الباحث القرآني

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢) ﴾ * * * قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: ما الذي نصب"خالدين فيها"؟ قيل: نُصب على الحال من"الهاء والميم" اللتين في"عليهم". وذلك أنّ معنى قوله:"أولئكَ عَليهم لعنة الله"، أولئك يلعنهم الله والملائكةُ والناس أجمعون خالدين فيها. ولذلك قرأ ذلك:"أولئك عَليهم لعنة الله والملائكةُ والناس أجمعون" مَنْ قرأَهُ كذلك، [[في المطبوعة: "والناس أجميعن"، وهو خطأ، والصواب ما أثبت، برفع"الملائكة والناس أجمعون"، وهي قراءة الحسن. وانظر معاني القرآن للفراء ١: ٩٦-٩٧، وتفسير هذه الآية في سائر كتب التفسير.]] توجيهًا منه إلى المعنى الذي وصفتُ. وذلك وإن كان جائزًا في العربية، فغيرُ جائزةٍ القراءةُ به، لأنه خلافٌ لمصاحف المسلمين، وما جاء به المسلمون من القراءة مستفيضًا فيهم. فغير جائز الاعتراضُ بالشاذّ من القول، على ما قد ثبتت حُجته بالنقل المستفيض. * * * وأما"الهاء والألف" اللتان في قوله:"فيها"، فإنهما عائدتان على"اللعنة"، والمرادُ بالكلام: ما صار إليه الكافر باللعنة من الله ومن ملائكته ومن الناس. والذي صار إليه بها، نارُ جهنم. وأجرى الكلام على"اللعنة"، والمراد بها ما صار إليه الكافر، كما قد بينا من نظائر ذلك فيما مضى قبل، كما:- ٢٣٩٦- حدثت عن عمار قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية:"خالدين فيها"، يقول: خالدين في جهنم، في اللعنة. * * * وأما قوله:"لا يخفّف عنهم العذاب"، فإنه خبرٌ من الله تعالى ذكره عن دَوَام العذاب أبدًا من غير توقيت ولا تخفيف، كما قال تعالى ذكره: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾ [سورة فاطر: ٣٦] ، وكما قال: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [سورة النساء: ٥٦] * * * وأما قوله:"ولا هم يُنظرون"، فإنه يعني: ولا هُم يُنظرون بمعذرة يَعتذرون، كما:- ٢٣٩٧- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية:"ولا هم ينظرون"، يقول: لا يُنظرون فيعتذرون، كقوله: ﴿هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ . [سورة المرسلات: ٣٥-٣٦]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب