الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَوْلا أنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِن فَضَّةٍ ومَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ﴾ ﴿وَلِبُيُوتِهِمْ أبْوابًا وسُرُرًا عَلَيْها يَتَّكِئُونَ﴾ ﴿وَزُخْرُفًا وإنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمّا مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا والآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ .
قَوْلُهُ: (لِبُيُوتِهِمْ) في المَوْضِعَيْنِ، قَرَأهُ ورْشٌ وأبُو عَمْرٍو، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ - بِضَمِّ الباءِ عَلى الأصْلِ.
وَقَرَأهُ قالُونُ عَنْ نافِعٍ، وابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وشُعْبَةُ عَنْ عاصِمٍ: ﴿لِبُيُوتِهِمْ﴾ بِكَسْرِ الباءِ لِمُجانِسَةِ الكَسْرَةِ لِلْياءِ.
وَقَوْلُهُ: (سُقُفًا) قَرَأهُ نافِعٌ وابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وعاصِمٌ - سُقُفًا بِضَمَّتَيْنِ عَلى الجَمْعِ.
وَقَرَأهُ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو: سَقْفًا بِفَتْحِ السِّينِ وإسْكانِ القافِ عَلى الإفْرادِ المُرادِ بِهِ الجَمْعُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَزُخْرُفًا وإنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمّا مَتاعُ الحَياةِ﴾ قَرَأهُ نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وابْنُ عامِرٍ في رِوايَةِ ابْنِ ذَكْوانَ، وإحْدى الرِّوايَتَيْنِ عَنْ هِشامٍ وأبِي عَمْرٍو والكِسائِيِّ: ﴿لَمّا مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ بِتَخْفِيفِ المِيمِ مِن (لَما) .
وَقَرَأهُ عاصِمٌ وحَمْزَةُ وهِشامٌ عَنِ ابْنِ عامِرٍ، وفي إحْدى الرِّوايَتَيْنِ: ﴿لَمّا مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ بِتَشْدِيدِ المِيمِ مِن (لَمّا) .
(p-١١٦)وَمَعْنى الآيَةِ الكَرِيمَةِ أنَّ اللَّهَ لَمّا بَيَّنَ حَقارَةَ الدُّنْيا وعِظَمَ شَأْنِ الآخِرَةِ في قَوْلِهِ: ﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ﴾ [الزخرف: ٣٢] - أتْبَعَ ذَلِكَ بِبَيانِ شِدَّةِ حَقارَتِها، وأنَّهُ جَعَلَها مُشْتَرَكَةً بَيْنَ المُؤْمِنِينَ والكافِرِينَ، وجَعَلَ ما في الآخِرَةِ مِنَ النَّعِيمِ خاصًّا بِالمُؤْمِنِينَ دُونَ الكافِرِينَ، وبَيَّنَ حِكْمَتَهُ في اشْتِراكِ المُؤْمِنِ مَعَ الكافِرِ في نَعِيمِ الدُّنْيا بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَوْلا أنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً﴾ أيْ لَوْلا كَراهَتُنا لِكَوْنِ جَمِيعِ النّاسِ أُمَّةً واحِدَةً مُتَّفِقَةً عَلى الكُفْرِ، لَأعْطَيْنا زَخارِفَ الدُّنْيا كُلَّها لِلْكُفّارِ.
وَلَكِنَّنا لِعِلْمِنا بِشِدَّةِ مَيْلِ القُلُوبِ إلى زَهْرَةِ الحَياةِ الدُّنْيا وحُبِّها لَها، لَوْ أعْطَيْنا ذَلِكَ كُلَّهُ لِلْكُفّارِ لَحَمَلَتِ الرَّغْبَةُ في الدُّنْيا جَمِيعَ النّاسِ عَلى أنْ يَكُونُوا كُفّارًا، فَجَعَلْنا في كُلٍّ مِنَ الكافِرِينَ والمُؤْمِنِينَ غَنِيًّا وفَقِيرًا، وأشْرَكْنا بَيْنَهم في الحَياةِ الدُّنْيا.
ثُمَّ بَيَّنَ - جَلَّ وعَلا - اخْتِصاصَ نَعِيمِ الآخِرَةِ بِالمُؤْمِنِينَ في قَوْلِهِ: ﴿وَإنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمّا مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا والآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾، أيْ خالِصَةٌ لَهم دُونَ غَيْرِهِمْ.
وَهَذا المَعْنى جاءَ مُوَضَّحًا في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ، كَقَوْلِهِ تَعالى في ”الأعْرافِ“: ﴿قُلْ مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أخْرَجَ لِعِبادِهِ والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هي لِلَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢] .
فَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ هي لِلَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ أيْ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهم في الحَياةِ الدُّنْيا، خالِصَةٌ يَوْمَ القِيامَةِ، أيْ خاصَّةٌ بِهِمْ دُونَ الكُفّارِ يَوْمَ القِيامَةِ؛ إذْ لا نَصِيبَ لِلْكُفّارِ البَتَّةَ في طَيِّباتِ الآخِرَةِ.
فَقَوْلُهُ في آيَةِ ”الأعْرافِ“ هَذِهِ: ﴿قُلْ هي لِلَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا﴾ - صَرِيحٌ في اشْتِراكِ المُؤْمِنِينَ مَعَ الكُفّارِ في مَتاعِ الحَياةِ الدُّنْيا.
وَذَلِكَ الِاشْتِراكُ المَذْكُورُ دَلَّ عَلَيْهِ حَرْفُ الِامْتِناعِ لِلْوُجُودِ الَّذِي هو (لَوْلا) في قَوْلِهِ هُنا: ﴿وَلَوْلا أنْ يَكُونَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً﴾ .
وَخُصُوصُ طَيِّباتِ الآخِرَةِ بِالمُؤْمِنِينَ المَنصُوصُ عَلَيْهِ في آيَةِ ”الأعْرافِ“ بِقَوْلِهِ: ﴿خالِصَةً يَوْمَ القِيامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢] - هو الَّذِي أوْضَحَهُ تَعالى في آيَةِ ”الزُّخْرُفِ“ هَذِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿والآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: ٣٥] .
(p-١١٧)وَجَمِيعُ المُؤْمِنِينَ يَدْخُلُونَ في الجُمْلَةِ في لَفْظِ المُتَّقِينَ؛ لِأنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ اتَّقى الشِّرْكَ بِاللَّهِ.
وَما دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآياتُ مِن أنَّهُ تَعالى يُعْطِي الكُفّارَ مِن مَتاعِ الحَياةِ الدُّنْيا - دَلَّتْ عَلَيْهِ آياتٌ كَثِيرَةٌ مِن كِتابِ اللَّهِ،
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالَ ومَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أضْطَرُّهُ إلى عَذابِ النّارِ﴾ [البقرة: ١٢٦] .
• وقَوْلِهِ: ﴿نُمَتِّعُهم قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهم إلى عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ [لقمان: ٢٤] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ياأيُّها النّاسُ إنَّما بَغْيُكم عَلى أنْفُسِكم مَتاعَ الحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إلَيْنا مَرْجِعُكم فَنُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: ٢٣] .
• وقَوْلِهِ: ﴿قُلْ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللَّهِ الكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ﴾ ﴿مَتاعٌ في الدُّنْيا ثُمَّ إلَيْنا مَرْجِعُهم ثُمَّ نُذِيقُهُمُ العَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ﴾ [يونس: ٦٩ - ٧٠] .
والآياتُ بِمِثْلِ هَذا كَثِيرَةٌ.
وَقَدْ بَيَّنَ تَعالى في آياتٍ مِن كِتابِهِ أنَّ إنْعامَهُ عَلى الكافِرِينَ لَيْسَ لِكَرامَتِهِمْ عَلَيْهِ، ولَكِنَّهُ لِلِاسْتِدْراجِ،
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَذَرْنِي ومَن يُكَذِّبُ بِهَذا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهم مِن حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿وَأُمْلِي لَهم إنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [القلم: ٤٤ - ٤٥] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أخَذْناهم بَغْتَةً فَإذا هم مُبْلِسُونَ﴾ ﴿فَقُطِعَ دابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا والحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٤٤ - ٤٥] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الحَسَنَةَ حَتّى عَفَوْا وقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنا الضَّرّاءُ والسَّرّاءُ فَأخَذْناهم بَغْتَةً وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٥] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ مَن كانَ في الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا﴾ [مريم: ٧٥] عَلى أظْهَرِ التَّفْسِيرَيْنِ.
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّما نُمْلِي لَهم خَيْرٌ لِأنْفُسِهِمْ إنَّما نُمْلِي لَهم لِيَزْدادُوا إثْمًا ولَهم عَذابٌ مُهِينٌ﴾ [آل عمران: ١٧٨] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَأمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أخَذْتُهم فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ﴾ [الحج: ٤٤] .
وَدَعْوى الكُفّارِ أنَّ اللَّهَ ما أعْطاهُمُ المالَ ونَعِيمَ الدُّنْيا إلّا لِكَرامَتِهِمْ عَلَيْهِ واسْتِحْقاقِهِمْ لِذَلِكَ، وأنَّهُ إنْ كانَ البَعْثُ حَقًّا أعْطاهم خَيْرًا مِنهُ في الآخِرَةِ - قَدْ رَدَّها اللَّهُ عَلَيْهِمْ في آياتٍ كَثِيرَةٍ،
• كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿أيَحْسَبُونَ أنَّما نُمِدُّهم بِهِ مِن مالٍ وبَنِينَ نُسارِعُ لَهم في الخَيْراتِ بَل لا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٥ - ٥٦] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما أمْوالُكم ولا أوْلادُكم بِالَّتِي تُقَرِّبُكم عِنْدَنا زُلْفى إلّا مَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا﴾ [سبإ: ٣٧] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالُوا ما أغْنى عَنْكم جَمْعُكم وما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الأعراف: ٤٨] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ما أغْنى عَنْهُ مالُهُ وما كَسَبَ﴾ [المسد: ٢] . (p-١١٨)
• وَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إذا تَرَدّى﴾ [الليل: ١١] .
• وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكم أوَّلَ مَرَّةٍ وتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكم وراءَ ظُهُورِكُمْ﴾ [الأنعام: ٩٤] .
إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآياتِ.
وَقَدْ قَدَّمْنا طَرَفًا مِن هَذا في سُورَةِ ”الكَهْفِ“ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلَئِنْ رُدِدْتُ إلى رَبِّي لَأجِدَنَّ خَيْرًا مِنها مُنْقَلَبًا﴾ [الكهف: ٣٦] .
وَلْنَرْجِعْ إلى تَفْسِيرِ ألْفاظِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، فَقَوْلُهُ: جَعَلْنا أيْ صَيَّرْنا، وقَوْلُهُ: ﴿لِبُيُوتِهِمْ﴾ بَدَلُ اشْتِمالٍ مَعَ إعادَةِ العامِلِ مِن قَوْلِهِ: لِمَن يَكْفُرُ وعَلى قِراءَةِ سُقُفًا بِضَمَّتَيْنِ، فَهو جَمْعُ سَقْفٍ، وسَقْفُ البَيْتِ مَعْرُوفٌ.
وَعَلى قِراءَةِ سَقْفًا بِفَتْحِ السِّينِ وسُكُونِ القافِ: فَهو مُفْرَدٌ أُرِيدَ بِهِ الجَمْعُ.
وَقَدْ قَدَّمْنا في أوَّلِ سُورَةِ ”الحَجِّ“ في الكَلامِ عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ نُخْرِجُكم طِفْلًا﴾ [الحج: ٥] - أنَّ المُفْرَدَ إذا كانَ اسْمَ جِنْسٍ. يَجُوزُ إطْلاقُهُ مُرادًا بِهِ الجَمْعُ، وأكْثَرْنا مِن أمْثِلَةِ ذَلِكَ في القُرْآنِ ومِنَ الشَّواهِدِ العَرَبِيَّةِ عَلى ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَعارِجَ﴾ الظّاهِرُ أنَّهُ جَمْعُ مِعْرَجٍ، بِلا ألْفٍ بَعْدِ الرّاءِ.
والمِعْرَجُ والمِعْراجُ بِمَعْنى واحِدٍ، وهو الآلَةُ الَّتِي يُعْرَجُ بِها أيْ يُصْعَدُ بِها إلى العُلُوِّ.
وَقَوْلُهُ: (يَظْهَرُونَ)، أيْ يَصْعَدُونَ ويَرْتَفِعُونَ حَتّى يَصِيرُوا عَلى ظُهُورِ البُيُوتِ. ومِن ذَلِكَ المَعْنى قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَما اسْطاعُوا أنْ يَظْهَرُوهُ وما اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ [الكهف: ٩٧] .
والسُّرُرُ جَمْعُ سَرِيرٍ، والِاتِّكاءُ مَعْرُوفٌ.
والأبْوابُ جَمْعُ بابٍ وهو مَعْرُوفٌ، والزُّخْرُفُ الذَّهَبُ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: إنَّ المَعارِجَ الَّتِي هي المَصاعِدُ والأبْوابُ والسُّرُرُ - كُلُّ ذَلِكَ مِن فِضَّةٍ، كَأنَّهُ يَرى اشْتِراكَ المَعْطُوفِ والمَعْطُوفِ عَلَيْهِ في ذَلِكَ، وعَلى هَذا المَعْنى فَقَوْلُهُ: زُخْرُفًا - مَفْعُولٌ عامِلُهُ مَحْذُوفٌ، والتَّقْدِيرُ: وجَعَلْنا لَهم مَعَ ذَلِكَ زُخْرُفًا.
(p-١١٩)وَقالَ بَعْضُ العُلَماءِ: إنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ بَعْضُهُ مِن فِضَّةٍ، وبَعْضُهُ مِن زُخْرُفٍ، أيْ ذَهَبٍ.
وَقَدْ ذَكَرَ القُرْطُبِيُّ أنَّ إعْرابَ قَوْلِهِ: وُزُخْرُفًا - عَلى هَذا القَوْلِ أنَّهُ مَنصُوبٌ بِنَزْعِ الخافِضِ، وأنَّ المَعْنى مِن فِضَّةٍ، ومِن زُخْرُفٍ، فَحَذَفَ حَرْفَ الجَرِّ فانْتَصَبَ زُخْرُفًا.
وَأكْثَرُ عُلَماءِ النَّحْوِ عَلى أنَّ النَّصْبَ بِنَزْعِ الخافِضِ لَيْسَ مُطَّرِدًا ولا قِياسِيًّا، وما سُمِعَ مِنهُ يُحْفَظُ ولا يُقاسُ عَلَيْهِ.
وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ مالِكٍ في الخُلاصَةِ في قَوْلِهِ:
وَإنْ حُذِفْ فالنَّصْبُ لِلْمُنْجَرِّ نَقْلًا. . . إلَخْ.
وَعَلِيُّ بْنُ سُلَيْمانَ وهو الأخْفَشُ الصَّغِيرُ يَرى اطِّرادَهُ في كُلِّ شَيْءٍ أُمِنَ فِيهِ اللَّبْسُ، كَما أشارَ في الكافِيَةِ بِقَوْلِهِ:
؎وابْنُ سُلَيْمانَ اطِّرادَهُ رَأى إنْ لَمْ يُخَفْ لَبْسٌ كَمِن زَيْدٍ نَأى
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمّا مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ [الزخرف: ٣٥] عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ بِتَخْفِيفِ المِيمِ مِن (لَما)، فَـ (إنْ) هي المُخَفَّفَةُ مِنَ الثَّقِيلَةِ، واللّامُ هي الفارِقَةُ بَيْنَ (إنِ) المُخَفَّفَةِ مِنَ الثَّقِيلَةِ، و (إنِ) النّافِيَةِ المُشارِ إلَيْها بِقَوْلِهِ في الخُلاصَةِ:
؎وَخُفِّفَتْ إنْ فَقَلَّ العَمَلُ ∗∗∗ وتَلْزَمُ اللّامُ إذا ما تُهْمَلُ
وَ (ما) مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، وأمّا عَلى قِراءَةِ عاصِمٍ وحَمْزَةَ وابْنِ عامِرٍ في إحْدى الرِّوايَتَيْنِ عَنْ هِشامٍ (لَمّا) بِتَشْدِيدِ المِيمِ فَـ (إنْ) نافِيَةٌ، و (لَمّا) حَرْفُ إثْباتٍ بِمَعْنى إلّا.
والمَعْنى: وما كُلُّ ذَلِكَ إلّا مَتاعُ الحَياةِ الدُّنْيا.
وَذَكَرَهُ بَعْضُهم أنَّ تَشْدِيدَ مِيمِ (لَمّا) عَلى بَعْضِ القِراءاتِ في هَذِهِ الآيَةِ وآيَةِ ”الطّارِقِ“ ﴿إنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ﴾ [الطارق: ٤] - لُغَةُ بَنِي هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ. والعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى .
{"ayah":"وَلَوۡلَاۤ أَن یَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ لَّجَعَلۡنَا لِمَن یَكۡفُرُ بِٱلرَّحۡمَـٰنِ لِبُیُوتِهِمۡ سُقُفࣰا مِّن فِضَّةࣲ وَمَعَارِجَ عَلَیۡهَا یَظۡهَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق