بنتها الأخيرة وسميت البحيرة، وهي بمنزلة أمها في أنها سائبة، وثمة أقوال أخرى، انظر: "الصحاح"، "لسان العرب" (سيب) و (بحر). قال الطبري: أما كيفية عمل القوم في ذلك، فما لا علم لنا به، وقد وردت الأخبار بوصف عملهم ذلك على ما قد حكينا، وغير ضائر الجهل بذلك إذا كان المراد من علمه المحتاج إليه، موصولاً إلى حقيقته، وهو أن القوم كانوا يحرمون من أنعامهم على أنفسهم ما لم يحرمه الله. "الطبري" 11/ 127.]]، وهو ما ذكر في سورة الأنعام في قوله: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ﴾ [الأنعام: 136] الآية، وقوله تعالى: ﴿قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ﴾ أي: في هذا التحريم والتحليل؛ وذلك أنهم كانوا يقولون: الله [[لفظ الجلاله لم يكتب في (ى).]] أمرنا بها. ثم قال: ﴿أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ بمعنى: بل على الله تفترون، تقولون على الله الكذب.
قال أبو علي: (قل) في قوله: ﴿قُلْ آللَّهُ﴾ توكيد؛ لأن ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ بمعنى [[ساقط من (ح) و (ز).]] أخبروني، والاستفهام في قوله: في موضع المفعول الثاني [وإذا كان كذلك لزم أن يكون (قل) تكريرًا؛ ليقع الاستفهام بعدها في موضع المفعول الثاني] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح) و (ز).]]، ومثله في التوكيد والاعتراض بين المفعول الأول والثاني، قوله [[ساقط من (م).]]: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ﴾ [[اهـ. كلام أبي علي، انظر: "المسائل الحلبيات" ص 76 بتصرف واختصار.]] [الأحقاف: 4] ونذكر الكلام فيه إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى [[أحال في هذا الموضع إلى سورة فاطر وقال هناك 4/ 177 أ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ﴾ الآية، قال أبو إسحاق: معناه: أخبروني عن شركائكم، ﴿مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ﴾ قال أبو علي: قوله: ﴿مَاذَا خَلَقُوا﴾ في موضع نصب، وقال مقاتل: ﴿مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ﴾ كما خلق الله آدم إن كانوا آلهة، قال الفراء: أي أنهم لم يخلقوا شيئًا، فعلى هذا (من) بمعنى (في).]].
{"ayah":"قُلۡ أَرَءَیۡتُم مَّاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُم مِّن رِّزۡقࣲ فَجَعَلۡتُم مِّنۡهُ حَرَامࣰا وَحَلَـٰلࣰا قُلۡ ءَاۤللَّهُ أَذِنَ لَكُمۡۖ أَمۡ عَلَى ٱللَّهِ تَفۡتَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق