الباحث القرآني

(p-١٦٢)﴿ثُمَّ أتْبَعَ سَبَبًا﴾ ﴿حَتّى إذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهم مِن دُونِها سِتْرًا﴾ ﴿كَذَلِكَ وقَدْ أحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْرًا﴾ ﴿ثُمَّ أتْبَعَ سَبَبًا﴾ ﴿حَتّى إذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وجَدَ مِن دُونِهِما قَوْمًا لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ ﴿قالُوا يا ذا القَرْنَيْنِ إنَّ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ في الأرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلى أنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وبَيْنَهم سَدًّا﴾ ﴿قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأعِينُونِي بِقُوَّةٍ أجْعَلْ بَيْنَكم وبَيْنَهم رَدْمًا﴾ ﴿آتُونِي زُبَرَ الحَدِيدِ حَتّى إذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتّى إذا جَعَلَهُ نارًا قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ ﴿فَما اسْطاعُوا أنْ يَظْهَرُوهُ وما اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ ﴿قالَ هَذا رَحْمَةٌ مِن رَبِّي فَإذا جاءَ وعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وكانَ وعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾ ﴿وتَرَكْنا بَعْضَهم يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ في بَعْضٍ ونُفِخَ في الصُّورِ فَجَمَعْناهم جَمْعًا﴾ ﴿وعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضًا﴾ ﴿الَّذِينَ كانَتْ أعْيُنُهم في غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾ ﴿أفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِن دُونِي أوْلِياءَ إنّا أعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا﴾ . (p-١٦٣)(سَبَبًا)، أيْ: طَرِيقًا أوْ مَسِيرًا مُوَصِّلًا إلى الشَّمالِ فَإنَّ ﴿السَّدَّيْنِ﴾ هُناكَ. قالَ وهْبٌ: السَّدّانِ جَبَلانِ مَنِيفانِ في السَّماءِ مِن ورائِهِما ومِن أمامِهِما البُلْدانُ، وهُما بِمُنْقَطَعِ أرْضِ التُّرْكِ مِمّا يَلِي أرْمِينِيَّةَ وأذْرَبِيجانَ. وذَكَرَ الهَرَوِيُّ أنَّهُما جَبَلانِ مِن وراءِ بِلادِ التُّرْكِ. وقِيلَ: هُما جَبَلانِ مِن جِهَةِ الشَّمالِ لَيِّنانِ أمْلَسانِ، يُزْلَقُ عَلَيْهِما كُلُّ شَيْءٍ، وسُمِّيَ الجَبَلانِ سَدَّيْنِ؛ لِأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهُما سَدَّ فِجاجَ الأرْضِ وكانَتْ بَيْنَهُما فَجْوَةٌ كانَ يَدْخُلُ مِنها يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ. وقَرَأ مُجاهِدٌ وعِكْرِمَةُ والنَّخَعِيُّ وحَفْصٌ وابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو ﴿بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾ بِفَتْحِ السِّينِ. وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ بِضَمِّها. قالَ الكِسائِيُّ هُما لُغَتانِ بِمَعْنًى واحِدٍ. وقالَ الخَلِيلُ وسِيبَوَيْهِ: بِالضَّمِّ الِاسْمُ وبِالفَتْحِ المَصْدَرُ. وقالَ عِكْرِمَةُ وأبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ وأبُو عُبَيْدَةَ: ما كانَ مِن خَلْقِ اللَّهِ لَمْ يُشارِكْ فِيهِ أحَدٌ فَهو بِالضَّمِّ، وما كانَ مِن صُنْعِ البَشَرِ فَبِالفَتْحِ. وقالَ ابْنُ أبِي إسْحاقَ ما رَأتْ عَيْناكَ فَبِالضَّمِّ، وما لا يُرى فَبِالفَتْحِ. وانْتَصَبَ (بَيْنَ) عَلى أنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِبَلَغَ، كَما ارْتَفَعَ في ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ﴾ [الأنعام: ٩٤] وانْجَرَّ بِالإضافَةِ في ﴿هَذا فِراقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ﴾ [الكهف: ٧٨] و(بَيْنَ) مِنَ الظُّرُوفِ المُتَصَرِّفَةِ ما لَمْ تُرَكَّبْ مَعَ أُخْرى مِثْلِها، نَحْوُ قَوْلِهِمْ هَمْزَةٌ بَيْنَ بَيْنَ. ﴿مِن دُونِهِما﴾ مِن دُونِ السَّدَّيْنِ و(قَوْمًا) يَعْنِي مِنَ البَشَرِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُمُ التُّرْكُ انْتَهى. وأبْعَدَ مَن ذَهَبَ إلى أنَّهم جانٌّ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وهَذا المَكانُ في مُنْقَطَعِ أرْضِ التُّرْكِ مِمّا يَلِي المَشْرِقَ، ونَفى مُقارَنَةَ فِقْهِهِمْ (قَوْلًا) وتَضَمَّنَ نَفْيَ فِقْهِهِمْ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لا يَكادُونَ يَفْهَمُونَهُ إلّا بِجُهْدٍ ومَشَقَّةٍ كَأنَّهُ فَهْمٌ مِن نَفْيٍ يَكادُ أنَّهُ يَقَعُ مِنهُمُ الفَهْمُ بَعْدَ عُسْرٍ، وهو قَوْلٌ لِبَعْضِهِمْ إنَّ نَفْيَها إثْباتٌ وإثْباتَها نَفْيٌ، ولَيْسَ بِالمُخْتارِ. وقَرَأ الأعْمَشُ وابْنُ أبِي لَيْلى وخَلَفٌ وابْنُ عِيسى الأصْبَهانِيُّ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ (يَفْقِهُونَ) بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ القافِ، أيْ: يُفْهِمُونَ السّامِعَ كَلامَهم، ولا يُبَيِّنُونَهُ؛ لِأنَّ لُغَتَهم غَرِيبَةٌ مَجْهُولَةٌ. والضَّمِيرُ في (قالُوا) عائِدٌ عَلى هَؤُلاءِ القَوْمِ شَكَوْا ما يَلْقَوْنَ مِن يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ إذْ رَجَوْا عِنْدَهُ ما يَنْفَعُهم لِكَوْنِهِ مَلَكَ الأرْضَ ودَوَّخَ المُلُوكَ وبَلَغَ إلَيْهِمْ وهم لَمْ يَبْلُغْ أرْضَهم مَلِكٌ قَبْلَهُ، و﴿يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ﴾ مِن ولَدِ آدَمَ قَبِيلَتانِ. وقِيلَ: هُما مِن ولَدِ يافِثَ بْنِ نُوحٍ. وقِيلَ: (يَأْجُوجُ) مِنَ التُّرْكِ (ومَأْجُوجُ) مِنَ الجِيلِ والدَّيْلَمِ. وقالَ السُّدِّيُّ والضَّحّاكُ: التُّرْكُ شِرْذِمَةٌ مِنهم خَرَجَتْ تُغِيرُ، فَجاءَ ذُو القَرْنَيْنِ فَضَرَبَ السَّدَّ فَبَقِيَتْ في هَذا الجانِبِ. وقالَ قَتادَةُ والسُّدِّيُّ: بُنِيَ السَّدُّ عَلى إحْدى وعِشْرِينَ قَبِيلَةً، وبَقِيَتْ مِنهم قَبِيلَةٌ واحِدَةٌ دُونَ السَّدِّ فَهُمُ التُّرْكُ وقَدِ اخْتُلِفَ في عَدَدِهِمْ وصِفاتِهِمْ ولَمْ يَصِحَّ في ذَلِكَ شَيْءٌ وهُما مَمْنُوعا الصَّرْفِ، فَمَن زَعَمَ أنَّهُما أعْجَمِيّانِ فَلِلْعُجْمَةِ والعَلَمِيَّةِ، ومَن زَعَمَ أنَّهُما عَرَبِيّانِ فَلِلتَّأْنِيثِ والعَلَمِيَّةِ لِأنَّهُما اسْما قَبِيلَتَيْنِ. وقالَ الأخْفَشُ: إنْ جَعَلْنا ألِفَهُما أصْلِيَّةً فَيَأْجُوجُ يَفْعُولُ ومَأْجُوجُ مَفْعُولُ، كَأنَّهُ مِن أجِيجِ النّارِ ومَن لَمْ يَهْمِزْهُما جَعَلَها زائِدَةً، فَيَأْجُوجُ مِن يَجَجَتْ، ومَأْجُوجُ مِن مَجَجَتْ. وقالَ قُطْرُبٌ في غَيْرِ الهَمْزِ: مَأْجُوجُ فاعُولُ مِنَ المَجِّ، ويَأْجُوجُ فاعُولُ مِن يَجَّ. وقالَ أبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ السَّخاوِيُّ - أحَدُ شُيُوخِنا -: الظّاهِرُ أنَّهُ عَرَبِيٌّ وأصْلُهُ الهَمْزُ، وتَرْكُ الهَمْزِ عَلى التَّخْفِيفِ وهو إمّا مِنَ الأجَّةِ وهو الِاخْتِلافُ كَما قالَ تَعالى ﴿وتَرَكْنا بَعْضَهم يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ في بَعْضٍ﴾ أوْ مِنَ الأجِّ وهو سُرْعَةُ العَدْوِ، قالَ تَعالى ﴿وهم مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٦] وقالَ الشّاعِرُ: ؎يَؤُجُّ كَما أجَّ الظَّلِيمُ المُنَفِّرُ أوْ مِنَ الأجَّةِ وهو شِدَّةُ الحَرِّ، أوْ مِن أجَّ الماءُ يَئِجُّ أُجُوجًا إذا كانَ مِلْحًا مُرًّا انْتَهى. وقَرَأ عاصِمٌ والأعْمَشُ ويَعْقُوبُ في رِوايَةٍ بِالهَمْزِ وفي ﴿يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ﴾ وكَذا في الأنْبِياءِ وفي لُغَةِ بَنِي أسَدٍ ذَكَرَهُ الفَرّاءُ. قِيلَ: ولا وجْهَ لَهُ إلّا اللُّغَةُ الغَرِيبَةُ المَحْكِيَّةُ عَنِ العَجّاجِ أنَّهُ كانَ يَهْمِزُ العَأْلَمَ والخَأْتَمَ. وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ بِألِفٍ غَيْرِ مَهْمُوزَةٍ وهي لُغَةُ كُلِّ العَرَبِ غَيْرَ بَنِي أسَدٍ. وقَرَأ العَجّاجُ ورُؤْبَةُ ابْنُهُ: آجُوجُ بِهَمْزَةٍ بَدَلَ الياءِ. وإفْسادُهُمُ (p-١٦٤)الظّاهِرُ تَحَقُّقُ الإفْسادِ مِنهم لا تَوَقُّعُهُ لِأنَّها شَكَتْ مِن ضَرَرٍ نالَها. وقالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: إفْسادُهم أكْلُ بَنِي آدَمَ. وقِيلَ: هو الظُّلْمُ والقَتْلُ ووُجُوهُ الإفْسادِ المَعْلُومِ مِنَ البَشَرِ. وقِيلَ: كانُوا يَخْرُجُونَ أيّامَ الرَّبِيعِ فَلا يَتْرُكُونَ شَيْئًا أخْضَرَ إلّا أكَلُوهُ، ولا يابِسًا إلّا احْتَمَلُوهُ، ورُوِيَ أنَّهُ لا يَمُوتُ أحَدٌ مِنهم حَتّى يَنْظُرَ إلى ألْفِ ذَكَرٍ مِن صُلْبِهِ كُلٌّ قَدْ حَمَلَ السِّلاحَ. ﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا﴾ اسْتِدْعاءٌ مِنهم قَبُولَ ما يَبْذُلُونَهُ مِمّا يُعِينُهُ عَلى ما طَلَبُوا عَلى جِهَةٍ حَسَبَ الأدَبِ إذْ سَألُوهُ ذَلِكَ كَقَوْلِ مُوسى لِلْخَضِرِ ﴿هَلْ أتَّبِعُكَ عَلى أنْ تُعَلِّمَنِي﴾ [الكهف: ٦٦] . وقَرَأ الحَسَنُ والأعْمَشُ وطَلْحَةُ وخَلَفٌ وابْنُ سَعْدانَ وابْنُ عِيسى الأصْبَهانِيُّ وابْنُ جُبَيْرٍ الأنْطاكِيُّ ومِنَ السَّبْعَةِ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ (خَراجًا) بِألِفٍ هُنا، وفي حَرْفَيْ ”قَدْ أفْلَحَ“ وسَكَّنَ ابْنُ عامِرٍ الرّاءَ فِيها. وقَرَأ باقِي السَّبْعَةِ (خَرْجًا) فِيهِما بِسُكُونِ الرّاءِ فَخَراجٌ بِالألِفِ والخَرْجُ والخَراجُ بِمَعْنًى واحِدٍ كالنَّوْلِ والنَّوالِ، والمَعْنى جُعْلًا نُخْرِجُهُ مِن أمْوالِنا، وكُلُّ ما يُسْتَخْرَجُ مِن ضَرِيبَةٍ وجِزْيَةٍ وغَلَّةٍ فَهو خَراجٌ وخَرْجٌ. وقِيلَ: الخَرْجُ المَصْدَرُ أُطْلِقَ عَلى الخَراجِ، والخَراجُ الِاسْمُ لِما يُخْرَجُ. وقالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: الخَرْجُ عَلى الرُّءُوسِ، يُقالُ: أدِّ خَرْجَ رَأْسِكَ، والخَراجُ عَلى الأرْضِ. وقالَ ثَعْلَبٌ: الخَرْجُ أخَصُّ والخَراجُ أعَمُّ. وقِيلَ: الخَرْجُ المالُ يُخْرَجُ مَرَّةً والخَراجُ المُجْبى المُتَكَرِّرُ عَرَضُوا عَلَيْهِ أنْ يَجْمَعُوا لَهُ أمْوالًا يُقِيمُ بِها أمْرَ السَّدِّ. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ (خَراجًا) أجْرًا. وقَرَأ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ وأبُو بَكْرٍ (سُدًّا) بِضَمِّ السِّينِ وابْنُ مُحَيْصِنٍ وحُمَيْدٌ والزُّهْرِيُّ والأعْمَشُ وطَلْحَةُ ويَعْقُوبُ في رِوايَةٍ وابْنُ عِيسى الأصْبَهانِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وباقِي السَّبْعَةِ بِفَتْحِها ﴿قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾، أيْ: ما بَسَطَ اللَّهُ لِي مِنَ القُدْرَةِ والمُلْكِ خَيْرٌ مِن خَرْجِكم ﴿فَأعِينُونِي بِقُوَّةٍ﴾، أيْ: بِما أتَقَوّى بِهِ مِن فَعَلَةٍ وصُنّاعٍ يُحْسِنُونَ العَمَلَ والبِناءَ؛ قالَهُ مُقاتِلٌ، وبِالآلاتِ قالَهُ الكَلْبِيُّ ﴿رَدْمًا﴾ حاجِزًا حَصِينًا مُوَثَّقًا. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وحُمَيْدٌ: (ما مَكَّنَنِي) بِنُونَيْنِ مُتَحَرِّكَتَيْنِ، وباقِي السَّبْعَةِ بِإدْغامِ نُونِ مَكَّنَ في نُونِ الوِقايَةِ. ثُمَّ فُسِّرَ الإعانَةُ بِالقُوَّةِ فَقالَ ﴿آتُونِي زُبَرَ الحَدِيدِ﴾، أيْ: أعْطُونِي. قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إنَّما هو اسْتِدْعاءُ مُناوَلَةٍ لا اسْتِدْعاءُ عَطِيَّةٍ وهِبَةٍ؛ لِأنَّهُ قَدِ ارْتَبَطَ مِن قَوْلِهِ إنَّهُ لا يَأْخُذُ مِنهُمُ الخَراجَ، فَلَمْ يَبْقَ إلّا اسْتِدْعاءُ المُناوَلَةِ انْتَهى. وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿آتُونِي﴾ . وقَرَأ أبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ (ائْتُونِي)، أيْ: جِيئُونِي. وانْتَصَبَ (زُبَرَ) بِايتُونِي عَلى إسْقاطِ حَرْفِ الجَرِّ، أيْ: جِيئُونِي بِزُبَرِ (الحَدِيدِ) . وقَرَأ الجُمْهُورُ (زُبَرَ) بِفَتْحِ الباءِ والحَسَنُ بِضَمِّها، وفي الكَلامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَأتَوْهُ أوْ فَآتَوْهُ بِها فَأمَرَ بِرَصِّ بَعْضِها فَوْقَ بَعْضٍ ﴿حَتّى إذا ساوى﴾ . وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿ساوى﴾ وقَتادَةُ ﴿سَوّى﴾ [طه: ٥٨]، وابْنُ أبِي أُمَيَّةَ عَنْ أبِي بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ (سُووِيَ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وحُكِيَ في الكَيْفِيَّةِ أنَّ ذا القَرْنَيْنِ قاسَ ما بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ مِن حَفْرِ الأساسِ حَتّى بَلَغَ الماءَ ثُمَّ جَعَلَ حَشْوَهُ الصَّخْرَ وطِينَهُ النُّحاسَ يُذابُ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ، والبُنْيانُ مِن زُبَرِ الحَدِيدِ بَيْنَهُما الحَطَبُ والفَحْمُ حَتّى سَدَّ ما بَيْنَ الجَبَلَيْنِ إلى أعْلاهُما، ثُمَّ وضَعَ المَنافِخَ حَتّى إذا صارَتْ كالنّارِ صَبَّ النُّحاسَ المُذابَ عَلى الحَدِيدِ المُحْمى فاخْتَلَطَ والتَصَقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وصارَ جَبَلًا صَلْدًا. وقِيلَ: طُولُ ما بَيْنَ السَّدَّيْنِ مِائَةُ فَرْسَخٍ وعَرْضُهُ خَمْسُونَ. وفي الحَدِيثِ «أنَّ رَجُلًا أخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِهِ فَقالَ: ”كَيْفَ رَأيْتَهُ“ ؟ فَقالَ: كالبَرْدِ المُحَبَّرِ طَرِيقَةٌ سَوْداءُ وطَرِيقَةٌ حَمْراءُ، قالَ: ”قَدْ رَأيْتَهُ“» . وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وابْنُ عامِرٍ والزُّهْرِيُّ ومُجاهِدٌ والحَسَنُ ﴿الصُّدُفَيْنِ﴾ بِضَمِّ الصّادِ والدّالِ، وأبُو بَكْرٍ وابْنُ مُحَيْصِنٍ وأبُو رَجاءٍ وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَذَلِكَ إلّا أنَّهُ سَكَّنَ الدّالَ، وباقِي السَّبْعَةِ وأبُو جَعْفَرٍ وشَيْبَةُ وحُمَيْدٌ وطَلْحَةُ وابْنُ أبِي لَيْلى وجَماعَةٌ عَنْ يَعْقُوبَ وخَلَفٌ في اخْتِيارِهِ وأبُو عُبَيْدٍ وابْنُ سَعْدانَ بِفَتْحِهِما، وابْنُ جُنْدُبٍ بِالفَتْحِ وإسْكانِ الدّالِ، ورُوِيَتْ عَنْ قَتادَةَ. وقَرَأ الماجُشُونُ بِالفَتْحِ وضَمِّ الدّالِ. وقَرَأ قَتادَةُ وأبانُ (p-١٦٥)عَنْ عاصِمٍ بِضَمِّ الصّادِ وفَتْحِ الدّالِ ﴿حَتّى إذا جَعَلَهُ نارًا﴾ في الكَلامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ فَنَفَخُوا حَتّى. وقَرَأ الجُمْهُورُ قالَ ﴿آتُونِي﴾، أيْ: أعْطُونِي. وقَرَأ الأعْمَشُ وطَلْحَةُ وحَمْزَةُ وأبُو بَكْرٍ بِخِلافٍ عَنْهُ قالَ: (ائْتُونِي)، أيْ: جِيئُونِي و﴿قِطْرًا﴾ مَنصُوبٌ بِأُفْرِغَ عَلى إعْمالِ الثّانِي، ومَفْعُولُ ﴿آتُونِي﴾ مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ الثّانِي عَلَيْهِ. ﴿فَما اسْطاعُوا﴾، أيْ: يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ ﴿أنْ يَظْهَرُوهُ﴾، أيْ: يَصِلُوا عَلَيْهِ لِبُعْدِهِ وارْتِفاعِهِ وامِّلاسِهِ، ولا أنْ يَنْقُبُوهُ لِصَلابَتِهِ وثَخانَتِهِ فَلا سَبِيلَ إلى مُجاوَزَتِهِ إلى غَيْرِهِمْ مِنَ الأُمَمِ إلّا بِأحَدِ هَذَيْنِ: إمّا ارْتِقاءٍ وإمّا نَقْبٍ وقَدْ سَلَبَ قُدْرَتَهم عَلى ذَلِكَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ ﴿فَما اسْطاعُوا﴾ بِحَذْفِ التّاءِ تَخْفِيفًا لِقُرْبِها مِنَ الطّاءِ. وقَرَأ حَمْزَةُ وطَلْحَةُ بِإدْغامِها في الطّاءِ وهو إدْغامٌ عَلى غَيْرِ حَدِّهِ. وقالَأبُو عَلِيٍّ هي غَيْرُ جائِزَةٍ. وقَرَأ الأعْشى عَنْ أبِي بَكْرٍ: فَما اصْطاعُوا بِالإبْدالِ مِنَ السِّينِ صادًا لِأجْلِ الطّاءِ. وقَرَأ الأعْمَشُ: (فَما اسْتَطاعُوا) بِالتّاءِ مِن غَيْرِ حَذْفٍ. ﴿قالَ هَذا رَحْمَةٌ مِن رَبِّي﴾، أيْ: قالَ ذُو القَرْنَيْنِ والإشارَةُ بِهَذا، قالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إلى الرَّدْمِ والقُوَّةِ عَلَيْهِ والِانْتِفاعِ بِهِ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إشارَةٌ إلى السَّدِّ، أيْ: (هَذا) السَّدُّ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ و(رَحْمَةٌ) عَلى عِبادِهِ أوْ هَذا الإقْدارُ والتَّمْكِينُ مِن تَسْوِيَتِهِ. قِيلَ: وفي الكَلامِ حَذْفٌ وتَقْدِيرُهُ فَلَمّا أكْمَلَ بِناءَ السَّدِّ واسْتَوى واسْتَحْكَمَ ﴿قالَ هَذا رَحْمَةٌ مِن رَبِّي﴾ . وقَرَأ ابْنُ أبِي عَبْلَةَ (هَذِهِ رَحْمَةٌ مِن رَبِّي) بِتَأْنِيثِ اسْمِ الإشارَةِ. والوَعْدُ يَحْتَمِلُ أنْ يُرادَ بِهِ يَوْمُ القِيامَةِ، وأنْ يُرادَ بِهِ وقْتُ خُرُوجِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإذا دَنا مَجِيءُ يَوْمِ القِيامَةِ وشارَفَ أنْ يَأْتِيَ جَعَلَ السَّدَّ دَكًّا، أيْ: مَدْكُوكًا مُنْبَسِطًا مُسْتَوِيًا بِالأرْضِ، وكُلُّ ما انْبَسَطَ بَعْدَ ارْتِفاعٍ فَقَدِ انْدَكَّ انْتَهى. وقَرَأ الكُوفِيُّونَ: (دَكّاءَ) بِالمَدِّ مَمْنُوعَ الصَّرْفِ، وباقِي السَّبْعَةِ دَكًّا مُنَوَّنَةً مَصْدَرُ دَكَكْتُهُ، والظّاهِرُ أنَّ (جَعَلَهُ) بِمَعْنى صَيَّرَهُ، فَدَكًّا مَفْعُولٌ ثانٍ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ جَعَلَ بِمَعْنى خَلَقَ ويُنْصَبُ دَكًّا عَلى الحالِ انْتَهى. وهَذا بِعِيدٌ جِدًّا؛ لِأنَّ السَّدَّ إذْ ذاكَ مَوْجُودٌ مَخْلُوقٌ ولا يُخْلَقُ المَخْلُوقُ لَكِنَّهُ يَنْتَقِلُ مِن بَعْضِ هَيْئاتِهِ إلى هَيْئَةٍ أُخْرى، ووَعْدٌ بِمَعْنى مَوْعُودٍ لا مَصْدَرٍ، والمَعْنى فَإذا جاءَ مَوْعُودُ رَبِّي لا يُرِيدُ المَصْدَرَ لِأنَّ المَصْدَرَ قَدْ سَبَقَ، و﴿تَرَكْنا﴾ [العنكبوت: ٣٥] هَذا الضَّمِيرُ لِلَّهِ تَعالى والأظْهَرُ أنَّ الضَّمِيرَ في (بَعْضِهِمْ) عائِدٌ عَلى يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، والجُمْلَةُ المَحْذُوفَةُ بَعْدُ إذِ المُعَوِّضِ مِنها التَّنْوِينُ مُقَدَّرَةٌ بِإذْ جاءَ الوَعْدُ، وهو خُرُوجُهم وانْتِشارُهم في الأرْضِ أوْ مُقَدَّرَةٌ بِإذْ حَجَزَ السَّدُّ بَيْنَهم وبَيْنَ القَوْمِ الَّذِينَ كانُوا يُفْسِدُونَ عِنْدَهم وهم مُتَعَجِّبُونَ مِنَ السَّدِّ فَماجَ بَعْضُهم في بَعْضٍ. وقِيلَ: الضَّمِيرُ في (بَعْضِهِمْ) يَعُودُ عَلى الخَلْقِ، أيْ: يَوْمَ إذْ جاءَ وعْدُ اللَّهِ وهو يَوْمُ القِيامَةِ ويُقَوِّيهِ قَوْلُهُ ﴿ونُفِخَ في الصُّورِ﴾ فَيَظْهَرُ أنَّ ذَلِكَ هو يَوْمُ القِيامَةِ، وكَذَلِكَ ما جاءَ بَعْدَهُ مِنَ الجَمْعِ وعَرْضِ جَهَنَّمَ وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى النَّفْخِ في الصُّورِ في سُورَةِ الأنْعامِ. و(جَمْعًا) مَصْدَرٌ كَمَوْعِدٍ ﴿وعَرَضْنا﴾، أيْ: أبْرَزْنا ﴿جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ﴾، أيْ: يَوْمَ إذْ جَمَعْناهم. وقِيلَ: اللّامُ بِمَعْنى عَلى كَقَوْلِهِ: ؎فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ ولِلْفَمِ وأبْعَدَ مَن ذَهَبَ إلى أنَّهُ مَقْلُوبٌ. والتَّقْدِيرُ وعَرَضْنا الكافِرِينَ عَلى جَهَنَّمَ (عَرْضًا) وتَخْصِيصُهُ بِالكافِرِينَ بِشارَةً لِلْمُؤْمِنِينَ. و﴿الَّذِينَ كانَتْ أعْيُنُهُمْ﴾ صِفَةُ ذَمٍّ في ﴿غِطاءٍ﴾ اسْتَعارَ الغِطاءَ لِأعْيُنِهِمْ، والمُرادُ أنَّهم لا يُبْصِرُونَ آياتِي الَّتِي يُنْظَرُ إلَيْها فَيُعْتَبَرُ بِها، واذْكُرْ بِالتَّعْظِيمِ وهَذا عَلى حَذْفِ مُضافٍ، أيْ: مِن آياتِ (ذِكْرِي) . وقِيلَ ﴿عَنْ ذِكْرِي﴾ عَنِ القُرْآنِ وتَأمُّلِ مَعانِيهِ، ويَكُونُ المُرادُ بِالأعْيُنِ هُنا البَصائِرَ لا الجَوارِحَ؛ لِأنَّ الجَوارِحَ لا نِسْبَةَ بَيْنِها وبَيْنَ الذِّكْرِ ﴿وكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾ مُبالَغَةً في انْتِفاءِ السَّمْعِ إذْ نُفِيَتِ الِاسْتِطاعَةُ، وهم وإنْ كانُوا صُمًّا؛ لِأنَّ الأصَمَّ قَدْ يَسْتَطِيعُ السَّمْعَ إذا صِيحَ بِهِ، وكَأنَّ هَؤُلاءِ أُصِمَّتْ أسْماعُهم فَلا اسْتِطاعَةَ بِهِمْ لِلسَّمْعِ. ﴿أفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ هم مَن عَبَدَ المَلائِكَةَ وعُزَيْرًا والمَسِيحَ واتَّخَذُوهم أوْلِياءَ مِن دُونِ اللَّهِ وهم بَعْضُ العَرَبِ واليَهُودِ والنَّصارى، وهو اسْتِفْهامٌ فِيهِ مَعْنى الإنْكارِ والتَّوْبِيخِ، والمَعْنى (p-١٦٦)أنَّهم لَيْسَ لَهم مِن ولايَةِ هَؤُلاءِ الَّذِينَ تَوَلَّوْهم شَيْءٌ، ولا يَجِدُونَ عِنْدَهم مُنْتَفَعًا ويَظْهَرُ أنَّ في الكَلامِ حَذْفًا والتَّقْدِيرُ ﴿أنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِن دُونِي أوْلِياءَ﴾ فَيُجْدِي ذَلِكَ ويَنْتَفِعُونَ بِذَلِكَ الِاتِّخاذِ. وقِيلَ: العِبادُ هُنا الشَّياطِينُ. رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقالَ مُقاتِلٌ: الأصْنامُ لِأنَّها خَلْقُهُ ومِلْكُهُ، والأظْهَرُ تَفْسِيرُ العِبادِ بِما قُلْناهُ لِإضافَتِهِمْ إلَيْهِ، والأكْثَرُ أنْ تَكُونَ الإضافَةُ في مِثْلِ هَذا اللَّفْظِ إضافَةَ تَشْرِيفٍ. وحَسِبَ هُنا بِمَعْنى ظَنَّ وبِهِ قَرَأ عَبْدُ اللَّهِ (أفَظَنَّ) . وقَرَأ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ وزَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ ويَحْيى بْنُ يَعْمُرَ ومُجاهِدٌ وعِكْرِمَةُ وقَتادَةُ ونُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ والضَّحّاكُ وابْنُ أبِي لَيْلى وابْنُ كَثِيرٍ ويَعْقُوبُ بِخِلافٍ عَنْهُما وابْنُ مُحَيْصِنٍ وأبُو حَيْوَةَ والشّافِعِيُّ ومَسْعُودُ بْنُ صالِحٍ ﴿أفَحَسْبُ﴾ بِإسْكانِ السِّينِ وضَمِّ الباءِ مُضافًا إلى (الَّذِينَ)، أيْ: أفَكافِيهِمْ ومَحْسِبُهم ومُنْتَهى عَرَضِهِمْ، والمَعْنى أنَّ ذَلِكَ لا يَكْفِيهِمْ ولا يَنْفَعُهم عِنْدَ اللَّهِ كَما حَسِبُوا. وقالَ أبُو الفَضْلِ الرّازِيُّ قالَ سَهْلٌ يَعْنِي أبا حاتِمٍ: مَعْناهُ أفَحَسْبُهم وحَظُّهم إلّا أنَّ (أفَحَسِبَ) أبْلَغُ في الذَّمِّ؛ لِأنَّهُ جَعَلَهُ غايَةَ مُرادِهِمُ انْتَهى. وارْتَفَعَ حَسْبُ عَلى الِابْتِداءِ والخَبَرُ ﴿أنْ يَتَّخِذُوا﴾ . وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أوْ عَلى الفِعْلِ والفاعِلِ؛ لِأنَّ اسْمَ الفاعِلِ إذا اعْتَمَدَ عَلى الهَمْزَةِ ساوى الفِعْلَ في العَمَلِ كَقَوْلِكَ: أقائِمٌ الزَّيْدانِ وهي قِراءَةٌ مُحْكَمَةٌ جَيِّدَةٌ انْتَهى. والَّذِي يَظْهَرُ أنَّ هَذا الإعْرابَ لا يَجُوزُ؛ لِأنَّ حَسْبًا لَيْسَ باسِمِ فاعِلٍ فَتَعْمَلَ، ولا يَلْزَمُ مِن تَفْسِيرِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ أنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِ جَمِيعُ أحْكامِهِ، وقَدْ ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ أشْياءَ مِنَ الصِّفاتِ الَّتِي تَجْرِي مَجْرى الأسْماءِ وأنَّ الوَجْهَ فِيها الرَّفْعُ. ثُمَّ قالَ: وذَلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ خَيْرٌ مِنهُ أبَوْهُ، ومَرَرْتُ بِرَجُلٍ سَواءٌ عَلَيْهِ الخَيْرُ والشَّرُّ، ومَرَرْتُ بِرَجُلٍ أبٌ لَهُ صاحِبُهُ، ومَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسْبُكَ مِن رَجُلٍ، ومَرَرْتُ بِرَجُلٍ أيُّما رَجُلٍ هو انْتَهى. ولا يَبْعُدُ أنْ يُرْفَعَ بِهِ الظّاهِرُ فَقَدْ أجازُوا في مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أبِي عَشَرَةٍ أبُوهُ ارْتِفاعُ أبُوهُ بِأبِي عَشَرَةٍ لِأنَّهُ في مَعْنى والِدِ عَشَرَةٍ. ﴿إنّا أعْتَدْنا﴾، أيْ: أعْدَدْنا ويَسَّرْنا والنُّزُلُ مَوْضِعُ النُّزُولِ والنُّزُلُ أيْضًا ما يُقَدَّمُ لِلضَّيْفِ ويُهَيَّأُ لَهُ ولِلْقادِمِ مِنَ الطَّعامِ، والنُّزُلُ هُنا يَحْتَمِلُ التَّفْسِيرَيْنِ وكَوْنُهُ مَوْضِعَ النُّزُولِ، قالَهُ الزَّجّاجُ هُنا، وما هُيِّئَ مِنَ الطَّعامِ لِلنَّزِيلِ قَوْلُ القُتَبِيِّ. وقِيلَ: جَمْعُ نازِلٍ ونَصْبُهُ عَلى الحالِ نَحْوُ شارِفٍ وشَرَفٍ، فَإنْ كانَ ما تُقَدِّمُ لِلضَّيْفِ ولِلْقادِمِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ: ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ [آل عمران: ٢١] . وكَقَوْلِ الشّاعِرِ: ؎تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وجِيعُ وقَرَأ أبُو حَيْوَةَ وأبُو عَمْرٍو بِخِلافٍ عَنْهُ (نُزْلًا) بِسُكُونِ الزّايِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب