الباحث القرآني
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يعني: خزائن السموات والارض، يعني:
خزائن السموات المطر، وخزائن الأرض النبات. ويقال: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يحكم فيها ما يشاء، يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ إذا أصرّ على ذنوبه، وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ إذا تاب ورجع، ومعناه: أن السارق إذا تاب، ورد المال لا يقطع ويتجاوز عنه، وإن لم يتب قطعت يده.
ألا ترى أن الله تعالى قال: لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ إذا لم يتب ويتجاوز إذا تاب، فافعلوا أنتم مثل ذلك، لأن الله تعالى مع قدرته يتجاوز عن عباده، وهو قوله: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ من المغفرة والعذاب.
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ نزلت في شأن «أبي لبابة بن عبد المنذر» ، وذلك أن النبيّ ﷺ لما حاصر بني قريظة فأشار إليهم أبو لبابة، وكان حليفاً لهم، إنكم إن نزلتم من حصونكم قتلكم فلا تنزلوا، فنزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ أي يبادرون ويقعون في الكفر، مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ يعني ذلك بألسنتهم وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ في السر.
وقال الضحاك: نزلت الآية في شأن المنافقين، كانت علانيتهم تصديقاً، وسرائرهم تكذيباً.
قوله تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ يعني: قوالون للكذب، وقال القتبي:
تفسير سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أي: قابلون للكذب، لأن الرجل يسمع الحق والباطل، ولكن يقال: لا تسمع من فلان قولاً، أي: لا تقبله، ومعنى آخر إنهم يسمعون منك ليكذبوا عليك، لأنهم إنما جالسوه لكي يقولوا: سمعنا منه كذا وكذا، وإنما صار سَمَّاعُونَ رفعاً لأن معناه:
هم سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ من سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ يعني: أهل خيبر لم يأتوك، وذلك أن رجلاً وامرأة من أهل خيبر زنيا فكرهوا رجمهما، فكتبوا إلى يهود بني قريظة أن يذهبوا بهما إلى رسول الله ﷺ: فإن حكم بالجلد رضوا عنه بحكمه وإن حكم بالرجم لم يقبلوا. وروى نافع عن ابن عمر أن اليهود جاءوا إلى رسول الله ﷺ، وذكروا له أن رجلاً وامرأة زنيا. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله ﷺ: «ما تجدون في التوراة فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟» . فقالوا: يحممان ويجلدان، يعني: تُسَوَّدُ وجوههما. فقال عبد الله بن سلام: كذبتم إن فيها آية الرجم، فأتوا بالتوراة. فأتوا بها فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، وقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم. فقالوا: صدق عبد الله بن سلام، يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله ﷺ فرجما. قال ابن عمر: فرأيت الرجل يحنو على المرأة يقيها الحجارة.
وروى الشعبي عن جابر بن عبد الله أنه قال: زنى رجل من أهل فَدَك، فكتب أهل فدك إلى ناس من اليهود بالمدينة أن يسألوا محمداً ﷺ عن ذلك، فإن أمركم بالحد فحدوه، وإن أمركم بالرجم فلا تأخذوه، فسألوه، فدعا ابن صوريا وكان عالمهم، وكان أعور، فقال له رسول الله ﷺ: «أنشُدُكَ الله كَيفَ تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُم» ؟. فقال ابن صوريا: فأما إذ ناشدتني بالله، فإنا نجد في التوراة أن النظر زنية، والاعتناق زنية والقبلة زنية، فإن شهد أربعة بأنهم رأوه كالميل في المكحلة فقد وجب الرجم. فقال النبيّ ﷺ: «هُوَ ذلك» .
وروي عن أبي هريرة قال: بينما نحن عند رسول الله ﷺ، إذ جاء رجال من اليهود، وقد تشاوروا في صاحب لهم زنى بعد ما أُحْصن، قالوا: فانطلقوا فلنسأل هذا النبيّ ﷺ، فإن أفتانا بفتوى فيها تخفيف، فاحتججنا عند الله تعالى بها، وإن أفتانا بما فرض الله علينا في التوراة من الرجم تركنا ذلك. فقد تركنا ذلك في التوراة وهي أحق أن تطاع، فقالوا: يا أبا القاسم إنه زنى صاحبٌ لنا قد أحصن، فما ترى عليه من العقوبة؟. فقام رسول الله ﷺ، وقمنا معه، حتى أتى بيت مدراس اليهود، فوجدهم يتدارسون التوراة فقال لهم «يا مَعْشَرَ اليَهُودِ، أَنْشُدُكُمْ بالله الذي أَنْزَلَ التَّورَاة على موسى- عليه السلام- ما تجدون في التوراة مِنَ العُقُوبَةِ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَد أَحْصَنَ» ؟. فقالوا: إنا نجد أن يجلد ويحمم، وسكت حبرهم وهو في جانب البيت فأقبل النبيّ ﷺ ينشده، فقال له حبرهم: إذا ناشدتنا فإنا نجد عليه الرجم، فقال رسول الله ﷺ:
«كَانَ أَوَّلَ مَا تَرَخَّصْتُمْ به أمر الله تَعَالَى» ؟، قال: إنه قد زنى رجل قد أحصن، وهو ذو قرابة لملك من ملوكنا فسجنه، وأخر عنه الحد، وزنى رجل آخر، فأراد الملك رجمه، فجاء قومه وقالوا: لا ترجمه حتى ترجم فلاناً، فاصطلحوا بينهم على عقوبة دون الرجم، وتركوا الرجم.
فقال النبيّ ﷺ: «فَإنِّي أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِمَا في التوراة» ، فنزل قوله تعالى: وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ. قال الزجاج: يعني: من بعد أن وضعه الله تعالى مواضعه، وأحل حلاله وحرم حرامه.
يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ يعني: إن أمركم بالجلد فاقبلوه واعملوا به، وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا يقولون: إن لم يوافقكم على ما تطلبون، ويأمركم بالرجم فلا تقبلوا منه.
قال الله تعالى: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ يعني: كفره، وشركه، ويقال: فضيحته، ويقال:
اختباره، فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً يقول: لن تقدر أن تمنعه من عذاب الله شيئا.
ثم قال: أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ من الكفر، ولم يرد أن يدخل حلاوة الإيمان في قلوبهم، وخذلهم مجازاة لكفرهم، لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ يعني: القتل، والسبي، والجزية، وهو قتل بني قريظة، وإجلاء بني النضير، وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ أعظم مما كان في الدنيا.
ثم قال تعالى:
{"ayahs_start":40,"ayahs":["أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ یُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُ وَیَغۡفِرُ لِمَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ","۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ۛ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِینَ لَمۡ یَأۡتُوكَۖ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ یَقُولُونَ إِنۡ أُوتِیتُمۡ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُوا۟ۚ وَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"],"ayah":"أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ یُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُ وَیَغۡفِرُ لِمَن یَشَاۤءُۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق