فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْهَوَانِ بِحَيْثُ كَانَ يَجْعَلُ بُيُوتَ الْكُفَّارِ وَدُرَجِهَا وَأَبْوَابِهَا ذَهَبًا وَفِضَّةً، لَوْلَا غَلَبَةُ حُبِّ الدُّنْيَا عَلَى الْقُلُوبِ، فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْكُفْرِ. وَالْقَدَرُ الَّذِي [جُعِلَ] عِنْدَ الْكُفَّارِ مِنْ الدُّنْيَا وَعِنْدَ بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْأَغْنِيَاءِ إنَّمَا هُوَ فِتْنَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [الفرقان: 20].
[مَسْأَلَة بَاعَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَبَنَاهَا فَوَجَدَ فِيهَا جَرَّةً مِنْ ذَهَبٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السَّقْفَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْتَ عِبَارَةٌ عَنْ قَاعَةٍ وَجِدَارٍ وَسَقْفٍ وَبَابٍ، فَمَنْ لَهُ الْبَيْتُ فَلَهُ أَرْكَانُهُ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْعُلُوَّ لَهُ إلَى السَّمَاءِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي السُّفْلِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ لَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ شَيْءٌ. وَفِي مَذْهَبِنَا الْقَوْلَانِ. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ حَدِيثُ الْإِسْرَائِيلِيِّ الصَّحِيحُ فِيمَا تَقَدَّمَ: أَنَّ رَجُلًا بَاعَ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَبَنَاهَا فَوَجَدَ فِيهَا جَرَّةً مِنْ ذَهَبٍ، فَجَاءَ بِهَا إلَى الْبَائِعِ، فَقَالَ: إنَّمَا
اشْتَرَيْت الدَّارَ دُونَ الْجَرَّةِ. وَقَالَ الْبَائِعُ: إنَّمَا بِعْت الدَّارَ بِمَا فِيهَا. وَكِلَاهُمَا تَدَافَعَا فَقَضَى بَيْنَهُمْ أَنْ يُزَوِّجَ أَحَدُهُمَا وَلَدَهُ مِنْ بِنْتِ الْآخَرِ، وَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعُلُوَّ وَالسُّفْلَ لَهُ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ بِالْبَيْعِ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْمَوْضِعَيْنِ فَلَهُ مِنْهُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَبَاقِيهِ لِلْمُبْتَاعِ مِنْهُ.
{"ayah":"وَلَوۡلَاۤ أَن یَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ لَّجَعَلۡنَا لِمَن یَكۡفُرُ بِٱلرَّحۡمَـٰنِ لِبُیُوتِهِمۡ سُقُفࣰا مِّن فِضَّةࣲ وَمَعَارِجَ عَلَیۡهَا یَظۡهَرُونَ"}