الباحث القرآني

. قَوْلُهُ: ﴿وتَرَكْنا بَعْضَهم يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ في بَعْضٍ﴾ هَذا مِن كَلامِ اللَّهِ سُبْحانَهُ بَعْدَ انْقِضاءِ كَلامِ ذِي القَرْنَيْنِ، والضَّمِيرُ في ( بَعْضِهِمْ ) لِيَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ أيْ: تَرَكْنا بَعْضَ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ يَوْمَ مَجِيءِ الوَعْدِ، أوْ يَوْمَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ يَمُوجُ في بَعْضٍ آخَرَ مِنهم، يُقالُ: ماجَ النّاسُ: إذا دَخَلَ بَعْضُهم في بَعْضِ حَيارى كَمَوْجِ الماءِ. والمَعْنى أنَّهم يَضْطَرِبُونَ ويَخْتَلِطُونَ، وقِيلَ: الضَّمِيرُ في ( بَعْضِهِمْ ) لِلْخَلْقِ، واليَوْمُ يَوْمُ القِيامَةِ أيْ: وجَعَلْنا بَعْضَ الخَلْقِ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ يَمُوجُ في بَعْضٍ، وقِيلَ: المَعْنى: وتَرَكْنا يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ يَوْمَ (p-٨٧٨)كَمالِ السَّدِّ وتَمامِ عِمارَتِهِ بَعْضُهم يَمُوجُ في بَعْضٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ ﴿ونُفِخَ في الصُّورِ﴾ في الأنْعامِ، قِيلَ: هي النَّفْخَةُ الثّانِيَةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ: ﴿فَجَمَعْناهم جَمْعًا﴾ فَإنَّ الفاءَ تُشْعِرُ بِذَلِكَ، ولَمْ يَذْكُرِ النَّفْخَةَ الأُولى؛ لِأنَّ المَقْصُودَ هُنا ذِكْرُ أحْوالِ القِيامَةِ. والمَعْنى: جَمَعْنا الخَلائِقَ بَعْدَ تَلاشِي أبْدانِهِمْ، ومَصِيرِها تُرابًا جَمْعًا تامًّا عَلى أكْمَلِ صِفَةٍ وأبْدَعِ هَيْئَةٍ وأعْجَبِ أُسْلُوبٍ. ﴿وعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضًا﴾ المُرادُ بِالعَرْضِ هُنا الإظْهارُ أيْ: أظْهَرْنا لَهم جَهَنَّمَ حَتّى شاهَدُوها يَوْمَ جَمْعِنا لَهم، وفي ذَلِكَ وعِيدٌ لِلْكُفّارِ عَظِيمٌ لِما يَحْصُلُ مَعَهم عِنْدَ مُشاهَدَتِها مِنَ الفَزَعِ والرَّوْعَةِ. ثُمَّ وصَفَ الكافِرِينَ المَذْكُورِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ كانَتْ أعْيُنُهم في غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي﴾ أيْ: كانَتْ أعْيُنُهم في الدُّنْيا في غِطاءٍ وهو ما غَطّى الشَّيْءَ وسَتَرَهُ مِن جَمِيعِ الجَوانِبِ ( عَنْ ذِكْرِي ) عَنْ سَبَبِ ذِكْرِي وهو الآياتُ الَّتِي يُشاهِدُها مَن لَهُ تَفَكُّرٌ واعْتِبارٌ فَيَذْكُرُ اللَّهَ بِالتَّوْحِيدِ والتَّمْجِيدِ، فَأطْلَقَ المُسَبَّبَ عَلى السَّبَبِ، أوْ عَنِ القُرْآنِ العَظِيمِ، وتَأمُّلِ مَعانِيهِ وتَدَبُّرِ فَوائِدِهِ. ثُمَّ لَمّا وصَفَهم سُبْحانَهُ بِالعَمى عَنِ الدَّلائِلِ التَّكْوِينِيَّةِ أوِ التَّنْزِيلِيَةِ أوْ مَجْمُوعِهِما، أرادَ أنْ يَصِفَهم بِالصَّمَمِ عَنِ اسْتِماعِ الحَقِّ فَقالَ: ﴿وكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾ أيْ: لا يَقْدِرُونَ عَلى الِاسْتِماعِ لِما فِيهِ الحَقُّ مِن كَلامِ اللَّهِ وكَلامِ رَسُولِهِ، وهَذا أبْلَغُ مِمّا لَوْ قالَ: وكانُوا صُمًّا؛ لَأنَّ الأصَمَّ قَدْ يَسْتَطِيعُ السَّمْعَ إذا صِيحَ بِهِ، وهَؤُلاءِ لا اسْتِطاعَةَ لَهم بِالكُلِّيَّةِ، وفي ذِكْرِ غِطاءِ الأعْيُنِ وعَدَمِ اسْتِطاعَةِ السَّماعِ تَمْثِيلٌ لِتَعامِيهِمْ عَنِ المُشاهَدَةِ بِالأبْصارِ وإعْراضِهِمْ عَنِ الأدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ. ﴿أفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الحُسْبانُ هُنا بِمَعْنى الظَّنِّ، والِاسْتِفْهامُ لِلتَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ والفاءُ لِلْعَطْفِ عَلى مُقَدَّرٍ كَنَظائِرِهِ. والمَعْنى: أفَظَنُّوا أنَّهم يَنْتَفِعُونَ بِما عَبَدُوهُ مَعَ إعْراضِهِمْ عَنْ تَدَبُّرِ آياتِ اللَّهِ وتَمَرُّدِهِمْ عَنْ قَبُولِ الحَقِّ، ومَعْنى ﴿أنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِن دُونِي﴾ أيْ: يَتَّخِذُوهم مِن دُونِ اللَّهِ، وهُمُ المَلائِكَةُ والمَسِيحُ والشَّياطِينُ أوْلِياءَ أيْ: مَعْبُودِينَ، قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى أيَحْسَبُونَ أنْ يَنْفَعَهم ذَلِكَ، وقُرِئَ ( أفَحَسْبَ ) بِسُكُونِ السِّينِ، ومَعْناهُ: أكافِيهِمْ ومُحْسِبُهم أنْ يَتَّخِذُوهم أوْلِياءَ، عَلى أنَّهُ مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ، يُرِيدُ أنَّ ذَلِكَ لا يَكْفِيهِمْ ولا يَنْفَعُهم عِنْدَ اللَّهِ كَما حَسِبُوا ﴿إنّا أعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا﴾ أيْ: هَيَّأْناها لَهم نُزُلًا يَتَمَتَّعُونَ بِهِ عِنْدَ وُرُودِهِمْ. قالَ الزَّجّاجُ: النُّزُلُ المَأْوى والمَنزِلُ، وقِيلَ: إنَّهُ الَّذِي يُعَدُّ لِلضَّيْفِ، فَيَكُونُ تَهْكُّمًا بِهِمْ كَقَوْلِهِ: ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ [آل عمران: ٢١]، والمَعْنى: أنَّ جَهَنَّمَ مُعَدَّةٌ لَهم عِنْدَنا كَما يُعَدُّ النُّزُلُ لِلضَّيْفِ. ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا﴾ انْتِصابُ ( أعْمالًا ) عَلى التَّمْيِيزِ، والجَمْعُ لِلدَّلالَةِ عَلى إرادَةِ الأنْواعِ مِنها. ومَحَلُّ المَوْصُولِ وهو ﴿الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهم في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ الرَّفْعُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، كَأنَّهُ قِيلَ: مَن هم ؟ فَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهم، والمُرادُ بِضَلالِ السَّعْيِ بُطْلانُهُ وضَياعُهُ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الذَّمِّ. ويَكُونُ الجَوابُ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ﴾ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ في مَحَلِّ جَرٍّ عَلى أنَّهُ نَعْتٌ لِلْأخْسَرِينَ أوْ بَدَلٌ مِنهُ، ويَكُونُ الجَوابُ أيْضًا هو ( أُولَئِكَ ) وما بَعْدَهُ، وأوَّلُ هَذِهِ الوُجُوهِ هو أوْلاها، وجُمْلَةُ ﴿وهم يَحْسَبُونَ أنَّهم يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِن فاعِلِ ( ضَلَّ ) أيْ: والحالُ أنَّهم يَظُنُّونَ أنَّهم مُحْسِنُونَ في ذَلِكَ مُنْتَفِعُونَ بِآثارِهِ. وتَكُونُ جُمْلَةُ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ﴾ مُسْتَأْنَفَةً مَسُوقَةً لِتَكْمِيلِ الخُسْرانِ وبَيانِ سَبَبِهِ. هَذا عَلى الوَجْهِ الأوَّلِ الرّاجِحِ لا عَلى الوُجُوهِ الأُخْرى؛ فَإنَّها هي الجَوابُ كَما قَدَّمْنا، ومَعْنى كُفْرِهِمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ: كُفْرُهم بِدَلائِلِ تَوْحِيدِهِ مِنَ الآياتِ التَّكْوِينِيَّةِ والتَّنْزِيلِيَّةِ، ومَعْنى كُفْرِهِمْ بِلِقائِهِ: كُفْرُهم بِالبَعْثِ وما بَعْدَهُ مِن أُمُورِ الآخِرَةِ، ثُمَّ رَتَّبَ عَلى ذَلِكَ قَوْلَهُ: ﴿فَحَبِطَتْ أعْمالُهُمْ﴾ أيْ: الَّتِي عَمِلُوها مِمّا يَظُنُّونَهُ حَسَنًا، وهو خُسْرانٌ وضَلالٌ، ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿فَلا نُقِيمُ لَهم يَوْمَ القِيامَةِ وزْنًا﴾ أيْ: لا يَكُونُ لَهم عِنْدَنا قَدْرٌ ولا نَعْبَأُ بِهِمْ، وقِيلَ: لا يُقامُ لَهم مِيزانٌ تُوزَنُ بِهِ أعْمالُهم؛ لِأنَّ ذَلِكَ إنَّما يَكُونُ لِأهْلِ الحَسَناتِ والسَّيِّئاتِ مِنَ المُوَحِّدِينَ، وهَؤُلاءِ لا حَسَناتٍ لَهم. قالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ: العَرَبُ تَقُولُ: ما لِفُلانٍ عِنْدَنا وزْنٌ: أيْ قَدْرٌ، لِخِسَّتِهِ، ويُوصَفُ الرَّجُلُ بِأنَّهُ لا وزْنَ لَهُ لِخِفَّتِهِ، وسُرْعَةِ طَيْشِهِ، وقِلَّةِ تَثَبُّتِهِ. والمَعْنى عَلى هَذا: أنَّهم لا يُعْتَدُّ بِهِمْ ولا يَكُونُ لَهم عِنْدَ اللَّهِ قَدْرٌ ولا مَنزِلَةٌ، وقَرَأ مُجاهِدٌ ( يُقِيمُ ) بِالياءِ التَّحْتِيَّةِ أيْ: فَلا يُقِيمُ اللَّهُ، وقَرَأ الباقُونَ بِالنُّونِ. ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ عاقِبَةَ هَؤُلاءِ وما يَؤُولُ إلَيْهِ أمْرُهم فَقالَ: ( ذَلِكَ ) أيْ: الَّذِي ذَكَرْناهُ مِن أنْواعِ الوَعِيدِ جَزاؤُهم، ويَكُونُ قَوْلُهُ: ( جَهَنَّمُ ) عَطْفَ بَيانٍ لِلْجَزاءِ، أوْ جُمْلَةُ ( جَزاؤُهم جَهَنَّمُ ) مُبْتَدَأٌ وخَبَرٌ والجُمْلَةُ خَبَرُ ذَلِكَ، والسَّبَبُ في ذَلِكَ أنَّهم ضَمُّوا إلى الكُفْرِ اتِّخاذَ آياتِ اللَّهِ واتِّخاذَ رُسُلِهِ هُزُوًا، فالباءُ في بِما كَفَرُوا لِلسَّبَبِيَّةِ، ومَعْنى كَوْنِهِمْ هُزُوًا: أنَّهم مَهْزُوءٌ بِهِمْ. وقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ في تَعْيِينِ هَؤُلاءِ الأخْسَرِينَ أعْمالًا، فَقِيلَ: اليَهُودُ والنَّصارى، وقِيلَ: كُفّارُ مَكَّةَ، وقِيلَ: الخَوارِجُ، وقِيلَ: الرُّهْبانُ أصْحابُ الصَّوامِعِ، والأوْلى حَمْلُ الآيَةِ عَلى العُمُومِ لِكُلِّ مَنِ اتَّصَفَ بِتِلْكَ الصِّفاتِ المَذْكُورَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحانَهُ بَعْدَ هَذا الوَعِيدِ لِهَؤُلاءِ الكُفّارِ الوَعْدَ لِلْمُؤْمِنِينَ فَقالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ أيْ: جَمَعُوا بَيْنَهُما حَتّى كانُوا عَلى ضِدِّ صِفَةِ مَن قَبْلَهم كانَتْ لَهم قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: ( كانَتْ ) فِيما سَبَقَ مِن عِلْمِ اللَّهِ كانَتْ لِأهْلِ طاعَتِهِ ﴿جَنّاتُ الفِرْدَوْسِ نُزُلًا﴾ قالَ المُبَرِّدُ: الفِرْدَوْسُ فِيما سَمِعْتُ مِن كَلامِ العَرَبِ الشَّجَرُ المُلْتَفُّ والأغْلَبُ عَلَيْهِ العِنَبُ. واخْتارَ الزَّجّاجُ ما قالَهُ مُجاهِدٌ: إنَّ الفِرْدَوْسَ البُسْتانُ بِاللُّغَةِ الرُّومِيَّةِ، وقَدْ تَقَدَّمَ بَيانُ النُّزُلِ، وانْتِصابُهُ عَلى أنَّهُ خَبَرُ كانَ. والمَعْنى: كانَتْ لَهم ثِمارُ جَنَّةِ الفِرْدَوْسِ نُزُلًا مُعَدًّا لَهم مُبالَغَةً في إكْرامِهِمْ. وانْتِصابُ خالِدِينَ فِيها عَلى الحالِ، وكَذَلِكَ جُمْلَةُ ﴿لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا﴾ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ، والحِوَلُ مَصْدَرٌ أيْ: لا يَطْلُبُونَ تَحَوُّلًا عَنْها؛ إذْ هي أعْزُ مِن أنْ يَطْلُبُوا غَيْرَها، أوْ تَشْتاقَ أنْفُسُهم إلى سِواها. قالَ ابْنُ الأعْرابِيِّ وابْنُ قُتَيْبَةَ (p-٨٧٩)والأزْهَرِيُّ: الحِوَلُ اسْمٌ بِمَعْنى التَّحَوُّلِ يَقُومُ مَقامَ المَصْدَرِ، وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ والفَرّاءُ: إنَّ الحِوَلَ التَّحْوِيلُ. وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ مِن طَرِيقِ هارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وتَرَكْنا بَعْضَهُمْ﴾ الآيَةَ قالَ: الجِنُّ والإنْسُ يَمُوجُ بَعْضُهم في بَعْضٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾ قالَ: لا يَعْقِلُونَ سَمْعًا. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عَلِيٍّ أنَّهُ قَرَأ ( أفَحَسْبُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) قالَ أبُو عُبَيْدَةَ بِجَزْمِ السِّينِ وضَمِّ الباءِ. وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أنَّهُ قَرَأ كَذَلِكَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ والبُخارِيُّ والنَّسائِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والحاكِمُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: سَألْتُ أبِي ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا﴾ أهُمُ الحَرُورِيَّةُ ؟ قالَ: لا، هُمُ اليَهُودُ والنَّصارى، أمّا اليَهُودُ فَكَذَّبُوا مُحَمَّدًا - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - وأمّا النَّصارى فَكَفَرُوا بِالجَنَّةِ وقالُوا: لا طَعامَ فِيها ولا شَرابَ، والحَرُورِيَّةُ ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثاقِهِ﴾ [البقرة: ٢٧]، وكانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمُ الفاسِقِينَ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ والفِرْيابِيُّ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ مُصْعَبٍ قالَ: قُلْتُ لِأبِي ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا﴾ الحَرُورِيَّةُ هم ؟ قالَ: لا، ولَكِنَّهم أصْحابُ الصَّوامِعِ، والحَرُورِيَّةُ قَوْمٌ زاغُوا فَأزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهم. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ أبِي حُمَيْصَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ قالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِبٍ يَقُولُ في هَذِهِ الآيَةِ ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا﴾: إنَّهُمُ الرُّهْبانُ الَّذِينَ حَبَسُوا أنْفُسَهم في السَّوارِي. وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أبِي الطُّفَيْلِ قالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِبٍ وسَألَهُ ابْنُ الكَوّاءِ فَقالَ: ﴿هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا﴾ قالَ: فَجَرَةُ قُرَيْشٍ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ والفِرْيابِيُّ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِن طَرِيقَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكم بِالأخْسَرِينَ أعْمالًا﴾ قالَ: لا أظُنُّ إلّا أنَّ الخَوارِجَ مِنهم، وفي الصَّحِيحَيْنِ مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيامَةِ لا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ، وقالَ: اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ: ﴿فَلا نُقِيمُ لَهم يَوْمَ القِيامَةِ وزْنًا﴾» . وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «سَلُوا اللَّهَ الفِرْدَوْسَ، فَإنَّها سُرَّةُ الجَنَّةِ، وإنَّ أهْلَ الفِرْدَوْسِ يَسْمَعُونَ أطِيطَ العَرْشِ» . وفِي الصَّحِيحَيْنِ وغَيْرِهِما مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ -: «إذا سَألْتُمُ اللَّهَ فاسْألُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإنَّهُ وسَطُ الجَنَّةِ، وأعْلى الجَنَّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ومِنهُ تَفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ» . وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ وابْنُ جَرِيرٍ والحاكِمُ والبَيْهَقِيُّ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ أنَّ النَّبِيَّ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - قالَ: «إنَّ في الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، كُلُّ دَرَجَةٍ مِنها ما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، والفِرْدَوْسُ أعْلاها دَرَجَةً، ومِن فَوْقِها يَكُونُ العَرْشُ، ومِنهُ تَفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ الأرْبَعَةُ، فَإذا سَألْتُمُ اللَّهَ فاسْألُوهُ الفِرْدَوْسَ»، والأحادِيثُ بِهَذا المَعْنى كَثِيرَةٌ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: الفِرْدَوْسُ بُسْتانٌ بِالرُّومِيَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ السُّدِّيِّ قالَ: هو الكَرْمُ بِالنَّبَطِيَّةِ، وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وهَنّادٌ وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارِثِ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ سَألَ كَعْبًا عَنِ الفِرْدَوْسِ قالَ: هي جَنّاتُ الأعْنابِ بِالسُّرْيانِيَّةِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا﴾ قالَ: مُتَحَوَّلًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب