الباحث القرآني
﴿إنَّ اللَّهَ رَبِّي ورَبُّكم فاعْبُدُوهُ هَذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ [ 51 ] بَيانٌ لِلْآيَةِ المَأْتِيِّ بِها عَلى مَعْنى هي قَوْلِي: إنَّ اللَّهَ رَبِّي ورَبُّكُمْ، ولَمّا كانَ هَذا القَوْلُ مِمّا أجْمَعَ الرُّسُلُ عَلى حَقِّيَّتِهِ ودَعَوُا النّاسَ إلَيْهِ كانَ آيَةً دالَّةً عَلى رِسالَتِهِ، ولَيْسَ المُرادُ بِالآيَةِ عَلى هَذا المُعْجِزَةَ لِيَرِدَ أنَّ مِثْلَ هَذا القَوْلِ قَدْ يَصْدُرُ عَنْ بَعْضِ العَوامِّ، بَلِ المُرادُ أنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ النُّبُوَّةِ بِالمُعْجِزَةِ كانَ هَذا القَوْلُ لِكَوْنِهِ طَرِيقَةَ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ عَلامَةً لِنُبُوَّتِهِ تَطْمَئِنُّ بِهِ النُّفُوسُ، وجُوِّزَ أنْ يُرادَ مِنَ الآيَةِ المُعْجِزَةُ عَلى طُرُزِ ما مَرَّ، ويُقالُ: إنَّ حُصُولَ المَعْرِفَةِ والتَّوْحِيدِ والِاهْتِداءِ لِلطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ في الِاعْتِقاداتِ والعِباداتِ عَمَّنْ نَشَأ بَيْنَ قَوْمٍ غَيَّرُوا دِينَهم وحَرَّفُوا كُتُبَ اللَّهِ تَعالى المُنَزَّلَةَ وقَتَلُوا أنْبِياءَهم ولَمْ يَكُنْ مِمَّنْ تَعَلَّمَ مِن بَقايا أخْبارِهِمْ مِن أعْظَمِ المُعْجِزاتِ وخَوارِقِ العاداتِ، أوْ يُقالُ مِنَ الجائِزِ أنْ يَكُونَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعالى في التَّوْراةِ إذا جاءَكم شَخْصٌ مِن نَعْتِهِ كَذا وكَذا يَدْعُوكم إلى كَيْتَ وكَيْتَ فاتَّبَعُوهُ فَإنَّهُ نَبِيٌّ مَبْعُوثٌ إلَيْكُمْ، فَإذا قالَ: أنا الَّذِي ذَكَّرْتُ بِكَذا وكَذا مِنَ النُّعُوتِ كانَ مِن أعْظَمِ الخَوارِقِ، وقُرِئَ (أنَّ اللَّهَ) بِفَتْحِ هَمْزَةِ أنَّ عَلى أنَّ المُنْسَبِكَ بَدَلٌ مِن (آيَةٍ) أوْ أنَّ المَعْنى: جِئْتُكم بِآيَةٍ دالَّةٍ عَلى أنَّ اللَّهَ الخ، ومِثْلُ هَذا مُحْتَمَلٌ عَلى قِراءَةِ الكَسْرِ أيْضًا لَكِنْ بِتَقْدِيرِ القَوْلِ، وعَلى كِلا التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ وأطِيعُونِ﴾ اِعْتِراضًا.
وقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ واحِدٍ أنَّ الظّاهِرَ أنَّ هَذِهِ الجُمْلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿جِئْتُكُمْ﴾ الأُولى وكُرِّرَتْ لِيَتَعَلَّقَ بِها مَعْنى زائِدٌ وهو قَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ رَبِّي﴾ أوْ لِلِاسْتِيعابِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ أيْ: جِئْتُكم بِآيَةٍ بَعْدَ أُخْرى مِمّا ذَكَرْتُ لَكم مِن خَلْقِ الطَّيْرِ وإبْراءِ الأكْمَهِ والأبْرَصِ والإحْياءِ والإنْباءِ بِالمَخْفِيّاتِ ومِن وِلادَتِي بِغَيْرِ أبٍ ومِن كَلامِي في المَهْدِ ونَحْوِ ذَلِكَ، والكَلامُ الأوَّلُ: لِتَمْهِيدِ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، والثّانِي: لِتَقْرِيبِها إلى الحُكْمِ وهو إيجابُ حُكْمِ تَقْوى اللَّهِ تَعالى وطاعَتِهِ ولِذَلِكَ جِيءَ بِالفاءِ في ﴿فاتَّقُوا اللَّهَ﴾ كَأنَّهُ قِيلَ: لَمّا جِئْتُكم بِالمُعْجِزاتِ الباهِراتِ والآياتِ الظّاهِراتِ فاتَّقُوا اللَّهَ الخ، وعَلى هَذا يَكُونُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ الخ اِبْتِداءَ كَلامٍ وشُرُوعًا في الدَّعْوَةِ المُشارِ إلَيْها بِقَوْلٍ مُجْمَلٍ، فَإنَّ الجُمْلَةَ الِاسْمِيَّةَ المُؤَكَّدَةَ بِأنَّ لِلْإشارَةِ إلى اِسْتِكْمالِ القُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ بِالِاعْتِقادِ الحَقِّ الَّذِي غايَتُهُ التَّوْحِيدُ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فاعْبُدُوهُ﴾ إشارَةٌ إلى اِسْتِكْمالِ القُوَّةِ العَمَلِيَّةِ فَإنَّهُ مُلازِمَةُ الطّاعَةِ الَّتِي هي الإتْيانُ بِالأوامِرِ والِانْتِهاءُ عَنِ المَناهِي. (p-173)
وتَعْقِيبُ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿هَذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ تَقْرِيرٌ لِما سَبَقَ بِبَيانِ أنَّ الجَمْعَ بَيْنَ الأمْرَيْنِ الِاعْتِقادُ الحَقُّ، والعَمَلُ الصّالِحُ هو الطَّرِيقُ المَشْهُودُ لَهُ بِالِاسْتِقامَةِ، ومَعْنى قِراءَةِ الفَتْحِ عَلى ما ذُكِرَ لِأنَّ اللَّهَ رَبِّي ورَبُّكم فاعْبُدُوهُ فَهو كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لإيلافِ قُرَيْشٍ﴾ الخ، والإشارَةُ إمّا إلى مَجْمُوعِ الأمْرَيْنِ، أوْ إلى الأمْرِ الثّانِي المَعْلُولِ لِلْأمْرِ الأوَّلِ، والتَّنْوِينُ إمّا لِلتَّعْظِيمِ أوْ لِلتَّبْعِيضِ؛ وجُمْلَةُ (هَذا) الخ عَلى ما قِيلَ: اِسْتِئْنافٌ لِبَيانِ المُتَقَضِّي لِلدَّعْوَةِ.
هَذا والإشارَةُ في هَذِهِ الآياتِ ظاهِرَةٌ كالعِبارَةِ: سِوى أنَّ تَطْبِيقَ ما في الآفاقِ عَلى ما في الأنْفُسِ يَحْتاجُ إلى بَيانٍ، فَنَقُولُ: قالَ اللَّهُ سُبْحانَهُ: ﴿وإذْ قالَتِ المَلائِكَةُ﴾ أيْ مَلائِكَةُ القُوى الرُّوحانِيَّةِ لِمَرْيَمَ النَّفْسِ الطّاهِرَةِ الزَّكِيَّةِ ﴿إنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ﴾ لِكَمالِ اِسْتِعْدادِكِ ووُفُورِ قابِلِيَّتِكِ ﴿وطَهَّرَكِ﴾ عَنِ الرَّذائِلِ والأخْلاقِ الرِّدْيَةِ ﴿واصْطَفاكِ عَلى نِساءِ﴾ النُّفُوسِ الشَّهْوانِيَّةِ المُتَدَرِّعَةِ بِجِلْبابِ الأفْعالِ الذَّمِيمَةِ ﴿يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ﴾ أيْ داوِمِي عَلى الطّاعَةِ لَهُ بِالِائْتِمارِ بِما أمَرَ والِانْزِجارِ عَمّا نَهى ﴿واسْجُدِي﴾ في مَساجِدِ الذُّلِّ ﴿وارْكَعِي﴾ في مَحارِيبِ الخَدُوعِ مَعَ الخاضِعِينَ فَإنَّ في ذَلِكَ إقامَةَ مَراسِمِ العُبُودِيَّةِ وأداءَ حُقُوقِ الرُّبُوبِيَّةِ، ولِلَّهِ تَعالى دَرُّ مَن قالَ:
؎ويَحْسُنُ إظْهارُ التَّجَلُّدِ لِلْعِدا ويَقْبُحُ إلّا العَجْزَ عِنْدَ الحَبائِبِ
﴿ذَلِكَ مِن أنْباءِ الغَيْبِ﴾ أيْ مِن أخْبارِ غَيْبِ وُجُودِكَ ﴿نُوحِيهِ إلَيْكَ﴾ يا نَبِيَّ الرُّوحِ ﴿وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ﴾ أيْ لَدى القُوى الرُّوحانِيَّةِ والنَّفْسانِيَّةِ، والمُرادُ ما كُنْتَ مُلْتَفِتًا إلَيْهِمْ بَلْ كُنْتَ في شُغْلٍ شاغِلٍ عَنْهم ﴿إذْ يُلْقُونَ﴾ أقْلامَ اِسْتِعْداداتِهِمِ الَّتِي يَكْتُبُونَ بِها صُحُفَ أحْوالِهِمْ وتَوْراةَ أطْوارِهِمْ ويَطْرَحُونَها في بَحْرِ التَّدْبِيرِ ﴿أيُّهم يَكْفُلُ﴾ ويُدَبِّرُ ﴿مَرْيَمَ﴾ النَّفْسَ بِحَسَبِ رَأْيِهِ ومُقْتَضى طَبْعِهِ ﴿وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ في مَقامِ الصَّدْرِ الَّذِي هو مَحَلُّ اِخْتِصامِ القُوى في طَلَبِ الرِّياسَةِ قَبْلَ الرِّياضَةِ وفي حالِها ﴿إذْ قالَتِ﴾ مَلائِكَةُ القُوى الرُّوحانِيَّةِ حِينَ غَلَبَتْ ﴿يا مَرْيَمُ إنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ﴾ بِمُقْتَضى التَّوْجِيهِ إلَيْهِ ﴿بِكَلِمَةٍ مِنهُ﴾ جامِعَةٍ لِحُرُوفِ الأكْوانِ وهو القَلْبُ المُحِيطُ بِالعَوالِمِ ﴿اسْمُهُ المَسِيحُ﴾ لِأنَّهُ يَمْسَحُكِ بِالنُّورِ، أوْ لِأنَّهُ مُسِحَ بِهِ ﴿وجِيهًا في الدُّنْيا﴾ لِتَدْبِيرِهِ أمْرَ المَعاشِ فَيُطِيعُهُ إنْسُ القُوى الظّاهِرَةِ وجِنُّ القُوى الباطِنَةِ، ووَجِيهًا في الآخِرَةِ لِقِيامِهِ بِتَدْبِيرِ المَعادِ فَيُطِيعُهُ مَلَكُوتُ سَماءِ الأرْواحِ، أوْ شَرِيفًا مَرْفُوعًا في الدُّنْيا، وهي عِبارَةٌ عَنْ تَجَلِّي الأفْعالِ، وفي الآخِرَةِ، وهي عِبارَةٌ عَنْ تَجَلِّي الأسْماءِ ﴿ومِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ أيِ المَعْدُودِينَ مِن جُمْلَةِ مُقَرَّبِي الحَضْرَةِ القابِلَيْنِ لِتَجْلِي الذّاتِ، وفي الخَبَرِ: «ما وسِعَتْنِي أرْضِي ولا سَمائِي ولَكِنْ وسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي المُؤْمِنِ».
﴿ويُكَلِّمُ النّاسَ﴾ بِما يُرْشِدُهم في مَهْدِ البَدَنِ وقْتَ تَغَذِّيهِ بِلِبانِ السُّلُوكِ إلى مَلِكِ المُلُوكِ ﴿وكَهْلا﴾ بالِغًا طَوْرَ شَيْخِ الرُّوحِ وواصِلًا وسَطَ الطَّرِيقِ ﴿قالَتْ رَبِّ أنّى يَكُونُ لِي ولَدٌ﴾ مِثْلُ هَذا ﴿ولَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾ وهو تَعَجُّبٌ مِن وِلادَتِها ذَلِكَ مِن غَيْرِ تَرْبِيَةِ مُعَلِّمٍ بِشْرِيٍّ لِما أنَّ العادَةَ جَرَتْ بِأنَّ الوُصُولَ إلى المَقاماتِ العَلِيَّةِ إنَّما هو بِواسِطَةِ شَيْخٍ مُرْشِدٍ يَعْرِفُ الطَّرِيقَ ويَدْفَعُ الآفاتِ، وقَدْ شاعَ أنَّ الإنْسانَ مَتى سَلَكَ بِنَفْسِهِ ضَلَّ أوْ لَمْ يَفُزْ بِكَثِيرٍ، ومِن كَلامِهِمُ الشَّجَرَةُ الَّتِي تَنْبُتُ بِنَفْسِها لا تُثْمِرُ.
﴿قالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ﴾ فَلَهُ أنْ يَصْطَفِيَ مَن شاءَ مِن غَيْرِ تَرْبِيَةِ مُرَبٍّ ولا إرْشادِ مُرْشِدٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ الجَذْبَةِ الإلَهِيَّةِ، وهَذا شَأْنُ المُرادِينَ وبَعْضِ المُرِيدِينَ:
؎رُبَّ شَخْصٍ تَقُودُهُ الأقْدارُ ∗∗∗ لِلْمَعالِي وما لِذاكَ اِخْتِيارُ
؎غافِلٌ والسَّعادَةُ اِحْتَضَنَتْهُ ∗∗∗ وهو عَنْها مُسْتَوْحِشٌ نَفّارُ
﴿ويُعَلِّمُهُ﴾ بِالتَّعْلِيمِ الإلَهِيِّ الغَنِيِّ عَمّا يَعْهَدُ مِنَ الوَسائِطِ كِتابُ العُلُومِ المَعْقُولَةِ وحُكْمُ الشَّرائِعِ ومَعارِفُ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ مِن تَوْراةِ الظّاهِرِ وإنْجِيلِ الباطِنِ، ويَجْعَلُهُ ”رَسُولًا إلى“ الرُّوحانِيِّينَ مِن ﴿بَنِي إسْرائِيلَ﴾ الرُّوحِ، قائِلًا: (p-174)﴿أنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ﴾ مِن عالَمِ الغَيْبِ ﴿بِآيَةٍ﴾ عَظِيمَةٍ وهي ﴿أنِّي أخْلُقُ لَكُمْ﴾ بِالتَّرْبِيَةِ مِن طِينِ النُّفُوسِ البَشَرِيَّةِ ﴿كَهَيْئَةِ﴾ الطّائِرِ إلى جَنابِ القُدْسِ بِجَناحَيِ الرَّجاءِ والخَوْفِ ﴿فَأنْفُخُ فِيهِ﴾ بِنَفْثِ العِلْمِ الإلَهِيِّ ونَفْسِ الحَياةِ الحَقِيقِيَّةِ ﴿فَيَكُونُ طَيْرًا﴾ أيْ نَفْسًا حَيَّةً طائِرَةً في فَضاءِ الجَمالِ والجَلالِ إلى رِياضِ جَنابِ الحَقِّ سُبْحانَهُ ﴿بِإذْنِ اللَّهِ وأُبْرِئُ الأكْمَهَ﴾ أيِ الأعْمى المَحْجُوبِ بِرُؤْيَةِ الأغْيارِ عَنْ رُؤْيَةِ نُورِ الأنْوارِ ﴿والأبْرَصَ﴾ المُبْتَلى بِأمْراضِ الرَّذائِلِ والعَقائِدِ الفاسِدَةِ الَّتِي أوْجَبَتْ مُخالَفَةَ لَوْنِ بَشَرَتِهِ الفِطْرِيَّةِ ﴿وأُحْيِي﴾ مَوْتى الجَهْلِ بِحَياةِ العِلْمِ الحَقِيقِيَّةِ ﴿بِإذْنِ اللَّهِ وأُنَبِّئُكم بِما تَأْكُلُونَ﴾ أيْ تَتَناوَلُونَ مِنَ الشَّهَواتِ واللَّذّاتِ ﴿وما تَدَّخِرُونَ﴾ في بُيُوتِ نِيّاتِكم مِنَ الآمالِ الَّتِي هي كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ المَذْكُورِ ﴿لآيَةً لَكُمْ﴾ نافِعَةً ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾، ﴿ومُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ﴾ تَوْراةِ الظّاهِرِ فَإنَّهُ أحَدُ المَظاهِرِ ﴿ولأُحِلَّ لَكم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ بِسَبَبِ عِنادِكم وقَصْرِكُمُ الحَقَّ عَلى بَعْضِ مَظاهِرِهِ، وأُشِيرَ بِذَلِكَ إلى عِلْمِ الباطِنِ، والمُرادُ مِنَ البَعْضِ إمّا الكُلُّ عَلى حَدِّ ما قِيلَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُصِبْكم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ وإمّا ظاهِرُ مَعْناهُ فَيَكُونُ إشارَةً إلى أنَّ مِنَ الباطِنِ ما يَحْرُمُ كَشْفُهُ، فَقَدْ قالَ مَوْلانا زَيْنُ العابِدِينَ:
؎ورُبَّ جَوْهَرِ عَلَمٍ لَوْ أبُوحُ بِهِ ∗∗∗ لَقِيلَ لِي: أنْتَ مِمَّنْ يَعْبُدُ الوَثَنا
؎ولا اِسْتَحَلَّ أُناسٌ مُسْلِمُونَ دَمِي ∗∗∗ يَرَوْنَ أقْبَحَ ما يَأْتُونَهُ حَسَنا
؎وقَدْ تَقَدَّمَ في هَذا أبُو حَسَنٍ ∗∗∗ إلى الحُسَيْنِ وأوْصى قَبْلَهُ الحَسَنا
﴿وجِئْتُكم بِآيَةٍ﴾ بَعْدَ أُخْرى ﴿مِن رَبِّكم فاتَّقُوا اللَّهَ﴾ في مُخالَفَتِي ﴿وأطِيعُونِ﴾ فِيما فِيهِ كَمالُ نَشْأتِكم ﴿إنَّ اللَّهَ رَبِّي ورَبُّكُمْ﴾ فَهو الَّذِي يُوصِلُكم إلى ما فِيهِ كَمالِكم ﴿فاعْبُدُوهُ﴾ بِالذُّلِّ والِانْكِسارِ والوُقُوفِ عَلى بابِهِ بِالعَجْزِ والِافْتِقارِ، وامْتَثِلُوا أمْرَهُ ونَهْيَهُ ﴿هَذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ يُوصِلُكم إلَيْهِ ويُفِدُ بِكم عَلَيْهِ.
{"ayah":"إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّی وَرَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُوهُۚ هَـٰذَا صِرَ ٰطࣱ مُّسۡتَقِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق